الخميس، فبراير 24، 2011

ينهار الطّاغوت، وليتّعظ الباقون


على مدى 42 عاماً حرص القذافي على الحفاظ على قبليّة ليبيا، وتشرذمها.. والإيحاء أنه في ليبيا كما جنكيز خان في الصّين قبل ذلك.. فإنه إذا ما انهار القذافي سيقاتل الليبيون بعضهم بعضاً، وسيعيشوا في خراب عقود وعقود.. وهذا ما كان يسعى لبثّه في نفوس الليبيين.

إلا أنه يرفض فكرة أن الشعب الليبي أجمع على سقوط القذافي ونظامه البائد، الذي ظل يقهر في المواطنين الليبيين على مدار 42 عاماً، مبرّراً تبريرات هتلريّة.. أنه من يعارضه فهو حتماً ضد وحدة ليبيا الوطنيّة.. وأنه يسعى لخراب ليبيا.

فعلى مدار حكمه المستبد، كان من جزاء كل من يقول لا في ليبيا هو القتل، وبدم بارد بلا رحمة.. وبلا محاكمات.. فقط حماية لنظامه الطّاغوت.. ولا يجد القذافي حرجاً في أن يقرّ بذلك ويبرره.. فهو قائد الثورة الليبية دوماً.. وهو الزعيم المتغطرس الذي لا يمكن رفضه أو الحكم عليه، لينتشي بجنون العظمة الذي تغلغل في عروقه وتملك من عقله. وليستعين بالمرتزقة ضد شعبه الأبيّ، الذي خرج منه المختار وكبار قادة الجهاد ضد الاحتلال الإيطالي.. ولكن ما لا يفهمه القذافي أن شعبه الأبيّ سيطيح به من عل، وينهي هذه الأسطورة الغاشمة التي ظلمت هذا الشعب على مدار 42 عاماً.

شكراً لتونس، وشكراً لمصر إذ أنهما بفضل الله حرّكا جموع الشعوب العربية لتقول لا للاستبداد والظلم والنّهب. ولتخرج البطولات المجيدة من قلب الشعوب فترفض الاستبداد والظلم الذي هو أعتى من الاحتلال.

ليعرف كل رئيس، ملك، أو حاكم.. أنه بشر.. وأنه إذا لم يحكم بالعدل قيل له إرجع وإلا قوّمناك بسيوفنا.

الثلاثاء، فبراير 22، 2011

حــــريّــــة ليبيـــا وإنقشاع الظّلمة ولو بعد حيــن


لا يصدق معمّر المشمّر أنه في يوم من الأيّام قد يأتي من يهزّ عرشه السلطانيّ الذي قفز عليه قبل 42 عاماً، فيرفس الآن كما عهدنا من كل الطغاة وكلاب الكرسيّ.. يقتل ويذبح بضراوة وشراسة لا يعنيه موت شعبه بأكمله ولو وصل الأمر أن يبيد شعبه بالكامل ما توانى.

بل يأمر زبانيّته بقصف المدن جوّاً وبالمدفعيّة ولا كأنها حرب حقيقيّة.. إنها التصرفات المعتادة من الطغاة الذين جثموا على قلوب شعوبهم، فيشعرون بالخيانة من كل من يقول لهم لا.. وبسفه من يريد توجيههم للحقّ.

إن الطّاغي معمّر قذّاف الظّلم يحفر نهايته التّعيسة بيديه.. ليندم على كل يوم مضى لم يلق فيه بالاً لشعبه.. ولم يرسي فيه العدل كما أمر الله وشرع.

والمجتمع الدّولي القذر ينأى عن الشأن الليبي وكأن هؤلاء ليسوا بشر.. بينما كان أوباما يفقز لنا كل يوم في الشأن المصري، ويشعرنا بأنه متواجد معنا بوجدانه كله.. كله وهم زائف ومصالح قذرة لا يحركها إلا أصحاب المصالح والمال والنفوذ.

ليحوّل القذافي وابنه سيف البلاد لدمار وحرب أهليّة.. ليشعر الناس أنه وجوده حافظ للبلاد من كوارث محقّقة.. وأن وجود القذافي هو الاستقرار.. وأنه عليهم القبول به وبولده حكّاماً وإلا ضاعت ليبيا.

ثم يحرّض الليبيين على إخوانهم من المصريّين والتّوانسة.. بل والعرب.. فيفتن الكلّ.. وكأنها خطّة التدمير الشاملة.. عليّ وعلى أعدائي.

ولا يستبعد أن يكون القذافي وابنه سيف خارج ليبيا يؤجّر زبانيته وميليشيّاته ليقتلوا في أهل بلده، حتى إذا ما فنى أهل بلده رجعوا لها وكأنهم أبطال.. وكأنهم موحّدو ليبيا.

ستستنير ليبيا من جديد، وستعود بلد المختار رغم أنف القذافي وزبانيته.. ستنقشع الظّلمة من سماء ليبيا رغم أنف القذافي وكلابه الذين يقتلون إخوانهم بدم بارد..

سينصر الله الحقّ ولو بعد حين.

فخر الشباب المصري - دعّموا براعم مصر


Dear all, I'm asking you to support our young 11-14 years Egyptian innovators, please vote for their idea in the international contest "FLL Innovation award"; their idea is about treating brain cancer..

Please vote and share the link if you are interested
VOTE HERE

الأحد، فبراير 20، 2011

الإعلام الحرّ الحقيقي، والنّفاق الثّوري


تغيير نظم الإعلام المصري وقصّ ريش كل المنافقين السابقين من ضروريّات تحقيق نجاحات الثّورة.. إننا في تحدّ واضح ضدّ منافقين اعتادوا النّفاق للنّظام السابق والمفارقة أنهم هم أنفسهم منافقو الثّورة الجدد.. لا يجب أن يخدعنا هذا فنعتبر ذلك من انتصارات الثّورة.. إننا نريد إعلاماً حراً لا يخضع لأيّ سلطات قهريّة ولو كانت هذه السّلطة هي الثّورة الشريفة التي قام بها شعب مصر.

لا نريد تكراراً للإعلام والصحافة الإشتراكيّة السابقة التي كانت تمجّد ثورة 52 وقائدها جمال عبد النّاصر فانقلبنا لعصر فرعونيّ جديد عشنا آلامه حتى 11 فبراير الماضي.

منذ بضعة أيام نشر تقريرٌ حول الدكتور كمال الجنزوري وعن إهدار مليارات للدولة في مشروعات توشكى وشرق العوينات وغير ذلك.. وكان فيه شئٌ من التّفصيل.. رغم اعتراضي على المضمون ورؤيتي في أنه لعل ما فشّل هذه المشروعات هو توقّفها.. إلا أنني صدمت حينما نشر اعتذار من الجريدة في اليوم التالي لشخص الدكتور كمال الجنزوري.. هذا ضدّ مفهوم الإعلام الحرّ تماماً.

ليس معنى أن الدكتور كمال الجنزوري لديه شعبيّة وسط العامّة.. أن لا يتم الحديث حول شخصه.. والحقّ أنه إذا أريد حياديّة تامّة.. فكان أحرى بالجريدة السماح للدكتور الجنزوري الردّ بالتفصيل حول ما نشر عنه.. هكذا أفهم حرّيّة الإعلام.

علينا ألا نخلق صنماً جديداً ولو كان هذا الصّنم هو الثّورة.. هذا أمرٌ جدّ خطير.

إنما جاءت الثّورة لتمحو أساسات الصّنميّة والتقديس المحرّم للأشخاص.. ولتعلو قيم العدالة والحرّيّة للجميـــع.

أعتقد أننا بحاجة لأكثر من ستة أشهر للتنظيف الإعلامي - الضّروري - الذي يجب علينا أن نلتفّ حوله جميعاً.. ولهذا أتفهّم طلب الدكتور البرادعيّ بزيادة الفترة الانتقاليّة لعام حتى يتسنّى للناس تعلم الحياة السياسيّة وإنشاء أحزاب وتنقية الإعلام من المنافقين والمتلوّنين. أما الفترة الانتقاليّة القصيرة فمن شأنها أن تضع في المقدّمة قادة لم يرشّحهم أحد إلا أن فراغ الحياة السياسيّة من الأكفّاء في صدارة الأحداث تمكّن نفس الوجوه العقيمة من الظّهور.

نريد تغييراً حقيقيّاً في كل شئ..

لا نريد استبدال نعم لمبارك، بنعم للثّورة.. نريد حياة قائمة على العدل وقبول الآخــر.

الخميس، فبراير 17، 2011

حــــسني مبـــــارك - لست آسفاً


إلى السيد محمد حسني مبارك، والذي عمل بمنصب قائد القوات الجويّة، ومدير الكليّة الجويّة من قبل.. ثم ترقّى وعمل برئاسة مصر في عمليّة يمكن وصفها بالـ"جت معاه كده". فقد عيّن نائباً للرئيس السادات فآثر ألا يتحرك بمصر خطوة واحدة للأمام، بل ما كانت مصر فيه سبّاقة منفردة.. تراجعنا فيه وتذيّلنا الأمم.

أحسب أنه بالتأكيد لم يتخيّل حسني مبارك في يوم من الأيّام أن ستكون نهاية فترة بهذه الطّريقة، وهو الرجل الذي غيّب نفسه طوال فترة حكمه.. وأقنع نفسه بأن الناس "راضية" و"ساكتة".. ولم يكن يتحرّك سياسيّاً إلا إذا واجه ضغوط من الخارج - أمريكا يعني - وقتئذ يظهر المصداقيّة كذباً.. فما إن ترك له الحبل على الغارب - من أمريكا - إلا وقد تبجّح وتجبّر في تزوير إرادة الأمّة.. وأقرّ بتعديلات دستوريّة تقضي بفساد السياسة المصريّة على الوجه الكامل.. وبلغ التزوير أن أصبح مفضوحاً.. ودخلت البلاد في طور من اليأس وقتل أيّ طموح سياسيّ شريف.

إلا أنه لم يتخيّل أن تكون نهايته على يد شعبه الذي استخفّ به وظنّ أن من طبعه ألا يثور.. والحقّ أنّه لم يكن يتخيّل أن يقوم شباب "الفيسبوك" بهذه الثورة عليه.. هذا الشباب الذي يعيش حياة كريمة.. ويلقى تعليماً نموذجيّاً، معظمه لديه السيّارة والمال.. لا يحتاج لشئ إلا أن إحساسه بالكرامة قد زال.. وحبّه لبلده تلاشى لقسوتها عليه وعلى أهلها.. وإحساسه أنها أصبحت عزبة ملكاً لمبارك وعائلته.. ومرتعاً لابنه وأصحابه أيّما أراد أن يشتري اشترى.. وأيّما أرادوا أن ينهبوا نهبوا.

لم يتخيّل مبارك أن يثور المصريّون.. لكرامتهم.

لم يتخيّل أن يثوروا، لأنهم فاض بهم الكيل من نظرات أبناء الأوطان الأخرى بفوقيّة.. فاض بهم الكيل من استخفاف الحكومة بهم وقتلها كل ما هو جميل بها.. حتى أصبح المجتمع مادّيّ غارقٌ في المادّيّة.. كلٌّ منّا يعيش خائف على ماله وحاله.. غير عابئ بمن حوله ممن لا يجدون قوت يومهم.
وصّلنا حسني مبارك وأعوانه إلى الإحساس أن الأمن الإجتماعيّ غير مضمون.. وأنه تنهار أسر كريمة فلا تجد قوت يومها.. وتعلو أسر أخرى وصولاً بالحزب الحاكم لمرتبة كريمة المجتمع دونيّة ونهباً وسلباً.

حسني مبارك الآن ينتابه تجاه الشعب شعور بالخيانة.. وإنكار الجميل..

جميل تراكم الفساد وتزايد الفقر وتفاقم الجهل والذّل والمهانة.. وجميل ضياع التعليم الأساسي وكبت أحلام البحث العلميّ، وجميل البطالة وتفشّي الجريمة والتحرّشات والقتل.. وجميل التآمر على أهلنا في غزّة والسّكوت الثّلجي عن إيذائهم.. وجميل ضياع التأثير الإقليمي لمصر في المنطقة وفي العالم.. وجميل إنهاء الأحلام الصناعية والمشروعات الانتاجيّة وقتل الزراعة في مصر.. وجميل كبت الحرّيّات السياسيّة وقتل الديمقراطيّة في مهدها.. وجميل البوليس السياسي والاهتمام المفرط به على حساب الأمن العام.. وجميل مشروعات التوريث وفرض جمال مبارك - بتاع بنك أوف أمريكا - على الساحة السياسيّة.. وجميل أصحاب الولد ولعبهم بالبلد.. وجميل المليارات المنهوبة.. وجميل تضخّم الدّين العام لحدود كارثيّة.. وجميل تسفيه آراء الشباب وإهمالهم.

كم هو جاحد الشعب المصري.. وناكر للجميل.. كيف ينسى كل هذه الجمايل التي أغرقته.. نعم.. أغرقته فأهلكته!

لا يوجد منحى واحد من مناحي الحياة تقدّمت فيها مصر.. لا اقتصاد ولا سياسة ولا أخلاق ولا قوّة عسكريّة ولا أيّ شئ.

يا من تحبّ مبارك.. علام تحبّه؟ كيف تحبّه؟ أقنعني..

هل تحبّه لأنه حافظ على "السلام بتاعنا" كما قال تمّورة.. حسناً.. عليك إذاً أن تحبّ اتفايّة كامب ديفيد المجحفة التي وقع عليها السادات فهي التي حافظت على "السلام بتاعنا".. وعليك كذلك أن تحب تصدير الغاز المصري لإسرائيل "مدعّماً" فهذا الذي حافظ على "السلام بتاعنا".. وعليك إذاً أن تحبّ الإنصياع الغير مشروط لأمريكا ولأوامر أمريكا بغير عزّة وكرامة، فهذا الذي حافظ على "السلام بتاعنا".. فعليك إذاً أن تحبّ هذه الأمور ولا أن تحبّه هو.. فأيّ بني آدم يمكنه أن يدخل في هذه التنازلات ليحافظ على "السلام بتاعنا".. ثمّ أنّه كان يمكنه أن يحافظ على "السلام بتاعنا" من غير أن يعرضنا لكل هذه المهانة والذل في الخارج.. فالأمثلة كثيرة.. لدينا تركيا محافظة هي الأخرى على "السلام بتاعها" ولكنّها دولة لا يستهان بها في المنطقة إطلاقاً بل لها وزنها الثّقيل "أوي" في العالم.. والتقدم فيها على كل المستويات.

لا أجد سبباً واحداً أتعاطف به مع حسني مبارك.. ولا أجد بديلاً لمحاكمته على ما جرم منه ومن نظامه.. وإلا فيكون قد التفّ على مطالب الثّورة.. لنجتزّ رأس الفساد.. وليرجع كل من ينوي على التفحّش في الفساد أن يقدم عليه.

يا حسني.. لست آسفاً

الأحد، فبراير 13، 2011

خواطر حول انتصار الثّورة المصريّة الحضاريّة


- مبروك على الشّعب المصري، أن أراد.. ففعل، وأرى أنّ هذه المباركة أوقع من كونه "مبروك تنحّي الرئيس".. إذ أننا اكتسبنا خصلة غاية في الأهمّيّة.. وهي الثّقة في أنفسنا، واليقين بأنّه إذا أراد الشّعب شيئاً وأجمع عليه وهو الحقّ فإنه حتماً سينتصر.. وهذا أساسه الثّقة بالله عز وجل إذا ما خلصت النّوايا لوجه الله.. وتنحّت المصالح الشّخصيّة.

- القادم أهمّ وأصعب، والتحدّي القادم أكبر وأخطر.. وأعني بذلك الحفاظ على القيم السّامية التي اكتسبها الشّعب - أو بالأحرى التي ظهرت فيه إذ كانت مخفيّة في أعماق نفسه غارقة في المادّيّة - وكذلك القادم في اختبار أنفسنا إذا ما سنكون بالإيجابيّة التي كنّا عليها وقت الثّورة.. فنساهم في الحياة على أرض مصر كلّها.

- الشّماتة ليست من أخلاقنا ولا عهدناها مطلقاً.. ولا يسعني إلا أن أسأل الله تعالى أن يتوب علينا وعلى حكّامنا، لعل الله يغفر لنا إذا ما فتنّا في ديننا.. عافانا الله من فتنة السلطة والمال والجاه.

- أسأل الله أن يبارك في قوّاتنا المسلّحة.. وأن تمضي على طريق الرّفعة.. والتقدّم.. فالأيّام الماضية ساهمت في التحام الشّعب بالقوات، فكان التحاماً يد واحدة.. وأسأل الله تعالى أن يكون من مكتسبات الثّورة ترشيد انفاق القوّات المسلحة والاهتمام بما هي معنيّة به.. كدرع حصين للأمّة كلها.

- سبحان مغيّر الأحوال.. ومبدّلها من حال إلى حال.. نفس الصّفحات التي كانت تمجّد وتنافق مبارك.. هي ذاتها التي تتحدّث الآن ولا كأنها أعتى جرائد المعارضة.. وهي تحت إمرة نفس الأشخاص الذين نفخوا مدحاً كاذباً ونفاقاّ متلفاً.

- كلّ من كان في البدروم من حقّه أن يتكلّم.. وكل من كان في حلقه غصّة من الرئيس.. حريّة التعبير مكفولة للجميع.

- الحياة ليست ورديّة.. ولم تكن عمرها سهلة.. وقد نواجه أيّاماً من المصاعب والمشاقّ.. ولكن التّعب فيها سيكون له طعم آخر.. إذ أنّه غير مشبّع بالظّلم وكتم الأنفاس..

الأربعاء، فبراير 09، 2011

خواطر حول الثّورة المصريّة


- الخوف كل الخوف من الضّوء الأخضر الأمريكي.

- القلق يساورني من البديل الأمريكي المفترض لديهم إذا ما سقط النّظام، فالقلق كل القلق أن يلتفّ حول إرادة الشّعب.

- قد أتقبّل التصريحات حول ديمقراطيّة مصر من دول تعيش الديمقراطيّة، ولكنّ كيف أتقبّل عبث شركة قوامها 300 ألف فرد، يحكمهم طاغية خبور أباه وله مع أمريكا والكيان الصّهيوني باعٌ كبير.

- نظرات سليمان أحياناً تكون انتقاميّة.. وانتقام رجل المخابرات غير متوقّع كنيته.

- علينا التفكّر في فكرة مواجهة الجيش الذي لم يثبت حياده الكامل حتى الآن، والغير مضمون ردّة فعله إلى الآن.. إذا ما قرر المتظاهرون الاتجاه نحو الرئاسة.. فلا أظنّ الجيش سيقف مكتوف الأيدي أمامهم.. على الجميع ألا يضع نموذج تونس أمامه! وليقيس الأمور بمقاييس مصريّة.

- وعلى الجميع أن يفكّر إذا ما واجه الجيش المتظاهرين.. فبغضّ النظر أنه سيكون من أسوأ الأيّام في تاريخ البشريّة.. فالقادم بعده غير مضمون.. وقد تفرض علينا أمريكا ديكتاتوراً بديلاً حفاظاً على الكيان الصّهيوني.. وقتئذ قد ينتقل الصّراع من صراع داخلي على الحريّة.. إلى مواجهة نحن نحتاج قبلها إلى كثير من الكّ والعمل والاجتهاد.. لنقول لا في وجه أكبر دولة في العالم.

- في انتظار لحظة نزول الشّرطة لميدان التحرير.. لا أتوقّع الأمر سلساً.

- بصراحة.. وبدون ضجر.. من ينزل للتحرير "فسحة" أو يعتبرها كأس أمم.. فأنصحه أن يجدد نيّته.. لأن الأمر هناك جدّيّ، هؤلاء قوم يهتفون لحرّيّة ينشدونها.. ويعرّضون أنفسهم للخطر..

الثلاثاء، فبراير 08، 2011

ثورة شعبيّة بحتة


بحسب علمي الضّيّق فإنّي لا أعرف ثورة في تاريخ العالم كله شعبيّة بحتة مثل ثورة المصريّين، ولا أعرف نظيراً لها في مثل سلميّتها وضبطها للنّفس وعدم لجوءها للعنف في كل مراحلها. ولعل هذا ما ميّزها وما أعطاها مصداقيّة حول العالم كله.

فباستثناء قادة النّظام الحالي فإن العالم يحكي عن ثورة الشّباب وأنها غير مسيّسة، وأنها نابعة من قلوب المصريّين شتّى.. صافية النّوايا لا أجندة لها.

ولكن قد تنقلب هذه الميزة إلى عيب، إذ أنه حتماً سيخلق لهذه الثورة قادة شاءوا أم أبوا.. ليتحدثوا باسمهم.. وبالتأكيد لن يرضى الشباب بذلك، وللأسف هذا ما حدث بالفعل إذ أقدمت أحزاب المعارضة - السيس - على التحدث بلسان الشعب في حين أنهم لا يتعدوا كونهم جمعيّات تعاونيّة لا قيمة لها في الشارع.. الوفد الذي تقدّم في الانتخابات التشريعيّة الماضية مخالفاً المنطق والحكمة.. وبغير أيّ ضمانات حول نزاهة الانتخابات ثم تراجع عن الخوض في المرحلة الثانية لما باعته الحكومة والحزب الحاكم، تراه يتحدّث باسم الشباب المعارض في أرض التحرير.. مفاوضاً.. قابلاً بوجود النّظام.. وهو في الأساس ضدّ المطلب الرئيسي لشباب الثورة السلمية المستنيرة. والتجمع الذي استكمل في المرحلة التالية من الانتخابات وتعاون في الخفاء مع الحزب الحاكم ليفز بلعاعة المجلس.. ستة مقاعد.. أملاً في إقحامه في انتخابات الرئاسة، يتحدث كذلك باسم الشباب الذي رفض الكذب والخيانة والفســاد.. وطالب في الأساس برأس النّظام.
وغيرهم من الشّخصيّات العامّة.. والسفهاء.. الذين ركبوا الموجة فلا ينزلون.. امتطوا دماء الشّهداء ليفاوضوا النظام على غير ما يطلبه الشّباب.

حتى في محاولات النظام كسب المصداقيّة إذ يدعو بعض الشباب للحديث عن رؤيتهم وآمالهم في التغيير.. يختار من لا يمثلهم.. والحقّ أنّه لا يوجد من يمثّلهم.. ولو أنهم اختاروا شابّاً من قلب التّحرير ما رضوا به مثالاً لهم.. لأنّه لا قادة لهم!.
يجب الخروج من هذا المطبّ بالإجماع على شخصيّات من شباب التّحرير.. ليدلوا بدلوهم.. وليتمسّكوا بشروطهم..

لا سبيل لذلك غير بتحرّك واعي وحضاري غير مسبوق، في قلب ميدان التحرير..

ولعله يكون أشرف الاستفتاءات التي حدثت في تاريخ مصر.. ليعبّر - حقيقة - عن طموحات النّاس، فتتحوّل ساحة التحرير إلى أشرف لجنة انتخابيّة عرفتها الأمّة منذ عقود..

يتطلّب هذا تحرّكاً حضاريّاً أعتقد أنه إذا نجح سيكون الأوّل في تاريخ البشريّة.. وسيكون الحجّة القاصمة بين الناس وبين النّظام.. ويلتزم المنتخب من بين هذا الجمع بطلبات النّاس فلا يتنازل عنها مطلقاً.
أما الاختيار العشوائيّ بين هذا الشباب.. فقد يفضي لمن يفتن من هيبة رجال النّظام الكبار.. فلا يعرف التّفاوض معه أو النّقاش حتّى.. ووقتئذ سيكون من يمثّل من المعارضة هو الطّرف الحقيقي في التّفاوض.

أرى أن هذا هو ما يجعل التفاوض مجدياً ومعبّراً.. وإلا فلا قيمة له.. خصوصاً أننا وصلنا لمرحلة هي أقرب من عرض مطالب وليست مفاوضة.. خاصة بعد تصريحات النائب بأننا لسنا أهلاً للديمقراطيّة.. والاتهامات بأن المحفّز لهذه الحركة الشعبية هو التيار الإسلامي، وفقط.. إذ يتجاهل تماماً أنها نابعة من قلب الشباب الغير مسيّس.

الأحد، فبراير 06، 2011

حول موضوع الفوضى والاستقرار


رغم إن مصر كلها اتغيّرت إلا أن جريدة أخبار اليوم من الواضح إنها حتفضل على هذا الأمر من الاستهانة بعقول الناس.. والجري ورا النظام حتى آخر قطرة خاصّة إذا استمرّت رئاستها للنجم ممتاز القطّ كبير أبواق السّلطة!

تصوير الخراب والحرائق والدّمار والفوضى.. وكأن استمرار المظاهرات هو اللي أدّى لكده لا يقبله عاقل.. والاستسلام لذلك ونسيان ما حدث يوم السّبت من فراغ أمني واضح وصريح أعتقد أنه مفيش تفسير له غير إن الناس خايفة تتغيّر.

أنا بتكلّم عن الناس اللي زيّي وزيّك مصدّقين إن المظاهرات هي السبب في خسارة البورصة والحرائق والنهب والسلب.. مش مثلاً لا سمح الله السبب فيها هو الإخلاء اللي عملته وزارة الداخلية وهي تحت إمرة العادلي..

ممكن يكون رأيك إنه مفيش داعي للتظاهر بس يكون لك أسباب سياسية.. يعني تقول لازم الرئيس يمشي في إطار الشرعية أو يكون لك رؤية.. لكن متقولليش إنه كفاية مظاهرات عشان الاستقرار.. إيه الأيّ كلام ده؟

هم الشباب كانوا عملوا إيه لما طلعوا يطالبوا بحقوقهم في مظاهرات شهد العالم كله إنها سلميّة.. فين الدّمار اللي حصل!!

يوم 25 يناير نفسه.. إيه اللي كان حصل في الدنيا..

إمتى بدأ الخراب يحصل..؟ لما الشرطة خلعت والبلد مبقاش فيها ضابط ولا جندي شرطة واحد.. هربت السجون وخربت الدنيا.. فيما ما كان يبدو عليه منظّماً للغاية!

حاجة زي كدة أنا مش محتاجة تحقيق أساساً مع العادلي.. مكنتش أتصوّر أبداً إنه ممكن دولة تعمل كده في شعبها.. عشان تحافظ على النظام.

للدرجة دي.. اهتمت الشرطة بالأمن السياسي على حساب الأمن العام.. وده شئ لمسناه كلنا وشفناه..

لكن إن الناس نفسها تقتنع إن المظاهرات هي العائق للاستقرار.. فده الحقيقة مش شايف له أيّ معنى،

والله المستعان

الخميس، فبراير 03، 2011

كلاب النظام يرفسون


يمكنني القول بأنّه لدى الرئيس مبارك فريق عمل لإدارة الأزمات الطّاحنة بالنظام على أعلى مستوى.. وليس معنى أن هذا الفريق يدير الأزمة بشكل أخلاقي مثلاً.. أو يتبع ما يمليه الضّمير إذا وجد الضمير.. بل هو الوصول بالأمر بقدر الإمكان إلى ما كان عليه مع إجراء بعض التعديلات التي يمكن أن تسكّن النّاس..

ما أودّ أن أقوله أن النظام.. بخلقه للفوضى والفراغ الأمني لعدة أيّام.. قذف في قلوب كثير من الناس أن يكرهوا ما فعله الشباب واحتجاجاتهم في ميدان التحرير.. إذ وصل لهم أنهم سبب الفوضى.. وجوع الجعان.. وتوقّف الأعمال.

أصرّح بأن رأيي بعد هذه الاحتجاجات العارمة في أرض الميدان.. أن الصواب ألا يغادر الرئيس السلطة على ألا يرشح نفسه لولاية جديدة.. وأن يضمن ألا يترشح جمال ابنه لهذا المنصب.. وأن يحلّ مجلس الشعب المزوّر.. وأن يعدّل الدستور ليكون منطقيّاً بخصوص الانتخابات والإشراف القضائي عليها.. وأن يتم أخذ خطوات جادّة وهامّة في إلغاء الطّوارئ.. التي لن تلغى خلال هذه الأيّام.. طبعاً.

والحقّ أنه أعلن ذلك في الخطاب.. واستبشرت بذلك خيراً.. قلت ليس من الضرورة أن يرتعد الرئيس فتضرب ركبتيه بعضهما البعض ويغادر البلاد هارباً.. ليس من الضروري تطبيق ما حدث في تونس نصّاً.. ولكن الأولى هنا أن يتم ذلك في إطار من الشّرعيّة.. وليحكم عليه التاريخ بما له وعليه كما قال.. ثم ليحاسبه الله بعذ ذلك وهو أحكم الحاكمين.

إلا أنه بسبب فقدان المصداقيّة.. كره الناس ذلك.. وأصرّوا أن يرحل بشنطته خارج البلاد.. ولكن كل الذكاء كان في الخطاب إذ خاطب العواطف لا العقول.. فتخلخل من تخلخل بالتّحرير..
ولجأ كلاب الوطني للتوسيخ كما عهدنا منهم في الانتخابات وغيره باستخدام بلطجيّة الحزب.. لقذف الرعب في قلوب المحتجين.. فتدخل كلابهم لترعب الناس ويشهرون السيوف في وجوههم.. ليظل الوطني كما هو مرتعاً للكروش الكبيرة التي تفعل كل ما تفعل للحفاظ على سلطتها الماليّة وأعمالها.. وتبّاً لأيّ معطيات أخرى.

فمن تعاطف بالأمس مع الرجل.. نكره وكرهه الآن.. ومن كان في قلبه القليل من التعاطف تجاهه بعد الخطاب.. نزع بالكامل ما كان فيه من الرحمة.. وأيقن أن المواجهة لن تنتهي.

وتواطأ الكلاب فاشتبك المؤيّدون للنّظام والبلطجيّة مع الشباب المعارض.. والكل يخاف الفتنة..

لنعيش فيما لا يعرف متى سينتهي.. وعلى أي حال سينتهي

الحقيقة أني كنت أتمنى رجوع المحتجّين بعد خطاب الرئيس وظننت أن الحياة ستتغير.. إلا أن أتباعه من الكلاب أظهروا أن الأمر كما هو.. ونسفوا كل ما خلق من مصداقية مع النظام..

وفي داخلي أنا على يقين تام بأن ما حدث من سفالة بميدان التحرير بالهجوم على العزّل وترويعهم.. هو من عمل رجال الأعمال المتمسّكين بالنّظام الذي يؤمّن أموالهم..

ولكن هذا لا يعفي رئيس الجمهورية من مسئوليته المباشرة..

فإن كان يدري فهذه مصيبة.. وإن كان لا يدري فتلك أعظم!

والحقّ أني لا أهتم حالياً بنقاش المعارضة مع النظام لأنه لن يحل الإشكال.. إذ فقدت الثّقة تماماً مع النظام.. وأعتقد بأن ما حدث لن ينسى.

إذا أراد مبارك أن يحل الأزمة.. وأن يرحم مصر من الفتنة.. عليه أن يتدخّل بنفسه فوراً في أحداث الميدان.. وأن يدعو أنصاره للانسحاب.. هذا.. لأنه لا أحد يتحدث باسم المعارضة فيدعوهم للانسحاب من الميدان.. أو بجنوجهم للسلم.

أسأل الله.. ألا يتواطأ الجيش على الناس.. وإن تواطأ فأسأل الله أن يرجع عن ذلك.. فلا يفقد الناس ملاذهم الوحيد في الحياديّة..

---

اللهم جنّب مصر الفتن.. وانصرنا على القوم المفسدين.. المخربين.. والخونة

أيّام الغضب والكرامة والكفاح الشعبي


لا أظنّ أن من جيلي من يمكنه القول بأنّه مرّ خلال حياته بأيّام أعصف من هذه الأيّام، فبكل تأكيد لم تشهد مصر أيّ حراك مجتمعي على هذا النّحو اطلاقاً.. ولا يمكن مقارنة الانتفاضة الشعبيّة التي حدثت في مصر بأيّ مظاهرات أو احتجاجات أو اضرابات شعبيّة حدثت من قبل.. ذلك لأنّ من قام بهذا العمل المشرّف يوم 25 يناير هم الشباب المصري المثقّف وليسوا جياع مصر. وهذا من فضل الله علينا..

والحقّ أنّي أرى أنه بكل العوامل والمعطيات الموجودة حالياً.. فإنّي أرى أن ما حدث لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن أحزن أو أبكي عليه.. أو أقول أنّي زعلان عليكي يا مصر.. بل أقول أنّي فخور كوني مصريّاً وأن شعبي ينتفض ويتحرّك ويعرف كيف يأخذ حقوقه.

ما حدث أراه أصعب بكثير من تحدّيات واجهت مصر على مدار تاريخها.. فعلى النّاس أن تعي أن ما حدث كان احتجاجاً شعبيّاً وانتفاضة هزّت مصر كلها ضد 58 عاماً من الاستبداد السياسي وليس 30 عاماً فقط.

هذه تراكمات 58 عاماً من كتمان على أنفاس المصريّين لم تستطع الأجيال قبلنا كسر حاجز الخوف فيها.. وكان لهم عذرهم في ذلك.

كانت صورة الحاكم الكاريزميّة هي المسيطرة.. ولم يكن الإعلام بهذا الانتشار.. ولم تكن المعلومة سهلة الانتقال مثلما هو الحال الآن..
نحن في مرحلة فاصلة.. سيكلوجيّة شعب مصر تتغيّر.. الحاكم الصّنمي يمكن أن يتغيّر.. ويمكن أن يقال له "لا".

إلا أنه وبحكم 58 عاماً من حكم محتكر أوحد.. كان لزاماً أن تقابل المظاهرات بالقوّة.. وهذا من بلاوي النظام الذي شغل الداخليّة بالأمن السياسي وحفظ النّظام على حساب الأمن العام.. الشرطة كلّها جنّدت لثلاثة أيّام متّصلة لمواجهة المتظاهرين السّلميّين.. أصحاب المطالب المشروعة.

وفي هذه الأثناء.. تخرج الجرائد الحكوميّة لتغيّر لونها كما عهدناها ولكن هذه المرّة بوعود حكوميّة أن تتحمّل الحكومة كل شئ.. وأن توفّر مئات الآلاف من فرص العمل.. وهو ما زوّد من رصيد الكراهية وعدم المصداقيّة لحكومة رجال الأعمال، وتضارب المصالح.. والفســاد.

يوم والتّالي والصّمت الحكومي الثّلجي لا يفهم.. لا تجد مسئولاً به من الرجولة والإقدام ما يدفعه للحديث مع النّاس.. أو إلقاء بيان.. والناس لا تفهم أيّ شئ!!.. وكأن الحكومة تخلّت عن البلد.

والإعلامي الحكومي أحوج ما كان للمصداقيّة التي فقدها.. إذ يرى الناس على شاشات الجزيرة مواجهات دامية وأخبار عن ضحايا.. بينما الحياة وردي على القناة الأولى.. وأحياناً كانت تعرض مسلسلات وأفلام!!

وهذا ما دفع السلطات لإغلاق القناة، وسحب اعتمادات مراسليها..

التوتّر يخيّم على البلاد كلها.. خاصّة يوم جمعة الغضب,, حينما علت المواجهات واشتدّت.. واستفزّ النظام الناس جميعاً بقطع خدمة الانترنت ثمّ أتبع ذلم بقطع خدمة الهواتف النقّالة مما زاد الاحتقان وكرّه الناس في هذا النّظام البوليسي أكثر فأكثر!

الأحداث تتصاعد ولا تجد لها سقفاً، والكل منتظر بيان للرئيس أو لأيّ حكومي محترم يثق النّاس في أن ما يقوله له وزنه.. لا أقول حتى يثق النّاس فيه.

أحسب أن جزءاً كبيراً من الكراهية بين الشّعب والنظام يتحمّله حبيب العادلي.. الذي حوّل وزارة الداخليّة من هدفها الأساسي في حفظ الأمن.. وحوّل شعار الشرطة إلى الشعب والشرطة في خدمة الوطن.. لم يراعي في ذلك أي معايير عالميّة.. أو حتى أخلاقيّة.. وركّز وحرص كل الحرص أن يكون الأمن السياسي مؤمّناً.. ثمّ يأتي بعد ذلك أمن المواطن إن أتى.

والحقّ أن الأمن السياسي يأتي بالحرّيّات وبالعدل.. لا بالبطش والضرب على أيدي المعارضين.. بل وعلى أنفخهم.

وتمثّل ذلك في شتى الحقول السياسيّة التي من الممكن تواجدها في المجتمع.

من المجالس النّيابيّة والمحليّة إلى مجتمع الجامعات السياسي.. الذي ألغيت فيه الحياة السياسيّة تماماً.. فلا رأي للشباب إطلاقاً في الحياة السياسيّة وهي مختزلة حكراً على أفراد الحزب الوطني.

وزاد الأمر أن وصل الاستفزاز أن التزوير أصبح على الملأ وعيني عينك.. لمجرد أن تخلت أمريكا عن ضغوطها على مصر بخصوص الديمقراطيّة.. وفضلت التعامل مع مصر على الصعيد الاستراتيجي الحامي لإسرائيل فقط!

ولهذا كانت المهزلة النّيابيّة التي حدثت في مجلس الشعب الماضي واستيلاء الوطني على أكثر من 98% من مقاعد المجلس.. و"افتكاس" كوتة المرأة.. وإلغاء الحياة السياسية في مصر تماماً.

وساهم في إلغاء الحياة السياسية في مصر ضعف الأحزاب أو دعنا نقول غيابها تماماً.. وهاهي تريد امتطاء الموجة.. والحقّ أن هذا الأمر مستفزّ للغاية.. فالأحزاب التي شاركت في المهزلة النيابية الماضية هي نفسها التي تركب الموجة وتدعي أنها حامي حمى الديمقراطية.

أمر مثير للسخرية أن يكون حزب التجمع برئيسه رفعت السعيد من ضمن المنادين بالحريات - الآن - والمزايدين على الشباب المحتجّ.. وهو الذي "طلصق" الانتخابات النيابية الماضية مع الحزب الوطني ليحوز على بضعة مقاعد..

لا أجد من يمثّل هذا الشباب فعلاً من هؤلاء الـ.. عذراً.. السيس..

وإنما هي الحركات المعارضة ذات الشعبية الحقيقية بين الشباب على الانترنت هي التي خلقت هذا الحراك السياسي ولا غيرها.. ولا أنكر دخول البرادعي على الساحة وإن كان على الرجل بعض التحفّظات.. إلا أنه يبقى أوّل من نادى بالديمقراطيّة بشكل حقيقي ولم يتبيّن عليه أنه يريد ذلك لنفسه.. أو لينسب لنفسه زخماً أو جاهاً.

ساهمت الدّاخليّة بقوة شدبدة في كبت الناس وخلق هذا الاحتقان.. وبسبب السمعة السيئة التي اكتسبتها على يد بعض الضباط "السّفلة" الذين يهينون المواطن المصري في الأقسام وغيره ثم لا يجدوا من يردعهم عن ذلك. وتغيّر مفهوم الشرطة ليبقى ضابط الشرطة لدى العامة شخص متسلّط متعنطز.. يدّعي دائماً أن له الفوقيّة.. وبالتالي كان منطقيّاً أن يتغيّر الشعار.. فكيف يكون هؤلاء في خدمة الشعب ؟!

ثم جاءت الأحداث الأخيرة.. لتظهر تورّطاً سافلاً لحبيب العادلي.. في إحداث فراغاً أمنيّاً مروّعاً.. إذ انسحب الكل من موقعه.. وتخلى عن دوره.. وهربوا من الأقسام.. ليدخلوا البلاد في كراثة أمنيّة حقيقيّة عشنا رعبها عدة أيّام.. ولا تزال آثارها باقية.

إلا أن الله تبارك وتعالى بارك في الشباب المصري ليضرب أروع أمثلة الشجاعة والجرأة.. والكلام عن الكل لا البعض.. ليظهر الله أن الشعب المصري بخير.. وأن قيمه الحقيقيّة - فعلاً - لا تظهر إلا في الشدائد والمحن.

ونحن واقفون في حماية الشوارع والبيوت كان الشعور واحداً بيننا جميعاً.. أن أمنك من أمني الشخصي.. والكل كان يظهر إخلاصاً وإيثاراً لم أره في حياته.. نعم.. حتى من هذا الشباب الذي تربى على الرفاهية وأن كل ما يطلب يجد.. رأيته حينما سلبت منه نعمة الأمن.. تحوّل إلى فدائيّ حقيقيّ.. في القاهرة بربوعها وأحيائها كلها.. وكل المحافظات.

ولهذا أقول أن ما حدث - حتى من فراغ أمني مؤسف راح ضحيّته أولاً أرواحاً مصريّة.. ثم تخريب وسرقة وفوضى - قد أظهر لنا أنه يمكننا أن نقف في مواقف خطيرة.. إذ اقتضى الأمر.. وأنه يمكننا مواجهة مؤامرات أي جهة.. ولو كانت هذه الجهة هي التي تحمينا.
ولهذا أسأل الله أن يؤتى بكل من تسبب في هذا الخراب لمصر.. وأن يعاقب عقاباً أليماً.. وأدعو الله أن يشف صدورنا فيه.

----
اللهم ولّ أمرونا خيارنا.. ولا تولّها شرارنا
واحفظ بلادنا من الفتنة والخراب.. واحفظها من كيد المتآمرين..