الاثنين، فبراير 25، 2013

مصر والسودان، Let's Mix

كم نحن مفرطين!

إذا كان سوقنا دخل فيه من دخل من بلاد عالم أول وثاني وثالث ونحن حائرين بين هؤلاء لا نستطيع المنافسة بمنتجنا في سوقنا المحلية، والحكومة فيّصت من دعم الصناعات المحلية أو الشركات والصناعات الصغيرة، فلننظر أسفل منا فقط، لنجد السودان يستلهفنا..

الحقيقة أن الوضع سابقًا كان أفضل لنا بكثير، أما الآن فكما أسلفت، فإن الصين قاربت على ابتلاع البلاد بالكامل، والبشير - فيما يبدو - لا يجد مانعًا أن يقيم زي جيمبينغ - الرئيس الصيني الحالي - معه بقصر الرئاسة على شارع النيل، ولم لا والصين الآن تموّل تشييد المبنى الجديد بالقصر الرئاسي، تأخذ المشروعات بأسعار زهيدة جدًا، وشروط دفع أزهد، وتساهل رهيب فيه، على أن تكون كل واردات المقاولين بالمشروع من انتاج جمهورية الصين الشعبية، السرطان الجديد في المنطقة.

إلا أنه فيما أرى لازالت الفرصة سانحة، خاصًة في مجال استثمار الأراضي الزراعية - إن كانت هناك نية حقيقية - ، فالتعاون في هذا المجال قد يُثمر منتجًا سودانيًا بإدارة مصرية خالصة على مستوى عالي، قد يكون هذا المثال حاضرًا بالفعل ولكن فيما يبدو أنه منحصر بشدة بأقل مما هو متوقع.

مما أسعد بسماعه أن افتتاح الطريق البري الجديد بين مصر والسودان قد أوشك، هذا الطريق على خط النيل، استكمالًا لطريق الصعيد يصل بك على الخرطوم طوالي، ليُضاف إلى طريق بورسودان البري على طريق البحر الأحمر - لا أعلم إذا كان فُعِّل بعد أم لا - بالإضافة إلى أهميته الاستراتيجية الفحيتة في ظل لعب إثيوبنا بنا نحن الاثنيْن، سيسهِّل التجارة بشكل كبير بين البلدين، فيما يخص المواشي بالذات، مع ما تمُر به بلادنا من نقص بين الفترة والأخرى في السلع وما يترتب على ذلك من غلاء في الأسعار.

إذا كانت الحدود رُسمت من قبل وارتضيْنا بها، فلتكن حدودًا على الورق، في الأصل نحن شعوب واحدة نجتمع على أكثر مما نفترق، وبلاد مثل مصر والسودان (بحران وأطول نهر في العالم ومنابع غاز طبيعي وبترول) يمكن أن تكون قوى اقتصادية رهيبة إقليميًا على الأقل، 

وإذا كان يُمنع ذلك من قبل لسبب أو لآخر بسبب اهتمام النظام السابق بتقوية نفسه داخل حدود الوطن وحول قصور الرئاسة وقادة الحزب الوطني وفقط، فوجب أن نرى انفتاحًا الآن على إخواننا في الشرق والغرب والجنوب، وكما زار مرسي السعودية أول ما تولى الحكم، أتمنى أن أرى له زيارة للسودان، ولو على سبيل تشجيع المصريين على الذهاب للاستثمار هناك - اللي لسة معاه فلوس يعني - ولنرى إيجابية واحدة من تولي فرد من الإخوان في الحكم إذا ما تلاقى مع فرد آخر ينتمي لنفس الجماعة - على حد تعبير أهل السودان أنفسهم - ولنرى ماذا سينتج لنا التعاون الإخواني-الإخواني المشترك، وإذا ما تم، هل سيظل أمدًا أم سيرتبط أيضًا بوجود كليْهما في الحكم.

دُمتم بخير،

الأربعاء، فبراير 20، 2013

التعانق بين مصر والسودان الشجيج، والصهيونية عدوٌ لدود

كما أسلفت فإن الأخوة بين الشعبين المصري والسوداني أصيلة، والحقيقة أن هذا ليس كلام ساسة، إذا ما صدر من الساسة فهو على الأغلب من باب الديباجات منتهية الصلاحية، أما الواقع فأنت لا تشعر حينما تتحدث مع سوداني بأي تكلف، بل تشعر أنك تريد أن تستزيد من الكلام معه ولو آلمك حنكُك.

الحقيقة أن التاريخ المصري والسوداني متشابهان على حد كبير، كلاهما كانا تحت الحكم الفرعوني، ومشتركات في منتصف العصور كثيرة، حتى في العصر الحديث كانا الاثنان تحت الاحتلال الانجليزي، بل وقامت الثورة العرابية بالتزامن مع ثورة المهدي بالسودان التي قتلت غوردون باشا حاكم السودان الانجليزي، وصار قصر الحكم وقت الإنجليز هو هو قصر الرئاسة في الوقت الحالي.

بالمناسبة تجد صيحات مصرية كثيرة تدعي أن أهل السودان يكروهننا، ولا أدري إن كانوا عمَّموا خاصًا أم افتكسوا كذبًا هذا الحديث إذ أني لم أرَ أي من هذه المظاهر، صحيح أن فترة مكوثي هنا أيام قلائل، ولكن في مثل هذه الفترة قد تواجه على الأقل وجهًا خشبًا واحدًا يتجهّمُك إذا ما قصدته في خدمة، هذا إذا كان الأمر سمة حقيقية هنا، ولكن فيما يبدو أن السمت العام لا يدل على ذلك بتاتًا، وأن العلاقات علاقات نسب ومحبة وأخوة..

حتى اللحظة يدخل المصري لأراضي السودان بدون تأشيرة على الإطلاق، فقط يكفيه باسبور ساري، والسودانية تدخل الأراضي المصري بدون التأشيرة، أما السوداني فعليه أن يستخرج تأشيرة مجانًا من السفارة المصرية لدخول الأراضي المصرية، ولم أستنبط سبب تمييز السيدات حتى اللحظة إلا أنه لعل السبب زواج كثير من المصريين بسودانيات، ولكن في الواقع تجد سودانيين متزوجين من مصريات، فالحقيقة لا أعلم سببًا واضحًا لمثل هذا التمييز.. إلا أنه يبقى أن دخول السوداني لمصر أمرٌ سهل جدًا، ودخول المصري للسودان أمر في منتهى السلاسة، وكذلك تجنس المصري بالجنسية السودانية أمر هيّن كذلك على حد تعبير أحد الإخوة هنا.

مما أثر فيّ حديث مع أحد الإخوة هنا وقت أن أتيْت إلى السودان، تحدثنا سويًا عما يحدث في مصر وحال الأمة بصفة عامة، والحقيقة رأيت من الرجل إشفاقًا على حالنا على الرغم من أننا نمتلك مسببات النهضة والتقدم والرقي، وأول ما نمتلكه العقلية،

حكى لي الأخ أن أخًا له كان مريضًا بالشرايين واحتاج لعملية جراحية غير متوفرة بالعالم العربي كله، ورشح له الطبيب المعالج لحالة أخيه أن يسافروا بأخيه إلى ألمانيا وألمانيا فقط، لما حسبوا التكلفة تبيّن لهم أنهم سيتكبدون مئة وثلاثة آلاف من الدولارات الأمريكية، مما استحال عليهم، ولكن تبرع بثلثيْ المبلغ أمير سعودي وتكفلوا هم بالباقي وطاروا على المستشفى، وهنا لُب الحكاية أن وجدوا طبيبًا مصريًا يطلع عليهم فيقول لهم أنه مساعد الطبيب الجراح الوحيد الذي يمكنه إجراء مثل هذه العملية الدقيقة لأخيهم، مصري، والأدهى والأمر أن الطبيب ذاته سوداني أصلًا!

فانسحب الحديث على فرار العقول العبقرية من البلاد وذهابها لمن يستحقها، وكيف أن هذا من مظاهر إهمال العلم والبشر، وكيف أن دولنا في العالم الثالث تهتم فقط بتقوية النظام والأمن النظامي، ثم إذا ما تسرّب من ذلك شيئًا فليلتقطه الشعب.. وكيف أن المخطط الغربي الصهيوني يفتك بنا ونحن نتلذذ بذلك فيما يبدو، لا نملك شيئًا غير النواح والبكاء على الأطلال، حتى اعتدنا الهزيمة وترسّخت فينا ثقافتها، طبيعي أن تضرب إسرائيل غزة فتقتل منهم الآلاف، ماذا بعد؟ وطبيعي أن تستهدف إسرائيل مصنعًا سودانيًا للأسلحة بغير رد يُذكر من أي عربي، ماذا بعد؟ فقط اعتدنا وألفنا الهزيمة والنكسة أصبحت بنا سمة كما نحن بالفول والطعمية.

شعُرت وأنا هنا أن الضحك يمكن أن يكون من القلب مع شخص لم ترَه يومًا قط فقط إذا كانت النفوس صافية لا تطلع لمصلحة أو نية لخداع بالأمر، وقد يطول الحديث وتجد نفسك مرتاحًا في الكلام عن بلادك، بل وتتمنى لأهل البلد الذين يستضيفونك الخير عن حقيقة، لا كلامًا يُرمى، تقضية واجب وخلاص..

الثلاثاء، فبراير 19، 2013

في بلد النيلين الشجيج..

الخرطوم هي ملتقى النيلين - الأبيض والأزرق - ومنه يهبط إلى مصر، والخرطوم هي عاصمة ثلاثية، تنقسم في الأساس لثلاث مناطق رئيسية: أم درمان، بحري، والخرطوم..

من أعلى وأنت بالطائرة ترى مبانيها قصيرة، فيما بعد عرفت أن القانون يفرض ارتفاع أقصى للمباني لأن قوات الدفاع المدني ليس لديها سلالم تصل لارتفاعات عالية لإطفاء الحرائق، وفي الغالب لا تجد أي بنايات تفوق الثلاثة عشر أو الأربعة عشر طابق.

من أعلى ترى المساحات الخضراء المنتشرة بغير انتظام على جنبات البلاد، الأرض السودانية خصبة جدًا للزراعة حتى أنهم يقولون: لو زرعت بني آدم تلاقيه يطرح طوالي..

المصريون بالخرطوم كثيرون، للحد الذي وصلوا فيه لفتح البيزنس، هنا تجد حلويات العبد وفول جاد وسندوتشات مؤمن والدمياطي للأثاث وغيره، والمصريون العاملون بالمطاعم والفنادق كثيرون، الفندق الذي أمكث فيه حاليًا يعمل به مصري في الاستقبال، وأكلت في مطعم يملكه عراقي، مدير المطعم والشيف وكثير من العاملين به مصريون، حتى أن أحدهم حينما سمعني أتحدث باللهجة المصرية مع أقراني السودانيين تبسّم، إلا أنه آثر الاحترافية ولم يزِد.

أوضاع السودان الاقتضادية في الوقت الحالي مهتزة بشدة، والجميع يعوّل ذلك على الانفصال عن الجنوب، إذ أن الجنوب حوى البترول كله، صحيح أنهم كانوا يعتبرونه عالًة عليهم، إلا أنه لا إنكار أن الشمال السوداني أهمل الجنوب للحد الذي برر لهم الانفصال عندًا أكثر منه فائدة حقيقية له.

على كلام الإخوة هنا في السودان، الجامعة إذا كان فيها عشرات الآلاف من الشماليين يكون فيها خمسة من الجنوبيين، ومعظم عمل الجنوبيين خدامين في البيوت، والبنية التحتية للجنوب السوداني غير موجودة أصلًا..

تخيل أن فقط 27 كم2 من دولة جمهورية جنوب السودان مسفلتة للسيارات، يعني إهمال يورث الكره والحقد والرغبة في الانتقام، وكان الشمال يستفيد من الجنوب من البترول، لما انفصل، اهتز الدولار بشدة وارتفع الآن سعر لتر البنزين، لتر البنزين بالسودان - الجودة موحدة هناك - 2.78 جنيه سوداني تقريبًا، أغلى من عندنا - في الوقت الحالي - ، وكما أن الكهربا غالية كذلك ويتم المحاسبة عليها كما المحاسبة على الموبايل، الدفع مقدمًا وكأنك تشتري كروت شحن.. 

لا أعرف لماذا انتابني شعور بالذنب تجاه السودان - رغم إني شخصيًا لا ذنب لي بالأمر - ولكن تحسرت على ما فرطت مصر من تنمية كان من الممكن أن تقيمها في السودان وكان سيكون مردودها على مصر في منتهى الروعة..

الصين دخلت السودان بكل قسوة، تشتري كل شئ كما السرطان، يوجد هنا رجل أعمال صيني اسمه مستر فو تقريبًا، على صلة قوية جدًا في الحكومة، يأخذون المشاريع كلها من بابها بأسعار زهيدة جدًا، والدفع على أقل من مِهل الحكومة السودانية، على أن يكون كل مقاولي الباطن بالمشروع من الصين الشعبية.. فقط يعطونه الأرض ويتركوا له الباقي.. 

الأمر وصل للحد أن أحد الإخوة هنا في السودان قال لي أنه سمع بالراديو أن الإذاعة السودانية بيعت بالكامل الصين، حتى تخوّف الرجل أن يباع هو شخصيًا للصين بأبخس الأسعار..

ومما دفع الحكومة السودانية للارتماء في حضن الصين هو الحظر الذي تفرضه أمريكا ومن يعاونها على التعامل مع كل شئ سوداني، فتجد أن الصين وإيران من أكثر الدول تدخلًا في الاقتصاد السوداني، ولا تجد وجودًا حقيقيًا لدول الخليج كالسعودية مثلًا على الرغم من السودان مفترض أنه حكم إسلامي - أو حكم منسوب للإسلام يعني - إلا أن ماما أمريكا غضبانة على السودان فيغضب بالتالي كل حلفائها ودلاديلها على حد سواء..

عمر البشير رجل عسكري قاد انقلابًا مدعومًا من التيار الديني في السودان، وأهل السودان هنا ينسبون حسن الترابي وعمر البشير لجماعة الإخوان المسلمين، إلا أن حسن الترابي - أعلم وأكبر فذ بجماعة الإخوان على حد تعبير الإخوة هنا في السودان - اختلف مع عمر البشير وأعوانه، أو بالأحرى انقلبوا هم عليه، والرجل - الترابي - شطط عقله أحيانًا كثيرة فيُنكر في كثير من الأحيان ثوابت بالدين، عوّلوا ذلك لأنه وصل لمرحلة من العلم جعلته ينجَن.

إلا أن كثيرًا من السودانيين لا يكرهون البشير تمامًا، أو هم يحبونه على حرف.. فإذا ما خفض الدولار صار حبيبهم، وإذا ما علا كرهوه.. وصف لي أخ هنا في السودان قابل البشير أكثر من مرة أنه بسيط ومتواضع جدًا، قد تجلس معه على مائدة الطعام فيُطعمك بيده - سادات ستايل - ويهزر ويضحك غير متكلف، ولكنه الضغوط عليه شديدة على تعبير نفس الأخ يعني..

***

الحقيقة أنك هنا في السودان لا تشعر بإحساس الغريب مطلقًا، لأن الناس قريبين جدًا، هذا بالإضافة أنك غير مستغرب أساسًا بحكم كميات المصريين هنا، ومن هنا دارت أحاديث بيني وبين الإخوة قد أتعرض لها لاحقًا بإذن الله..

دُمتم في رعاية الله :)




الثلاثاء، فبراير 05، 2013

سواق التاكسي :)

مش عارف ليه افتكرت النهاردة موقف حصل لي وأنا في الكلية، مكنش لسة معانا عربيات، والحمد لله كنا ثلاثة طريقنا ميدان الحجاز، فبدل الشحطَطة في الأتوبيسات والهري وفرهدة الحرّ كنا بنستقل تاكسي ونتشارك أجرته،

وكل سواق تاكسي كان له حواراته، بس اللي علّق معايا من ساعتها، شاب كان بيحكي معاناته فإنه في المنطقة اللي ساكن فيها - اللي مش فاكر اسمها - يروحوا كل يوم يجيبوا ميّة شُربهم من مصدر مياه للمنطقة كلها.. الجميل في الراجل إنه كان بشوش جدًا وكان الكلام معاه لطيف ومسلي جدًا - صراحًة على غير العادة من سائقي التاكس - وكان من ضمن الطرائف اللي اتقالت، إني جيت أقول أنا خبر قرأته في الجرايد عن إن جمال مبارك قدم ذمته المالية، ولسة بقول فلاقوا قام مقاطعني:

أربعتاشر ألف جنيه، والحاج أبوه كان عامله شقة بعفشة مية عشان الجهاز بس عشامّا يتجوز،

طبعًا مهما حكيت عن أسلوب إلقائه للإفيه ده مش حعرف أوصفه من كتر الضحك اللي ضحكناه معاه.. الراجل ظروفه صعبة جدًا وعايش مع أهله في مكان مش عارفين يشربوا فيه مية نضيفة اللي هو حق آدمي طبيعي، ومن كده قاعد ينكّت.. ومن هنا الراجل قعد يقول خواطره حول الموضوع:

"الصراحة يا باشا أنا بحمد ربنا إني مطلعتش مسئول في حكومة ولا في وزارة، عشان كنت حَرتشي صراحة يعني!!"

قالها سُخرية من حاله ومن البلد ومن كل شئ، وسبحان الله الجدع ده من القلائل اللي ما فاصلوناش في الأجرة كما جَرَت العادة، وكان مبسوط بنا أوي،

متهيألي الجدع ده - أكيد يعني - طحن الدنيا لما قامت الثورة، من حاله ومن اللي كان في دماغه وهو عايش أيام حُسني،

يا ترى الراجل ده ظروفه إيه دلوقتي؟ لقاله شقة في حتة كويسة هو وأهله؟ متجوز؟ ولا يكون استُشهد في الثورة ومحدّش سمع عنه؟ ولا يكون سافر وهَجّ وساب البلد أساسًا؟!

سبحان الله مش عارف ليه افتكرته دلوقتي.. :)

الاثنين، فبراير 04، 2013

في الشرطة والحكم الثوري!

أحسب أن من أحسن الظن بمُرسي لما أصدر إعلانه الدستوري قبل إقرار الدستور، وحصّن قراراته من طعن "القضاء الفاسد" عليها، أحسب أنه ظنّ أن مُرسي فعل ذلك ثوريًة منه للقضاء على أواصر الفساد بالدولة في كل هيئاتها.. ومن هنا، أعتقد أن خيبة الأمل الحقيقيّة من نصيب من ظنّ ذلك، لما يرى أن التصرفات كما هي لا تغيير فيها، وأن من يفعل مثل هذه اللاإنسانيات لا يلقى ما يردعُه. بل إن مرسي - وكأنه يؤيد تصرفات التعذيب وغيره باطنًا - يشكر الشُرطة على ما تبليه من ردع للخارجين عن القانون.

من المفهوم، أن تنظيف جهاز الشرطة مما تعلق به من وسخ الاستبداد طوال العقود الماضية لن يتحقّق في يوم وليلة، ولكن من غير المفهوم أن نمكث سبعة أشهر كاملة ونحن نرى - فيما نرى - جهاز الشرطة:

- ضعيف تجاه البلطجيّة وأعمال السرقات والاعتداءات على الطريق وغيره،
- شديد وحاد تجاه من يُقبض عليه ممن يشهد الجمعُ أنه من "الشباب اللي زي الورد" والذي ثبُت للجميع أنه لا ينتمي للبلطجيّة، إلى الحد الذي أفضى للموت كما كان الحال مع محمد الجندي رحمه الله.
- ومع ما سبق لا نرى تصرف حقيقي واحد من الرئاسة بصدد تنظيف الجهاز من هذه الآفات، سواء كان إعادة هيكلة لها، أو تغيير حقيقي لعقيدتها في التعامل مع الشعب.

ما تغير حقيقًة ورأيناه رؤيَ العين بخصوص جهاز الشرطة هو تغيير الشعار، بدلًا من أن غيره العادلي إلى: "الشرطة والشعب في خدمة الوطن" إلى "الشرطة في خدمة الشعب"، من دون أن نرى ذلك ملموسًا بالفعل.

كم من سرقات تحدث على مستوى الأفراد بل وعلى مستوى المؤسسات (السياحية وغيرها) يستغيث فيها الناس بالشُرطة ويكون رد الشرطة: اتصرفوا انتو.. مع العلم أن الشُرطة خلال فترة حكم المجلس العسكري ومن بعد ذلك بعد حكم مُرسي قد دُجِّجَت بأحدث السلاح ولكن للأسف في اتجاه معين وهو مكافحة (التظاهرات/الشغب/الاعتصامات)، أما تجهيز الشرطة لحماية الشعب نفسه، فيبدو أن ذلك لم يأخذ أولوية لدى سلطة الحُكم، لا في عهد "العسكري"، و-إلى الآن- لا في عهد مُرسي. ولا تزال فلسفة كيان جهاز الشُرطة قائمة بالأساس على حماية النظام بالأساس، وما يتبقى من ذلك يُمكن أن نَمُنّ به على الشعب.