الثلاثاء، أبريل 23، 2013

بحثًا عن الإنسانية - قصة قصيرة جدًا



حالة الاستغراب انتابتني فقط حينما أجلسوني أمام الطبيبة النفسية، يقولون أنها فقط تريد التأكد من سلامة أعصابي وصحتي النفسية بعد حادث أمس، غير ذلك من الأحداث لم أستغرب له مُطلقًا، بل كنت أرى أنه إذا ما غايرت تصرفاتي ما فعلت لكان هذا العَجَب فعلًا..

ماذا كان عساي أن أفعل إذ علمت بهجوم البلطجية على العمارة، وأنهم يداهمون الشقق شقًة شقًة فينهبوا ما فيها ويقتِّلوا بعد ذلك أهلها أبشع القتل.. توقف عامل الإنسانية لدي تمامًا وتحولت لجزار يرى في هؤلاء البلطجية عجولًا عصيًة عليه لا أكثر.. فانتظرتهم بالبلطة في يد والساطور في اليد الأخرى، ومن طمعهم بسبب استسلام معظم أهل العمارة لما يفعلون بهم ظنوا أن الباقي سيكون لقمة سائغة لهم فقالوا توفيرًا للوقت يوزعون أنفسهم هجّامين على الشقق.. فيعملون على القتل على التوازي.. فكان من نصيبي فردٌ منهم، وكنت أرى من بلكونة العِمارة سيارتهم البِك أب التي تنتظرهم بعدما يظفروا بالغنيمة فتطير بهم حيث يلقون جتتهم النحسات على سرائرهم ليستطلعوا صباحًا جديدًا لقتل جديد..

فلما رأيت الهجَّام بزغ من ظلام السلم بطحته بالبلطة بيدي اليُمنى، ثم أجهزت على رقبته بالساطور.. لم يفزعني على الإطلاق الدماء المتناثرة من عروقه ولم أُلقِ بالًا لحشرجة صوته وهو ينازع الموت.. بل لقلة خبرتي بمسائل القتل خشيت ألا يكون قد قُتِلَ بالكامل فأكدت قتلي له بأن طعنته بالساطور في بطنه.. حتى مات ولم أعُد أسمع له صوتًا.

لم أشفق عليه حتى وإن كنت قد أطَلت النظر في وجهه الملطَّخ بالدماء، بل أمعنت النظر فيه وكل ما جاء بمخيِّلتي كم سفك دمًا، كم اعتدى على الناس من قبلي، كم سرق، كيف تبخَّر كل ما يمُت للإنسانية منه هو ورفقائه.. فقط أنفت نفسي مما قد تسبب جثته من رائحة ببسطة السلم فطلبت المصعد ثم ألقيته فيه وضغط على زر الأرضي، لينزل المصعد لإخوانه الكلاب لعلهم يعرفوا أن سفك الدمِ لم يعُد حِكرًا عليهم فقط وإنما بفضل إحساس الغابة الذي نعيشه صار للكل حق السفك لأقصى درجة.. 

أؤكد لكم لم أنهار تمامًا بعد الأمر، بل من فزع هم أصدقائه الكلاب، فلما رأوْا جثمانه سائحًا في دمِه ولوا هاربين..

نظرت من البلكونة عليهم وهم يصرخون باسم الفعل الذي يعني الاعتراض بملء فيهم، ويخبِّطون على صاج البيك أب لينطلق سائقها.. 

لعلهم ظنوا أن جنًا قتل زميلَهم فصرعوا من ذلك؟

أو لعلهم ظنوا أنهم أصابوا عمارة زميل لهم في البلطجة..؟

لم أهتم، ودخلت للمطبخ فوضعت الساطورَ مكانه وعلقت البلطة على الباب، فغسلت يداي من أثر الدماء، ثم تجرَّعت قليلًا من الماء، وجلست على أريكة غرفة المعيشة أشاهد التليفزيون..

حتى على ما يبدو ذاع الأمر، فأرسلوا لي بعد تبيّنهم من القصة أنني كنت في حال دفاع عن النفس، ولكنهم رأفًة بحالي فيما ظنوا أرسلوني للطبيبة النفسية ترى ماذا تهتَّك من أعصابي أو لعلي فقدت الإنسانية مثلًا!!

وهذا هو العَجَب العُجاب.. وهل في البلاد ما هو إنسانيٌ أصلًا؟!

وقتها لم يأتِ على مخيِّلتي أن أتصل بالنجدة لأني أعرف أنه ليس لها من اسمها نصيبًا على الإطلاق، ولأنني واقع الأمر فضَّلت أن تكون النهاية: فيتاليتي دراميّة.. وقد كان..

لو ندمت على كل شئ فعلته بحياتي فلن أندم مطلقًا على قتل هذا المتأنسِن جسدًا حيوان الحقيقة.. الذي جرَّفت إنسانيَّتَه كما جرَّفت إنسانيَّة إخوانِهِ مادية المجتمع وشهونته وفقره وظلمه وجهله!

كيف تعيب رسميات المجتمع عليّ فعل هذا وهم يشرعنون قتل الآلاف تحت حجج واهية..

وهم يشرعنون إبادة الناس لأنهم يطلبون حريتهم تحت اسم هيبة/شماخة/وحدة الدولة وحمايتها؟

وهم يشرعنون اجتياح البلاد تحت اسم نشر الحرية؟!

وهم يشرعنون قوانينًا لا تمت للعدالة بصلة؟!

وهم يشرعنون إعاشة أقوام وقرى وشعوب تحت خط الفقر بأميال لأنهم قرروا أن هذا هو حظهم من الدنيا..؟!

وهم يقلبون الحرام حلالًا والحلال حرامًا ليماشي دنوِّهم؟!

ويفصِّلون من القوانين ما يضمن مكوثهم على صدور العِباد وما يضمن مصّ قوتِهم؟!

أما تراها قصة خياليّة، والخيال فيها أن أرسلوني للطبيبة النفسية.. لأنه في الحقيقة لا اعتبار للمعنويات والنفسيات أو الإنسانيات بصفة عامة في بلادنا هاهنا..


الاثنين، أبريل 15، 2013

متلازمة الفشخرة!



بعد نكسة يونيو 67، دخل الشعب المصري في حالة من الكآبة والإحباط خاصًة بعد ما كان يظُن في جيشِه أنه الجيشَ المغوار الجبار الذي سيرمي إسرائيل في البحر، وكان سبب ذلك في الأساس نجاح إعلام نظام عبد الناصر الذي أُحيل إليه المسئولية الكاملة عما حدث بالحرب ومن بعده مسئولي الجيش المصري حينذاك.. إلا أنه وبعد الحرب لم يستسلم عبد الناصر وحاول إفاقة جيش مصر العتيد من غيبوبته وبالفعل بدأت حرب الاستنزاف وبدأ وضع الخِطط التي فيما بعد مهَّدت لحرب أكتوبر 73 التي يُنسَب شرفُها للرئيس السادات - رحمهم الله جميعًا - ثم للأسف ضيَّع شوكتها باتفاقية كامب ديفيد فيما بعد.

المهم، أن الفضل يُنسَب دائمًا للسادات وحده بحُكم أنه كان رئيس الجمهورية في هذا الوقت وهو صاحب قرار الحرب بدايًة ونهايًة، ولل\أسف نصيب حرب الاستنزاف وما تبعها من استعدادات الجيش المصري للحرب يُهمَل، والقائمون على ذلك لا تجد لهم ذيعًا ولا صيتًا في التاريخ إلا للمحقِّقين والدارسين. 

أسأل الله تعالى أن يجزيَهم عنا خيرًا، وأن يكون قد كُتِبَ لهم الإخلاص فيما عملوا..

القضية هنا أن التاريخ، شاء أم أبى.. ينسِب الفضل في الأمر لمن حدث في وقته الإنجاز، ولو كان جاهد في ذلك من قبله أناسٌ لعقد طويل من الزمن. وحتى لو كان ذلك "المحظوظ" في هذا الوقت ابن ناس كفاية ألا ينسب لنفسه الفضل كله في الأمر فإن من حوله من المطبِّلاتيَّة يسعون لنسب الفضل كله إليه إما تقربًا إليه أو لحسًا لحذائه بحُكم العادة ليس أكثر.

حسني مبارك لما تولى الحكم اهتم بالبنية التحتية في معظم الأحوال، ومن ثمار ذلك مشروع مترو الأنفاق ووسائل النقل المتعددة.. ما افتُتِح في عهد مبارك نال الصيت كله ونُسِب الفضل في ذلك كله لمبارك، بل جاوز ذلك المدى أن نسبوا حرب أكتوبر - نفسها - له هو بدلًا من السادات - الذي كان يتربَّع على عرش المديح وقتها لا غيره - بحُكم أن الرجل صاحب الضربة الجوية الأولى وشارك في الحرب وإلى آخر هذا الحديث المُمِط والمُمِل.. 

كنت أظن أنه ومع يقين النظام الحاكم بقوة التكنولوجيا وأن التاريخ لم يعُد حِكرًا على قارئي كتب هيكل وغيرهم من أبواق السلطات في كل الأوقات، أنه لن يعيد مثل هذه الزلات من جديد، فينسب لنفسه ما لم يساهم فيه، لم يساهم فيه بتاتًا.. إلا إذا اعتبرنا أن ترك الإنجاز يُنجَز من غير عائق إنجازًا.. 

وإن كانت المصادر ليست الرئاسة الرسمية، تشُن حملات الإخوان حاليًا نسب تصنيع أول مترو في مصر أنه بداية النهضة، ومن هنا نجد أن الثقافة هيَ هيَ لم تتغير.. 

تستعجب أنه وبرغم من علم الجميع أن الجميع بإمكانه بنقرة بسيطة معرفة أصل وفصل الأخبار، برغم ذلك يستفحلون في ضرب الأخبار ونسب الإنجازات لذويهم كذبًا فقط لنيْل أي تأييد شعبي، ربما لأن الانتخابات البرلمانية آتية لا محالة مهما حاولوا تأجيلها!

مشروع المترو المصري هو - مبدئيًا كده - ليس تصنيعًا مصريًا على الإطلاق، فعربات المترو ومسلتزماتها كلها من تصنيع شركة ميتسوبيشي، وشركة كينكي شاريو، وشركة توشيبا.. فقط سيتم التجميع هنا في مصر على يد شركة مصرية،

تفصيلًا اقرأ الرابط من شركة ميتسوبيشي: 

http://www.mitsubishicorp.com/jp/en/pr/archive/2010/html/0000010933.html

The contractual scheme has Mitsubishi Corporation acting as main contractor, with Kinki Sharyo in charge of manufacturing car body and bogies, and Toshiba supplying electrical equipment. The assembly work for Line 3 Phase 2 will be carried out by an Egyptian rolling stock manufacturer

فضلًا، فالتعاقد على هذا الأمر كان وقت حكومة الدكتور نظيف، يعني أيام مبارك..!

وبالتالي فإن كان فضلٌ يُنسَب إلى الرئيس مرسي أو إلى من كان في الحكم من قبله - المشير طنطاوي - ففقط يُنسَب له أنه لم يعطِّل المشروع.. وهذا في رأيي شئ منطقي وبديهي! اللي يعطَّل حاجة زي كده من غير سبب وجيه يبقى رِمَّة الصراحة ده مشروع قومي! يستحي المرءُ أن يمضي في هذا الهطلِ حديثًا..

يعني المترو مش مُصنَّع في مصر ولا حاجة، ده متجمَّع بس.. وده كويس.. بس يقولوا كده من الأول،

وأصلًا التعاقد على الموضوع ده ابتداءً تم وقت نظام حسني مبارك البائد..

ومن هنا، يتبيَّن.. أنه حتى لو لم تعلن المؤسسة الرسمية الحاكمة أن الإنجاز يُنسَب لها رسميًا، فإن من بين أبنائها المؤيدين من يبادر.. وللأسف، قد يتولى هذا الابن منصبًا حكوميًا رفيعًا يلتقط فيه مذياع الإنجازات بشكل رسميّ، وهنا تُعاد كرة الكذب وأبواق النفاق من جديد..

أتمنى من الله أن يوفَّق مرسي لفعل أي شئ إيجابي لهذا البلد، للأمانة ليس من أجله هو، وإنما من أجل الشعب الذي عاش عقودًا على البؤسِ والفقرِ والجهلِ والجوعِ والمرضِ.. والكذب!

الأربعاء، أبريل 10، 2013

سردُ الآلام، وحقيقة العيشة!



بالتحامٍ بسيطٍ لك في الشارع مع إخوة كادحين يكافحون في هذه الحياة تكتشف أن الواقع مغايرٌ لأرضية العالم الافتراضي من فيسبوك وتويتر، وتعلم جيدًا أنه لمعرفة ما يجري للشعب المصري فإنه عليك - بديهيًا - أن تنزل للشارع المصري لا أن تكتفي بتتبع الأخبار من على الانترنت، يُرسل الحق تعالى رسائل إلينا وعلامات لعلنا نهتدي لما يُنجز لنا هذه الدنيا على خير ولكننا نأبى إلا أن نضيِّعَ أوقاتَنا على الهالِكِ من سُخريات الفيسبوك وحواديته المُستهلكة.

فيما مضى كان استخدام العالم الافتراضي مقتصرًا على التنفيس من واقعنا، على مستوى المنتديات أو المدونات أو الميلات المرسلة، أما الآن احتل الواقع الافتراضي مكانًا عظيمًا على حساب العالم الحقيقي.. الكل يريد أن يعمل "شير" ويغرِّد بما ألهمته حكمته اللؤلؤية بشأنِ موقف ما، تمكَّنَت شهوة الكلام منا حتى صار المغبون منا يعتقد أن العالمَ كلَه ينتظره أن يدليَ بدلوِه ويشتاق لمعرفة تحليلاته وتعليقاته وتفسيراته لما يجري وتوقعاته لما هو قادم، وظنَّ معظمُنا أن العالمَ الافتراضيّ أصبح هو الأصل، بينما الحياة الطبيعية يا إخوة هي الأصل!

الانفصال عن الواقع لن يمحوَ كآبته وكسرته، وكثرة الارتباط بفيسبوك وتويتر تُسَرِّع من توالي الأحداث وتضخِّمها وتشعِّبها فتجعل من الحدث التافه أسطورة هائلة يتكلم الجميع عنها،

مثلًا، حينما كتب أحدى صحفيي قطر مقالًا قال فيه ما قال عن مصر والمصريين مما حُمِل على السُخرية، لو كان حدث هذا الأمر من قبل أن يولَدَ فيسبوك وتويتر لعلنا لم نسمع به قَط، ولعل تناقلته صحيفة أو أخرى لن تصلَ إلى كافة المصريين، أما الآن، وعلى تفاهة الحدث، اشتعل الأمرُ سُخريًة من دولة قطر بكاملها، ومن كل الشعب عن بكرة أبيه، وانتشَت لدينا حواس العنصرية المتأصِّلة فينا فلعبنا على أوتار صغر مساحة الدولة وقلة عدد السكان، وإن كان واقع الأمر لا أدري إن كانت هذه سُبَّةٌ لهم أم لنا.. 

وكذلك، من قبل، لما حدث ما حدث وقت مباراة مصر والجزائر، لا أعادها الله تلك الأيام، ظل الفيسبوك يشعل نارًا للفتنة بين شعبيْ الدولتين، حتى كادت العلاقات على المستوى الرسمي تنهار، وكل فريق يتصيَّدُ نواقصَ الآخر ويصطنع السُخريات بشكل عنصريّ فجّ عاد بنا إلى أقبح عصور الجاهليّة.. لو أن الدنيا كانت في مقامها الطبيعي لما حدث كل هذا الهرج والسَّفَه..

ومن ذلك أيضًا، قُبيْلَ مباراة الأهلي والمصري ببورسعيد، تناوب جمهورا الفريقان السُباب والأغاني الحماسيّة التهديديّة، وساهم فيسبوك في نشر هذا التهييج حتى أصبح عنصرًا فيما حَوَت الأحداث من هرج وعنف عَمَّ المجزرة المؤسفة هناك..

وأخيرًا وليس آخرًا، تأتي إسهامات فيسبوك وتويتر في إشعال الفتن الطائفية غاية في الروعة والإتقان، وأسهل ما يكون على أي تافه أن يشعل نيران الفتنة بين مسلمي مصر ومسيحيّيها، بضغطة شير لفيديو يصوِّر اثنيْن يتعاركان - في الغالب يكون السبب لا علاقة له بالطائفية - إلا أن الأحداث كانت قُرب كنيسة أو بين مسلم ومسيحي.. بضغطة شير بسيطة جدًا تنتشر على حوائط الكام مليون مصري المشتركين في فيسبوك، كفيلة تمامًا بتوليع الدنيا، والدعوة لمظاهرات احتجاجية يعقُبُها اشتباكات من الفريق الآخر.. والموضوع أساسُه "خناقة" بين عائلتين..

دعني أقول، أنه ليس واجبًا على سيادتك أن تنقل كل ما تراه عيناك لجموع المصريين، اثنان تعاركا ما الفائدة التي ستعم على المجتمع أن يعلم الجمعُ أنهما تعاركا وأنهما - ويا للنشوة - مسلمٌ ومسيحيّ.. بل يتعيَّنُ عليك أن تضع الأمور في نصابها فلا تنقل إلا ما يفيد..

الخبر إما صادق وإما كاذب، فإن كان كاذبًا فلا تنقله قولًا واحدًا، وإن كان صادقًا ففكِّر بعقلك الذي منحك اللهُ إياه هل تعود فائدة على الناس إن نشرت الخبر؟ إن كانت الإجابة "لا"، فقولًا واحدًا لا تنشُر الخبر.. ما بالك إن كان نشر الخبر يضُر ويُحَمَّل على غير حقيقته، ويتلاعب به أصحاب القلوب المريضة لإفشال البلاد أكثر مما هي فاشلة!

لقد مات الضمير وماتت روح المسئولية فينا، وتوحَّشت فينا أمراض العنصرية، واللامبالاة، والظُلم إن غاب الرادع، وكراهية الآخر، وعدم الموضوعيّة، وغياب الإنصاف، وحُب الظهور، والعُجب، والفتي! كل هذا يتمثَّل لك كيانًا قبيحًا متمثلًا في الفيسبوك، إلا ما رحم ربي من أولي الألباب.

ابتعد عن صخب مواقع التواصل الاجتماعي - أو التنافر إن شئت - وضَعْها في حجمِها، فإنها تقتل القلوب بدم بارد.. واتَّصِل أكثر بالشارع إن كنت بالفعل "محروقًا" على هموم الشارع المصري ولا تكتفِ بالجلوس أمام فيسبوك وتويتر تلعن وتسُب في المسئولين اكمنُّهُم - وهذا واقع في كثيرٍ من الأحيان - مش مسئولين!

فإذا كنت تـ "شير" عن أزمة السولار على الفيسبوك، حاول أن تلتحم بالحركات المهتمة بالعمل في الشارع لحل هذه الأزمة ولتتواصل مع من لهم صِلة بحل هذه المشكلة، أما نشر النِكات واللطائف حول المشكلة فلن يُجدي نفعًا ولن ينشُرَ إلا الروح السلبية ويعمِّق اليأسَ في نفوس الناس.

انزل لتعرف كيف يعاني الكادحون بسبب اختفاء السولار وغلاء الأسعار، انزل لتعلم أن غيرَك من الموظفين لا ينالون مرتباتهم إلا كل ثلاثة أشهر شهرًا، انزل الشارع كيف تعرف حقيقًة ما وضع الخُبز وكيف يتطاحن البشر على المخابز لنيل لُقمة العيش.. انزل الشارع اركب المواصلات لتعرف أن سيارتك هذه نعمة رفاهية ستُسأل عليها فاشكرها واحمد ربَّك عليها فساعِد غيرك.. 

انظُر كيف يفسد النشء الجديد إذ يربيهم آباؤهم على الترف والدلع و"المــــادية" البحتة، وفكِّر أترضى ذلك لأولادك وأولاد "عشيرتك"؟ أم أنه عليك أن تفعَلَ شيئًا في هذا الصدد؟! أي شئ؟!

انزل الشارع وانظُر كيف علام يتربى ابن الشارع؟ وكيف يُنتجُ البلطجيّة؟ وما أصل البلطجيّة؟

انزل الشارع و"شوف" كيف حال التعليم الحكومي في مصر؟ 

اقرأ مناهج التعليم المصري؟ تُرى ماذا يتعلم أولادنا؟ كيف يعلمهم معلموهم في المدارس؟ وهل يا تُرى معلموهم أساسًا مؤهلين لتعليمهم؟ وهل تظّن أن معلميهم - أساسًا - يأبهون لتعليمهم بشكل ينبتهم نباتًا سويًا؟ طيب، هل يمكن لك أن تساهم في تحسين هذا الأمر؟

تُرى كم نسبة الأمية في المصريين الآن؟ ما ترتيبنا في مصافِّ الدول؟ وهل يمكن لك أن تساهم في تحسين هذا الأمر؟

كيف تنهض الأمم؟ هل تنهض بقرارات من حُكامها فقط؟

تُرى لو وُلِّيَ علينا أوباما، ماذا عساه أن يفعَلَ في مستنقعاتنا هذه؟ 

لو وُلِّيَ علينا أفضل حُكّام العالم في الوقت الحاضر، هل ستنهض مصر؟ 

إذا كانت الإجابة نعم: ماذا سيفعل هذا الرجل لينهض بمصر؟ وهل يمكن أن تساعده أنت في ذلك؟ كيف؟ 

وإذا كانت الإجابة لا: ماذا أذًا الذي ينهض بالأمة؟ الشعب؟ وحده؟ هل يمكن أن يتحد الشعب وحده على هدف قومي واحد يعمل الجميع من أجله من غير توجيه عام من الحاكم؟ 

هل الشعوب تُربّى؟ ما الذي يُربِّي الشعوب؟ الخبرة على مدار العصور؟ إذا كانت الخبرة، هل معنى أن ذلك أن الشعوب لا تقع في نفس الخطأ مرتيْن؟ أم أنه الحسم في تطبيق القانون هو الذي يُربّي الشعوب؟ أم أنه انتشار المجتهدين في وسط الشعوب يطوِّرُ الشعوب ويصلحها ولو طال بذلك الأمد؟

انظر ماذا يمكنك فعله وافعله.. الحياة قصيرة!

اعترف من داخلك أن الحياة قصيرة، لعل ذلك يغيِّر من سلوكِك شيئًا ما..

السبت، أبريل 06، 2013

عُمَر ورسول كِسرى - حافظ إبراهيم


وراعَ صـــاحبُ كــِسْــرى أن رأى عُمَرًا **** بَيـْـنَ الرَّعِيَّــةِ عطــلًا وَهُـــوَ راعــيها

وعَــهْـــده بـِـملــوكِ الـفُـــرْسِ أنَّ لــها **** سورًا مِنَ الجُنْدِ وَ الأَحْراسُ يَحْميها

رآهُ مُسْــتَغْــرِقـًـا في نَــوْمِــهِ فَــــرَأَى **** فيــه الجَــلالَةَ في أَسْمـى مَعانيـها

فَوْقَ الثَّرى تَحْتَ ظِلِّ الدَّوْحِ مُشْتَمِلًا **** ببــردٍة كـــادَ طــــولُ العَـــهْدِ يَبْليــها

فـــهــانَ في عَـــيْــنِه ما كانَ يَكْـبُــرُه **** مِنَ الأَكاسِــــرِ وَالدُّنْيــــا بِأَيْـــديــــها

وَقــــالَ قَـــوْلةَ حَـــقٍ أَصْــبَحَــتْ مَثَلًا **** وَأَصْــبَحَ الجــيـــلُ بـَـعْدِ الجيـلِ يَرْويها

أمِــنــتَ لَــمَّا أَقَــمْــتَ العَـــدْلَ بَيْنَهُم **** فَنِــمْــتَ نَــوْمَ قَـــريــرَ العَيـْـنِ هانيها

الثلاثاء، أبريل 02، 2013

النظام المستبد..



النظام المستبد إما أن يستبد وهو منغنغ شعبه، يعني الناس تاكل وتشرب وتعيش وتبغدد بس اللي يقرب ناحية السياسة ولا اللي يقرب للسياسة يتشفلح،

وإما إنه يستبد وهو مُفقِر لشعبه ومعيِّشهم الضَّنك.. في الحالة دي لازم يخترع له سبب هو ليه مستبد ومتشبِّث بالسلطة، بأمارة إيه يعني وانت معيِّشنا ع الكِفاف،

فلازم يكون له فِكر وهدف قومي عارم موجود عشانه، ولازم العالم كله يكون بيتآمر عليه وعلى فكرته اللي بتحمل في طيّاتها - طبعًا - العدالة للجميع والتحرر من الاستعمار ابن الكلب اللي محاوطنا وقارفنا في عيشتنا..

وبكده، أي كلمة اعتراض له بينسبها علطول للمؤامرة، والمتآمرين، والخونة، واللي عايزين يعطَّلوا ركب الحرية والعدالة الاجتماعية والاستقـــــلال!

ولازمًا وحتمًا يكون للنظام ده عدو خارجي معروف للعوام، حتى لو لم تكن تصرفاته توحي إنه بيعاديه خالص، يدوبك هم البُقين اللي بيصحِّي وينيِّم الناس عليهم.. عشان يفضل قوي وتفضل فكرته ذات شوكة على شعبه، كونها هزيلة ومضحكة للناس برة ده شئ ميهمِّش.

ومن هنا، نظام زي نظام بشار الأفاك.. لازم يبرر هو ليه موجود، وليه مش سامح لحد يفتح بقه في السياسة.. وتبريره بييجي إنه هو دولة الممانعة الوحيدة اللي في وش إسرائيل..

قل لي ماذا فعل النظام السوري البعثي لاسترداد أرض الجولان؟ ده على سبيل المثال..

فقط يحتفظ بحق الرد..

حق رد إيه؟! ده بيستوردوا من الجولان تفاح.. والحياة ترللي..

وبرضو أنا مش بقول إنه عميل للكيان الصهيوني..

الله أعلم،

لكن اللي متأكد منه.. إنه وجود مثل هذه الأنظمة البالية اللي بتجعجع بالتحرر والاستقلال والحرية وهي بتبطش بشعبها هو أحسن ضمان لوجود مثل الكيان الصهيوني قابعًا في فلسطين وحاسس بالأمان الكــامل..

عشان هي عارفة كويس إن دول مش هاممهم غير إنهم يبقوا على سُدة الحكم، وعارفين كويس أوي إنهم لو نزلوا عنه حتكون نهايتهم مأساوية.. زي نهاية القذافي كده..

في مقولة قرأتها اليوم لونستون تشرشل بيقول: "الحاكم الظالم .. أشبه بالراكب على ظهر نمر .. يقوده بالضرب، ولا يستطيع أن يترجل منه أبداً و الا افترسه".

لازم ما ننخدعش في أصحاب الأبواق الواهية.. اللي آخرهم يضربوا لهم طلقتين في الهوا عشان يقولوا إحنا ممانعة.. وهم أخبث الكيانات وسط الأمة..

مش عارف لما ينهزم بشار بإذن الله مستقبل سوريا حيبقى إزاي.. الكل حيطمع فيها طبعًا، ومحدش حيسيبها تقوم صَح.. لكن أستغرب جدًا من اللي يجيب اللوم على اللي قاموا بالثورة هناك وطهقوا من القهر والكذب، ومجيبش اللوم أبدًا على شهواني السلطة وأمثاله اللي بيخربوا البلد يوم بعد يوم..

حسبي الله ونعم الوكيل في كل تجبَّر وظلم وقتل أنفس بغير حق..

حسبي الله في اللي بيساند ويدعَّم بفلوس وسلاح وناس كل متجبِّر..

ويارب اهديني واهدِ الجميع للحق والصواب وارزقنا الإنصاف والموضوعية، وعلِّمنا إزاي ندور على الحق وعرّفهولنا يا رب.