الأربعاء، سبتمبر 16، 2009

النملة


يحكى أن نملة كانت تجتهد وتكد في الغابة لتحصل على قوت يومها لها ولأهلها وكانت تنتج انتاجاً ملحوظاً أشاد به الجميع ومدحه كبار الغابة، ووصل الإعجاب إلى ملك الغابة الذي قرر أن يمد يد العون للنملة لكي تنتج أكثر وتستفيد وتفيد أكثر وأكثر


فقرر الأسد أن يعين لها مساعدا يقوم بالأعمال التي لا مهارة فيها ليوفر الوقت والمجهود الضائع على النملة، فهي يمكنها أن تفوّض الأعمال الثانوية هذه لمساعدها فتزداد الكفاءة


النملة كانت مقتنعة أنها وحدها تقوم بالواجب وزيادة ولا داعي للفشخرة والإتيان بمن يساعدها، ولكن الإدارة العليا للغابة مضت في قرارها فانتدبت العنكبوت ليساعدها في التنظيف وترويق المكان


استمر الأمر هكذا حتى وجدت الإدارة أنها بقيت فترة ولم تتدخل في عمل النملة فقررت أن تساعدها أن تزيد من كفائتها، فرأت أن المنظومة وصلت لمرحلة متقدمة يجب أن يتبعها تطور في الأداء فيجب استخدام الكمبيوتر واللاسلكي لزيادة الكفاءة الانتاجية للنملة، فانتدبت الإدارة العليا برئاسة الأسد باعوضة لتقوم بأعمال الكمبيوتر واللاسلكي


كل هذا والنملة أساسا غير مقتنعة بوجود هؤلاء بجانبها واضطرت النملة أن تغض الطرف عن تصرفات تراها خاطئة وضد الصالح العام لأن قرار مساعدتها هو قرار إداري عالي أسدي لا رجعة فيه وحتما فيه الصالح العام


ثم رأى الأسد أن يعين للنملة نائبا للشئون الإدارية والعمالة والأمن والأمان، لم تر النملة أي لازمة للمنصب الجديد غير الفرهدة وضياع الوقت ولكن الإدارة ترى أن ما كان قبل ذلك كان أي كلام والآن حان وقت الضبط والنظام
ومضى بعض من الوقت، حتى رأت الإدارة العليا للغابة أن المصاريف زادت بشدة وأن حجم الانفاق تطور كثيرا ولا يناسب الانتاج الحالي وبالتالي قررت الإدارة العليا برئاسة الأسد أن تطرد النملة ترشيدا للإنفاق

الاثنين، سبتمبر 14، 2009

من يكتب التاريخ


من الذي يكتب التاريخ


**


حكمة اليوم: أنت تقرأ كتب التاريخ كما يحب أن تقرأها من ألفها تأليفا


**


هل تخيلت وأنت تقرأ أحد كتب التاريخ أن ما تقرأه هو هراء مع أن الأحداث المجردة التي يذكرها المؤرخ حدثت فعلا


يعني كل كاتب يضع القليل من البهارات والتوابل على الرواية التاريخية فتقرأها مرة تلعن سلسفين أحد أطراف الحدث التاريخي بينما تقرأ نفس الكلام في كتاب آخر فتلعن سلسفين طرف آخر - ربما يكون الضد - في نفس الحدث التاريخي


مثال، أقوللك مثال


نكسة يونيو، ممكن تقرأها على أن جمال عبد الناصر كان ضحية الثقة العمياء في شخص غير جدير بالثقة وهو عبد الحكيم عامر وبالتالي نفخ عامر الجيش بأن أمرهم بالانسحاب وضربت القواعد الجوية وهي على الأرض وكانت أشر هزيمة مني بها الجيش المصري الذي كان بعبعاً في المنطقة وكان الناس مطمئنين لوجوده، وكنا نهدد بأن نلقي إسرائيل في البحر ولكن الخيانة التي تعرض لها ناصر هي التي أودت بالجيش وهزمنا ونكسنا، وأن عبد الناصر كان يبني جيشا قويا عتيدا كان سيلقي في إسرائيل في البحر لولا الخيانة اللعينة


وممكن تجد في كتاب آخر كلاماً مغايراً بأن عبد الناصر هو من ضحى بالشعب بأكمله أساسا ليوقع بمصر في هذه الحرب النكراء ليجد ذريعة مناسبة للتخلص من عبد الحكيم عامر بعدما زاد نفوذه وفاحت رائحته وصار مشاركا في الحكم غصبا، فصعّد عبد الناصر الموقف وقال سنرمي بإسرائيل في البحر وأهلا بالمعارك وتبا لكل شئ، فاستفزت إسرائيل وما كان هذا إلا ما تمنته لتضرب القوات المصرية في مقتل وليتخلص عبد الناصر من عامر بمنتهى المهارة لينتهي نفوذه ولتهدأ الرائحة النفاذة وليستحوذ عبد الناصر على الحكم استحواذا فلا يبقى معه شريك


وقد تجد من يقول أن عبد الناصر ما كان يريد حربا ولا قتالا في الوقت الراهن إلا بعدما يعد العدة ويجهز جيشه ليحارب العدو، ولكن كان عليه الرد على استفزازات إسرائيل المتتالية وأراد أن يثبت أننا نستطيع الرد ولكنه في أخطأ في المغامرة فلم تكن محسوبة وكان الهجوم الإسرائيلي مبيت النية من قبل ولا فارق معهم إذا ما استفزهم عبد الناصر أو لا فلما أظهر عبد الناصر القليل من الزجر تلكأت إسرائيل وضربت ضربتها


في الثلاثة سيناريوهات إسرائيل ضربت مصر وعامر قال للجيش انسحبوا وعبد الناصر صعّد الموقف، ولكن ما بين ضحية وماكرٌ أفّاك ووطني


والأمر كله متعلق بمن يكتب التاريخ، فربما كتب الواقعة من أحب عبد الناصر فيقول هو الوطني وكان ضحية الخيانة والعمالة - ولعل هذا هو الحق - وربما يكتب آخر ليظهر عبد الناصر هو العميل على الشعب وهو الذي جاب لمصر الخسائر - وربما رأى أحدهم أن هذا هو الحق - فبما أن الحقيقة عنا مغيبة فالكل يتلاعب بنا في كتبه على حسب هواه، وبالتالي فحذار حينما تقرأ كتب التاريخ فلا تنساق وراء ما يتبه المؤرخ إلا في الحقائق الثابتة التي لا كذب فيها والعالم كله يراها، وحينما تقرأ رأيه فاعلم أنه رأيه واطرح الاحتمالات الباقية والدوافع التي ربما تكون دفعت هؤلاء لفعل هذا ما تراه مشينا

الأحد، سبتمبر 13، 2009

يلا نقول للغلط لأ


حينما تنصح طفلاً ما بنصيحة فعليك ألا تظهر له منك ما يتناقض مع هذه النصيحة فلا تنصحه مثلا بالتحلي بالأخلاق وعدم السب والسباب ثم يراك هو وأنت تسب وتلعن في الناس بينما أنت تركب سيارتك فتطيح في الناس يمنة ويسرة


ولا يعقل أن توجهه بألا يقلد الكبار في الخطأ الذي يقترفونه وألا يقلد الأفلام فيما ابتزلت ثم يراك أساسا مرحاضا عموميا لسفالة ودنو الأخلاق


وبالتالي فلا يجوز للحكومة الكريمة أن تنصح الناس بألا يشخبطوا على كراسي سكك حديد مصر بينما هي تنحرق وتنقلب بهم في الطرقات


يعني لا يجوز أن تقوم الحكومة بإيحاء المواطنين بأنهم السبب في ما وصلت إليه سكك حديد مصر من خراء بسبب شخبطتهم على الكراسي ولعبهم في الإسفنج - وإن كان هو تصرف غير مقبول - ولكنه لا علاقة له بانقلاب القطارات والنزول بها في الترع والمستنقعات


ولتكوني يا حكومة خير مثال لما تنصحي به مواطنيك لئلا يتجرأ أمثالي عليك في مقالاتهم


هذا، وربنا يجعله عامر كما قال فلاح كفر الهنادوة

الثلاثاء، سبتمبر 01، 2009

ولدت مسلما


الحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة، والفضل الله على منّة الإيمان وما أغلاها منّة، ولدت مسلما فما حار عقلك بين الأديان تبحث عن الحقيقة، بل رأيت الحق وهداك الله به هداية، غيرك يولد في شتى بقاع الأرض إما ينصّره أهله أو يهوّده أو يكونوا على الإلحاد أو الوثنية، ولكننا ولدنا مسملين على الفطرة وبقينا على الفطرة، نقرأ قرآننا بالعربية فلا نجد عناء في القراءة ولا نتعثر سوى في الأحكام التي سرعان ما نتعلمها في أشهر بسيطة إذا ما عزمنا على ذلك عزما، غيرك لا يعرف العربية ولا يكاد يفقه العربية لا قولا ولا كتابة بل ولا يجد من يعلمه إياها


ولدت مسلما فلم يدخل عقلك أساطير وهذي أديان أخرى تشرك بالله أو ربما لا تعترف به أصلا، ولدت لتجد نفسك على دين يحترم العقل ويقدس الأخلاق ويعتبر المعاملة أصل من أصول الدين وهو دين قيم يساوي بين الناس أجمعين وما كان أفضلهم إلا أتقاهم


ولدت مسلما فما وجدت نفسك وثنيا ولا مشركا ولا تؤمن بخزعبلات ما أنزل الله بها من سلطان، ولا تنسب لله إلا ما أنسبه لنفسه جل في علاه، له الكمال في كل شئ، وله الحكمة كلها


علمك أبواك الدين بيسر من غير عسر، ولدت لتجد الدين كاملا مكملا أحكاما وشريعة وعقيدة وفقه، ولدت لتجد لكل سؤال جوابا


وغيرك


غيرك ولد في مجتمع لا يرى الإسلام غير إرهاب وفزع، غيرك ولد ليرى الإسلام مصور له كأنه وحش يكاد يفتك به وبأهله وبوطنه، غيرك ولد ليصور له الإعلام الإسلام عدو له، ولد غيرك وهو يرى أخبار المسلمين كلها دماء وقتل وتفجيرات من غير أن يعرف أن هذا ليس من الإسلام في شئ، من غير أن يعرف أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر بالتسامح والحسنى وكان أحنّ الناس وأجودهم، ولد وهو غائب عنه أن الإسلام حرم حرق الشجر وقتال الشيوخ والضعفاء، بل ولد في أسرة كارهة للإسلام وتصوره له في كل وقت وحين على أنه عدوه الأول والأخير وأن المسلمين لا شفقة بهم ولا رحمة، وأن ربّوه ليعيش ليهدم الإسلام هدما


أنت ولدت هكذا، وهو ولد هكذا


أيستقيم الأمر من غير دعوة للفلاح


هل تدري يا من ولد مسلما أن الدعوة أمر ملزم غير اختياري، من حق هذا الذي ولد على غير الإسلام أن يسمع عن الإسلام الصحيح الدين القيم منك، وأنت عنه تلهّى


هل ترى له مصدر سواك


إن الله هو الهادي، والله تبارك وتعالى يسبب الأسباب لهداية البشر، فمن منهم يسعى لمعرفة الحقيقة ويعرض عن هذه الخزعبلات التي نشأ عليها يسبب الله الأسباب لهدايته، فالله غني عنك لتهدي عباده ولكن عليك أنت تنول هذا الشرف


دعوة الحق ستصل بك أو بغيرك، فلا تتكاسل وتقول نفسي نفسي فليستخلفنّ الله غيرك ليكون سببا في هداية غيره


نعم، من سنن الله في الكون أن تستبدل الأمم الهزيلة الفانية بغيرها المكدّة المجتهدة التي تسعى لتوصيل كلمة الحق لغيرها


أما نحن وقد تكاسلنا في دعوة غيرنا للحق الذي عرفناه


أخشى ما أخشاه أن نستبدل ويستخلفنا غيرنا


اللهم استخدمنا ولا تستبدلنا


فالحق لا يتجزأ ولا يستبدل


بل العباد هم الذي يتغيرون ليبقى الحق واضحا ظاهرا للعالمين


يا رب اجعلنا سببا لنصرة دينك

أعظم رجل في تاريخ البشرية