الأربعاء، ديسمبر 29، 2010

الأصنام المصطنعة


أحسب أنه لو أنك سألت أحد كبار رؤساء تحرير الصّحف القومية إذا كان رئيس الجمهورية معصوم من الخطأ أم أنه قد يخطأ.. سؤالاً مجرداً لا علاقة له بأي موضوع.. فمن الطبيعي - أقول الطبيعي - أن يجاوب فيقول أنه بشر وهو ليس معصوم من الخطأ.. لأنه اجتماعيّاً لا يستطيع القول بأن الرئيس معصوم من الخطأ فهو لا يخطئ وإلا رسميّاً رفعه لمرتبة الأنبياء والمرسلين.. والملائكة.

ولكن الحقيقة أن تعامل بعض كبار الصحفيين والمسئولين مع رئيس الجمهورية - فيما يبدو - لا يختلف كثيراً إذا ما كانوا يتعاملون مع شخصية لها من القداسة ما يجعلها تأمر بأي شئ فيقول الجميع آمين.

يعني حينما يتم التعامل مع رئيس الجمهورية أنه شخص لا يخطئ، ولا يجوز الاعتراض عليه، ولا على منهجه الفكري.. وأن كل ما يقوله هو من الحكمة المطلقة.. وهو الوحيد الذي لا يجوز التجريح أو التشكيك في نزاهته.. فما الفارق إذاً إذا كنا نتحدث عن نبيّ!!

فجعلنا من حكّامنا أصناماً لا تقبل الحديث ولا النّقاش فيها.. وانعكس هذا على نقد حكامنا.. فنحن إذا ما انتقدنا حاكماً - والحديث هنا عن صحفيي المعارضة أو من اشتهروا بانتقاد الحكّام - شهّرنا به ونسفنا كل ما ينسب للخير فيه.. وكأنه شخص مطلق لا يقبل أن يكون فيه من الخير وفيه من الشرّ.

وبسبب هذه النظرة.. نظرة الأصنام للحكام العرب.. ربما لا نقبل نفسياً مرض أحد هؤلاء الحكام.. أو وفاته.. حتى أنّي أذكر أنه بعد إعدام صدّام حسين.. ظل قطاع من النّاس لا يصدّقون وفاة الرجل رغم تناقل وكالات الأنباء فيديو إعدامه الموحش!

يبدو أن سيكلوجيّة الشعوب العربية لازالت في الحقبة الماضية التي مرت بها كل شعوب العالم ولكن تخطّتها.. فالشّعب الروسي - السوفيتي - مثلاً لم يقبل بالتسليم بوفاة ستالين.. وخرج مئات الآلاف من الناس في جنازته لا لتشييعه وإنما لأنهم غير مصدقين أن الرجل مات!. ولكن تخطى الشعب السوفيتي - الروسي - هذا الأمر وتعاقب عليه الرؤساء واحداً تلو الآخر وهم على قناعة أنه من الطبيعي أن يأتي الحاكم ثم يمضي أو يموت.

فعلينا أن نعي من داخلنا أن الحاكم بشر.. وأن ينعكس ذلك على تصرفاتنا وقلوبنا.. ليس بالأفواه فقط وإنما بالأفعال.. كل شخص قابل للصواب والخطأ.. وكفانا هذه الصورة الصّنميّة لحكّامنا.

الثلاثاء، ديسمبر 28، 2010

لا ننساكي يا غزة


في مثل هذا الشهر كانت الحرب البشعة التي أقامها العدو الصهيوني على قطاع غزّة فقتّل وشرّد المدنيين، والأطفال، والنساء والشيوخ.. ولم يرحم ضعفهم ولا كونهم عزّل.. ولم يكتف بحصارهم ومنع الدّواء والكهرباء عنهم.. ولكن إرادة الشعب الفلسطيني أبت أن تهزم من هذا العدوّ الجبان.. فبقى الشعب الفلسطيني وبقيت غزّة.. بقيت غزّة رغم كيد العدو.. وخيانة الرفيق.. وضعف الأنصار..

لا أجد أنسب من هذه اللحظات.. لندعو لغزة ولأهل غزة.. بالنّصر والثّبات على عدوّهم وعدوّنا.. وأن ينصر المسلمين في شتّى بقاع الأرض.

السبت، ديسمبر 25، 2010

عقدة الخواجة في كل حتة


خبر أثار فكرة عقدة الخواجة لديّ من جديد بعد أن كنت نسيتها بطبيعة الحال لأننا امتزجنا بالكامل مع الخواجة الأجنبي في كل شئ، فلم أعد أستغرب وجود الاستشاريين الأجانب في معظم المشروعات الكبيرة وتفضيل المنتج الخواجاتي على نظيره المصري في معظم الحالات حتى ولو يعرف للخواجاتي باع في مثل هذه الصناعة.. فتعودت على ذلك، ولكن خبر عودة مانويل جوزيه لقيادة صفوف الأهلي ثانية أثار الأمر في ذهني من جديد.

طبعاً.. لم يفاجئني الاستعانة بالخواجة لتدريب الأهلي فهذا هو الطبيعي بل امتد الخواجة لتدريب فرق الأقاليم كالإسماعيلي والمصري.. ليس هذا الجديد أو المستغرب.. ولكن التأمّل في الراتب الذي سيفرضه جوزيه على الأهلي وهو حسب التكهنات لن يقل عن 80 ألف يورو – ربنا يزيد ويبارك في خزينة الأهلي وفي رجال أعماله – بالإضافة إلى إعاشة كاملة من مجاميعه.. يعني الـ80 أف يورو دول ممكن يطرقع بهم لبان، يشتري بهم بسكويت.. هو حرّ، والأدهى من موضوع الراتب هو اشتراطات جوزيه أن الإدارة ملزمة بشراء ست لاعبين جدد للفريق.. وعلى مزاجه واللي يقوله يمشي.. ده حسام البدري لما كان بيطلب مهاجم كانوا بيجيبولو هاف ديفيندر – وأحياناً الصفقات كانت كيد أو عند في الزمالك مش أكتر زي صفقة شوقي وغيره – ولما ييجي الخواجة يقول تجيبولي ست لاعبين.. سمعاً وطاعة.

لا تفسير لذلك غير عقدة الخواجة الذي يفهم في كل شئ.. يعني نجاح جوزيه في الأهلي مرهون بشراء اللاعبين السوبر.. يعني الفريق يكون المنتخب حقيقة.. ثم يأتي دور جوزيه الحقيقي في بث الروح للاعبين.. هذا ما يحسب له.. أما لو كانت الإدارة ستشتري للبدري نجوم مصر كلهم، ماهو كان حيكسب برضه !! وموضوع الروح والحماسة دي أعتقد أنها بالخبرة..

التجاهل الشديد المفرط للخبرة المصرية، والإذعان التام لإرادة الأجنبي خصلة لن نتخلص منها أبداً على ما يبدو.. الإدارة اعتقدت أن جوزيه هو المخلص وهو الذي – بطبيعة الحال – سينصرها في الانتخابات.. وهو الذي سيأتي بإفريقيا والعالم.. الحقيقة أن أموالها هي التي ستأتي بذلك.. بدليل أن جوزيه أول ما اللاعبين شاخوا وهرموا وكبروا خرج من دوري الأبطال الإفريقي وكأس الكونفيدرالية وحلق للفريق تماماً قبل حتى نهاية الدوري.. يعني الرجل ليس عبقرياً ولا خرافي.. بل الموضوع موضوع فلوس.

لماذا لم يعرض هذا الدعم على سلفه لعله يثبت أنه أفضل أو على الأقل هو جيد.. وهو الفائز ببطولة الدوري في النسخة الماضية ؟ أو حتى الالتجاء لخبير مصري آخر.. على الأقل لا يكون الحكم على المصري أنه فاشل دائماً أمام نظيره الخواجة..

الأربعاء، ديسمبر 22، 2010

فقدان الحسّ


توجد ظاهرة - لا أدري إن كان مصطلح ظاهرة صائب بشأنها أم لا - تغلغلت في نفس الشعب المصري في العقد الأخير، وربما قبله قليلاً.. وهي اختفاء الشّعور بما يدور حولنا ولو كان لمن هم أقرب الناس منّا..

أذكر أنه لما كنت في مرحلة الثانوية العامة، قام شارون - عليه من الله ما يستحقّ - باقتحام المسجد الأقصى وتدنيسه وكردّ فعل لذلك اندلعت انتفاضة فلسطين وثار لها ثوّارها في أرجاء الوطن العربيّ بوجدانهم ومشاعرهم وإن حالت بينهم وبين فلسطين الحدود والمسافات والعراقيل.

بل.. وإن كانت ثوراتهم وحميّتهم هذه من قبيل "الزّياطة" فقط.. ومفهومها أنه طالما الدنيا سخنة فطبيعي أن نسخن نحن كذلك حتى أنه سرعان ما تهدأ الدنيا بعد هذا الحراك.. وكنا حتى نعيب ذلك ونقول أننا شعب زيّاط لا يعرف قضيّة ولا يهتمّ حقيقة بالأمر وما إن تهدأ الأمور ينبطّ كما كان ولكن بمرور الأيّام والسنوات اتّضح أن هذه كانت نعمة، فعلى الأقل كان الفرد منّا يشعر بالقضيّة.. ولو للحظات.

أما الآن، فالدنيا تقوم وتقعد.. وتضرب غزّة.. ويحرق العراقيّون، وينفصل السّودان.. ولا تجد ساكناً يتحرّك ولو بقول "آه". والحقّ أنّي لا أعني هياج شعبي.. ولكني أتحدث عن وجود القضيّة في أمخاخ النّاس أساساً.. فقد تحوّل الشعب المصري - فعلاً - إلى كيان منعزل لا همّ له سوى لقمة العيش من أجل العيش على هذه البسيطة.

فلا يعنيه جاره أن يولع ولا يحرق بجاز.. بل لا أبالغ إذا قلت أنه حتى لا يعنيه ماذا ينتظر الأجيال القادمة؟

الثلاثاء، ديسمبر 14، 2010

استسلام الشّعوب


من المؤسف التعامل مع مشكلة ما أو أزمة أخلاقيّة أو كارثة حضاريّة أنها أمر قائم واقعيّ لا سبيل لحله.. وذلك من قبيل اليأس.. والواقعيّة كذلك.. فإن أمراضاً هتكت أعراض مجتمعاتنا العربيّة وتوطّنت فيها بحيث أننا أصبحنا نراها عـــاديّة. ليست المشكلة أن توجد المشكلة فهذا طبيعي وإلا لا معنى للتطوّر.. ولكن أن تترك المشكلة لأنها.. طبيعة شعب، أمر قديـــم، حاجة كده في الجينات، ومثل ذلك من الأسباب الواهية فأرى أن هذه هي الكارثة بحقّ.

والأدهى والأمرّ، أن نجمّل عيوبنا لا نسترها.. فنمدح فيها غير راضين أن يذمّنا عليها أحد.. أو أن يجرّحنا فيها أحد.. فوصلنا من السّلبيّة لدرجة أننا حتى لا نريد أن تتحرّك نفوسنا أو أن تشعر بتأنيب الضّمير.

هذا هو استسلام الشّعوب لأمراضها.. وهو أقسى من استسلام العسكر في الحروب!