الخميس، أغسطس 30، 2012

المقاطعة حلًا..


يلجأ البعض للمقاطعة إبرازًا للموقف السياسي الرافض لحالة ما.. كما في حالة قمة عدم الانحياز بإيران، قرر الرئيس التونسي منصف المرزوقي مقاطعة قمة عدم الانحياز المقامة في طِهران وذلك ليلفت أنظار العالم لما يحدث في أهل سوريا من مجازر بشعة على يد نظام الإفك بشار الأسد وبمساندة نظام إيران..

وسجّل العالم له ذلك، لم يُنتقص من حق الرجل ولا مما عَمِل.. وأحسب أن ما فعله نتج عن وطنيّة وإنسانيّة معتبرة، لا نحكم هنا على النوايا ولكن نحن هنا بصدد تقييم أثر المقاطعة..

أي الطريقيْن أكثر تأثيرًا.. أن تقاطع العملية السياسية التي تراها قائمة على قواعد لعبة خاطئة أم أنك تقتحم و"تعُكّ" بناءً على خطة مدروسة وليس عبثًا فتحرز نتائج على الأرض واقعيّة؟

ماذا فعل الإخوة "المقاطعون" لانتخابات الرئاسة أثر في إحساس ووعي الشعب المصري أو أثر في سلوك الدولة وقتها؟ الحقيقة أن التصرف - وإن كنا نُثَمّن فاعليه ولا نزايد على وطنيّتهم - التصرف لم يفِد قضيّتهم بشئ.. الأمور سارت في طريقها ولم يُمكّنوا من إقناع الناس بالمقاطعة حتى رصدت - على مستواي الشخصي - أنهم لم يجدوا حافزًا حقيقيًا لإقناع الناس بالفكرة.. لأن فكرة المقاطعة فكرة سلبيّة في حد ذاتها، لا تُحرز نتائج حقيقيّة على الأرض..

التدخل الإيجابي هو الذي يحقق النتائج على الأرض، وهذه النتائج قد تكون مرضية أو عكسيّة، ولكنها في النهاية نتائج واقعيّة على الأرض..

أما التسويق لفكرة حالمة في الهواء، لا أثر لها لا على الأرض ولا في نفوس الناس هو أمر - في رأيي - لا يزيد عن كونه تصرُفًا سلبيًا أقرب للهروب من الاختيار من فكرة الموقف السياسي الصلب.

كان سهلًا على الرئيس مرسي، خاصة في ظروف البلاد الحالية، أن يفضل خيار المقاطعة وإعلان أن ذلك احتجاجًا على الموقف الإيراني من القضية السورية أو على الأقل إرسال وفدًا دبلوماسيًا على أقل مستوى، يقول كلمة جوفاء "لا تودّي ولا تجيب" وينحصر الأمر داخل تسليم رئاسة دول عدم الانحياز لإيران وقَضي الأمر على ذلك..

في الحالة الأولى، سيُنشر البيان على الفيسبوك، وقد يطبّل له البعض، ولكنه في النهاية سيُفسّر من قبل الكثيرين - وأنا منهم - أنه هروب من الموقف، والحقيقة أن من فضل الله أن الزيارة لطهران ليست زيارة بين مصر وإيران.. بل هو مؤتمر لدول عدم الانحياز كلها، فأن يحضر الرئيس مرسي مثل هذا المؤتمر لا يُعتبر بأي حال من الأحوال مغازلة للنظام الإيراني على حساب أهلنا في سوريا.. المؤتمر دوليّ، والقمة عالميّة.. فيها شتى الدول، وكان على مصر الحضور لتلقي كلمتها..

انظر الآن للزخم الدولي الذي حدث بعد أن آلقت مصر كلمتها وأكدت على دعمها لمطالب الشعب السوريّ الأبيّ، وإعلان مصر بكل قوة أن نظام بشار الأسد فقد شرعيّته وأن عليه أن يرحل، بل ويؤكد أننا نتحمل المسئولية الأخلاقية عما يحدث بأهلنا في سوريا تحملًا كاملًا.. أن يصدر مثل هذا الكلام من مصر فله معنى آخر..

هي ليست رسالة لإيران فحسب، بل رسالة كذلك للعالم أجمع أنه أصبح لمصر سياسة خارجية مستقلة - أو على الأقل نية لذلك - خلافًا لما كان يحصل في الوقت الماضي وقت أن كانت مصر تابعة ذليلة لما تأمره بها أمريكا..

الحقيقة أن المقال لا يهدف للتطبيل لمرسي على ما قال، ربما أصاب في هذا الموقف ولكنه قد يخطئ في موقف آخر.. ولكن الفكرة هنا في مناقشة فكرة المقاطعة..

الدكتور البرادعي - وهو شخصٌ فاضل - قرر مقاطعة الانتخابات الرئاسية لأن قواعد اللعبة السياسية ليست منضبطة، الحقيقة أنه كان عليه أن يعيَ تمامًا أن قواعد اللعبة لن تكون منضبطة بعد حكم ستين سنة تزوير وغش وكذب وفساد تجذّر في البلاد لقواعدها، شعبٌ لم يرَ الكرامة الحقيقة منذ عقود طويلة، وظل ضحيّة بين كاذب وأفاك.. حتى انكشفت عنه الغُمّة مرة واحدة، ولكن ظلت الدولة "العميقة" كما هي.. كيف تنتظر أن تكون أسس قواعد اللعبة نظيفة تمامًا وأن تكون الحياة ورديّة بهذه النظرة المثاليّة..؟

كان على الدكتور البرادعي - إن أراد إصلاحًا - أن يَعُكّ نفسَه في هذا المستنقع وليخرج بأحسن النتائج الممكنة التي نستطيع أن نعتمد عليها في أرض الواقع..

الرئيس مرسي مستعينًا بمستشاريه انتزع سلطاته وأزال جنرالات مبارك من الحكم، "والتاريخ سيحكي حتمًا عما جرى في كواليس هذه القفزة"، ولا يزال أمامه الكثير ولكنه الآن على أرض الواقع.. وتوجد نتائج على الأرض..

في النهاية أود أن أشير أن المقاطعة التى نتحدث عنها هنا هي المقاطعة التي وُجدت كحل لغياب الحل المثالي في الموقف، ولكن مقاطعة دعوات الكيان الصهيوني لمناقشة تدويل القدس مثلًا لا توضع تحت هذه المظلّة.. "لا توجد دعوات لذلك فقط أضرب مثالًا"..

فالاجتماعات التي من شأنها الاعتراف الضمني بشرعية كيانات احتلال هي اجتماعات مرفوضة شكلًا وموضوعًا.. ومثال على ذلك فكرة زيارة بيت المقدس بتأشيرة إسرائيلية بهدف الصلاة في الأقصى - ردّه اللهُ لنا ردًا جميلاً - هي فكرة لا نتيجة حقيقية على أرض الواقع منها غير الاعتراف بأهلية الكيان الصهيوني لحكم بيت المقدس وشرعيّة ذلك.. هذه قضيّة أخرى مختلفة تمامًا.. ولا يُتوقّع أن يُخلط بين هذا وذلك ولكن لزم التنويه..

والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم..

الثلاثاء، أغسطس 21، 2012

في التحرّش


الموضوع فيه بديهيّات..

- إن المتحرش سافل ولا مبرّرَ له تحت أي ظرف من الظروف.
- إن كون البنت لابسة اللي لابساه هذا لا يبرّر تصرف المتحرش إطلاقًا، بصرف النظر بقى لبس البنت ده غلط هذه قصة أخرى.. المهم أنه لا يبرر ذلك.
- كون فيه بنات بينبسطوا من موضوع التحرش ده - ممكن يكون موجود - لا يزال برضه هذا لا يبرر للمتحرش تحرشه.
- الموضوع زاد في مصر بشكل كبير جدًا في الكام سنة اللي فاتت، لكن مش معنى كده إنه مكنش موجود قبل كده.. لكن بالإضافة إنه زاد كمًا، كمان زادت سفالته وانحطاطه.. وكل ما الوقت بيعدّي إحساس المتحرش إنه بيعمل حاجة غلط بيتلاشى.. لغاية ما وصلنا للحالة القذرة اللي إحنا فيها دي.
- وصلنا لمرحلة - بنت ستين كلب - إنه لما المتحرش دلوقتي يتحرش بلسانه بس يبقى فل أوي على قد كده إنه ما مدّش إيده.. ودي مصيبة!
- مينفعش التشفي أبدًا فيمن يتم التحرش بهنّ عشان لابسة ضيق أو غيره، لا يمكن السكوت على فعل التحرش مهما كان الأمر.. والمفروض إن كون البنت لابسة إيه ده مالوش علاقة بتبريرنا للمتحرش تحرشه..
- تاني! التحرش بقى ظاهرة، وللأسف مش معنى إن البنت مش بتحكي إنه تم التحرش بها إنه لم يتم التحرش بها.. الموضوع من كتر ما زاد وغطى بقى حاجة شبه الطبيعي لما بنت تبقى ماشية لوحدها في موول زحمة، سهل أوي يتم التحرش بها.
- قبل كده، كان لما بنت تبقى ماشية لوحدها، في مكان زحمة - مش زحمة حكّ وكده زحمة عادية زي موول يعني - مكنش يحصل معاكسات عشان كان المعاكِس يخشى اللوم المعنف من الناس لما يعاكس واحدة ماشية لوحدها.. حتى من باب النخوة يعني.. إنما اللي حاصل دلوقتي إنه حتى هذا الإحساس زال.

اللي فوق ديه، بديهيّات.. وكلنا عارفينها.. هدف المقال بقى.. منكرّرش الحِكًم دي خاصّة لما نكون موجّهين كلامنا لفئة المتحرشين دول..

يعني القصد إنه مش حيقتنع لما يبقى داخل ع الفيسبوك يشوف بوست من واحد صاحبه مرسوم عليه واحدة "سيلويت" ومعمول كروس على واحد جنبها بيمدّ إيده ناحيتها ومكتوب تحت: دي زي أختك!!

لا تصدقوا فعلا هو كان ناقصه المعلومة دي بس الحقيقة.. لما شاف البوست ذرفت دموعه بقى وانهار.. وتاب بقى، وانضم لشباب حملة احترم نفسك بقى وكده!

أعتقد إنه الأسلوب الأمثل لحل المشكلة، هو إننا نشوف أساس المشكلة.. ونحلها.. (نجزّها يعني).

المتحرش ده فاكر النت دي مالهاش حرمة، أو إنها بتاعته.. ولما يعمل كده بقى دكر وراجل، ويرجع يحكي لشوية الصيّع بتوعه أنا بقى عملت وسوّيت في العيد، ***** ييجي خمس بنات النهاردة..

يبقى لازم الواد ده - واللي زيّه - يعرف إن البنت لها حرمة، وإنها مش بتاعة اللي خلفوه وربنا مخلقهاش السلّيوة بتاعته..

لازمًا وحتمًا نعترف بالمشكلة، والدولة نفسها تحط الموضوع ده مسئولية عليها - مش تفضُّل منها ده واجب عليها - واللي يتشاف بيعمل كده، يتمسك ويتعلق وينال من العقاب ما يردعُه.. وبالقانون!

فيها إيه لما يبقى في كل مكان فيه أفراد أمن واقفين يتحروا اللي ممكن يعمل عملة زي دي عشان يروّقوه وقتي.. مينفعش الجهود تبقى شعبيّة - بس - لازم الدولة نفسها ترعى ذلك.

الحاجة التانية، تجنب خلق الحالة اللي تؤدي للتحرش، بمعنى إيه؟ إنه مينفعش أبدًا يبقى المكان مزدحم جدًا.. وشباب على بنات، وكله - آسف في اللفظ - حك في حك على الملأ.. والله ده احترام لآدمية الناس.. حاجة زي المترو دي.. صحيح في عربة مخصصة للسيدات، لكن التعامل في الموضوع ده لازم يبقى بحزم وشدة أكتر م اللهلطة اللي موجودة دي.. لازم يبقى فيه آلية إن لما نطع يخش عربة السيدات يتبلغ ويقف المترو ويروح لنقطة المترو يتربّى.. حنقعد نقول أصل الثقافة والمثقفاش.. مفيش أمم اتعلمت الأدب غير بكده..

برة اللي إحنا فرحانين بيهم دول إنه مفيش حد فيهم يجرؤ يكسر إشارة ولا يعدي في حارة مش حارته متولدوش كده!! مروا بفترة كان اللي بيغلط بيتشألط.. وبكل قسْوة.. لحد ما بقت ثقافة متراكمة عندهم.. الطبيعي إن أنا ألتزم بالقانون والأخلاق والعُرف العام..

إحنا ثقافتنا انتحرت، والأخلاق انحرفت.. وعشان ترجع تاني لازم شدة وجزم في تطبيق القانون - مش افترا يعني - لكن بالحق..

الحاجة التالتة بقى، النشء نفسه وهو صغير.. يتعلم في المدراس الكلام ده عمليّ.. مش مجرد درس في العربي: إشارة المرور خضرا يعني امشي حمرا يعني قف اصفر اللي مبيشوفْهاش يعني استعد.. لأ! لازم يبقى في تعويد للأولاد من وهم صغار الالتزام بالتعليمات.. يقوم الولد من وهو صغير يتربى على احترام غيره والتزام القانون.. مينفعش نسيب الموضوع للظروف، الواد أهل بيته محترمين حيربّوه كويس حيطلع محترم، لو أخل بيته مش كده حيطلع سافل!! مينفعش نسيب حاجة للظروف، دي بلد والله ده مستقبل أمة.

كل ده لازم يحصل مع بعض، والدولة تكون مسئولة عنه.. المبادرات دي حاجات جميلة جدًا والله وهي اللي بتخلي الواحد عنده أمل في بكرة.. لكن الأز لازم يكون ع الدولة إنها هي اللي تكون مسئولة مسئولية كاملة عن الكلام ده مش تفضّل منها..

الأحد، أغسطس 19، 2012

الله أكبر الله أكبر


الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.. لا إله إلا الله
الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد..

الله أكبر على من تغطى وتكبر،
الله أكبر من كل من رأى في نفسه مسبّبًا للأحداث ومقلبًا للأمور..

لا إله إلا الله وحده لا شريك لك..

هو الوحيد المستحق للعبادة..

هو الرزاق..

الله أكبر على كل نفس أصابها الكِبْر..

الله أكبر من المال، ومن عجبك بنفسك، ومن أطماعك..

الله وحده خلقنا لنعبده.. ولنتخذ في كل ما نفعل نية إرضاء وجهه الكريم..

آملين من الله تبارك وتعالى أن يرضى عنا..

أن يدخلنا الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب..

وأن يجمعنا بالنبيين والصديقين والشهداء، وألا يحرمنا من مصاحبة نبيّه محمد (ص) في الفردوس الأعلى من الجنة..

كل عام وأنتم بخيْر :)

الجمعة، أغسطس 10، 2012

ع الحدود..



أمكث هنا منذ زمن بعيد..

أحرس الحدود الشرقية للبلاد أو هكذا يقولون،

واقع الأمر أني أجلس ببندقية هزيلة أمام سلك شائك أشاهد من خلاله رفرفة العلم الإسرائيلي على الناحية الأخرى..

أنا هنا منذ وقت بعيد، لا أفعل شيئًا غير أني أقف أمام السلك الشائك، أتابع إذا ما تسلل أحدٌ من جانبنا لإسرائيل لأبلغ القائد فينظر ما العمل، إما ضرب بالرصاص أو "نفض"..

واقع الأمر أني اكتشفت بعد فترة من الزمن أني أحمي الجانب الآخر من الكائنات المتسللة أكثر ما أحمي بلادي من تسللاتهم هم..

ولكن في الحقيقة لا تجد من قبيلهم تسللات.. هم لا يتسللون إلى الحدود ليدخلوا مصر، إن أرادوا دخولًا فقط عبروا من طابا، وبأيْسر التسهيلات..

شهدت طلعات جوية كثيفة من طيرانهم الرهيب، تلك الطلعات كانت تضرب بيوت العرب على الجانب الآخر، وزلزلت البيوت هنا على الجانب الذي أقف فيه حتى صُدّعت بعضُها..

قليلًا ما كنت أرى صواريخ نارية تطلع من جانب بيوت العرب على الأراضي التي احتلتها إسرائيل..

رأيت مشاهد عديدة وأشعر أني عاجز عن المشاركة فيها، بل عاجز عن المتابعة الحقيقة..

لا أملك إلا أن إذا ما لمحت متسللًا من عندنا اتخذت معه موقف بكل حزم، ومسموح لي بالتجاوز في هذه الحالة، أما في العكس فالأمر فيه قَوَلان..

أقف مكان سليْمان خاطر وأتذكر فعلته الوطنية، أذكر سليمان لما قام بأداء الواجب الوطني وقتل المتسللين الإسرائيليين إلى حدودنا بعد أن أنذرهم ثلاث مرات حسب التعليمات.. سليمان لم يكن يتصور بأي حال من الأحوال أن يُسجن..

حتى بعد أن سُجن، كان يظن أنها تمثيلية، وأنه لا يمكن أن تجور عليه مصر فتحبسه 25 عامًا لأدائه الواجب، وطن أنه حتمًا سيخرج.. حتى قتلوه في سجنه..!

أقف مكانه وهو في مخيّلتي.. أحتسبه عند الله من الشهداء، سليمان..

ولكن يا ليته كان حاضرًا في مثل هذا اليوم ليرى ما صارت إليه الأحوال.. بشجاعة سليمان التي عهدناها هذه لعله اقتحم الحدود وفدى بنفسه نساء وأطفال وشيوخ فلسطين..

لعلك غاضب مني يا سليمان، ولكني لا أملك غير تنفيذ الأوامر..

نقف بعتاد هزيل، فالمنطقة التي نخدم عليها لا تعتبرها القاهرة -  فيما يبدو - نقطة حيوية، توفر القاهرة عتادها وذخيرتها الحقيقية لأماكن تجمع الأغنياء ورأس المال وأصحاب المناصب.. أما نحن فلا دية لنا فيما يبدو..

لا أدري إن هجم علينا أحدهم الآن ما العمل؟

لا يمكنني الجري والهروب، لم أتربّى على ذلك..

وحتى لا أملك سبيل الهرب المنجي بحق..

بل في أغلب الأحوال.. سأسقط صريعًا..

أسقط صريعًا لا ضيْر.. ولكني أسأل الله أن تكون شهادة..

رمضانيات - خُطب الجُمُعة



بإمكان أئمة المساجد استثمار خطبة الجمعة في تنمية المجتمع، وخير البلاد، وحب الخير للناس.. وفي الحضّ على إغاثة الملهوف وتحرّي الفقراء والمساكين والتصدّق لهم.. بإمكان خطبة الجمعة أن تكون سببًا عظيمًا من أسباب رقيّ الشعب إذا ما غيّر مفهومها ومحتواها، وأسلوب الخطاب فيها..

للأسف، الأغلبية الكاسحة من خطب الجمعة الآن تقليديّة بشكل مش طبيعي!!

إذ يكون محتواها تقليدي، وتقديمها للناس تقليدي، فسيكون أثرها عليك تقليدي ويألفها الجميع.. فبدلًا من أن تكون خطبة الجمعة بطارية الشحن للأسبوع كله.. تصبح، للأسف.. على المستوى العملي في الدنيا، مضيعة وقت.

هي طبعًا مش مضيعة وقت، ولازم تصلي الجمعة.. ولكن الفائدة عليك من حضور خطبة الجمعة لا تتعدى الاستفادة التي تتحصل من قضاء الفرض عليك..

مصيبة كبرى أن تكون خطبة الجمعة لنا بضعة من الوقت نسمع فيه كلامًا ميتًا عن تقوى الله - بغير مشاعر - وأنه علينا أن نصلي وقال السلف وقال هذا وقال ذاك.. لماذا لا يضع الخطيبُ نفسه مكان من يخطب فيهم ليرى ما إذا كان سيؤثر فيه هذا الخطاب أم لا..

يجب على خطباء المساجد، أن يُحسنوا الخطبة ويتقنوها.. ويخرجوها - بقدر المستطاع - وكأنها هي التي ستغير مجرى التاريخ، يُروى أن خطبة رسول الله (ص) لم تكن طويلة، ولكن فيها من البلاغة والحديث ما يمسّ القلب فيغير البشر..

لا يجب أبدًا أن تنعزل خطبة الجمعة عن الحياة التي نعيشها، فكيف بالله عليكم، تكون الأحداث في البلاد تضرب تقلب، وتذهب أنت لخطبة الجمعة حيْران.. ثم تجد خطبة الجمعة تتحدث عن كيفية أداء عبادة من العبادات، يعني.. هل هذا وقته؟!

أعلم، أن الناس أصبحت لا تحضر الدروس الفقهية.. ولكني لا أرى استبدال محتوى خطب الجمعة بالدروس الفقهية حلًا للأمر.. لعل المشكلة في الدروس الفقهية.. انظروا لماذا لا يحضر الناس الدروس الفقهية؟ لماذا ينفُرُ الناس من الدين؟!

خطبة الجمعة يجب أن تكون بمثابة الشُحنة التي يتلقاها المؤمن لتكملة أسبوعه، تربطه بالعالم حوله.. تربطه بالمسكين والمحتاج والفقير.. تربطه بالسياسة (على أن يكون خطيب الجمعة فقيهًا بالسياسة أيضًا).. تربطه بالله، تدعوه للتأمل في خلقه..

تذكره بالقضية.. تذكره بلماذا هو مخلوق؟

لماذا تعيش أيها المسلم؟

السبت، أغسطس 04، 2012

رمضانيات - فتْنة في المسجد



أحيانًا أشعر أن بعض الناس يستسهلون عمل المشاكل والصّخب داخل المساجد لا بدافع غير دافع المزايدة وفرض الهيْمنة والسيطرة، وفي الغالب تكون هذه الهيمنة والسيطرة على من يتّصف بالضيف الجديد للمسجد..

في المسجد الذي هو بالقرب مني.. اعتاد الناس من الإمام ألا يقرأ "البسْملة" في الفاتحة - وهو أمر جائز طبعًا - ولكن أحد المرتادين الجُدُد لم يرُق له هذا الأمر مرّة بعد مرّة.. فما إن تبدأ الصلاة إلا وتجدْه يصْرُخ "بسم الله الرحمن الرحيم".. في الفجر والعشاء.. أكثر من مرة..

ويبدو أنه حدث حوار بين الإمام وهذا المصلّي، لم يقتنع به المصلّي.. فأصرّ على قيامه بهذا الأمر..

لم يجد الإمام سبيلًا - في وجهة نظره - أن يعلنها جهرًة أن صلاة الأخ باطلة.. ومن هنا بقى.. يطلع واحد مالوش دعوة بالموضوع خالص: لا متقولش صلاة باطلة، متفتيش في اللي مالكش فيه!! وهوبّا ناس من آخر صفّ في المسجد تصْرُخ: اللي ميحترمش قواعد المسجد ميصلّيش فيه، وبعدين ييجي واحد من ع اليمين يصرخ: يا جماعة مانشوف وجهة نظر الراجل ونسمععععه.. يسخن الرجل ويأتي لمكان الإمام، يمسك بالمايك فيقول: ليس من حق أحد أن يمنعني من دخول المسجد، وأنا قلت للإمام من قبل كذا وكذا.. وقال كذا وكذا.. وسنتقابل في الفجر "تهديد ووعيد في الغالب بتكرار نفس الفعلة" وانقلب الموضوع إلى عند ومكابرة..

المشكلة أن وجه الله تعالى لم يكن هو المبتغى من كل هذا، لأنه إذا قصد أيُّهُم وجه الله لكانوا قصدوا سبيلًا أهدى وأقوم لإصلاح الموقف.. إذا كان الإمام قد رأى من الرجل عندًا في عدم الاستماع كان عليه أن يرسل إليه أخٌ آخر ينصحه سرًا ألا يقوم بهذا الأمر.. وأن يفهّمه بجواز عدم قراءة البسْملة.. ولكن الإمام قرّر فضْح الرجل - أكثر ما هو مفضوح - وإبطال صلاته - على العلن - ليتفاعل أهل المسجد إما بالنّهْر والدفع أو بالهيصة وخلاص.. والرجل نفسه يعند ليثبت أنه "الصّحْ"، بل ويذكّر الجميع أننا سنلتقي في الفجر.. أكيد الموضوع كده مبقاش صلاة.. ويا ترى الرجل وهو داخل الصلاة حيفكّر في الخشوع في الصلاة ولا في الصراخ بالبسْملة..!!

فالموضوع بالكامل سُيِّرَ في اتجاه لا يرضي الله تبارك وتعالى ولا يليق أن يحدث مثل هذا التصرف في بيْت من بيوت الله..

لماذا لا نسْعى لحل الأمور بهدوء وللحفاظ على قدسية المكان.. والتخلي تمامًا عن أحلام السيْطرة على الجميع في المسجد..؟

أرجو من الجميع قبل الضّلوع في إشْكالية والمساهمة في رفع الصوت ببيت الله أن يجعل من إرضاء الله تعالى في هذا الموقف هدفًا له.. وقتئذ سيتمتّع سلوكُه بالحكمة وسيتّصف قولُه بالحُسْن..

هدانا الله للخيْر والصُلح.. وآتانا الله الحكْمة.. فإنه من أوتيَ الحكمة فقد أوتيَ خيْرًا كثيرا..