الاثنين، مارس 28، 2011

حبيبي يابو المجيشة


تحيّة إلى الرجّالة، اللي ساندوا الثّورة.. وإدّوا حسني كتف - كتف ليّن بقى كتف جامد المهمّ إنّه كتف - وتحيّة إلى المجلس العسكري.. تحيّة إلى اللواء إسماعيل عتمان الحنيّن، وإلى اللواء محسن الفنجري أبو صوت جهوري.. وتحيّة إلى اللواء ممدوح شاهين عشان مصر النّهاردة.. وتحيّة إلى المشير طنطاوي القائد اللي مسمعناهوش بيتكلّم ولا مرة.. بس بنشوفه في الصّور.. عامّة براحته رجّالته عاملة الواجب وزيادة..

والله التّحيّة دي حقيقيّة ومن القلب وإلى القلب وأنا مقتنع فعلاً إن دور الجيش المصري في إنجاح الثّورة كان كبيـــر وعظيـــم جدّاً..

بس الحقيقة هو فيه زيّ عتاب كده ع الجيش المصري في بعض النّقاط.. وبالنماسبة زمن التمجيد والكلام ده انتهى.. يعني الثّورة متعملتش عشان بدل ما كنّا بننفخ في حسني ننفخ في الجيش.. أو ننفخ في الثّورة نفسها حتى.. لكن الثورة اتعملت عشان الحرية والعدالة الاجتماعيّة.. وانتهاء هصر الفرعون اللي مبيغلطش ومحدش ينفع يكلمه..

دلوقتي مينفعش التباطؤ البيّن الواضح ده في القصاص من الفاسدين.. وترك شويّة من الحرس القديم اللي الناس كلهم عارفينهم زي صفوت وسرور كده طلقاء وهم في احتمال كبير جداً يكون لهم دور في الثورة المضادة الموجودة في الإعلام وع الأرض وفـ كل حتّة.. يعني انت مرفعتش قانون الطّوارئ.. استغله في الصّح بقى.. وحسناً قال البرادعي لما قال إننا مفروض علينا قانون طوارئ ثلاثين سنة من غير لازمة، دلوقتي بس تقدر نقول إنه لازم يبقى له لازمة.. ياخي تحفّظ ع العالم دي بدون إذن كده لأنك تعلم جيداً إنهم ممكن يكونوا مصدر للبلاوي والفتن والقرف.. كمان الناس دي لما تتزنزن خلاص مش حيبقى في كبير من العهد البائد.. والفئران حتبان.. يا حيفلّقوا على برّة فيتقفشوا.. يا حيتقفشوا هنا.. لكنهم كونهم طلقاء كده.. متسابلهم المسرح المصري يعثوا فيه كيفما شاءوا.. فده شئ مش مفهوم ومحتاج توضيح!!

الناس حاسّة - ولهم حقّ - إنهم بيتسرقوا.. وحاسّين إن النّظام القديم حايرجع تاني بس في صورة أشيك.. وحاسّين إن الوطني لسّة صاحي وبيلعب.. وإيش ضمّن الناس إن الوطني ميخشّش في الانتخابات حتى لو اتحلّ تحت عباءة أيّ من القوى السياسيّة الموجودة.. واخد لي بالك.. يبقى لازم يكون في حملة تطهير تجيب كل من كان فاسداً أو سهّل فساداً بعلمه وإرادته عشان ده أكبر خطر ع المجتمع دلوقتي.

الواحد أحياناً بيتفهّم ليه الثّورات في التاريخ لما كانت بتقوم كانت بتقشّ كل اللي كان له علاقة بالنظام البائد.. يعني الثّورة الفرنسيّة لما قامت نفخت في كل من كان ينتسب للنبلاء.. وطبعاً فاكرين قصّة مدينتين بتاع ديكينز لما كان بيصوّر تعامل الثّورة مع النبلاء وفحتهم للي كان حتى بينتسب لهم بقّيقي كده مش بالأفعال حتى.

طبعاً الواحد مش عايز نموذج الثورة الفرنسية لأنه أكيد في ناس اتظلمت وممكن تبقى فوضى حقيقيّة.. ولكن طالما ارتضينا بالشّرعيّة، وإن الجهات الحاكمة اللي وقفت جنب الثّورة اللي بتاخد لنا حقّنا يبقى لازم سرعة أكبر في إنزال العقوبات على الفاسدين والقتلة.. وسرعة التحفظ على من يشتبه إنهم بيكسّروا في المجتمع وهم قادة الثّورة المضادّة.

كذلك.. رموز الإعلام الفاسد.. يعني لما يكون واحد زيّ أسامة سرايا ولا ممتاز القطّ.. ودول لا يخفى على حدّ إنهم كانوا من أشدّ مليّسي حسني مبارك والوطني والنظام السابق.. وبعدين هوبّا.. يتقلبوا لنافخي الثّورة.. أنا إيش ضمّني أنا دول بيكيدوا للثورة إزّاي.. ثم إنه دلالات مكائدهم للثورة بتوضح في تضخيم الحوادث اللي لا تتعدى كونها بلطجة يوميّة أو عن جهل لقلبها أن تكون فتنة طائفيّة أو عشان يكرّهوا الناس في التيّار الإسلامي.. أو إنه يخللي البلد علطول في حالة من الفوضى وخلاص عشان يتم الإلتفاف على مكاسب الثّورة أو عشان حضراتكو يا سيادة المجلس تضطروا إنكم تزودوا فترة الحكم العسكريّ عشان تلملموا شتات البلاد.

لازم رموز الإعلام الفاسد دي تتشال سواء كان في الصحافة ولا في التليفزيون ولا في أيّ حتّة.. ودي مش محتاجة أظنّ محاكمات ده كان نفاق على عينك يا تاجر.

كذلك أطلب من المجلس العسكريّ أن ينظر بعين من الاهتمام للقوانين المنظّمة للانتخابات التشريعيّة.. ونعرف راسنا من رجلينا حننتخب على أساس القائمة النّسبيّة ولا أساس النظام الفرديّ.. وبعد اطّلاعي على الفارق بينهما أعتقد أن نظام القائمة النسبيّة أفضل بكتير لأنه بيقلل فرص شرا الأصوات وبيخلّي الناس تنتخب على أساس البرامج الحزبيّة مش على أساس الأفراد وده اللي المفروض يكون عليه مجلس الشعب لإنه ده اللي بيشرّع القوانين وبيراقب الحكومة.. لكن مش وظيفة عضو مجلس الشعب إنه يدخّل الكهربا ولا الميّة للقرية بتاعته.. دي بتبقى وظيفة المجالس المحليّة اللي احنا حالقينلها تماماً.. وسايبين الفساد فيها للرّكب كما قال زكريّا عزمي وهو الشّخص اللي عليه علامات استفهام كتير هوّ راخر والمجلس العسكري برضه مش راضي يحطّ النّقاط فوق الحروف حيال ذلك.

كمان يا سيادة المجلس في جوّ من الألغاز كده مش مفهوم ليه.. منه تأخير الإعلان الدّستوري لحد دلوقتي بدون مبرر وعلى الرغم من إنه كان المفروض يطلع بعد الاستفتاء بـ48 ساعة.. كذلك ضبابيّة الموقف في كثير من الأحوال السياسيّة.. أنا عارف دي مش لعبة قادة الجيش وربما تعاملهم مع الإعلام والمجتمع المدني ربما يكون فيه مشاكل أو هم مش متعوّدين عليه.. لكن الظروف حكمت إنهم يقودوا البلد وهم إلى حد كبير ممشّيين الدنيا صحّ ومن علامات ذلك إنهم سايبين د. عصام شرف يشتغل كويّس.

دول بس كانوا كلمتين ف نفسي يا أبا المجايش.. وربنا يجعله عامر.


الأحد، مارس 27، 2011

ولامؤخذة - ماذا لو حكم العلمانيّون - هواجس


من منطلق العدل في التناول، ومن منطلق الحياديّة التامّة - اللي م الآخر لا أدّعيها - ولكنّي سأتقمّص دور المحايد في هذا المقال.. لنتفهّم سويّاً - وبقول سويّاً - هدف المخاوف والهواجس والتشكّات من أفكار قوم.. لم يظهر منهم إلى الآن.. أيّ شئ!

فبعد مضيّ أهه أكثر من أسبوع على الاستفتاء اللي مش باين ملامح أيّ حاجة من ساعة إعلان نتيجته إلى الآن - ما علينا يعني - والمخاوف والهواجس تتناثر في مصر حول الدّولة الدّينيّة ووصول الإخوان للحكم.. ووصل السّلفيين - اللي هم الناس اللي بدقون، على أساس إن السّلف دول طائفة من الناس مش منهج فكري كلنا المفروض نكون عليه - إلى الحكم..

ظهرت المخاوف في مقالات وفيديوهات وكاريكاتيرات.. فمصر تطلق اللحية.. وحنبقى دولة دينيّة.. مش دولة مدنيّة.. والنّقاب سيفرض.. والجزية ستفرض.. وحنقطّع أيدي النّاس.. وسنكربج المعارضة ونقطع رقابهم.. وسيلبس الناس الجلباب بالعافية.. وسنتحوّل بقدرة قادر للسّعوديّة.. وسنحتلّ من أمريكا.. لأن القاعدة ستأتي إلى هنا حتماً.. وطالبان ستجد لها من مصر مسقرّاً لها.. ولعلها تسمّي نفسها.. تلميذان ولا حاجة!!

ورغم سذاجة هذه المخاوف - ولا أدّعي بذلك حكمة وحنكة ومهارة - إلا أنها مخاوف ساذجة برضه.. ولا أظنّ المقال هنا مجالٌ للردّ عليها.. أو بالأحرى قد ردّ على هذه المخاوف من قبل علماء كبار مراراً وتكراراً ولكن المشكّكين لا يصدّقون..

ماذا لو كان العكس؟

ماذا لو حكم العلمانيّون؟؟

هل لي أن أطلق لخيالي العنان.. فأتصوّر ماذا يمكن أن يحدث.. وبصرف النّظر عن ردود العلمانيّين.. أو الطّائفة العلمانيّة؟؟

علمانيّة.. أي سيضطهد كل من يظهر عليه الالتزام بتعاليم دينه.. وسيعتقل كل من يذهب لدار عبادته.. وسيصدر قانون بمنع الحجاب.. وستعتقل من تلبس النّقاب.. وسيصدر قانون منع تدّد الزوجات ويعتقل من يعدّد في زيجاته.. ستشمّع الجوامع والكنائس.. كل القوانين المستمدّة من الشريعة الإسلاميّة ستلغى ويحلّ محلّها قوانين وضعيّة غربيّة.. تنحّي الدّين تماماً.. المرأة التي تلبس الحجاب سينزع عنها الحجاب قهراً في الشّارع!!!.. ستلغى دروس الدّين من المدارس.. سيلغى الأزهر!!!.. ستقفل مراكز تحفيظ القرآن الكريم.. ستصادر كل أراضي الأوقاف.. ستلغى الرقابة من على المصنّفات الفنّيّة تماماً ليرى أولادنا كل قبيح عياناً بياناً في التليفزيون وفي كل أوقات اليوم.. سنعادي العرب.. سنعادي المسلمين.. ستلغى تأشيرات الحجّ والعمرة.. سنقهر الفلسطينيين.. لن نفتح معبر رفح مطلقاً.. سنراهم يموتون أمامنا بدم بارد فلا نأبه لهم..

طبعاً، لكل من هذه المخاوف ردّ ممّن ينسب نفسه للفكر العلمانيّ.. وربما يكون هذا بالنسبة له خرافات ومخاوف ساذجة وهراء لا قيمة للردّ عليه أساساً فما بالك بالمخاوف نفسها..

حسناً، فإنّ لكل من المخاوف التي يخاف منها البعض من الحكم الإسلاميّ الردّ عليها وهو ردّ شافي كافي.. لا تحوير فيه.. ولكن العبرة بهل أنت تطرح مخاوفك من أجل أن تعرف الحقيقة، أم أنك تطرحها كيداً في منافسك الفكريّ؟

والله الموفّق.

الاثنين، مارس 21، 2011

ولامؤخذة - بعد الاستفتاء


الحمد لله على ما كان من الاستفتاء، والله المستعان على ما هو قادم.. والآن على الجميع أن يعمل على المرحلة القادمة..

لا أزال أشدّد على أنه كان لكل من الفريقين وجهة في رسم مستقبل مصر، والحقّ أنه في النهاية كلاهما كانا يطمعان في نفس المقصد وهو مستقبل خالي من ديكتاتور جديد، وحياة حرة كريمة لكل الناس.. ومصر أفضل!

ولا أزال أؤكّد أن الفارق بين الفريقين هي الرؤية، والزاوية التي ينظر بها للحدث وللمستقبل، ولا أخوّن أيّاً من الطّرفين ولا أدّعي أنّي أكثر تفقّهاً منه.. والحقّ أن كلمة الفريقين هذه تمغّص عليّ فرحة يوم الاستفتاء.

ولكن المشكلة الحقيقيّة كانت في استخدام المنابر الدّينيّة هنا وهناك بشكل موجّه لأحد الخيارين، بداعي أن هذا سيخدم صالح الدّين، ووقوع البعض في تجريم من يصوّت بملء إرادته لأيّ الخيارين.. ولكنّي أعتقد أنه لايزال أمامنا وقت لفهم هذه المعاني وتوصيلها لجموع الناس خاصّة في الرّيف والأقاليم.

والمؤسف أن البعض ممن نحسبهم من المثقّفين انجرفوا وراء هذه الدّعاوي وربطوا تصويتك بدينك.. والحقّ أن تصويتك هو مرتبط بتصوّرك أنت وحدك حول المرحلة المقبلة ليس أكثر.. وهذا كذلك ما لمسته إذ رأيت في البيت الواحد الأخ وأخاه يختلفان حول نعم ولا.. وهو أمرٌ صحّيّ على كل حال إذ أنه يثبت أن عصر القالب الفكري للشعب بأكمله انتهى ولا رجعة له.

المرحلة المقبلة هي التي أراها بها الشّغل كله.. ونتيجة التصويت أرغمت التيّارات السياسيّة أن تعمل بكل قوّة على إثبات وجودها في الشّارع.. ومن كان له سابق خبرة بالعمل السياسيّ ومصداقيّة لدى النّاس من قبل هو الذي سيحوز على ثقتهم في البرلمان المقبل.. ومن سيسعى لطرح رؤيته الجديدة لمصر الجديدة في الفترة المقبلة في خلال الأشهر القليلة المقبلة وتكون رؤيته هذه كاملة من مجاميعه.. ورؤية شاملة حول مستقبل مصر السياسي والثّقافي والاقتصادي ومكانتها حول العالم بالتأكيد سيحوز على ثقة النّاس.

الآن اختار الشّعب المصري مساراً للمضيّ حول مستقبله، وعلى الجميع أن يشحن كل طاقته ليسوّق لأفكاره التي يرى فيها مستقبلاً باهراً لمصر.. وعلى الجميع احترام نتيجة الاستفتاء والمضيّ قدماً بمقتضاها.

ولا أظنّه من الحكمة، أو حتى من "الصحّ".. أن يسخر البعض من اختيار غالبيّة الشّعب المصري، فيتّهم الدّيمقراطيّة - الآن - أنها يسّرت السبيل للحمقى أن يفرضوا كلمتهم.. وأعتقد أنه من العدل والحقّ و"الصحّ" أن نتوقّف عن تسمية فئة معيّنة من الناس بالـ"بسطاء" وآخرون بالنّخبة والمفكّرين والمثقّفين وأصحاب القرار.. فلقد أظهرت الثّورة شريحة من الشّعب المصري كنا نظنّهم لا يهتمّون بالسّياسة ولا بحال البلاد.. وظنّنا - جهلاً - أنه كل ما يهتمّون به هو لقمة العيش والسّكن والأمن.. إلا أن الثّورة جمعت المتعلّم والأمّيّ، المهندس والطّبيب.. والخبّاز والبوّاب.. ظننّاهم في غفلة عما يحدث وظننّا أنّنا نحن فقط من يفقه بحال البلاد والعباد.. وهذا على أساس أننا نفقه في أمور الدولة والسياسة والحكم.. والحقيقة أن هذه كانت أكذوبة كبرى.. فالكل يعلم والكل يعي ولكن الفارق في أسلوب الخطاب.. فقط!

تمنّيّات:
-----

إلغاء الحكم المسبق على النّاس.

عدم
التخوين أو التخويف.

الكفّ عن ترويج
الشّائعات، والاقتناع أنها من أعداء الوطن.

التفكير قبل التصرّف، والتتفكير بناء على معطيات ومعلومات حقيقيّة ودقيقة وليس بناء على تخرّصات وأوهام.

العمل من اللحظة على الارتقاء بمكانة مصر بين الأمم، والنهضة
العلميّة بها.

ألا ييئس أحدٌ منّا.. أن تكون
مصر أفضل بلاد العالم.




الخميس، مارس 17، 2011

البيــان الأخيـــر قبـــل يوم الاستفتاء المنيـــر


بعد هذا المقال لن أكتب مجدّداً في شأن الاستفتاء على الدّستور المؤقّت والمقرّر إقامته السّبت المقبل..

أنا غير قلق بالمرّة من نتيجة الاستفتاء.. سواء إذا كانت بالقبول أو الرّفض، وفي الحالتين سأحتفل.. وسأعمل بمقتضى الرأي الغالب والذي عبّرت عنه جموع الشّعب.

وآمل ألا يعقب الاستفتاء - أيّ حزازات بين مؤيّدي التعديلات المؤقّتة أو رافضيها - وأن يمتثل الجميع لقرار الأغلبيّة.. وهذا بعد أن تناقش الطّرفان إلى الحدّ الذي علم به كلّ طرف دوافع الآخر حول نيّته في التّصويت.

وعلى قناعة تامّة.. بأنّ ما سيحدّده المصريّون يوم السّبت المقبل بإذن الله سيكون فيه الصّالح العام.. سواء بقبول أو رفض التعديلات المؤقّتة.. وآمل أن يعمل الجميع على نهضة هذه الأمّة..

إننا الآن في مخاض سياسيّ عميق أسأل الله أن يعقبه نهضة علميّة لبلدنا هذا لنلحق بركب الحضارات كلّها..

وأنا على قناعة شخصيّة.. أن مصر يمكنها اللحاق بدول متقدّمة كثيرة جدّاً ربما كنّا نظنّ أن بيننا وبينها فجوات شاسعة..

وفقنا الله لما فيه رضاه.. وحفظ الله مصرنا الغالية.

الأربعاء، مارس 16، 2011

البيان الصّريح في شأن جوّ الدّيقراطيّة المريح


الحمد لله، أنا سعيد وفرحان ومبسوط.. أن اليوم الذي كنت أتمنى أن أرى البلاد تمشي في الطّريق إليه.. هأنذا أعيشه اليوم بكامل حواسّي.. وبكامل قواي العقليّة.. وهو أننا نختلف.. ونتناقش.. وسبحان الله.. نقرر مستقبل البلاد.

إننا نتناقش في تعديلات الدّستور التي قد يقبلها وقد يرفضها الشّعب المصري في سابقة لم يعشها جيلي على الإطلاق.. هذا له أسبابه.. وهذا له أسبابه.. وبإذن الله سيكون لقرار الأغلبيّة الفضل في تقدّم البلاد.

إلا أننا لازلنا في مناقشاتنا متأثّرين بزمن الرّعب والتّخويف من المستقبل.. فأحياناً في مناقشاتنا حول "نعم" أو "لا".. تجدنا نميل لأساليب التخويف من المستقبل المجهول لاقناع الطّرف الآخر بآرائنا.

أنا وإن كنت من مؤيّدي قبول التعديلات الدستوريّة لتكوّن الدّستور المؤقّت الذي سيوصلنا لمجلس شعب منتخب من قبل الشّعب يختار لنا هيئة تأسيسيّة لصياغة الدّستور الجديد، لا أجد في أيّ من أسبابي موافقتي على التعديلات الدستوريّة.. الخوف من المجهول أو من عدم الاستقرار وغير ذلك.. وإلا كنت إذاً أيّدت بقاء دعوى بقاء حسني في الحكم دعوى جاهليّة أو كنت قلت أن الاحتجاجات هي ضدّ الاستقرار بشكل عام.. ولكنّي أجد أسباباً أخرى لقبولي بالتعديلات لعل كلّها طرح من قبل مفكّرين ومن قبل أمثالي من العوام كذلك.

وعلى الجانب الآخر.. ومثلما أكره تخويف أصحاب "لا".. والذين لا أنكر عليهم مطلقاً اختيارهم.. أكره تخويف أصحاب "نعم".. من أنه "نعم" هذه ستجلب لنا برلماناً إخوانيّاً وطنيّاً متطرّفاً وأننا بذلك نرمي بمستقبل مصر في يد الإخوان.. لنعود فنستخدم فزّاعة الإخوان كما استخدمها العهد البائد.. أنا أثق في اختيارات شعب مصر.. وإلا ما كنت اغتظت من وصف نظيف رئيس وزراء الأسبق أننا شعب لم ينضج بعد للديمقراطيّة..

الحقّ أنّي أجد لأصحاب "لا" أسباباً قويّة لا أنكرها عليهم.. وإنما اخترت "نعم" لأسباب أراها في نظري أكثر قوّة والحقّ أنّه ربما كلٌ منّا ينظر للأمر من وجهة نظر مختلفة هي التي خلقت الاختلاف والحقيقة أن هذا هو الطّبيعي في الحياة إلا أنه جديدٌ علينا.

أسأل الله ألا يغضب أصحاب "لا" من أصحاب "نعم" إذا ما كانت الأغلبيّة لـ"نعم".. وأسأل الله ألا يغضب أصحاب "نعم" من أصحاب "لا" إذا ما كانت الأغلبيّة لـ"لا".. وأنا في كل الأحوال سأحتفل بالنتيجة أيّاً كانت.. وسأعمل بمقتضاها وبكل قوّة..

وأسأل الله أن تجري العمليّة في كل تحضّر وألا يشوبها الشّوائب من هنا أو من هناك.

الأربعاء، مارس 09، 2011

عن من سمع.. عن من سمع


بصرف النّظر عن أنّها عادة مقيتة حتى ولو في أكثر بلاد الله استقراراً، يزيد من حتميّة الضّرب على أيدي المشعللين الزّيّاطين من محبّي الحكاوي اللطيفة وجلسات السّمر.. ومن عاشقي بيقوللك وسمعت من غير بيّنة ظروفنا التي نعيشها هذه الأيّام وما بها من حساسيّة وما بها من انفلات أمنيّ.

لو أحصيت الأخبار المؤكّدة من بين الشّائعات وأخبار الزّياطة وأخبار "حبّ الحكاوي"، ما مثّلت إلا عشرة بالمائة منها إن وصلت للعشرة بالمئة.. وبكبّ زيت الطّائفيّة على نار اللبش التي يعيشها المواطن المصري الآن، فإن ذلك يعطيها إثارة أكبر وفرصتها في التّداول أكثر وأكثر.

إن استمرار المظاهرات قد لا يؤثّر على الاستقرار في الحالة الطبيعيّة لأيّ بلد لا تجد فيه من يعشق الشعللة ويحبّ الحكاوي.. ولكنّنا للأسف لا نفهم هنا أن نشر الخبر دون التأكّد من صحّته هو سبب كبير من أسباب تفجّر الأوضاع، والأدهى كذلك أننا لا نعقل أو نميّز بين الأخبار الصّادقة والأخبار الكاذبة.. يختلط لدينا الحابل بالنّابل.. فنسمع ونتناقل الخبر.. وخلاص!

على التويتر.. نعشق أن نجد "تويتاتنا" يعمل لها "ريتويت".. فربما سمع أحدنا خبراً ما أن تنّيناً هاجم قرية حلمبوحة وأسفر هذا الهجوم عن قتل 4 وإصابة 11.. فنكتب ذلك توّاً على التويتر.. ثمّ يـ"ريتويت" الآخرون ذلك من غير التأكّد من صحّة الخبر.. بل وبدون تعقّل له.

بل أقول أننا في هذا الظّرف الراهن.. علينا ألا ننقل خبراً - ولو كان صادقاً - إن رأينا أن في نشره ضرر هو أكبر من النفع منه.. بمعنى.. أنه إذا رأيت - بعيني - مسيحيّاً يعتدي على مسلم مثلاً.. فسأفصل بينهم أو أحكم بينهم إن كان لي العلم في ذلك وإن استطعت إلى ذلك سبيلاً، ولكنّي لن أنشر هذا الخبر لأهلي وأصحابي وجيراني.. ولن أنشره على أكبر مرتع للإشاعات وأكبر تجمّع للحكاوي "تويتر".. ليس لأنه كذب.. ولكن لأن القصّة ستأخذ أكبر من حجمها وسيتحوّل الأمر من كونه عراك بين اثنين مواطنين - أحدهما مخطئ - إلى احتقان طائفيّ.. ثم نتناول بعد ذلك أساليب مهلهلة للدفاع عن الوحدة الوطنيّة بخلق عدوّ يجمع بيننا مجدّداً.. فنقول أمن الدّولة هو المخطّط وهو المدبّر للاحتقان الطّائفيّ.. حسناً إن كان هذا حقيقيّاً حتى.. فلا ينبغي أن يكون اعتمادنا على الالتفاف حول عدوّ واحد يجمع بين المسلمين والأقباط في هذا البلد.. معنى ذلك أننا سنظلّ في احتقان دائم - كما هو الحال عادة - إلى أن يحدث حدثاً جللاً نعيش في آلامه يوماً أو يومين ثم نصحّي فينا روح المواطنة لبضعة أسابيع حتى ما تلبث أن تخمد ثانية.

إن روح المواطنة التي ندعو إليها.. المفروض.. لا ندعو إليها.. لأننا طوال ما نحن ندعو إليها فإننا نعلم أننا نصطنع.. ونحوّر.. ونمثّل.. لأنه عند أول اختبار نرسب جميعاً.

الشّاهد أنه علينا أن نرفس الشّائعات رفساً.. وأن نكفّ عن ترديدها واحداً واحداً.. وأن نحسن استخدام التويتر والفيسبوك لصالح البلاد لا لضدّها.

الأحد، مارس 06، 2011

الكيــلو 4.5 - أحـــلام مشـــروعة

تصوير: عمر الجنيدي

كونك إنساناً.. فهذا يعطيك الحقّ في الحلم والأمل..

وهو كذلك يعطيك شرعيّة لهذه الأحلام.. وأن من يمنعك منها بالقوّة هو ظالمٌ بيّن الظّلم.

قام شباب مركز الصدّيق ومعهم شباب مصر بالدخول لمنطقة الأربعة ونصف المنسيّة من الحكومة القديمة.. والتي تقع في وسط مصر الجديدة وشيراتون ومدينة نصر.. وهي أحياء تصنّف أنها راقية.. بينما نجد هذه المنطقة تفتقد في كثير من بقعاتها لأساسيّات الحياة.. دخل الشّباب بهدف كسر الحاجز الغليظ بينهم وبين إخوانهم هناك.. لننظّف ونكنس ونمسح.. ولندهن ونجمّل المنطقة.. وليتنحرر سكّان هذه المنطقة وليحبّوا بلدهم.. وليشعروا بالفعل أن بلدهم قد عادت إليهم.

عمد الشّباب أن يستغلّوا الطّاقة الإيجابيّة التي تولّدت في نفس كل مصري بعد ثورة 25 يناير.. وأرادوا أن يستهدفوا هذه المنطقة للنّهوض بها من كل شئ.

ليقضوا على الأمّيّة والفقر والجهل والمرض..

لتتوفّر لديهم حياة كريمة.. وليعرفوا حقوقهم وواجباتهم تجاه المجتمع.

وليربطوا الدّين بالدّنيا.. وليعلموا جميعاً أن إعمار الأرض هو تكليف إلهيّ لنا جميعاً.

أحلم بتغيير الإنسان في الكيلو أربعة ونص.. فإذا كان هو الآن ينظّف أرضه بيده، فعليه أن يعرف كيف يطالب الحيّ بتنظيف أرضه.. وعليه أن يعرف كيف يختار حكومته..

عليه أن يقرأ ويقرئ..

عليه أن يتعلّم ويعلّم..

عليه ألا يخشى أن يقول كلمة حقّ عند سلطان جائر.

بل عليه أن يعمل كل ما يستطيع لئلا يستبدّ بنا مستبدّ جديد..

أسأل الله أن يوفق شبابنا إلى الخير، وإلى طاعته.. وأن يجعل من مصر بأيدينا مثالاً للعالم أجمع في الحضارة والقوّة وإعلاء كلمة الحقّ.. إنه وليّ ذلك والقادر عليه.

الثلاثاء، مارس 01، 2011

قول حيدرة في شأن الدّاخليّة والأباطرة


في الواقع هذا أكبر تحدّي يواجه الأمّة المصريّة الآن، وهو عودة الشرطة المصريّة بمفهومها الآدميّ ونسيان ما حدث.. وتحقيق الاكتفاء الأمنيّ هذه الأيّام.. خاصّة أننا نعيش - على مستوى الجمهوريّة - في غير أمان.. وخاصّة بعد بلاغات تباطؤ الشرطة الموجودة في أداء عملها.. وكأنهم ينتقمون من الناس.. لا أدري لماذا ينتقمون من الناس ولكنهم ينتقمون من الموقف الذي كسر أعينهم بهذا الشّكل.. والحقيقة هي أنّي لا أحبّ هذا المنظر ولا أتمنّى استمرار هذه النّظرة للشرطة المدنيّة.. إذ أن هذا ليس في صالح أيّ أحد.. كما أنه علينا أن نتذكّر أن الجيش والمجلس العسكري والمستشار العسكري شويّة وماشي.. والحقيقة أنه لا يريد أن تطول فترة تواجده في الشارع ولا فترة حكمه.. بالعكس.. الجيش عايز يخلص.

يبدو لي أن الجيش سئم من جو الاعتصامات والاحتجاجات.. ويريد تسليم الحكم لرئيس مدنيّ في أسرع وقت والحقيقة أن هذا ليس في الصالح العام.. لأنه بفرض توفرت النزاهة في الانتخابات.. فالحقيقة أنه ليس لدينا الآن كتل سياسيّة محترمة تدخل الانتخابات اللهم إلا الإخوان المسلمين وهذا ليس من المنطق. كما أنه علينا أن ننظّف أنفسنا أوّلاً من أبواق الإعلام الفاسد المنافق.. الذي يمارس النّفاق لمن يحكم أيّاً كان.. شخص.. هيئة.. أو حتى فكرة.. فبدون إعلام حرّ حقيقيّ لا معنى لانتخابات أو حياة حزبيّة أو حياة سياسيّة من الأساس.

وهذا يلقي بظلاله على وضع الشرطة الآن.. فكيف نضمن سريان عملية انتخابيّة نزيهة.. والشرطة ليست في الخدمة بكامل طاقتها.. هل سنعتمد على اللجان الشّعبيّة لحماية صناديق الاقتراع.. حسناً هي فكرة لطيفة ولكن إلى متى؟.. وإذا طبّقت هذه الفكرة في منطقة هل ستطبّق في مصر كلّها بالكامل.

وغياب الشرطة - بالمنظر الذي نراه - يساهم في ضعف القضاء.. فأحسب أن القضاء تنفّذ أحكامه ولكن لأننا تحت الحكم العسكريّ.. أما بعد أن يعود الجيش لثكناته.. فسنعود للماضي القديم المؤلم.. وهو استقلال إصدار الأحكام القضائيّة.. ولكنّها بلا قيمة لأن الشرطة تتباطأ في التنفيذ أو بها تواطؤ وفساد.

جميل أن الشعب عرف كيف يأخذ حقّه.. ولكن هل من الطبيعي أن يخرج الشعب لميدان التحرير كل يوم لضمان تحقيق مطالبه.. إن ما يحدث الآن من استجابة لمطالب الناس هو بسبب أن المجلس العسكريّ يريد أن تمرّ هذه الفترة في استقرار ثم يرحل هو لثكناته. ويغيب الضّامن الحقيقي لكل شئ بعد انقضاء هذه الفترة..

يجب أن نكون على يقين أنه في النهاية سنكون نحن والشرطة وجهاً لوجه.. فإذا ما لم نحسن المواجهة فإمّا فراغ أمنيّ جديد - كمعظم البلاغات على شاكلة "خلوا الجيش ينفعكوا أو خلو الفيسبوك ينفعكوا.. وروح هات عربيتك المسروقة من ميدان التحرير.." أو أننا نضطر للعيش تحت الحكم العسكريّ لفترة طويـــلة.. ووقتها تنسى حياة ديمقراطيّة أو إصلاح اقتصاديّ قائم على العلم لفترة طويلة لا يعلم نهايتها إلا الله.. ووقتئذ لن تجد غير الجيش خصيماً لك.

ما أودّ أن أقوله.. هو علينا العمل على بناء جهاز الشرطة وليس مواجهته.. بناءه على الاحترام وعلى مبدأ "الشرطة في خدمة الشعب"، وأن الشرطة هدفها الأمن العام وليس الأمن السياسيّ..

أما التشكيك في كل كائن شرطويّ، والسبّ للجهاز بشكل عام.. فلا أظنّ أن هذا في مصلحة أيّ طرف من الأطراف.