الأربعاء، يوليو 31، 2013

تابوه رقم 5: سينا رجعت تاني لينا

بالنسبة لي، عشان يبقى البلد لها سيادة كاملة على حتة أرض عندها، يبقى من حقها تتصرف فيها كيفما شاءت وكما يحلو لها.. ومن حقها تدخل فيها جيشها لبسط الأمن فيها من غير ما تستأذن حد، ويبقى المواطنين اللي عايشين في حتة الأرض دي بينتموا للبلد الكبيرة زيهم زي أي مواطنين تانيين عايشين في أي حتة أرض تانية. ويبقى نتاج كده تنمية حقيقة في حتة الأرض دي واستغلال لمواردها وتوزيع عادل لثرواتها وأول ناس يستفيدوا من خيرها اللي عايشين فيها وتبقى كيان متصل ببقية الأراضي اللي تبع نفس الدولة متحسش بأي فرق بينهم.

سينا كانت محتلة من إسرائيل، كانوا باسطين نفوذهم العسكري عليها بالكامل، لحد ما ربنا فتح علينا وكرم رجالتنا وقمنا بحرب أكتوبر 1973، ملحمة عظيمة للجيش المصري استرد بها كرامته وعزته وشرفه. بس بعد كده اتعملت اتفاقية سلام من آثارها إنه الجيش المصري مبقالوش سيادة كاملة على سينا.. خالص، ولو عايز يخُش عشان يحارب "الإرهاب" جوه لازم يستأذن إسرائيل، وإسرائيل توافق وتأذن له إنه يخُش أرضه، في حين إنه إسرائيل سهل أوي بالنسبة لها إنها تخُش تاني يوم عشان المنطقة المنزوعة السلاح عندها أصغر بكتير من اللي عندك في مصر، قال عشان مساحة إسرائيل صغيرة.. المهم يعني إنك مالكش سيادة كاملة على سينا غير لو اعتبرت إن سينا دي منتجعات سياحية وشواطئ وقُضيت على كده. والحقيقة أنا هنا مش بصدد ألوم ولا أنتقد الاتفاقية، الدولة المصرية طول حياتها من ساعة اتفاقية كامب ديفيد دي وهي بتبرر للاتفاقية.. وإن السلام مكنش هييجي بالطريقة دي، ده شئ لا يعنيني دلوقتي، لكن اللي يعنيني إنه مينفعش تضحك على نفسك وتقول مصر لها سيادة كاملة على سيناء، بأمارة إيه؟! ده لو إسرائيل جت رفضت دخول قوات الجيش جوة سينا، مصر لا تستطيع إنها تدخل قوات جوه سينا.. يعني تخيل كده الفريق السيسي حب يغُب ع "الإرهاب" في سينا غَبة، جَت إسرائيل رفضت تدي الإذن لمصر إنها تدخل قوات في سينا، مصر هتقبل بوجود "الإرهاب" في سينا عادي.. متقدرش تتخطى الإرادة الإسرائيلية في هذا الصدد.. فمنين سيادة يعني؟!

كمان المواطن السيناوي البدوي عمره ما حس إنه مواطن مصري له حقوق كاملة زي أي مواطن مصري في أي حتة تانية - بفرض إنه سقف طموحات الحقوق المصرية هو اللي موجود في القاهرة والإسكندرية وكده - سينا مُهملة تمامًا كتنمية حقيقية، ومفيش غير المنتجعات السياحية اللي بتخدِّم على ناس تانية.. مش بقول متعملوهاش أو مش ده موضوعنا دلوقتي، بس مش دي أبدًا التنمية الحقيقة لأرض فيها خيرات الدنيا كلها زي سينا.. انت إزاي عايز تعمل أمن حقيقي في سينا من غير ما يكون في عيشة هناك وحياة حقيقية.. أنا بعتبر إهمال سينا وكوننا مخلينها صحرا مستباحة كده دي أكبر خيانة للأمن القومي المصري.. لازم يبقى في مدن ومدراس ومصانع ومزارع وسياحة وكل حاجة.. سينا أكبر من دول كتير.. وفي النهاية المواطن السيناوي الحقيقي عشان يخُش من سينا للقاهرة كأنه بيخُش دولة تانية أساسًا.. والناس هناك عشان تقول لهم احترام قانون وقضاء والكلام الظريف اللطيف ده عمرهم ما هيقتنعوا بك.. بأمارة إيه؟! أهو الجيش دلوقتي في سينا - بعد ما أخد الموافقة من إسرائيل طبعًا - قاعد بيفرقع بومب وبيواجه "عصابات" "الإرهاب" وهم بيردوا بأربي جبهات وصواريخ مضادة للطائرات وبلاوي زرقا.. والجيش والشرطة قاعد يموت منهم ناس كتير ولا كأنه داخل حرب في دولة تانية.. هو ده اللي بقوله، الجيش بيعمل عمليات في سينا كأنه بيعمل عمليات في دولة تانية.. دي مصيبة كبيرة جدًا!!

فبأي حق نقول بكل سهولة كده: سينا رجعت تاني لينا؟!

الثلاثاء، يوليو 30، 2013

تابوه رقم 4: الشعب المصري متدين بطبعه

وده الحقيقة تابوه كان لازم يتكسر من قبل ما يتعمل أساسًا، لأن الفكرة نفسها غلط، عشان مفيش حاجة اسمها تعميم فحيت كده: شعب بورنجا العظمى متعصب بطبعه، وشعب سرسباكيا نشال بطبعه.. لأ! مفيش حاجة اسمها كده.. في أفراد كويسين، وأفراد حلوين، وأفراد منافقين.. عادي، كله موجود.. وبعدين مش عشان عندنا جوامع ولا كنايس كتيرة بقينا متدينين بطبعِنا، خالص.. لأن التدين له مظاهر تانية غير كثرة الجوامع والكنايس.. guess what? .. الأخلاق مثلًا من مظاهر التدين، يعني مينفعش تقول أبدًا على واحد عنصري وبيصنَّف الناس وبيسيء الظن في الناس وهمه يخبور اللي معاه في الشغل وبقى يسترخص دم اللي قصاده عشان مخالف له في الفكر وهيموت ع السلطة وجبان ومنافق.. مينفعش يبقى فيه صفات من دول وتقول عليه معلش، أصله متدين بطبعه.. إيه بطبعه دي؟! يعني هو حتى لو كان الود وده يطلع مجرم طبعه هيغلب تطبعه فهيبقى متدين برضو ونشوفه بسبحة.. ولا هو عشان ما كلام المصريين بقيقي كده فيه: توكلنا على الله، الرزق على الله، إحنا ناس تخالف ربنا خلاص كده بقينا متدينين؟! ماهو ساعات بيقول توكلنا على الله ومبيأتمرش بأمر ربنا في الأخذ في الأسباب وعايزها تمشي حلاوة، وساعات بيقول الرزق على الله ويخنصر ويغلي في أجرة الميكروباص عشان بيستغل الناس اللي مش لاقيين ميكروباص غيره، وساعات يقول إحنا ناس تخارف ربنا ويبقى واكل حق إخواته مثلًا.. فعادي يعني.. مش عايزين نصنَّف التصنيفات العنصرية دي أرجوكو.. الشعب المصري مش متدين بطبعه، الشعب المصري شعب عادي، فيه متدينين، وفيه تجار دين نصابين، وفيه حرامية علانيين، وفيه بلطجية، وفيه ما لذ وطاب من كافة الأصناف.. عادي زي الشعب الجزائري والشعب الكونغولي وكده.. 

فهي أصلًا مقولة لم يُكتب لها إنها تعمَّر عشان أساسها غلط من البداية..

تابوه رقم3: الوفاق

فكلنا بنقول عايزين نتجمع ونبقى إيد واحدة ونبقى على قلب رجلٍ واحد وإن كلنا مصريين وحلوين.. وإن مصر دي مهد الحضارة وكل الأديان عدِّت عليها.. والأزهر الشريف منارة الفكر الوسطي، وإن الحياة بمبي. إلا إنه لما بتلاقي حد بيعرف الشعارات دي فعلًا، من قلبه يعني.. لا هو عايز يعلْمن البلد ولا هو بيشدد ع الناس في الدين ويغلظ عليهم، تلاقيه بيتشتم من دول ومن دول. ولما تبقى أزمة حقيقية في البلاد والطرفين راسهم ألف سيف ماهم متعتعين عن مواقفهم يحاول هو يلم الشمل، برضو بيتشتم من الاتنين، وفي النهاية تلاقيه اتحلقله تمامًا ومحدش عبره ويخسر في الانتخابات.. وتطلع عليه اتهامات من هنا ومن هنا، كل فريق يتهمه إنه منتمي للفريق التاني، لأ ويُتهم إنه بيشُق الصف! اللي عايز يلم شمل الناس بيشُق الصف! فأنت لازم تكون تبع حد معين، والحد ده يكون قطب.. مفيش حاجة إسمها إنك مش إخوان ولا علماني.. هو انت يا إخوان/سلفي أو لو مش كده تبقى ليبرالي/علماني، إحنا شعب بيعشق الاستقطاب، عشان كده كل اللي رفعوا شعارات وفاقية ومنهجهم كان مبني على كده خدوا الصابونة التمام، فضلًا عن إن منهجهم ده ما أسعفهمش في الأزمات الطاحنة اللي مرت بها البلد، كان لازم ياخدوا صف من الصفين، إنما يخترعوا لهم صف تالت كده يلموا به الناس.. فالفكرة دي انكسرت من زمان.

هي البلد دي يا عسكر وما يواليه (حزب وطني، لِمامة، وغيره) يا إما تيار ديني (إخوان في الأساس، ممكن أي حاجة تانية على كتاف الإخوان) غير كده مالهمش فاعلية على الأرض ولا تأثير.. ويا عيني انت بتبقى مش عارف طب أروح فين أنا؟! أعمل إيه؟! لا ده بيمثلني ولا ده بيمثلني.. لازم أتطرف وآخد طرف فيهم، وأبقى ببرَّر له ع الحلوة والمُرة.. شئ يقرف الحقيقة!

ومن هنا فإن تابوه: الوفاق الوطني وإن كلنا واحد وكلنا مصريين ده انكسر واتفتفت ستين حتة، إحنا مش واحد، وكل طرف من الطرفين بيعتبر التاني مش مصري أساسًا (ولو وقف عند كونه مش معتبره مصري بس يبقى كثَّر خيره أوي).

تابوه رقم 2: الديمقراطية

وهي إن الديمقراطية هي السبيل للاستقرار والحرية وتمكين الشعوب، والحقيقة إن طول ما فيه طرف مستقوي عشان معاه السلاح والقوة فممكن بسهولة أوي تترمي أصوات الناس في الزبالة. وهيكون له مبرراته "الوطنية" في اللي عمله.. زي: أصل الأمن القومي، أصل البلد كانت بتضيع.. وساعتها هيبان إنه بيحتكم للشعب برضو، أديكو شوفتو المظاهرات.. وكأنها عَركة بلدي مش انتخابات.. فطالما الموضوع كده: يبقى الطرف الأقوى ده هيفضل وصي على إرادة الناس.

ثم مين اللي قال إن الديمقراطية دي حتمًا ولابد تكون أحسن وسيلة للارتقاء للبلاد، في النهاية هي اجتهاد بشري قابل إنه ينفع في بلاد وبلاد تانية لأ، وصراحةً ده خلى الواحد يبقى عايز يقرأ أكتر في نظام الشورى الإسلامي.. لأنه مين اللي قال إنه الصح الأصح دومًا إنك تملك العوام أمورهم.. كلها اجتهادات.. الديمقراطية نفعت في بلاد مش معنى كده إنها تنفع في كل بلاد الله قاطبةً، فضلًا عن إنه شكلها كده هتنهار في بلاد كتير أساسًا. فلازم ننفتح شوية، ومنخليش دماغنا متقفلة ديمقراطية ديمقراطية.. طب كفرنا بالديمقراطية!

الاثنين، يوليو 29، 2013

تابوه رقم 1: إسرائيل هي العدو

ومن التابوهات اللي انكسرت الفترة اللي فاتت دي إنه: "عقيدة الجيش المصري إن إسرائيل هي العدو وبس". وأعتقد إن العقيدة الحالية للجيش المصري هي: "إن 73 هي آخر الحروب، ودعونا ننظر للمستقبل والرخاء والسلام وكده"، وأعتقد إن الجيش اللي تبقى عقيدته مبنية على الرخاء والترييح والتفخيد وبناء الكباري والطرق ومزارع المكرونة تبقى مشكلة كبيرة، مش حبًا في التنغيص على الجيش واللهِ، بس الواحد بيقول حقائق يعني.. مش بقول له حارب بُكرة، بس في نفس الوقت ميبقاش الطبيعي بتاعك إنك باصص لدورك إنه: تنمية المجتمع! تنمية المجتمع حلوة طبعًا وكل حاجة، بس مش انت اللي تعملها خالص، ولا انت اللي تبني الكباري ولا الطرق، ولا مفترض يبقى لك فنادق فاخرة في كل حتة.. أنا مش بَنُق، أنا بقول كده عشان خايف على الجيش بتاع بلدي، وعايزه يبقى فعلًا على وضع الاستعداد ويبقى الدفاع والقتال والسلاح هو شغله الشاغل.. وأعتقد ده طبيعي وحقي! مش ألاقي مهارات القتال كلها بتطلع على الشعب المصري بس في فض الاعتصامات بالقوة ولا في الطلعات الجوية اللي كل شوية تتعمل فوق دماغنا إحنا..!

الأحد، يوليو 28، 2013

ولا مؤاخذة - فضفضة



الموضوع فيه حاجات منغصة وهي نفسها بتشيل شوية الغشاوة من على عينين الواحد - أو هكذا أعتقد - فده شئ كويس يعني، يعني الحلو طلع من قلب الكويس. المنغص إننا مع الوقت بنكتشف إننا مش طرف في اللعبة، مصر طلعت تقيلة وكبيرة أوي، رغم إنها فقرانة وضايعة ومسلوب إرادتها.. وده لإنها كبيرة أوي، وقدر ربنا مكانها اللي جنب فلسطين المحتلة، وفي كورنر إفريقيا الفوقاني، يخلي الدنيا كلها متلبشة عليها.. مبحبش أنسجم أوي مع نظرية المؤامرة وجو الماسون الأعظم والكلام ده، لكن لا يمكن أبدًا إنكار إنه فيه - بلاش مؤامرة - إرادة عالمية إن بلدك دي تفضل في حجم معين من حيث الإرادة والقوة.. من بعد كامب ديفيد ولا يمكن قبلها كمان والبلد دي متحجمة إقليميًا وتأثيرها الدولي لازم يكون تبع حد. وأي حد بييجي في السلطة مبيعرفش يخلي إرادة البلد مستقلة حقيقي، لازم يكون ورا قوة عظمى موجودة.. وماقدرش ألوم في كده، لكن في نفس الوقت: طب هو إيه اللي خلى حالنا عامل كده؟! 

وأنا لما بضرب المثال بمصر فده لأنها بلدي، لكن واقع الأمر الدول العربية كلها مسلوب إرادتها، والعالم الإسلامي كله اتنزعت شوكته، حتى الدول المتقدمة اقتصاديًا منه - زي تركيا وماليزيا وغيره - برضو شوكتها منزوعة، وحتلاقيها رامية نفسها في حضن ماما أمريكا.. أيوة، إردوغان حلو وجميل وكل حاجة، لكنه مخرجش برة الدور المرسوم له، وعشان كده هو لسة في السلطة، هو عايز يعمل دور محوري أكبر لتركيا في المنطقة، لكن صدقوني في ضوء اللي مرسوم له برضو، كده كده له حدود، تركيا لا تزال عضو في الناتو، تركيا لا تزال على علاقة كويسة بإسرائيل، تركيا حلوة مفيش كلام :)

فمن ساعة الثورة وأما كان الناس في التحرير بيضغطوا كل ضغطة والتانية، السيناريوهات كلها كانت متضبطة، أصل للأسف أمريكا مش دولة عظمى من فراغ، ومصر مخرجتش برة حجرها تمامًا، ومينفعش تخرج، لا أمريكا هتسيبها ولا اللي في الحكم هيسيبوها.. أمريكا لها رجالتها التُقال في مصر في كل حتة، وبتعرف تتفاوض مع الكل، وبتعرف تتعامل مع الكل، مهما كان ميوله الفكري، لها سكة معاه.. إحنا اللي غلابة ومالناش غير اللي ع الأرض بس.. لكن واقع الأمر بيقول إننا بعد الثورة أهو، وبعد ما كنا متخيلين إننا ماشيين في سكة العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، لفت الدنيا ودارت، وبقينا بندور على الحرية تاني! وفريق مننا - كبير عشان محدش يزعل - بقى شايف إنه مفيش مانع آخد حريتي مبنية على نسف وجود لفريق تاني قرفني قبل كده وعمل مشاكل كتير - والفريق التاني ده، لما كانت الكحكة في إيده، أقصى الباقين، واشتغل في مجالات مش هي الأولويات خالص، واصطدم مع كل مؤسسات الدولة في حين إنه طالما رضي إنه يكون هو الحاكم وأعلى نقطة في الدولة، مكنش ينفع يصطدم معاها.

لكن الإخوان اتزقوا زق إنهم يرشحوا رئيس جمهورية، رغم إن كل المرشد قبل كده بعدم النية في الترشح للرئاسة ميوحيش أبدًا إنه ممكن يتضاف عامل جديد يغير من الموضوع.. الراجل كان بيقول: أدينا شايفين نموذج حماس، ومصر ماينفعش دلوقتي يكون رئيسها إسلامي.. طب إيه اللي جد؟! مين اللي زقك؟! إيه اللي خلاكو تاخدوا التصويت تاني في مجلس شورى الجماعة عشان النتيجة تطلع بتأييد ترشيح رئيس جمهورية منكو؟! هي كان إيه الحلاوة في أم الرئاسة يعني؟! ليه آمنتو لأمريكا وللدولة العميقة؟! مين اللي زن في ودانكو وقال لكو انتو فصيل كبير ولازم يعتمد عليكو في إدارة مصر وفي المرحلة القادمة؟ ليه استعجلتوا؟ ليه ورطتوا البلد كلها معاكو في المرحلة الحساسة دي؟! طالما انت عارف إنه في زفت دولة عميقة، يبقى الإصلاح - حتمًا - لازم يكون من تحت. انت عارف كويس إنك مش هتعرف تصطدم مع مؤسسات الدولة اللي اتربِّت على إيد نظام حسني مبارك، وعارف كويس إنهم يعرفوا يفشِّلوك كويس.. رغم إنك قعدت تتملحَس برضو، للشرطة والجيش - كيان الدولة القمعي بالأساس أيام حسني مبارك - إلا إنه برضو قلبوا الطاولة عليك، وكلهم بلا استثناء اتشفوا فيك. 

كان إيه المشكلة إنك تفضل فصيل سياسي قوي جدًا في البرلمان، مفيش قانون مش عاجبك ميعديش من تحت إيدك، والناس عارفاكو إنتو مش بتوع فساد، ساعتها كنت هتستأصل جذور الفساد، هياخد وقت ماشي بس الناس معاك، ومش هتواجه ثورة مضادة ولا زفت، لكن انتو بالطريقة دي استُخدموا من دون ما تشعروا في حريق المشروع الإسلامي بصفة عامة. والناس بسهولة جدًا بتتأثر بالإعلام وبالباطل بتاعه..

المشكلة، إننا فقدنا الثقة بالمطلق في التصويت، الجيش بقى مؤسسة فوق الحساب، والغلط فيه بقى زيه زي الغلط في المقدسات.. مش مسموح تقول الجيش بيظلم بالمحاكمات العسكرية، مش مسموح تقول الجيش ذبح الناس عند الحرس الجمهوري مش مسموح تقول الجيش عمل وسوى فينا من بعد الثورة.. مش مسموح المساس بالمؤسسة "الوطنية" دي.. أصل المساس بها مساس بالبلد.. عشان أسطورة آخر عامود في الدولة وإلا الدولة هتقع! كأن الجيش لازم يفضل على وساخته وإلا الدولة هتقع!! وإننا لازم نتقبل مبررات الجيش الواهية على كل مصيبة والتانية يعملها عشان ياعيني مالناش سبيل غير كده.. ما هو الجامد اللي مع السلاح الكتير اللي كده كده كلمته بتمشي اللي عمل انقلاب عسكري واضح زي الشمس وعشان هو قال إنه تأييد للإرادة الشعبية مبقاش انقلاب عسكري وبقى فعلًا تأييد للإرادة الشعبية!

وهو بأمارة إيه الجيش ده برة لعبة المؤامرة على البلد وسلب إرادتها، حتى لو توافر في قيادة الجيش ناس وطنيين للأسف لا يملكوا يقولوا لأمريكا لأ. بأمارة إيه؟ إذا كان أمريكا هي الداعم العالمي الأول للجيش المصري وهي اللي مسلحاه! وكل واحد غشيم هييجي يعمل فيها دكر شوية وهيعرف التيتة ويرجع ينخ تاني.. زي مرسي أما جه مسك كده.. راح قابل ويمين وشمال، وسوريا ومش سوريا، لكن أما الأيام مشيت عرف حجمه الحقيقي.. إحنا نسيبك تقول سوريا وإيران وكل حاجة، لكن في النهاية هتلزم حجمك.. وتعرف - ويا للمأساة - إنه قبل كل خطوة تخطوها عشان تبقى ماشي في السليم لازم تستشير ماما أمريكا، وإلا هتقلب الدنيا كلها عليك، وهتقلبها عليك آجلًا أو عاجلًا بس أما دورك يخلص! لازم ساعتها تتحرق..

طلع الناس دي قبِّبهُم ع الوش، وخلِّ كل اللي بيأيدوهم/يتعاطفوا معاهم/ بيتمحلسوا لهم يقبوا معاهم هم كمان، ويبقى الطيور كلهم في العش، واحرق كل النماذج دي مرة واحدة.. وارجع تاني للنموذج القديم المستمر، بس ساعتها قطاع واسع من الشعب هيبقى معاك.. أصل إحنا - فضلًا عن كون الناس دي فشلة - فشِّلناهم كمان، ولعبناهم بالعصا والجزرة..

تخيل دلوقتي القوة اللي بقى فيها وزير الداخلية إنه يقول: إحنا لازم نرجع ضباط أمن الدولة والنشاط الديني تاني، القوة اللي هو فيها دي مش بس قوة نظام ومدرعات أمن مركزي وكده، لأ.. الناس معاه.. 

وده يخليك تسأل نفسك سؤال: يا عمي ما الناس مبسوطة كده؟! إذا كان أغلبية الناس موافقين إنه اللي يتكلم بعد كده بغير اللي يشوفه السيسي يطرقع له.. أغلبية الناس كده.. هتفرض انت عليهم إرادتك بمناسبة إيه؟! الناس بتشوف 200 واحد بيتقتلوا ولا حتى بيترحموا عليهم ولا يستنكروا أسلوب القتل.. ده لو كانوا شوية فراخ كانوا تأثروا لهم عن كده.. بس هتعمل إيه؟!!! مينفعش تحُط قناعتك وضميرك في الرمل.. مينفعش عشان كَثُرَ الخبث تعمل من هولندا وتقول ما هي بلد وسخة.. لأ! اللي له مبدا يفضل ثابت عليه، مش عشان البلد - للأمانة يعني - بس عشان أما يلقى الله يعرف يقول له إيه.. لعل الله يجازيه خيرًا أن كان يقول كلمة الحق في وجه السلطان الجائر.. وهنا السلطان الجائر مبقاش ديكتاتور وبس، بقى ديكتاتور ومعاه الشعب بتاعه.. فيا تعيش بكرامتك وتموت على كده، يا تعيش مذلول وهتموت برضو.. كونك رضيت بالذل مش هيزود في عمرك ثانية واحدة.. والله ما هيزود في عمرك ثانية واحدة..

اللهم أرِنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرِنا الباطلَ باطلًا وارزقنا اجتنابه، اللهم انصر عبادَك المُستضعفين.. إنك ولي ذلك، والقادر عليه.

الافتقار إلى الله..

لعل الحكمة اقتضت نفاذ كل الأسباب لنلجأ إلى اللهِ وحده، ولننُقي قلوبنا من التعلُق بالأسباب لتتعلَّق باللهِ وحده. وأننا لا نأخذ بالأسباب إلا لأن اللهَ أمرنا بذلك، فالنتيجة تكون من فِعلِ الله وحده.

لعل هذه الأيام تعلمنا "الافتقار إلى الله" كما ينبغي..

مش مستغرب..

مش مستغرب من تصرفات الداخلية والجيش القمعيَّة فضلًا عن مؤسسات الدولة اللي التـ*ريص بقى أحد أهم سماتها، ولا هبِت في بياناتهم عشان خلاص التلات سنين اللي فاتوا كفيلة إننا نعرف هم إيه وإن بياناتهم دي مالهاش مكان غير التواليت، إنما اللي صادمني - ويبدو إني ساذج فده - البشر اللي مرة واحدة قلبت البوصلة بتاعتها وبقت تبدي تفهمها للمذابح وبتديها غطاء سياسي كمان. وبقت تكرَّر كلام الإعلام اللي من عينة: قلتوا نفسهم، أصل معاهم سلاح، أصلهم إرهابيين، واللي بقى يصدق لستة الاتهامات اللي بيطلَّعها الجيش كل ما يتزنق وبقى يتبنَّاها عادي جدًا. الصدمة مش أبدًا في الشخصيات العامة - حتى اللي منهم كانوا بيتشدَّقوا بالإنسانية يا مُنى - ولا الناس اللي على رؤوس مؤسسات الدولة، الصدمة في الناس صُحابنا اللي حوالينا اللي انت كنت شايف فيهم إنسانية ونُصرة للمظلوم أيًا كان تبع إيه. تُصدم إنك تلاقيهم مرة واحدة بقوا يصدقوا كلام ‫#‏عسكر_كاذبون‬ وبقوا يشدّوا من أزر ‫#‏داخلية_بلطجية‬ وبقوا يشربوا من كلام إعلام الدعارة اللي شَنَّع عليهم هم نفسهم قبل كده وكان بيقول عليهم بلطجية ومأجورين وأجندات والهطل ده!

إحنا داخلين على أيام سودا، لا ملجأ فيها إلا لله، ولا منجا منها إلا إلى الله. يا رب دَبِّر لنا فإنا لا نُحسن التدبير.


----
نُشِرَت على الفيسبوك السبت 27 يوليو 2013، وكانت بالإشارة إلى مذبحة المنصة التي قامت بها الداخلية بحق معتصمي رابعة العدوية.