الثلاثاء، مايو 22، 2018

الماضي والحاضر..

هل التمسك بالتفاخر الماضي وحضارة الماضي وإنسانية الماضي التي صنعها أجداد الأجداد ثم ضاعت لأسباب كثيرة يعد من الحكمة؟ في ظل حالة الاستضعاف الحالية لأصحاب الصلة والتي لا تخفى على أحد.. ؟

أم أنه وجب على الموجودين اعتبار أنفسهم حيث هم، وأخذ الأسباب كافة للصعود من هذه الحفرة واستطلاع ما يجري حولنا ومحاولة اللحاق بالركب؟

وقد حفظ الله تعالى لنا شرعه الكريم الذي قامت عليه دنيا المسلمين الأوائل في عصرهم، وحفظ بعض العلماء الأفاضل المُطّلعين الذين بإمكانهم التعامل مع القضايا الجديدة الخاصة بعصرنا التي تعسَّر فيها من سبقوهم.. فيعملوا - ويساعدهم في ذلك كل من له استطاعة - على تنظيم الأحكام الشرعية المختلفة في ظل تقسيمات العالم الجديدة هذه وفي ظل توسُع العلوم المُبهر الذي نعيشه في عالمنا وقد فقدنا فيه السيادة تماما، فيخرجون لنا أحكاما بما الذي علينا فعله الآن؟ ما الذي على المسلم العاميّ الذي يسير في الشارع طلبا للرزق فعله حيال القضايا الأممية الكبرى والتحديات التي يعيشها بعض إخوته في بقاع الأرض المختلفة؟ هل هو متحمل بشكلٍ ما للمسئولية بخصوص ما يجري؟ ما الذي يُسقط تلك الفرائض الغائبة عنه الآن؟ كيف ينجو الآن؟

وليس كل مسلم قادرٌ على طلب العلم وتفريغ عذا الوقت له، ولكن عليه تحمل مسئولية فهم دينه، فيفهمه من متخصصيه، الذين عليهم الظهور أكثر وتنويع قنوات تواصلهم مع الناس وأخذ رأي الخبراء في مثل هذه التخصصات، حتى يعرف عنهم العاميّ الذي لا يعرف الفيسبوك ولا يعرف الأكاديميات الشرعية، ويجب تنوّع أساليبهم بحيث تناسب المثقف وصاحب التعليم العالي وكذلك البسيط الذي لا يريد سوى افعل ولا تفعل.

الحمد لله، حفظ الله لنا علماءنا وأساتذتنا، ووفقنا لكل خير.

الأحد، مايو 13، 2018

في التحرش: هل يمكن أن نكون صادقين مع أنفسنا؟

كثيرا ما أقرأ تعليقات الكثيرين حول فكرة التحرش والدافع لها، والأمر غالبا ينتهي بأن المتحرش هذا مجرم وأن تحرشه هو نتاج فكرته التي كونها عن المرأة، فالأمر لا علاقة له بملابسها ولا بصفاتها على الإطلاق.

ولا أختلف مع هذا الاستنتاج بالتأكيد، ولكني أود أن أبحث عن جذور المشكلة بشكلٍ أعمق نسبيا، أو على الأقل من وجهة نظري.

لا داعي لسرد معلبات مكانة المرأة في المجتمع ودورها الفاعل في بنائه، وكيف أن الإسلام كرمها ورفع مكانتها كثيرا إلى آخره من الكلام الحق الذي - للأسف - أصبح ماسخا بسبب استخدامه في غير محله، وتصور أن سردَه فقط يحل الإشكالية.. دون النظر للأسباب الحقيقية وراء ذلك. ما الذي جعل الشباب والكبار من مختلف الطبقات الاجتماعية والمادية ومختلف مستويات التعليم أن يقوموا بهذا الفعل المستنكر، بل ويفعلون ذلك في أحيان كثيرة دون الالتفات لنظرة الناس لهم، بل وفي أحيان أخرى يكونون على ثقة تامة أن الأمر لا يمثل للمجتمع حولهم خرقا للعادات أو خروجا عن الآداب العامة، بداعي أنهن عليهن تحمل عاقبة لبسهن الملابس الضيقة وسط هذا المجتمع الشرقي المحافظ!

على مدار سنين طويلة، استغل أصحاب المصالح من غير ذوي الضمائر الطيبة فكرة الجنس والإثارة للترويج لبضاعتهم، سواء كانت هذه البضاعة عبارة عن منتجات أو أفكار أو ثقافات يريدون نشرها على أوسع نطاق. وفتنة الجنس المُتمثلة في المرأة بالنسبة للرجال فتنة عظيمة، ومؤثرة للغاية ومن ينكر ذلك عليه أن يراجع نفسه بحق. لقد تدمرت عروش وممالك بسببها، وقتل الناس بعضهم بعضا بسببها، ومن يستغرق فيها يفقد عقله حتما.

استغلوا هم هذا الأمر تسويقيا بشكلٍ فج، فصوروا المرأة في مواضِعَ مثيرة ومُلفتة ولصقوها على الألعاب ومختلف المنتجات والأعمال الفنية ليرتبط الأمر ذهنيا لدى الفئات المستهدفة بالمتعة.

وعلمهم بمدى فعالية هذا الأمر، سلعوا المرأة واستخدموها برُخْصٍ لتسويق منتجات لا علاقة بتلك المتعة إطلاقا، كأن يصوروا صورًا لها تسويقا لمدينة سكنية! أو علبة كبريت! واستمرار ظهورها في كل المنتجات الإعلامية من أفلام ومسلسلات وإعلانات ومسرحيات بملابس مُلفتة.. وغيره.

المهم أنه جراء ذلك، انطبعت صورة ذهنية لدى المراهق - الذي سيصبح شابا ومن بعد ذلك كهلا ومن بعد ذلك شيخا - أن المرأة للمتعة وأنها تحب ذلك ولو أبدت غيره إلى آخره من الأفكار المريضة والقذرة التي نرى نتاجها من التصرفات الإجرامية في شارعنا تقريبا كل يوم.

وللأسف الظاهرة منتشرة عالميا، في نظري ان الفارق بيننا دول وبين دول المصاف المتقدم هو في الإجراء المُتبع كعاقبة للمتحرش، ولكن تظل المشكلة الأساسية موجودة وهي دونية النظرة التي ينظرها الشاب المرتكب لمثل هذا الفعل المستنكر للبنت. وعليه، ففي نظري لا حل لهذه المشكلة المتمكنة في جذور ذهن المواطن المريض هذا إلا بتحلي أصحاب الأبواق الإعلامية المنتشرة وأصحاب المصالح ورجال الأعمال بالمسئولية والكف عن استخدام جنس المرأة استخداما رخيصا للفت الأذهان لبضاعتهم. وكما ان الإعداد للبلوى التي نعيش فيها الآن أخذ وقتا طويلا، فإن التخلص منه سيأخذ وقتا طويلا كذلك..

الجمعة، مايو 11، 2018

رمضان جانا ♥

تصور أغنية "رمضان جانا" وكأن شهر رمضان ضيفٌ كريم، يضنّ علينا بالزيارة فلا ياتينا سوى مرةً واحدةً بالعام. وحين يأتي نعد له كافة الإعدادات اللازمة ليكون استقباله لائقا ببهائه وحبنا له، فنقيم له الاحتفالات ابتهاجا بقدومه الكريم، وحين يكون على وشك الرحيل ننسد له أغاني الوداع ونتمنى أن نلقاه العام المقبل بذات الزينة والبهجة أو ربما أكثر. وسر نجاح تلك الأغنية طوال هذه العقود هو تركيزها على العاطفة والتي مهما أنكرنا تظل عاملا مهما مؤثرا لدى المصريين، رغم تحول الحياة الاجتماعية في مصر للمادية وأصبح المواطن يعيش همّ يومه بحثا عن ما ينجيه من صراع الوجود اليومي إلا أنه تظل العاطفة - ربما في الأغاني والاعمال الفنية فقط - هي الملاذ الأخير لما تبقى لديه من مشاعر.

"رمضان جانا..
وفرحنا به..
بعد غيابه..
وبقالُه زمان..

حيوا معانا..
شهر بطوله..
غنوا وقولوا..
أهلا رمضان"

الأربعاء، مايو 09، 2018

حقبة التطبيع.. هل ينسى العرب التاريخ ويتعايشون مع الاتجاهات الإقليمية الحالية.. ؟

يأتي احتفال الكيان الصهيوني بمُضي سبعين عاما على قيامه على أرض فلسطين في قلب القاهرة بفندق الريتز كارلتون مُتوِّجا لجهود بُذلت على مدار عقود من أنظمة حكم متعاقبة في مصر تمهّد للتطبيع التام مع هذا الكيان الغاصب.

ولكن لا شك أن وتيرة التطبيع الإنساني والثقافي والدبلوماسي تحديدا قد زادت بحدة في السنوات الأخيرة تماشيا مع التغيرات الدراماتيكية التي تشهدها المنطقة، ومع دخول أطراف جديدة - بشكل رسمي - في قصة التطبيع مع الكيان الصهيوني كالمملكة السعودية والإمارات المتحدة.

هذا الزمان ليس زماننا، وعلينا أن نفعل كل ما يمكن فعله لننجو من هذه الدنيا ونحن وأولادنا وأحفادنا غير مفتونين.

السبت، مايو 05، 2018

كم من فرصٍ للتعلُمِ ضاعت!

الحمد لله.

حين أسترجع ذكريات التعليم في المدرسة وكلية الهندسة، لا يغيب عن ذهني شعور الندم أو قل الحسرة على الفترة التي تلقيت فيها تلك العلوم دون وعي حقيقي بالهدف منها أو بتطبيقها في الحياة العملية.

أذكر بعض المواد التي كان يمكن الاهتمام بتفاصيل أسلوب إلقائها على الطلاب، وتوعيتهم بالهدف الأخير لدراستها.. اعكس ذلك عليّ وربما على غيري من الطلاب، فأقول أنه حتما إن اهتم الأستاذ أو بالأساس مصمم المنهج أن يصل الطالب تطبيق هذه المادة عمليا والهدف منها، لتغير دافع الطالب للاهتمام بها وتحصيلها، بدلا من الوضع السائد والذي يقتضي اجتهاد الطالب فقط ان يعرف ما يجمع به الدرجات في امتحانها، شتّان ما ببن الحالين.

وأتحسر أكثر حين أنظر في تلك التفاصيل المطلوبة لكل مادة لإفهام طالب العلم الهدف منها ولجعله مطلعا على تطبيقاتها المختلفة ولإدراكه لماذا يدرس هذا العلم تحديدا، أجد ان تلك التفاصيل لا تحتاج إمكانيات مادية فوق المعتاد.. فقط تحتاج لمجموعة من أساتذة هذا العلم وغيرهم من خبراء التدريس أن يعكفوا جاهدين على تصميم هذا المنهج بالشكل المطلوب، والذي يهتم بالأساس على إجابة السؤال: "لماذا؟" في كل وقت.. وأن يكونوا مخلصين في ذلك، وأن يضعوا أنفسهم مكان هؤلاء الطلاب المساكين لينظروا كيف سيكون الحال إذا ما تغيرت الأساليب لتكون أقرب للعملية والحياة الحقيقية..

لماذا نرضى بمشاهدة الأجيال المتعاقبة وهي تخرج من نظامنا التعليمي الأسطوري ظانّة أنها ستسوي الهوايل في الحياة العملية بالسوق ثم تُصدم بالحقيقة المُرة وهي أن البوْن شاسعٌ بين خيال المواد النظرية القاصر والواقع السوقي العنيف بالخارج؟