الأحد، يناير 23، 2011

بــــو عزيــــــــزي


أكاد أشعر بالغثيان والاندهاش والاستغراب لما أرى إصرار الحكومة أن تفرض على الشعب إعلامها أو أن تؤكّد وجهة نظرها حيال أمر ما - قال إيه - في شكل خفيّ وكأنّه ليس منها.

والحديث حول انتحار بوعزيزي والذي أشعل شرارة الثورة في تونس.. الأمر الذي أطاح بالدكتاتور بن علي.. ذهبت لأداء صلاة الجمعة بمسجد الجمعيّة الشرعيّة في صلاح سالم - مسجد المصطفى - والمعروف بقوة خطبه ونوعاً ما استقلاليّتها.. نظراً لأنه تابع للجمعية الشرعية المصرح لها بالنشاط الدعوي والخيريّ رسميّاً.. إلا أنه في الجمعة الماضية بالذات.. صعد على المنبر شيخ لم يعتاد عليه الناس في المسجد.. وكانت الخطبة حول الانتحار.. وأن المسلم لا يمكن أن ينتحر مهما بلغ به الضّيق.. وأنّه عليه ألا يبدي اعتراضه إلا في إطار النّصح والذوق.

الحقيقة أنه أصبح من المستفز أن تظل المساجد موجّهة من قبل الحكومة حينما ترى الحكومة ذلك.. وأن تملي على خطباء المساجد ما يقولون بهدف الصّالح الحكومي فقط.. وهذا لا يجرّنا للحديث حول حكم المنتحر لأن المسألة هنا ليست خطبة عامّة غير مسبّبة مثلاً قرر فيها الشيخ أن يتحدث حول الانتحار.. ولكنّه في هذا التوقيت بالذّات.. كان الحديث حول حكم من يقتل نفسه..

والأدهى والأمرّ.. حينما تعرف أن الخطبة كانت موحّدة على مستوى الجمهوريّة.. فمعظم المساجد تلقّت تعليمات بإلقاء خطبة الجمعة حول حكم من يقتل نفسه..

وانظر إلى إضافة الشيخ.. عليه ألا يبدي اعتراضه إلا في إطار النصح أو الذوق.. حسناً.. ماذا لو نصح وأبدى أنه مقهور ومطحون ومنسيّ.. وأنه آخر من تهتم به الحكومة.. وأن الشباب يهجّ من البلاد بعد أن قنعوا بأنه لا مكان لهم بها.. في ظل عويل الحكومة بـ"انتو كتير.. حنعملّكوا إيه!!!".. ولكن.. قد ناديت لو أسمعت حيّاً..

أين الخطب الموحدة الموجّهة من قبل الحكومة حينما تظهر على السطح قضيّة فساد ينهب فيها مالنا ومال عيالنا.. أين الخطب الموحدة الموجّهة من قبل الحكومة حينما يترك أحد السّفهاء يخرج أفلاماً لا تحضّ إلا على الفتنة.. وإثارة الشّباب.. ولا تحمل في جعبتها إلا أتفه المناهج..

لماذا يتمركز الإعلام الحكومي ويتّحد ويتوحّد في حالة الخطر على النّظام أو على الحكومة.. ولا يتحد ليواجه السفه اليومي على التليفزيونات والفضائيّات والسينمات..

ثمّ تلوم الحكومة أن يتحزّب الناس في حزب على أساس الدّين.. وهي أول من يستخدم الدّين لنصرة توجّهاتها التي تهدف إلى الحفاظ على النّظام ولا شئ غير ذلك!

الثلاثاء، يناير 18، 2011

حـــول تـــــونس


لا شكّ أن ما حدث تونس كان يحتاجه الجميع لكسر حالة التبلّد الموجودة في أوطاننا العربيّة على الصعيد السياسي خاصة وأن كثير منّا أيقن أنه خلاص هو كدة.. وعلينا أن نتعايش مع الأمر.

ويعكس اهتمام شريحة الشباب بالذات في أوطاننا العربية المتفرقة بما حدث في تونس حقيقة أن شبابنا لم يعش أيّ من فترات التقلبات السياسية لا في وطنه ولا في وطن غيره.. اللهم إلا انقلابات فاشلة، أو أمل في ديمقراطية مفقودة كما حدث في موريتانيا.. أو خلع حاكم والإتيان بغيره - إبنه - كما حدث في منتهى السلاسة في قطر.. أو ربما احتلال وفرض وجود أجنبيّ وبالتالي محو نظام بالكامل كما حدث بالعراق الفقيد.

إلا إذا اعتبرنا كذلك، أن وفاة أحد الحكّام حدثاً سياسياً ضخماً، والحقّ أنه ليس من المفترض ذلك.. ولكن بسبب واقعنا المرير بتمثيل حكامنا كالأصنام، أصبح وفاة حاكم دولة عربيّة حدثاً جليلاً عظيماً ننتظر جميعاً تبعاته.

أنعم الله علينا بالرخاء والاستقرار..

أما بخصوص تونس، فمع كون الثّورة نابعة من قلب الشعب التونسي حتى أنك لا تجد قادة لها.. بل هي شرارة استثمرت من قبل الشعب التونسي، وساهم في نجاح هذه الثورة - وبكل تأكيد - الجيش التونسي.

فيبدو.. أن الجيش التونسي ما صدّق حتى أن جاءت الفرصة لخلع بن علي الذي ظلمه وقلل تسليحه واهتم بالأمن الداخلي على حساب الجيش.. فرفض الجيش الانصياع للأوامر العليا وتضامن مع المتظاهرين.

وأعتقد أنه لولا هذا الدعم من الجيش التونسي لقمعت الثورة ولعاد الأمر كما كان.. إلا إذا دعّمت الثّورة مادّيّاً وتنظيميّاً من قبل قوى العالم الكبرى - لا علاقة بها طبعاً - ووقتئذ.. سيتحتّم وجود قادة لهذه الثّورة.. ليخلعوا النّظام البائد، وليحلّوا محلّه.. بدعم خارجي.. لضمان المصالح الغربيّة في تونس.

الخوف هنا هو أن يتم تنويم الشعب التونسي وأن تعود الديكتاتوريّة كما كانت ولكن في ثوب أشخاص آخرين.. كالغنّوشي.. الذي لا أفهم كونه من رجال النظام السابق، ومع ذلك لا يزال في منصبه.. وزير أوّل.. والحكومة الجديدة لا يزال فيها 6 من رجال الحزب الحاكم.. صحيح الوعي موجود والشّعب التونسي لا يزال يعارض ذلك.. ولكن تخشى إخماد الوضع على ذلك.. ويتم الالتفاف على إرادة الشعب التونسي.. فتعود الديكتاتوريّة كما كانت.

بالمناسبة هذا ما تتوقّعه يديعوت أحرونوت العبريّة..

وعلى النّقيض في نفس الوقت تخشى طول فترة عدم الاستقرار في البلاد.. والتي يقوم اقتصادها على السياحة.. نعم للحرية ثمن.. ولكن آمل أن الثمن الذي يدفع نجد به مردوداً لا التفافاً.


الاثنين، يناير 10، 2011

قيمة العدل


قيمة تطبيق الدول للعدل تتجلّى في مثل هذه الأيّام، التي يلعب فيها البعض على أوتار الطّائفيّة.. وهي أنه إذا كانت الدولة تطبّق العدل على الجميع.. ظالم ومظلوم.. لا يستطيع أحد.. داخلها أو خارجها.. أن يلعب أن أحداً فيها مضطهد.. أو أن حقّه مسلوب!

والواقع هو أنّ الكلّ مظلومٌ ومضطهد، وأن الأمر لا علاقة له بكونك تابع لأيّ ملّة.. أنت كمواطن مضطهد.. والعدل لا يطبّق على النّاس سواء.

ومن ذلك.. ولأن الحكومة تعلم أن العدل - أو العدالة الاجتماعيّة كما هي بالدّستور - غير مطبّق في هذه البلاد.. فإنّها لا تجد مفرّاً من ترك المرتشي يرتشي.. أو من يسلب المال سايب يسلبه.. فيظل المجتمع كله "هليهلي" كما ترى!.

ومن ذلك الإزدواجيّة في المعايير.. والمداهنة لمن ظلم في الرّأي العام ولو أفرط في الانتقام بعدها.. أو خرج عن القانون.

لما وقع انفجار كنيسة القديسين.. وأصاب مصر كلها بالهمّ والحزن.. ورفضه الجميع.. في ردّ فعل غير مبرّر - لو في دولة عادلة - خرج جمعٌ من الأقباط كسّروا في ممتلكات عامّة تعبيراً عن غضبهم..

الحقّ أنني أتخيّل أن بداخل كل منهم غضب يودّ أن يحطّم الدّنيا كلّها.. وأنا هنا لست بصدد الحديث عن ذلك فالأمر جليٌّ أنه اقتراف خطأ وجرائم يعاقب عليها القانون.. ولكن ما أودّ الإشارة إليه سكوت الدولة عن ذلك.. لأنها تخشى أن تتّهم أنّها تكبت الأقباط أكثر فأكثر.

أقول لو أن الدولة تطبّق العدل، ما اعتراها ضيق أو حرج أن تحكم على المخرّبين كما ينصّ القانون.. لا مبرّر للجريمة إطلاقاً.. في دولة تحكم بالعدل.

ولكن ترك العدل يخلق الجريمة ويخلق عبثاً المبررات التي يرتكز عليها مقترفو هذه الجرائم ويبررون بها جرائمهم.

العدل أساس الملك.. والعدل حماية للبلاد من الفوضى والجريمة والكراهية!

الاثنين، يناير 03، 2011

المخطط والأحمق والمرضى النفسيّون


حسب استفتاء موقع الجزيرة نت حول ضلوع أطراف خارجيّة في تفجير كنيسة الإسكندرية، فإن أكثر من 78% على اقتناع بضلوع أطراف خارجيّة في هذا العمل المزري.

وهذا من المنطق، إذ أن طبيعة الشعب المصري لم تتغير لدرجة الإقدام على عمل انتحاري لقتل أناس آخرين يعيشون معهم في نفس البلد. أكاد أجزم أنه لا توجد شخصية مصرية واحدة على هذه الأرض عاشت فيها يمكن أن تقدم على قتل نفسها لعلها تقتل آخرين مهما بلغ الاحتقان الطّائفي من الجنون. أقصى ما نعيشه مواجهات بالطّوب أو الكيماويّات التي تؤذي ولا تقتل وحتى في هذه الحالات يكون الأمر مزكى من أطراف أخرى.. ومشحون من قبل أناس غير مسئولة.. مريضة نفسيّاً.. وللأسف بعضهم من المؤسسات الرسمية!!

وفي ظل إعلام سطحيّ يفتقر المساس بالجماهير، والإحساس بهم.. وفي ظل تتفيه كل القضايا التي تواجه المواطن المصري.. وأحياناً، في ظل مساهمة الإعلام في تزكية الاحتقان الطّائفي.. يجد العابثون بهذه البلاد فيها مسلكاً.. ويجدوا ضالّتهم في شباب الطّائفتين الذين لا يجدوا عالماً ناصحاً أميناً لهم..

كما قال الرئيس السادات: هناك من ينفخ في النّار.. ويستخدمون هؤلاء الشباب وقود لهذه النّار.

وحتماً.. لا يدري هذا الفتى أنه لعبة في أيدي ماكر كبير يستخدمه كالعرائس.. ويستغله لتنفيذ مخططه في ضرب استقرار هذا البلد.. وهذا واقع على مدار التاريخ.. حتى في معارك تحرير الأرض.

فالمجاهدون الأفغان كانوا يتسلّحون في جهادهم ضدّ السوفيت بسلاح الأمريكان، وهم لا يعنيهم من أين جاءهم هذا السلاح.. المهم أنه جاء المدد لخدمة غرضهم.. حتى دارت الأيّام فانقلب هذا السلاح عليهم.. وأصبح أول من دعّمهم هو عدوّهم الأكبر.. وأصبحوا هم أساس الإرهاب في العالم.

ذلك لأن أمريكا حينما دعّمت الأفغان في حربهم ضد السوفيت لم يكن لسواد عيون الأفغان، وإنما لهدّ الدبّ الروسي.. وتفكيك إمبراطوريّته.

كذلك أرى الحال في مصر.. الأداة التي قامت هذا العمل الغبي المزري لا يهمها من دعمها بالمتفجّرات.. ولا من خطط لها التوقيت حتى.. المهم أن كل شئ متوافر وأن الدعم لا ينقطع.

فيقوم السفيه بهذا العمل الإجرامي جهلاً أو حقداً أو هطلاً.. ويضحك المدبّر الأساسي والفائز الأوحد وحيداً.

ويتفاعل أبناء الطائفة المتضررة حماسة وبدون تؤدة.. ويزكي جهلاء القوم هذا التفاعل احتقاناً وكراهية!

الأحد، يناير 02، 2011

الوقت الحرج


ما سمعنا بهذا قبل ذلك وما كان هذا الأمر بالذات سكّة احتقان لدى الشّعب المصري، إن أرى ذلك إلا أصابع خارجيّة تعبث في أمن هذا البلد في هذا الوقت غاية في الحرج!

تفخيخ سيّارة بمئة كيلو متفجّرات في الإسكندريّة رغم إحكام قبضة الأمن على العمليّات الإرهابيّة في العقد الأخير.. ورغم الاهتمام بحراسة الكنائس - على الأقل ما أراه في القاهرة - ورغم الحرص على عدم استفزاز مشاعر الأقباط في هذا الوقت بالذات، وقوّة هذا التفجير لا تأتي إلا بأصابع مخابراتيّة أمنيّة ولا غير ذلك.. تغلغلت وتوطّنت في مصر وعزفت نغمة الاحتقان الطّائفي التي لم تكن موجودة من قبل.. وردّدت شعارات "الظلم، والاضطهاد" لزعزعة ما تبقى من استقرار البلد في هذا الوقت بالذات.. لا يأتي ذلك من شخص ينصر الإسلام مطلقاً.. ونحن لسنا بحاجة لنبيّن ذلك.. فلم يتهم الإسلام في أزهى عصوره مطلقاً باضطهاد أيّ أقليّة عرقيّة أو دينيّة في أيّ من أقطار الدولة الإسلامية التي وسعت كل الأديان تحتها وحافظت على حقوقهم مما لم تعهده هذه الأقليّات من قبل.

فعلى العقلاء في هذا البلد، ألا يزجّوا مطلقاً بإسم الإسلام في مثل هذه الأفعال.. وأن يستبعدوا خيار المواجهة مع أتباعه.. وأقول العقلاء وليس سفهاء البلاد ممن يحبّوا إشعال الفتنة ولو لم يكن لهم من ورائها مكسب.. ولكن ربما نفوسهم مريضة تعشق الشّعللة والاحتقان والصّراخ ونغمة الطّائفيّة.

يمكنني القول.. أن ما يشتكي منه الأقباط في البلد يشكتي منه مسلموها.. نعيش نفس التردّي والقرف.. ويمكنني أن أجزم أنه إذا ما طبّق الإسلام الصحيح في هذا البلد ما اشتكى الأقباط أبداً.

على الدولة أن تحكم قبضتها على المؤامرات الخارجيّة كما تسعى لإحكام قبضتها على المؤامرات الداخليّة..

ابحثوا عمن فعل هذا العته.. ولا تبحثوا عنه وسط أنصار المسلمين.. ولو كان المنفذ من المسلمين.. فاعلموا أنه من جهلاء المسلمين الذين ما فكّروا في صالح المسلمين.. لأنه بغباءه أذى المسلمين أكثر مما أذى الأقباط.. إذ ألصق بهم ما ليس فيهم.

وإذا كان المنفذ من غير المسلمين.. فوحّدوا جهودكم نحو عدوّكم الأساسي الذي ما توقّف للحظة عن التآمر على هذه الأمّة.