الأحد، ديسمبر 30، 2012

ساعتين صفا كده مع الحاج..



رجعت النهاردة بسلامة الله من رحلة سريعة كده للعين السخنة، هي أساسًا مبتتراحش رحلات غير سريعة، مع زوجتي ووالدي ووالدتي.. وبما إن البحر حاليًا ميّته ساقعة فحت فآثرت - قال يعني بمزاجي - التمشية مع اللواء فاروق - اللي هو والدي، وأيوة عسكر بافترا بقى - على الشاطئ..

كان بقالي فترة طويلة متمّيتش مع الحاج ولا فتحنا مواضيع عامة للنقاش في غير السياسة، وده كان شئ في منتهى الجمال، معندكش فكرة يا جدع ياللي بتقرا انت أد إيه الفصلان ده شئ ممتع ولذيذ ومنعش.. وخاصًة أما يبقى مع السيد الوالد.. وحقيقي أما متتكلموش في السياسة..

واحنا ماشيين، لاحظنا إن قناديل البحر مرميّة ع الشَّط، ودفعنا الفضول نقعد نقلب فيهم نشوف أجسامهم الجيلاتينية دي عاملة إزاي.. لحد ما لقينا واحد خارج بالجيتسكي وجنبيه قنديل منهم يدّعي إنه اصطادهم وبتاع، قوم من الباب للطاق كده فتحنا معاه حوار..

- سلامو عليكو،

- وعليكم السلام،

- ألا القناديل دي بتبقى ماتت كده خلاص؟

- آه خلاص دي كده ميتة، أنا طلعتهم برة عشان بيتحشروا في الموتور عندي بوّظولي الجيتسكي..

- آآه، طب وهي زادت ليه كده؟ مكناش بنشوفها..

- صحيح هي زادت، بس القناديل هنا لسعتها خفيفة شوية مش زي بتاعة الساحل الشمالي ولا العريش، يعني دي مثلًا ممكن أحس بالبخة بتاعتها وأنا على بعد سنتي ولا اتنين.. إنما بتوع الساحل دول يمكن أحس بيهم وأنا على بُعد كيلو مثلًا (أحسب قالها مبالغًة). انتو عارفين دي اللي بتاكُلها التِرسة.. وكْمِن الصيادين بقوا يصطادوا الترسة هنا كتير فزادت..

- آآآآآآه التِرسة..

- آه بيصطادوها هنا ياكلوا اللحمة اللي فيها وبعدين يببعوا جسمها بالغطا بتاعها (حسيته بيتكلم على بلاعة) فزادت القناديل بقى زي مانتا شايف.. سبحان الله التِرسة تاكل القناديل دي وتتمزّج منها أوي مش عارف إزاي..

- بس بيقولوا القناديل مفيدة وبتاع..

- آآآه، ده المادة اللي بتبُخها دي بيستفيدوا منها بيعملوا منها أدوية ومستحضرات تجميل وحاجات زي كده.. بس اللي هنا مش بيحرقوا أوي زي الساحل الشمالي والعريش (تاني).

- طب والله كتر خيرك إنك بتشيلهم يعني..

- لا لا.. ربنا يخليك.. #ختام حديث

- سلامو عليكو

- وعليكم السلام،

وبعدين كمّلنا مشي أنا والحاج إلا إني سألته: ألا إيه هي التِرسة دي؟، فقاللي دي كائن بحري كان في مُعتقد زمان عند المصريين أو في القرى لازال حتى أن الست اللي مبتخلفش تشرب دمها (لمؤخذة ع القرف) تقوم تعرف تخلف!

تقريبًا.. تقريبًا.. من هنا بقى استطرد الحديث عن القدماء المصريين والأساطير وبتاع.. حتى وصل بنا الحديث لأسطورة إزيس وأزوريس (تخيل مشينا كتير أد إيه؟)، وإزاي بقى إن في الأسطورة المصرية الفرعونية القديمة، سِت ده كان بيحقد على أزوريس شِكمن كان معاه الملك وقام قتله.. إلا إن إيزيس (زوجة أزوريس) لم تيأس، وقعدت تدور على جثة أزوريس إلا كده مش حيُبعَث، بس سِت كان ماكرًا وقام مفرتك جتة أزوريس معرفش كام حتة ووزعهم على أقاليم مصر كلها.. المهم بقى إن إزيس مفقدتش الأمل برضو بنت الإيه وقامت مجمعة حتته دي كلها وهوب سكالوب أزوريس رجع عاش تاني! وقامت مخلفة منه حورس! بتاع العناية وكده اللي حاليًا هو شغال لوجو في شركة مصر للطيران.

بس بقى، فطبعًا سِت قفش! وقاللك لازمًا حتمًا آخد الملك من حورس.. معارك بقى ياما وبتاع، لحد ما حورس انتصر في الآخر، وقاموا محكمة إلهية لسِت طلع فيها مُذنب في الآخر وحكموا عليه إنه يحكم الصحرا باين، وبقى هو في الديانة الفرعونية إله الشر. وحورس طبعًا ده إله الخير وكده، ومن هنا بقى أصّل الكهنة لعقيدة الفراعنة ولفكرة البعث والكلام ده كله..

بيقوللك كمان، إن الفراعنة مكانوش بيعبدوا الفرعون كإله في حد ذاته، لأ.. دول كانوا بيعبدوا الإله المتجسد في شخص الفرعون، خدت لي بالك إزاي؟! يعني الناس كانت نواياها طيبة بس طبعًا خلل عقدي يودّيهم ورا الشمس!

ومن هنا قعدنا نفكر أنا والحاج فاروق، طب هو ده واحد ممكن متكونش جاتله الرسالة، بس عنده فطرة بتزُقه ناحية إنه فيه إله.. فاخترع إله يعبده، هل لنا نحكم عليه بالكُفر؟

قلنا مالناش دعوة، خاصًة إنه من الفراعنة مثلًا من آمن بالتوحيد، يعني عندك مثلًا إخناتون ده كان بيؤمن إنه هو إله واحد.. وكان بيرمز له بالشمس.. فهل ممكن ده يتحاسب على قد اجتهاده لو فرضنا إنه مكنتش جاتله الرسالة مضبوطة يعني؟

بس بقى، وبعدين خدنا الحديث لمختلف الديانات، أصل الحاج بيقرأ كتاب للشيخ محمد أبو زهرة بيتكلم فيه عن المقارنة بين الأديان وعقائدها، وكان جايب كله.. واللي لفت نظر الحاج إن ديانات زي بوذا وكونفوشيوس كانت فيها أوامر في الأخلاق والحُكم وغيره ما يكاد يتطابق مع الشريعة الإسلامية، بس اجتهاد بشري.. ففي النهاية العقيدة بقى بتلاقيها في الترللي، وبيتجلى ده في قضية البعث بالذات.. يعني فيه ديانات مبتؤمنش بالآخرة.. تقوللك لما تموت روحك حتروح في كائن تاني.. لو انت كنت ماشي كويس ممكن تروح في روح إنسان كويس، لو انت مش تمام ممكن ينتهي بك الحال لقطة ولا عرسة.. وفيه اللي كانوا بيعتقدوا - شوف الحمد لله على نعمة الإسلام - إن لما الإنسان يموت يتحول لديدان!! حتى الكاتب أورد قصة لمهندس أمريكي كان عايز يحفر عشان يطلع بمبنى خرساني وكده فالعمال كانوا متضايقين جدًا إن الديدان كده حيموت!!! فالراجل قال لهم طب وأنا أعمل إيه مانا لازم أشتغل! - قالوله حاول تتصرف.. قام اضطر ينخل كل حبة رملة يطلعهم عشان يطلع منهم الديدان، فبقوا ينخلوا الرمل وهم في قمة السعادة! وراحوا يدفنوا الديدان في مكان تاني عشان هي لازم تعيش تحت الأرض..!

غايته، إن الدين فطرة بل وغريزة في الإنسان، فإن مكنتش تشبعها بالعقيدة السليمة ممكن تئزح على عقائد تانية توديك ورا الشمس.. وبرضو، متتسرعش في الحكم ع الناس.. لازم تبقى متأكد إن الرسالة وصلته سليمة مش مشوهة وإن الحُجة أُقيمت عليه، وبعدين تسيب حسابه على ربنا..

إنَّ الذينَ ءامَنوا وَالذينَ هادوا وَالصَّابِئينَ وَالنَّصارَى وَالمَجُوسَ وَالذينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُم يَوْمَ القِيامَةِ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْء شَهيد. ~ سورة الحج.

الأربعاء، ديسمبر 26، 2012

البرنامج العام والبلابل..



بما إن عربيتي عند الميكانيكي فبطبيعة الحال مبَرْشط على عربية أبويا، وعلى الرغم إنها موديل أحدث إلا إنها كونها عربية أبويا ففيها صفات كده تعبّر عن الزمن الجميل،

يعني مثلًا، في عربيتي تلقاني ضابط الراديو على القرآن الكريم، وراديو مصر، وجول إف إم. ومش عارف أساسًا محطّات غيرهم تقريبًا إلا اللي ممكن أخبط فيها قدرًا كده.. لكن جيل والدي اللي الراديو مثل لهم جزء كبير من حياتهم تلاقي الراديو حاجة تانية.

سمحت لنفسي أقلّب في الراديو، قوم ألاقي: البرنامج العام، والحقيقة أنا أعرف إن فيه محطة اسمها البرنامج العام لكن أبدًا متخيّلتش إني ممكن أسجّلها عندي في الراديو، لما جِبتها وقعدت أسمعها شوية اكتشفت إن الراديو وقف عن تطور حياتنا السريعة دي.. قرروا إن يفضل زي ما هوّ، تخيلوا في وقتنا الحاضر ومع زخم الفضائيات والنت والتت، يقاوم برنامج اسمُه: لُغَتُنا الجميـــــلة كل ماديّات الحياة اللي احنا فيها دي، لأ وإيه؟ ويقدمه: فاروق شوشة.. أنا ذُهِلت حقيقًة..

كان بيتكلم على أحد أعلام الشعر العربي بشارة الخوري، ونشد له كذا قصيدة، معرفتش أركّز أوي بس اللي فاكره إن أحد هذه القصائد كانت البلابل عاملة فيها شُغل عالي أوي.. "لقد حاورتني البلابلُ يوماً"، "وحسدت البلابل تشدو من جمالٍ قد ذاب فيها وتاها"..

كنت فاكر برضو إن طريقة إلقاء الشِّعْر المحسْوِكة دي خلاص مبقتش مناسبة للعصر، لكن اتضح إن فيه ناس لسة عايشة في جو "الصِّبـــــــا والجَمـــــــــــــــــال"، وده شئ لطيف الصراحة :)

الاثنين، ديسمبر 24، 2012

عن هجمة الفقع الاستعمارية الشرسة..



من خلال متابعة "التصاق" الشعب المصري وخاصًة السيدات منهم بالمسلسلات الأجنبي خاصًة تلك المكسيكية ومن قبلها اليابانية (أوشين) ثم أخيرًا التركية، يمكنك أن تستنبط عاملًا مشتركًا بين هذه المسلسلات جميعًا وهو التلذُذ بالنَّكَد.

الحقيقة، أني لو كان قُدّر لي - والحمد لله الذي عافانا - أن أكون منتجًا لمثل هذه المسلسلات، لن أتوقف أبدًا عن إنتاج مثل هذه المسلسلات وما عليّ فعله هو تطوير فكرة التلذُذ بالنكد ليس أكثر.. ما هو كده كده حيتفرّجوا عليه، وجراء ذلك سأكسب الأموال الطائلة لا شك!

ترى أن كل ممثلي المسلسلات التركية ليسوا على المستوى تمامًا، ما يجوش حاجة جنب حمدي غيث مثلًا، إلا إنه ارتبطنا بفكرة المسلسل التركي خلاص حتى أنه بقى كاتيجوري زي كده ما بتقول فيلم عربي، تقول مسلسل تركي. وتتشابه جميع هذه المسلسلات أنه لغير المتابع إذا ما وقع عيناه أو سمعه عليه في أي نقطة خلال الحلقة، بنسبة 90% سيسمع ويرى بكاء وعويلًا في الغالب يكون استنجاد بشخص ما.. غريب يا أخي أن ترى كل السيناريستات هناك يفكرون نفس التفكيرن نفس المنهجية في تأليف المسلسلات وبما أن هذه النوعية من الفقع هي الرائجة في وطننا العربي الحبيب فقابل واقعد بقى.

ويبدو أن ما يحدث فينا هو تخليص حق، فمرّت فترة ليست بقليلة، ولم تنتهِ بعد، كانت مسلسلاتنا كلها استنساخ من بعضها البعض، حتى الديكورات والسيارات والممثلين والممثلات تقريبًا كانوا هُم هُم لا يتغيرون.. لعل المسلسلات التاريخية نجت من ذلك بحُكم إن القصة التاريخية فرضت على المخرج سيناريو معين للأحداث - وده الحمد لله - حتى يظهر جليًا في المسلسلات التاريخية مدى حككان المخرج لنفس الأساليب العقيمة التي انتهجتها المسلسلات الاعتيادية..

إلا إنه يبقى أننا كفيْنا شيري خرّنا، ولم نصدّر هذه المسلسلات إلا ربما لدول الخليج الشقيقة - يستاهلوا مفيش مشكلة -، السؤال بقى: ماذا رأيت منا يا إردوغان حتى تصدر لنا مسلسلاتك؟ أخشى أن يكون قرض المليار دولار المخصص لدعم المنتجات التركية المصدرة لمصر مُدرجٌ فيه بند هذه المسلسلات، فإذا كان الأمر كذلك فأنا على أتم الاستعداد لثورة جديدة على البث الفضائي كله، وسأضحي من أجل ذلك بالغالي والنفيس.

أتمنى أن تمر موضة المسلسلات التركي سريعًا، وألا تترك رياحها العاتية آثارًا سلبية.. وأحب أقول أننا سنصمد أمام غارات الفقع المتتالية، من عشق ممنوع، وأوان الورد، وأواني الحلل ومثل هذا البيض المُموه! كما صمدنا من قبل أمام مسلسلات أليخاندرو وأوشين..

وشُكرًا،

الثلاثاء، ديسمبر 18، 2012

إحســان..



حديث عن النبي (ص) يقول فيه: إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته،

والحديث عام وشامل وذِكر القتل والذبح جاء على سبيل المثال، وقال أهل العلم أنه شامل لسائر أبواب الدين وفروعه، يعني الموضوع بالتأكيد مش محصور على المثاليْن دول بس..

لما تقرأ الحديث، الرسول (ص) إن الله كتب الإحسان على كل شئ، وكتب - في الغالب - بتيجي بمعنى فر
ض زي آية الصيام: "يا أيُّها الذينَ ءامَنوا كُتِبَ عَلَيْكُم الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلى الذينَ مِن قَبْلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقون"، وكذلك في الآية: "إنَّ الصَّلاة كانَتْ عّلى المُؤْمِنين كِتابًا مَّوْقوتًا". وبالتالي معنى الحديث، أن الإحسان فُرض من الله تبارك وتعالى على كل شئ.


وبالتالي، ميصحّش أبدًا، وانت داخل على عمل معيّن، شُغل بقى مساعدة ناس، مجالسة أهل بيتك، توضيب البيت، وطبعًا صلاتك وعباداتك كلها إن يبقى فيه فُرصة للإحسان (الإتقان) ومتحْسنش..

والإحسان لغًة هو بذل المنفعة والخير، واصطلاحًا هو إتمام العبادة وإتقانها. وزي ما اتفقنا قبل كده، عبادة الله سبحانه وتعالى هي الهدف من خلقِك كإنسان، وداخل تحتها العبادات لله تبارك وتعالى، وإعمار الأرض وتزكية النفس.

من الإحسان، متسيبش حاجة للظروف،

من الإحسان، تأخذ بالأسباب كلها،

من الإحسان، تتوكّل على الله حق توكلِه،

اللهم ارزقنا الإحسان والإخلاص في القول والعمل..

الجمعة، ديسمبر 14، 2012

عسكرة الدولة من جديد..



دستور يفتح الباب على مصراعيْه لمحاكمة المدنيين عسكريًا هو دستور يؤسس لدولة عسكرية من الطراز الأول، كان يجب حظر محاكمة المدنيين عسكريًا على المُطلق، حتى لو اعتدى المدنيُ على ما يخص القوات المسلحة (أفراد أو منشآت أو غيره) يجب أن يحاكم بالقانون المدني وأمام قاضيه الطبيعي، لا أن يُحاكم هزليًا في محاكمات تأديبيّة لا علاقة لها بحقوق الإنسان ولا تحفظ للمواطن حق الدفاع عن نفسه.

معظم أساليب قمع المعارضين في الحُكم السابق كان يتم بالمحاكمات العسكرية، منذ أن عُسكرت الدولة وكانت المحاكمات العسكرية هي الوسيلة المثلى التي لا تضيع الوقت للحاكم المستبد أن يقصيَ بها معارضيه، فإذا كانت الخصومة السياسية بحتة، لفق الحاكم أي اتهام للمعارض من نوعية "قلب نظام الحكم" و"تعكير الأمن العام" وغيره، ليُسجن المعارض تحت حكم عسْكر لا شأن له. والغريب، أن التيار الإسلامي، وبالأخص الإخوان المسلمون هم أكثر من عانى من المحاكمات العسكرية في ظل النظام السابق، ثم هم يُدرجون أن المدني يمكن أن يحاكَم عسكريًا وكأنهم لم يعانوا من اللعب بالقوانين واستغلال ثغراتها ليُسجَنوا بالعقود في سجون العسكر.. لا أدري ماذا يحدث حينما يصل الفرد للسُلطة، ينسى كل هذه الآلام، فجأة!

الأربعاء، ديسمبر 12، 2012

تحرّر..



قررت التحرر من قيود التفكير في الوضع الحالي مما قد يؤثر على إرادتي كناخب فيما هو مطروح كمشروع للدستور، ورأيت التفكير في مواده يجب أن يكون مجردًا من الضغوط التي يحب أن يستخدمها البعض منها أن "لا" تدخل البلاد في فوضى.

التسويق لأي من الرأييْن بداعي أن الآخر يسوق البلاد للفوضى هو تأثير غير شرعي على إرادة الناخبين، وقد تشوبه شبهة التدليس، لأن واقع الأمر.. ده مش منظر بلد مش حتخُش في فوضى كده كده أساسًا.

وبالتالي، فإني لست معنيًا بما أخذته التأسيسيّة في حسبانها من تغوّل للقوات المسلحة في الدولة الجديدة لأنها خافت أن يُضعف موقفها إذا ما انسحب ممثل القوات المسلحة منها، هذا لا يعنيني بتاتًا.. ولست مضطرًا أن أقبل بما قبلوا به من عسْكرة دولة تعيد للأذهان مخاوف الدولة العسكرية وكوْن القوات المسلحة كيان لا يُمس وميزانيته مقدّسة لا تخضع للمراقبة الشعبية.

ولست مضطرًا كذلك، لقبول محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري فيما يضر القوات المسلحة (أمر عايم جدًا)، فإذا كانت التأسيسيّة قد خنعت لضغوط مؤسسة الجيش في هذا الصدد، فلست مضطرًا أنا كذلك أن أخنع لتلك الإرادة.

وأهيب بالجميع، أن يبني قراره حسب ما يقرؤه هو، وأن يقرّر لنفسه هو، لا أن يقرر هو ما يراه غيره، فالمسألة اجتهاد بحت.. أسأل الله تعالى أن يوفقنا فيه للصواب..


الاثنين، ديسمبر 10، 2012

لماذا؟

في أحد الاجتماعات مع شباب إحياء طُرح سؤال للنقاش ولإبداء الخواطر حوله وهو: تُرى، لماذا خلقنا الله؟

والسؤال إجابته معروفةوقد قرّرها الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم: "وما خَلَقْتُ الإِنسَ وَالجِنَّ إلا لِيَعْبُدون"، وقد فصّل العلماء عبادة الله في الكون لثلاث:

- عبادة الله،
- تزكية النفس،
- عمارة الأرض، 

والحقيقة أن عبادة الله تبارك وتعالى تجمع تحتها تزكية النفس وعمارة الأرض، فلا يصحّ أن يقتصر الفرد في عبادته على الصلاة والصيام وغيره من العبادات (وهي مُلزمة) ولكن تكون حياته في الكون قاصرًة ولم يحقق إذًا الهدف المتكامل من خلقه.

لذا، فعلى الجميع أن يحقق الهدف من خلقه في كل ما يفعل، في بيته وفي عمله وفي أنشطته الخارجية وفي رياضته وغير ذلك،

وعلينا - وأخُص نفسي أولًا - أن نُتقن العبادة لله عز وجل وهذا يتطلب بالأساس، معرفة من نعبد..

لن تكون عباداتك على الوجه الأمثل وأنت تؤديها فقط (تأدية واجب وحركات جسمانية لا يمس قلبَك منها شئ)، وإنما لزم عليك أن تعرف من تعبد، معرفة الله سبحانه وتعالى..

وعلم العقيدة يهتم بـ"من تعبد" كما يعتم علم الفقه بـ"كيف تعبد الله"، والربط بين الأمرين في غاية الأهمية، وقصر العبادات على الأمور الفقهية وفقط أخشى أن يُضيّع المغزى الحقيقي من ورائها.

نسأل الله تعالى أن نعرف الله في الدنيا حق المعرفة، وأن يجزينا الله في الآخرة بالجنة، ونراه فيها كما وعد جل وعلا في كتابه العزيز،

"وُجوهٌ يَوْمَئِذ ناضِرة، إِلى رَبِّها ناظِرة"

الأحد، ديسمبر 09، 2012

عن دعوات المقاطعة للاستفتا



دعوات المقاطعة هي تلبيس واضح وصريح للي ناوي يقول "لا" للدستور، ورصيد زي الفل للي ناوي يقول "نعم". فأحب أقول إنك لو رافض الدستور يا ريت تحشد للتصويت بـ "لا"، لإن المقاطعة للاستفتاء لن تفقده الشرعيّة، ومعلش خلينا صُرحاء مع بعض، دعوات المقاطعة مش حتسقَّط المشاركة في الدستور خالص.. فيه قطاع كبير حيقول "نعم"، فلو انت فعلًا عايز دستور جديد بجمعية تأسيسيّة جديدة ينتخبها الشعب بنفسه بعيدًا بقى عن أي تفاهمات سياسيّة من شوية الألاضيش اللي مش هاممهم غير تورتة الحُكم، احشد وفهّم الناس ليه التصويت بـ "لا" هو الصح!
فإذا نجح "رفض" الدستور، علينا الضغط من أجل اصدار قانون انتخاب الجمعية التأسيسيّة اللي نشوفه يضمن تمثيل مصر جُغرافيًا، وطوائف الشعب كلها، وطبقاته العُمالية كلها.

أما المقاطعة، فهي الحقيقة بالنسبة للاستفتاء اللي جَيّ ده بالذات - في رأيي - عمل سلبيّ بحت!

وفي النهاية، ربنا يوفق أهل البلد يقودوها للخير، والحرية، والتنمية، والازدهار، والكرامة، والعدالة :)

السبت، ديسمبر 08، 2012

الاتحادية التي فرقت..



- والحديث عن تمويل من الخارج أو مخططات تخريب مصر لما كان يقال على أعضاء جماعة الإخوان كانوا يواجهونه بالتسفيه، وحُجّتهم وقتئذ: ائت لنا بالدليل. وكان معاهم حق.

- وبالتالي، فعلى الدولة ورئيسها المنتمي لجماعة الإخوان ولم ينفصل عنها لا عاطفًة ولا تنظيمًا - فيما يبدو - أن إذا أُطلقت اتهامات على فرد ما، فإما دليل وإما هذه الاتهامات منعد

مة من الأصل.

- قرار جماعة الإخوان بنزول أفرادها للاتحادية من أكبر أخطائها على مدى تاريخها الذي أعرفه، وهم من يتحمّلون المسئولية السياسية  لمقتل من قُتل سواء كان من الفريق الخصم أو منهم هم.

- والحجة أن الجماعة نزلت بأفرادها لما وجدت تقصيرًا من الشرطة في حماية الرئيس هي حجة داحضة، لأن نائب الرئيس بنفسه قال أن الشرطة لم تتعامل بعنف مع المتظاهرين تنفيذًا لتعليمات صارمة من الرئاسة بذلك.

- جماعة الإخوان قررت عدم النزول بمليونية في ميدان التحرير الأسبوع قبل الماضي حقنًا للدماء.. فما الذي تغيّر عند الاتحاديّة؟ كيف ضُمن حقن الدماء هناك؟

- جماعة الإخوان لم تنزل أحداث محمد محمود واعتصام نوفمبر الذي كان سببًا في تحديد ميعاد لانتخابات الرئاسة التي تولى بها مرشحهم حكم مصر، درءًا للفتنة وحقنًا للدماء.. فما الذي تغيّر الأيام الماضية؟

ناهيك بقى، إني بقيت بحس إن مسألة ناس بتموت (بتُقتل) ده بقى شئ عادي وحدوثه بقى شئ مستساغ جدًا ولا كأن اللي ماتوا دول ماتوا في حادث سير مثلًا..

الحقيقة، طُز في الدستور بتاعكو اللي عشانه أُزهقت أنفس، وطُز في كل مدّعي الوطنيّة اللي بسببهم بيموت شباب يوم بعد يوم، وطُز في السلطة اللي بتنسّي البني آدم قيمة حياة الإنسان اللي زيُه، وتمنعه من إنه يعمل اللي شايفه صح، بس عشان حسابات سياسيّة مآلها التراب في الآخر!

الجمعة، ديسمبر 07، 2012

جُمُعة مباركة: الدنيا والوقت..



خطيب الجمعة النهاردة قال لفتة لطيفة أوي.. لما المولود بيتولد، من السُنة إننا نؤذن له في أذنيْه، لكن مفيش صلاة.. يعيش بقى سنين زي ما ربنا يكتب له والدنيا تشيله وتحُطه، وبعدين يتصلى عليه من غير آذان..

كأن حياته كلها، يدوبك أد الوقت ما بين الآذان، والصلاة.. فتخيّلوا يا إخوة الحياة قصيرة إزاي؟، شوف مع والدك كده وقل له فاكر لما حضرتك كنت صغيّر، تلاقيه يقول لك: "كأنه امبارح".. رغم إن والدك ده ممكن يك

ون عاصر أحداث جسام وحروب وسافر ورجع وعمل حاجات كتير جدًا، وأثرت عليه حاجات كتير جدًا.. إلا إنه في النهاية كل ده بيتحول في الآخر لـ "ولا حاجة"..

الحقيقة إنه ولا حاجة فعلًا، لكن بيتبقى فقط "العمل الصالح".. إحنا مش حنعرف الدنيا دي أد إيه قصيرة غير لما نشارف على الموت، وقتئذ بس حنعرف قصّرنا فـ إيه؟ وإنه كان ممك نستغله أحسن..

طب بما إن إحنا لسة فيها أهُه إلى أن يشاء الله، أوصي نفسي وإياك إننا نستغل الوقت تمام الاستغال.. ونهتم بالأولويات في حياتنا ونتعلم إزاي نرتّبها صح.. عشان في الآخر، الدنيا ده كلها مش حتيجي في الآخرة "يومًا أو بعض يوم"..

يارب أعِنا على الدنيا وفتنها وأحداثها، ولا تلفتنا عن طاعتك.. واجعل حياتنا كلها في سبيلك..

"قُلْ إِنَّ صَلاتي وَنُسُكي وَمَحْيايَ وَمَماتي لِلَّهِ رَبِّ العالَمين.."

الأربعاء، ديسمبر 05، 2012

الضباب..


لماذا الإصرار على مدار التاريخ على عدم وضوح الرؤيا، وكأن الناس تُساق إلى مصيرها وكله بالصندوق، يعني أنا مثلًا دلوقتي رافض مشروع الدستور، وعشان ضبابيّة سيناريو "لا" حاطط سيناريو إن لو الدستور اترفض لازم يبقي فيه ضغط شعبي على الرئيس مُرسي لإلغاء الإعلان الدستوري الذي يحصّن قراراته لأنه من غير المعقول أن نعيش أعوامًا تحت حُكم محصّن لا يقبل الطعن على قراراته لأننا فقط رفضنا مشروع دستور التأسيسيّة..

إذا كان مُرسي يخشى على هيبة الرئاسة، لماذا لا يُصدر تعديلًا دستوريًا يضع فيه خارطة طريق إذا ما قوبل مشروع الدستور بالرفض..

بالنسبة لي، فأنا آخذ منهج الضغط الشعبي والنزول للشارع لأهداف واضحة، بمعنى إنه مش كيف يعني ننزل الشارع ونتظاهر، الحياة الطبيعية هي الأصل بالنسبة لي.. لكن لما يكون فيه ضبابيّة بالشكل ده وعدم وضوع رؤية ومخاوف من استبداد فده بيدفع دفع للنزول للشارع عشان أجبر القيادة إنها توضّح الرؤية غصب عنها!

فليه الرئيس مُرسي يدفع الناس للنزول للشارع، لماذا لا تتضح الرؤية من البداية، والحلول موجودة.. ومش لازم الرؤية تتضح قبل النزول للاستفتاء بيومين مثلًا! الحقيقة أنا بعتبر التصرفات اللي زي كده "استغباء" للناس وفرض غفلتهم عن كل شئ!

اقتراح: أن يُعدّل الإعلان الدستوري الصادر من الرئيس مُرسي الشهر الماضي، أنه إذا تم رفض مشروع الدستور من الشعب يتم العمل بدستور 71 مع اعتبار التعديلات الدستورية التي استُفتي عليها الشعب في مارس2011 ووافق عليها، وبهذا نكون أرجعنا للمرجعيّة للشعب ولما وافق عليه، على أن تُنتخب جمعية تأسيسيّة جديدة خلال مدة محدّدة، وأعتقد ده هيكون أفضل للناس كلها من إن الرئيس مُرسي هواللي يعيد التشكيل.. ولا إيه؟ :P

الدستور بين "نعم" و"لا"..



الحقيقة فيه ناس كتير لا فارق معاها دستور ولا الجو ده، وقضيتها مش في موضوع الاستفتا أد ماهو عايز يحشُر حاجة تخلّيه يخلص من مُرسي كرئيس للبلاد لمدة أربع سنوات.. طبعًا ده تهريج، والرئيس مرسي هو الرئيس الشرعي للبلاد ولحد ما يخلّص فترته اللي انتخبناه على أساسها، أما بقى موضوع الخلاف على مواد الدستور فدي قضية تانية تمامًا.

لازم ننحّي حبنا من كرهنا للرئيس المنتخب عن موضوع الاستفتاء على الدستور، وخد المسودّة كده واقرأها وانت وحدك بس اللي تقرّر تقول عليها "نعم أو لا".

الاثنين، ديسمبر 03، 2012

دستور مصر.. وحديث القصر..

نحن الآن أمام إشكالية في منتهى التعقيد، وأحسب أن حلها لا يكون أبدًا في التهرب منها، والادعاء بأن الأمر كله باطل، فالإسهام فيه هو الآخر باطل.. إن البلاد تمُر بمرحلة استقطاب لم تشهد لها مثيل، إلا ما شهدته في استفتاء التعديلات الدستورية مارس 2011، هذا الاستفتاء الذي فرق الشعب فريقيْن، لم يفكر أيُهُما بعد ذلك في مصلحة البلاد وإنما في مصلحة فصيله وفقط، إلا من رحم ربي.

البلاد الآن تشهد عندًا من جانب الرئاسة، ومعارضة لا أثق في كوادرها مطلقًا.. إذ استغاث الكثير منهم بدولة العسكر لما أتت أصوات الناس بالإخوان إلى سُدة الحُكم، وأيدوا انقلاب يناير 2012 الذي نفذه الجيش بكل وقاحة على السلطة التشريعية المنتخبة، كثير من قيادات المعارضة الحالية وقفت موقفًا صارخًا في صف عسكرة الدولة، لا لشئ إلا لأن هذا كان في صالح الفصيل الصغير ولو كان على حساب الوطن الكبير.

وفي ظروف ملتبسة، أعلن الرئيس المنتخب محمد مُرسي عن الدعوة للاستفتاء على مشروع دستور مصر في الخامس عشر من ديسمبر القادم، ليُحتكم لأصوات الناس على منتج التأسيسية التي شاب تشكيلها عوارٌ واضح من ناحية التمثيل الجغرافي، وشاب منسحبيها عوارٌ واضح في النوايا، وشاب مواد منتجها كثير من التعليقات بعضُها كارثي والآخر كان يُمكن أن يكون أفضل كثيرًا.

نحن الآن أمام أمر واقع، فرضه الكيان الحاكم الآن، بطرح مشروع دستور للبلاد، وأمام إعلان دستوري بصلاحيات كاسحة لرئيس الدولة، لُوي ذارعنا تجاهه وكأن الهدف: إما موافقة على منتج التأسيسية وإما رضوخًا لصلاحيات الرئيس الكاسحة، ومن هنا اخترت اجتهادي أن يكون كما يلي:

- تفنيد مواد الدستور مادة مادة بصفة مستقلة، وعدم متابعة تحليلات سياسيي التوكشوز ومحرضي الاستقطاب أبدًا.
- بعد ذلك، سماع أهل الاختصاص في الفقه الدستوري والقانوني الذين نحسبهم على الكفاءة والحيادية لتكتمل وجهة النظر حول الدستور.
- إن كانت نتيجة الاستفتاء بالموافقة على الدستور، فلا تفصيل بعد ذلك.
- أما إن كانت نتيجة الاستفتاء برفض الدستور، فالكفاح إذًا لإلغاء الإعلان الدستوري الذي فرضه مُرسي على الناس.
- وإن كانت النتيجة بالموافقة على الدستور، وكانت القرار الشخصي برفض الدستور، فالسعي الحثيث من خلال الأحزاب الرافضة للمسودة لدعم المواد المُراد تغييرها بالدستور المُعتمد من خلال البرلمان، لطرح هذه التعديلات المقترحة على الشعب لإبداء الرأي فيها، فإن رفضها الشعب فتلك قفلة الدومينو لا مناص منها.

وعلى الجميع أن يعيَ الآتي:

أن الدستور وحده هو حبر على ورق، ما لم يستتبع عملًا دؤوبًا لإصلاح البلاد ونهضتها، أما إذا كان كل خلافنا على ورقة تذهب معانيها أدراج الرياح فنصيحة مني لا تضيعوا أوقاتهم في مثل هذا الهراء.

إن أساس كفاح الدستور هو أن يكون إطارًا عامًا حقيقيًا للعمل الوطني من أجل رفعة البلاد وقوتها.. وأن يكون دليلًا نحاسب بعضنا بعضًا من خلاله، وهو لا يُغني تمامًا عن منهج التربية الذي إن تركناه بِعنا الأجيال القادمة كلها والأجيال التي تليها.

***

أما بخصوص منتج الدستور، فما يلي هو تعليقاتي على ما أراه شاذًا أو غريبًا أو كارثيًا أو يحتاج إلى تعديل في مشروع الدستور المنتظر الاستفتاء عليه من قبل الشعب، ومن باب الأمانة: لا أنصح أحدًا أن يقرأ هذه التعليقات إلا إذا كان قرأ مشروع الدستور وحده وكوّن وجهة نظر منفردة حوله، لئلا يتشابه عليه الأمر، أو قد يُضل برأيي..

***

بسم الله،

ديباجة الدستور:

- وثيقة ثورة الخامس والعشرين من يناير التي فجرها شبابنا، والتف حولها شعبنا، وانحازت إليها قواتنا المسلحة:


بوضوح تملُق للقوات المسلحة ونسب فضل لم يكن لها، وعبث بالتاريخ لا أصل له. الحمد لله أن الثورة قامت من عامين فقط فنحن على علم بمن ناصرها، ومن خذلها، ومن سار مع التيار الفائز بها.. لا أرى ضرورة للزج باسم الثورة في الدستور إن لم يكن الحديث عنها حقيقيًا.

الباب الأول: المقومات الدولة والمجتمع 

المادة 2: برجاء قراءة سريعة للمقال: الموقف من الشريعة، وذلك بخصوص كلمة "مبادئ".

المادة 3: لا أدري كيف تنظم "مبادئ" شريعة قوانين الأحوال الشخصية لأصحاب الديانات الأخرى، تنظيم الأحوال الشخصية يحتاج لأحكام أما المبادئ فهي كلمة عامة جدًا، وكأنها جاءت إرضاًء للتيار الإسلامي لأن بالمادة الثانية مذكور مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.

والمادة الثانية كذلك تفرض عدم الاعتراف بأي ديانات أخرى سوى ديانات المسيحية واليهودية، ولم تفصّل حلًا إذًا فيمن يعتنق ديانات أرضية، كيف يكون التعامل معاهم.. والحديث هنا لا أقصد به جرّ موضوع معابد بوذا والحديث الذي أُثير وإنما أريد حلًا موضوعيًا لمن يعتنق غير هذه الديانات الثلات من ناحية الهوية، بمعنى إذا كان مصريًا ولا يعتنق أيًا من الإسلام أو المسيحية أو اليهودية، هل بمقتضى هذه المادة تسقط عنه الجنسية مثلًا؟!

المادة 4: بخصوص الأزهر الشريف،

تكفل الدولة الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه، ليظل الأزهر تابعًا للدولة غير مستقل استقلال حقيقي عنها، لأن الاستقلال المالي هو أهم أسياسيات الاستقلال الحقيقي عن الدولة وإلا صار استقلالًا على الورق فقط. يمكن للأزهر أن ينفق على نفسه إن عاد إليه الوقف، ولتمكّن وقتئذ من نيْل استقلاليته الكاملة ولكن الدولة على مر العقود منذ عهد جمال عبد الناصر لم تُرد له استقلالًا أبدًا لئلا يؤدي دوره الذي كان يؤديَه من قبل من وقوف في وجه الظُلم ومقاومة للاستبداد.

شيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، ولا مشكلة في ذلك إذا كان من انتخاب هيئة كبار العلماء بالأزهر، أما أن يظل بتعيين رئيس الجمهورية ثم نقول غير قابل للعزل، فعن أي استقلالية تتحدثون؟! وبالتالي علينا مناقشة قانون انتخاب شيخ الأزهر لأن مثل هذا الأمر يمثل أهمية كبير وله اسقاطه على هذه المادة بالدستور.

المادة 7: بخصوص التجنيد الإجباري،

فنود فقط أن نشير أن التجنيد في القوات المسلحة في الوقت الحالي ليس شرف ورجولة، وإنما خدمة للواءات والعمداء وذويهم، إلا من رزقه الله بواسطة تعيّنه في مكان يحفظ كرامته.. الأمر يحتاج نظرة حقيقية، فإذا كانت هذه حقيقة التجنيد، فلم يكون اجباريًا؟! اجعلوه لمن يريد التطوع كسائق سيارة اللواء أو من يهوى الوقوف على الحدود بخزينة سلاح فارغة!

المادة 11: لا أدري كيف ترعى الدولة الحقائق العلمية، حقيقًة لا أدري!

المادة 12: في تعريب التعليم، اعمل أولًا على إيجاد علوم تُنسب إليك، وقتئذ ستكون معربة تلقائيًا بالمناسبة، أما تعريب الميكروبروسيسور ليكون "المعالج الدقيق" فلا أجد في ذلك نصرًا ولا عزًا.

الباب الثاني: الحقوق والحريات

المادة 43: من جديد، إذا كانت النية عدم الاعتراف بأصحاب الديانات الأخرى فكيف يكون تعامل الدولة معهم؟ هل يُخيّرون من الديانات الثلاثة غصبًا مثلًا؟ أم تسقط الجنسية عنهم؟!


الحكمة تقول: لا تؤجل خروج العفريت، فحتمًا سيخرج! #حكمة_طالعة_حالًا!

المادة 44: تُحظر الإساءة أو التعريض بالرسل والأنبياء كافة. عظيم، وماذا عن التعريض بالذات الإلهية؟ لماذا لم تُدرج بهذه المادة وهي أولى أساسًا؟

المادة 50: يكون التظاهر السلمي بناء على إخطار ينظمه القانون، ثم نفاجأ أن القانون يُلزم موافقة الجهات الأمنية على تنظيم المظاهرات مثلًا؟! ما فائدة المظاهرات إذا اشتُرط فيها الاخطار والموافقة عليه من قبل الأمن؟ وهل منتظر أن يوافق الأمن على تظاهرة احتجاجية ضد نظامه؟!

المادة 64: الإضراب السلمي حق، وينظمه القانون الذي سيمنعه بطبيعة الحال.

المادة 65: بخصوص أولوية العمل لذوي شهداء ومصابي الثورة والمحاربين القدامى، فإن أولوية العمل لا تكون أبدًا إلا بالكفاءة وفقط! هذه المادة ستفتح علينا بابًا من الوسائط والكذب، وستفتح بابًا من الظُلم على من يستحق العمل ولكن لم يشأ الله أن يكون له شهيدًا في الثورة أو مصابًا بها، أو محاربًا قديمًا في عائلته، أما بخصوص الرعاية وغير ذلك من سبل التعبير عن الامتنان لشخص الشهيد أو المصاب فلا أرى فيها مشكلة.

الباب الثالث: السلطات العامة

المادة 149: كيف يحق لرئيس الجمهورية العفو عن الأحكام أو تخفيفها؟ هل من توضيح لسياق هذه المادة؟! هل يمكن لرئيس الجمهورية أن يعفو عن عقوبة على شخص ارتكب جُرمًا بحق المجتمع؟ بأي حق؟!

المادة 159:لماذا حصر تعيين وزير الدفاع من بين ضباط القوات المسلحة خاصًة وأن اللجنة كانت اعتمدت من قبل جواز تعيين مدنيين لوزارة الدفاع؟ تعيين مدني لقيادة وزارة الدفاع لا يعني أن فنيات الوزارة ستضيع، سيظل رئيس الأركان والقيادات التنفيذية بالوزارة هم المعنيون بفنياتها وتطوير أساليب القتال وغيره، الفكرة في جواز تعيين مدني لوزارة الدفاع هو إمكانية اتساع أفق الوزارة وليُطبق فيها ما قد يغفله العسكريون من سياسات عامة تحتاجها الدول المتقدمة. منصب الوزارة يجب أن يظل منصبًا سياسيًا لا ضرورة حقيقية أن يظل المنصب حِكرًا على العسكريين، كذلك منصب وزير الداخلية لا معنى أن يظل حكرًا على لواءات الشُرطة، وإن كان الدستور لا يشترط ذلك ولكن جرى العُرف أن يعيّن وزير الداخلية كذلك من بين ضباطها.

المادة 197: انظر نص المادة:

كما ترى لم يُذكر تمامًا مواقفة أو مناقشة مجلس النواب على موازنة القوات المسلحة، كل الفارق الذي أحدثوه من وثيقة السلمي أنها في وثيقة السلمي وفي المسودة السابقة "تُدرج رقمًا واحدًا". ولا أرى فارقًا هنا لأنه لا يُذكر صراحًة أن مجلس النواب عليه مناقشتها لإقرارها.. وإن كانت الحجة في ضرورة سرية ميزانية القوات المسلحة، فإن دول العالم المحترمة هي كذلك تحرص على سرية ميزانية جيوشها، ولكن مع ذلك لا تسلم هذه الميزانيات "المقدسة" من المناقشة، لأنك يا أخي تدفع من جيبك ضرائب للحكومة يذهب بعضها العظيم للقوات المسلحة، فمن حقك الإنساني أن تناقش هذه الميزانية على يد من انتخبتهم لتعرف ما يُصرف منها على القوات المسلحة حقًا، وما يُصرف منها على الحفلات ودور الرفاهية وغيره من أنشطة قواتنا المسلحة العظيمة.

ويُمكن أخذ كافة الاحتياطات الأمنية اللازمة وعمل كافة التحريات اللازمة لضمان عدم تفشي رقم ميزانية القوات المسلحة المقدسة لغير المعنيين بها، أما التلكؤ بسرية المعلومات فهذه حجة داحضةٌ على من يقولها.

المادة 198: انظر نص المادة:

المادة تعرض المدنيين للمثول أمام القضاء العسكري بدلًا من القضاء المدني بما يخالف العدالة، والحقيقة أنه قبل ذلك كان النظام يتهم المدنيين بتهم لها علاقة بالقوات المسلحة ليُعرضوا على القضاء العسكري بدلًا من القضاء المدني الطبيعي لهم.. وبنص هذه المادة - أعتقد - أن الأمر سيظل كما هو، وإذا ما أردا الحُكم أن ينكّل بأي مواطن، سيلفق له أي تهمة اعتداء على فرد من أفراد القوات المسلحة أو أي من منشآتها.

والحقيقة، أن الصواب إذا ما حدث اعتداء من مدني على أي من كيانات القوات المسلحة أن يعاقَب أيضًا بمقتضى القانون المدني الذي يعرفه، لا بالقانون العسكري المصمّم للعسكريين، أحسب أن القانون العسكري يسري فقط بين رجال العسكر وبعضهم البعض ولا يجوز أن يمتد بأي حال من الأحوال إلى المواطنين المدنيين.

إذا كان ولابد، يُستحدث قانون في القانون المدني (أو أيًا كان توصيفه) لمعاقبة الاعتداء على كيانات القوات المسلحة، لكي يكون الأمر عدل، وليحاسب المدني بناًء على القانون المدني.

 الباب الثالث: الهيئات المستقلة، والجهات الرقابية

المادة 202: لا أوافق أن يكون تعيين رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من قبيل رئيس الجمهورية حتى ولو اشتُرط موافقة مجلس الشورى، يجب أن نأخذ في الحُسبان مجاملة المجلس لرئيس الجمهورية في اختياراته، وأرى أنه من الأفضل أن تكون التعيينات من قبل المجالس المنتخبة ويصدق عليها رئيس الجمهورية.

***

مادتا مجلس الدفاع الوطني والقضاء العسكري كفيلتان لي أن أرفض مشروع الدستور المقترح، وبالتالي فإن الخطة بالنسبة لي ستكون كالتالي:

- دحض كل دعوات المقاطعة المُزمع إطلاقها للاستفتاء القادم، لأن في ذلك ضياع لحق الشعب في رفض منتج التأسيسية.
- التصويت بـ "لا" على مشروع الدستور.
- إذا تم رفض مشروع الدستور من قبل الشعب، يتم الضغط الشعبي على الرئيس مرسي لإلغاء قرارات التحصين بإعلانه الدستوري الصادر الشهر الماضي.
- إذا وافق الشعب على مشروع الدستور، فالقبول بالنتيجة، ثم دعم الأحزاب والحركات التي تتفق ومنهجي وتسعى لتعديلات دستورية تقيم عوج الدستور الذي أراه.

هذا وأسأل الله تعالى أن أكون موفقًا في اختياري هذا، وأن يوليَ هذه الأمة أمر رُشد، يُعز فيه أهل طاعته ويُتاب فيه على أهل معصيته، ويحقق لمصر الرفعة والتقدم والعزة والازدهار، إنه ولي ذلك والقادر عليه.