الأحد، نوفمبر 19، 2017

الحمد لله الواحد الأحد!

سبحان الله العظيم، تبارك اسمه وجل شأنه. لك الحمد يا رب العالمين أنك ربنا، اللهم اهدنا واهد بنا وثبت على الحق قلوبنا.

كل ما سوى الله ناقص، مفتقر، محتاج لغيره.  تفرد الله العظيم بصفة الكمال والبهاء، وخلق خلقه متباينين في الصفات.. فترى الأسمر والأشقر، والطويل والقصير، والبدين والنحيف، وهادي الطبع والعصبي، والحسن والقبيح، وصاحب الذوق الرفيع وضعيف البصيرة.. وكلهم بشر. وتباينت ألسنتهم وأعراقهم وطباعهم.. وكلهم بشر. لو كانت ماكينة أو قوة عملاقة فانية هي من خلق هذا الخلق لخلقتهم على شاكلة واحدة متكررة، لأنها نتاج تفاعل طبيعي حتما سينتج في كل مرة ذات النتيجة. ولكنك تجد السليم والعليل، فالعليل يبين لك أن وجود السليم إعجاز، والعليل يبين لك أن وجود السليم إعجاز. بديع خلق الله يعجز الخلق أجمع به فلا يستطيعون مقاربته.

أي صدفة تخلق تقلب المشاعر، من حب إلى بغض.. ومن فرحة إلى كآبة.. ومن استبشار إلى هم.. ومن كسل ووخم إلى همة وعزيمة. يخلق في الصبي الصغير مشاعر الفرحة العارمة والضجر العميق.

إن التغير والتباين والتنوع في خلق الله لهو من بديع إعجاز الله تبارك وتعالى، ودليل والله على كونه الواحد الأحد في هذا الكون. إذ لزم أن تفتقر كل هذه المخلوقات الفانية إلى خالق واحد مطلق أزلي لا يتغير..

الحمد لله.

الخميس، يونيو 15، 2017

هل هذه حقيقة حياتك؟!

هل منتهى هذه الدنيا العيش فيها بالأكل والشُرب والتكاثُر وفقط؟

كيف ذلك؟ إذا أين تذهب آيات الذكر الحكيم والتي تتحدث عن قضايا عظيمة ومهيبة وتتحدث عن ضرورة تحمُل ابن آدم لمسئولية هذه الدنيا التي يعيش فيها؟

أين تذهب آيات التحذير من الوقوع في شِراك الفتن بالدنيا؟ أين تذهب آيات إقامة الدين؟ أين تذهب آيات ضرورة إصلاح القلوب مما فيها من أمراض وخبائث؟ أين تذهب آيات الجهاد؟ أين تذهب آيات بذل المال والإنفاق؟

أين يذهب كل هذا إذا كانت غايتك هي الدنيا وقد أصبحت متسقا ومتصالحا مع كونك مسحولا في تفاصيلها التي ستتبرأ منك يومًا ما؟

أين يذهب الدين الحق إذا كان كل ما يشغل بالك هو تلك الدنيا التي ستقول عنها كلها يومًا ما: لبثنا يومًا أو بعض يوم؟

وهل يمكن أن يكون غاية الدين منك الالتزام بظواهره فقط؟ أيمكن أن تكون كل هذه التشريعات والتوجيهات والنصائح والترغيب والترهيب والهدى والحرص من الله سبحانه وتعالى لك لكي - فقط - تلتزم بظاهر الدين؟

إنا لله وإنا إليه راجعون.

الاثنين، فبراير 27، 2017

أقليات أم مصريون؟


في التعامل مع الأقليات، بحسب ما أرى، يوجد لدينا صنفان من التعامل:

- تعامل مع الأقلية على أنها أقلية، وفي هذه الحالة تكون أواصر الحكم والملك للطائفة الغالبة. ويعي الجميع ذلك. حتى الأقلية أنفسهم يعرفون أنهم ضيوف في هذا الوطن. فالحقيقة أنه ليس لهم حقوق، وأن ما يتمتعون به من مزايا ما هو إلا محض فضل ومِنة من الأغلبية. وعليهم إما القبول بذلك أو ترك الوطن. وبما أنهم ضيوف، فأنت تسمع بين كل حين وآخر إطراءات من جانب الطرف المضيف (الأغلبية)، فتسمع مجاملات مثل: "شركاؤنا في الوطن" وهي شبيهة للغاية بـ "أنتم أصحاب مكان"، و"الإخوة المسيحيين" وتلك شبيهة للغاية بوصف أحد ما ليس بأخيك بوصف الإخوة حتى يشعر بالأمان لأنه في غير وطنه.

- ألا توجد فكرة "الأقلية" هذه أصلا، فالكل يعيش في نفس البلد، يتمتع بنفس الحقوق ويلتزم بنفس الواجبات. وحينها، لا داعي إذا للتعبيرات الاعتذارية التي تُصِر على وصف هذه الفئة بصفة اعتبارية خاصة بهم. لأن كونهم أصحاب ديانة مختلفة مثلا لا يهم في شئ. فالقانون المُطبق عليهم واحد إذا. وهذا ما أعرفه عن مفهوم الدولة المدنية الذي طالما صرخوا به على برامجهم الإذاعية أو في بيانات ساساتهم.

بتطبيق المذكور أعلاه - باعتبار أن القارئ يوافق ولو مبدئيًا على هذا التصنيف من هذا الوجه - على مصر، فإنك بمشاهدة تصرفات الدولة سواء رسميا أو على لسان أبواقها الإعلامية يمكنك أن تعرف إلى أي الصنفين ننتمي.

الخطاب المستمر الذي من نوعية: "أشقاؤنا الأقباط هم شريك حقيقي في الوطن" يجعلك - كمسلم مصري - دائمًا تشعر أنك محمل بمسئولية استثنائية تجاه المواطن المسيحي المصري لأنه ضعيف ينتسب لأقلية لا يمكنها أخذ حقها بنفسها فعليك إذًا - بصفتك من طرف الأغلبية المسيطرة - أن تساعده، لأنه مهما رفع سقف طموحه فإنه حتمًا لن يصل إلى ما أنت عليه.

بيانات الإدانة التي تصدر عن مجلس النواب والتي تستنكر استهداف "إخوتنا المسيحيين" تتعامل مع المصريين المسيحيين أنهم ضيوف عندنا مؤمنين ا يجب المساس بهم. تختلف صياغة البيان بحسب الفئة المستهدفة. فإذا كانت الفئة المستهدفة مصريين مسلمين فإن البيان يأتي في إطار عام وأن يد الإرهاب لن تنجح في النيْل من مصر وأن الدم المصري غالي إلى آخره، ولكن إذا كانت الفئة المستهدفة مصريين مسيحيين تتحول صياغة البيان إلى صياغة طائفية تتعمد ذكر ديانة من استُهدِفوا. ثم أن كلمة "إدانة" هذه هي أقرب للجنون من العقل، وكأن الجهة الرسمية التي أصدرت البيان - ووكالات الأنباء الناقلة عنها من بعدها - تتحدث عن عمل إرهابي في بلدٍ آخر.

تعمُد الدولة استخدام هذه الصياغة الطائفية لا يحتمل إلا أمر من اثنين:

- إما جهل.
- أو تعمُد من قبل الدولة على تزكية هذا الشعور عند الناس أننا فِرق.

وفي الحالتين، لا يتحقق مفهوم الدولة المدنية أبدًا.

إذا كان المصريون المسيحيون بالفعل هم مواطنون مصريون كاملو الأهلية، فإنه لا يجب تخصيص ذكر أن الدولة ستنتقم لهم هم دون غيرهم أو أن الدولة تسارع في الكشف عن مجرمي الحادث الإرهابي إذا ما كان الحادث يستهدفهم، وإنما يستقيم الأمر أن تنتصر الدولة لمواطنيها أيًا كانت مللهم طالما أنهم ينتسبون لها. وإلا، فإن هذا أول ما يهدم فكرة الدولة والحدود والذي منه.