الاثنين، أكتوبر 29، 2012

شهوة الحكم..



كل النظم القمعية قامت - أو قائمة - على فكرة يصمم حكام هذه النظم على بثها في الشعوب والتأكيد عليها، وأن تكون هي الحشو الذي يملأ حياة مواطنها البائس بجانب لقمة العيش.

فيُتصوّر له أن الفقر تحت حكم هذا النظام المستبد هو الكفاح والنضال، وأن العيش على الكفاف خير من العيش المرفه، وتصوير كل عيش مرفه أنه عمالة واستقواء بالأخطار التي تترصد بالبلاد..

لم يتخل أي نظام قمعي عن فكرته الصورية التي يصورها لشعبه كي يستمسك بحكمه حتى آخر رمق، وليورّث حكمَه جيلًا بعد جيل.. من مستبد إلى مستبد.. والكل يحوم حول نفس الفكرة المنقرضة التي لفظها العالم بأسره منذ عقود..

وتتمثّل كل الحكمة في شخص الحاكم المستبد، هو الأمة.. حاضرها ومستقبلها.. ولا يرضى لشعبه عنه بديلًا..

كلها أكاذيب يثبت بطلانها بمرور السنين، وتطول العقود مع الشعوب التي فقدت الاتصال بوعيها، ولم تعرف ماذا جرى حولها، وماذا اكتسبت شعوب الأرض من حقوق..

النظام المستبد يصور لشعبه أن بوفاته تنحرق البلاد، وسيأكل كلٌ بعضَه، وستفتك الفتن بكفاحهم.. فعلى الجميع التكاتف والالتفاف حول فكرته الواهية.. وكلما ضعُف جسد الديكتاتور، قواه شعبه وطرح فيه الثقة مغلوب على أمره مسكين لا يجد من ذلك محيصًا..

والخطر كل الخطر أن يستفيق هذا الشعب، فيعرف أن الفكرة فراغ، وقتئذ تكون الصدمة في غاية القسوة.. فإذا ما هبّت طليعة هذا الشعب لدحر الظلم وجب سحقها، وتسويتها بالأرض.. وقتل كل من قال كلمة الحق: "لا".

إنا نحكمكم، وما إن حكمناكم خنعتم لنا ولحكمتنا البالغة، إنا حاموكم من الخطر الخارجي المحدق بكم، وبفكرتنا المستنيرة.. فإما معنا وإما خونة..

لا يكون الاستبداد بغير كابوس.. وإذا كانت بعض الدول تمارس الاستبداد على شعوبها، فالبعض الآخر يمارس الاستبداد على شعوب البشر كلهم.. تستقوي نفسها فتسرق هذا وتسرطن هذا وتقتل هذا.. فتبقى هي زعيمة الأمم بلا منازع ملاذ الحالمين.

إذا ما ثارت الشعوب المقهورة على أنظمة الحكم المستبدة عُرضت للإبادة، والتهديد بأن الفكرة في خطر.. وأن الخارج سيتدخل لنهش خيرات البلاد.. فإن عندت الشعوب، وأبَت إلا أن تنال حريتها أو الشهادة، وصل الجنون ذهن المستبد.. فطاح بالشعب قتلًا وأسرًا وهتكًا للأعراض.. ولا يزال ينشر عن شعبه سمعة السوء، فتارة يقول تنظيمات خارجية تريد الفتك بالوطن، وتارة يقول أحقاد عالمية على فكرته..

فيطمع من في قلبه مرض، وطمع من بلاد الاستعمار.. فيتدخل حاملًا لواء نصرة الضعيف ونجدة الشعب المظلوم.. فيهدم الأساسات، ويزرع الآفات، ويفرق بين الناس، ويقسم البلاد طولًا وعرضًا.. ويعرض كل شبر من أراضي الوطن بمزاد العالم.. ويكسر شوكة بلد كان بالإمكان أن يكون قاهرًا..

فيلوم الجاهل الشعب الذي ثار، وكأنه الذي استدعى الدخلاء، ولا يلوم المستبد.. فلا يعيَ أن الاستبداد هو الذي فرق الوطن ومزّق أهلَه شيَعًا لا الثورة عليه..


السبت، أكتوبر 20، 2012

خواطر حول دستور مصر الجديد..



مسألة الدستور يجب أن تكون الشُغل الشاغل للجميع الآن وهذا بهدف أن يشغلنا شئٌ صحيٌ وفي صميم المشاركة السياسية للشعوب، وأرى أن الدستور يجب أن يعبر عن مصر الجديدة، بمعنى أن يكون الدستور نتاج حقيقي للثورة المصرية، فيه يتبلور كل ما تعلمه سابقونا في الجهاد ضد نظام الاستبداد، وكل سبل مكافحة القيم المنحطة التي تجذرت فينا على مدارى عقود..

إلا أنه علينا أن نعي تمامًا أنه ليس بالدستور وحده تحيا الأمم، زي ما الفلوس مش كل حاجة.. كذلك فإن الدستور ليس كل شئ على الإطلاق.. قد يكون لدينا أعظم دساتير الدنيا كلها ولكن واقعنا لا يعبر عن تحضر ولا حياة كريمة.. ولا عدالة ولا حرية.. وتظل كل معاني هذا الدستور الجميل حبرًا على ورق لا ترقى إلى ورق كلينيكس لامؤخذة التواليت!

وبالتالي، فإنه وبعد ما رأينا مما تجذر فينا من مادية على مدار عقود الاستبداد وجبت علينا مسئولية قمة في العِظَم وهي "التربية". تربية أنفسنا على أن نلزمَ الحق إذا ما عرفناه، وأن نربط الرجال به لا أن نربطه بالرجال..

وأن نعي جيدًا ونعرف، لماذا نحن هاهنا على هذا الكوكب "عايْشين"..

وأن يعرف كل فرد فينا حقه ومستحقه وواجبه.. يعرفه أي يمارسه..

أما إذا ما تمكّنا من إنتاج أفضل دساتير العالم، ونحن كما نحن.. فللأسف، لا قيمة تمامًا لكومة الورق هذه وما مضى فيها كان فقط تضييع وقت!

وفقط، ستنحصر أهمية دستورنا العظيم في فصول نظام الحكم والهيئات المستقلة.. وانتهى الأمر على ذلك..

***

بخصوص الجمعية التأسيسية، فأنا ممن يؤيدون أن تكون الجمعية التأسيسية من قطاعات الشعب الحقيقية، بمعنى ليس من الفطنة في رأيي أن تكون الجمعية التأسيسية كلها من أساتذة القانون والفقه الدستوري، بل أرى أن تكون الجمعية كلها من الفلاحين والعمال والمهندسين والأطباء والمحامين والقانونيين - مفيش مانع - والأهم أن تعبر عن كل ثقافات الدولة وجغرافيتها.. فلا يصح أبدًا أن تكون تأسيسية دستور "مصر" لا أحد من أهل النوبة فيها.. والحقيقة أن هذا ليس تفضل، بل الأخ النوبي والأخ البدوي والأخ الصعيدي والأخ البحراوي هم مصر..

وبالتالي، فإني لا أمانع إذا ما حُلت هذه التأسيسية من باب أنها لا تعبر عن الشعب المصري بكافة ثقافاته.. وأمانع إذا حُلت لأنه ليس بها القامات القانونية والسياسية الكافية.. ولا أحب نبرة البعض الساخرة من بعض المشاركين في هذا الدستور سخريًة من مستواياتهم الاجتماعية أو المادية.. هذا جهل واضح..

على حد علمي أن دساتير الدول العظمى بالعالم لم تضعها نخبة شعوب هذه الدول، بل في بعض هذه الدول وضع الدستور فلاحو هذه البلاد ثم ذهب لأساتذة القانون والدستور - فقط - لصياغة المُثُل التي أرساها الشعب..

هذه هي وظيفة المثقفين، أن يعبروا عن آمال الشعوب باعتبارهم منهم لا أن يزايدوا عليهم وينفصلوا عنهم تمامًا.. لو في بلد محترمة أمثال هؤلاء يُزاحون من المشهد بالكامل لا أن يُستضافوا في كل البرامج والتوكشوز وغيره..

***

تعليقات على بعض مواد الدستور:

هي خواطر قد لا تشمل "كل" مواد الدستور التي يجب التعليق عليها ولكن ما يلي أهم ما لفت انتباهي..

المادة الثانية:

في مسألة استخدام كلمة "مبادئ" أم محوها، كنت قد تكلمت في هذا الأمر في رسالة سابقة (اضغط هنا كي تقرأها إن شئت)..

المادة الثالثة:

تنظيم الأحوال الشخصية لا يكون بالـ"مبادئ"، فإما تكونوا رجالًا وتقرّوا أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع في المادة الثانية، وكونوا رجالًا أيضًا واكفلوا حق التحاكم للشرائع الأخرى لأصحاب الديانات الأخرى في الأحوال الشخصية.. الحساسية المفرطة تملّكتكم، وإرضاء الهوى لا يمكن أبدًا أن يكون هو الحاكم في الدستور..

المادة الرابعة:

استقلال الأزهر لن يتأتى أبدًا طالما الدولة هي الراعي المالي الأوحد لتمويل تحقيق أغراضه.. يجب أن يكون للأزهر استقلال مالي يتمثل في أوقافه مثلًا، لن يصل الأزهر أبدًا لعالميته والدولة المصرية هي من تصرف عليه.

المادة العاشرة:

لا أفهم ما معنى: مراعاة الحقائق العلمية.. ولا أفهم ماذا يعني أن نلحق في نهاية ذلك: وفقًا لما ينظمه القانون..

المادة الخامسة والأربعون:

أرى أن يشترط للتظاهر الإخطار فقط كما ضُمن ذلك لإنشاء الأحزاب في المادة التي تلتها.. لا أن ينظم القانون كيفية الإخطار.. إذا كان القانون سينظم إخطار المتظاهرين تظاهرهم للجهات الأمنية منتظرين موافقتهم على تظاهرهم فلن نرى تظاهرة واحدة في مصر بعد إقرار الدستور.. طبيعي أن يرفض الأمن كل التظاهرات التي من شأنها تعكير مزاجه.. مفترض أن التظاهر أصبح حقًا طبيعيًا للشعب المصري بعد أن خرق كل الجمود الذي أحاط بالبلاد كلها لثلاثين سنة.

المادة الثامنة والأربعون:

طالما قلت خلال مدة محددة، إما أن تذكر هذه المدة المحددة أو أن تحيل هذه المدة حسب كل جهة.. أما إطلاق كلمة "مدة محددة" هكذا حسنًا فالمدة المحددة هذه ستكون سنتين مثلًا..

أرجوكم راعوا العُقد النفسية التي ترسّخت في الشعب المصري خلال العقود الماضية..

المادة السادسة والخمسون:

أولوية العمل لأسر شهداء الثورة ومصابي الحروب خطأ كبير.. الأولوية في العمل لا تكون أبدًا إلا للكفائة وفقط! وإلا دخلنا في دوامة الوساطة والمحسوبية والانتساب للثورة من أجل الحصول على العمل على حساب الكفاءة..

المادة الثامنة والستون:

أريد تفسير موضوعي أفهم من خلاله لماذا لُحقت جملة: "دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية" بعد مساواة المرأة بالرجل في المجالات كلها، ولماذا هنا تحديدًا ذكرت "أحكام"؟ وسنسيربأب تفاسير لهذه "الأحكام"؟ وإذا علمنا من سوف نستند إليه في التفسير فلماذا لا نحتكم إليه إذًا في المادة الثانية كذلك؟

المادة الأولى بعد السبعين:

أؤيد وبكل شدة، وللتفصيل اقرأ ما كتبته من قبل حول هذا الأمر. (اضغط هنا)

المادة السادسة بعد السبعين:

التجنيد الإجباري.. هل علينا أن نناقش ما يُجَنّد من أجله أبناء الوطن؟ التعليق هنا لا علاقة له بمتن المادة، ولكن علينا الاعتراف جميعًا أن التجنيد أصبح بعبعًا لكل شباب مصر لا لأنهم لا يريدون خدمة بلادهم ولكن لأنهم على يقين تام أن التجنيد في مصر يعني وقفة في الحياة لا معنى لها ولا طائل منها ولا استفادة منها أبدًا.. وأن العاقل هو من يبحث عن كل الوسائط للخروج من دوامة التجنيد هذه.. وهذا للأسف الشديد!

المادة الثالثة بعد التسعين هي نتاج عقدة انقلاب الجيش على السلطة التشريعية قبل الجولة الثانية من انتخاب رئيس الجمهورية.. موافق عليها بالمناسبة. وإنما وجب التنويه :)

المادة التاسعة والعشرون بعد المائة:

من الذي بيده تفسير "ضرورة" حل مجلسي البرلمان؟ الحكومة المراقبة من قبله أم رئيس الجمهورية نفسه الذي قصد حله؟

المادة المائة والثلاثون:

لا أرتاح إطلاقًا لتعيين رؤساء الجمهورية السابقين بعد الثورة في مجلس الشيوخ مدى الحياة.. على الأقل لا أفهم لماذا؟ الصراحة، أنا لا أرتاح لفكرة مجلس الشيوخ من الأساس.. الأمر سيتحول لإرهاق انتخابي للشعب، وتكاليف ضخمة جدًا على الفاضي.. وإذا كان الهدف منه تحجيم مجلس الشعب لكي لا يستأثر بالتشريع، فقد يكون في هيكلة نواب مجلس النواب أو صلاحياته حلًا لهذه المُعضلة.. مش لازم يعني تضخيم مؤسسات الدولة ونفخها من أجل هذا الأمر..

المادة الواحدة والخمسون بعد المائة:

عفو رئيس الجمهورية عن العقوبة أمر - بالنسبة لي - مستغرب.. كيف يجرم شخصٌ ما جُرمًا ما في حق مواطن، ثم يعفو رئيس الجمهورية عن هذا الجُرم؟ هذا لأن العقوبة هنا مذكورة مجردة دون تقييد إذا كانت هذه الجريمة في حق رئيس الجمهورية مثلًا، وقتئذ.. ماشي! حقه الطبيعي ولا يجب التنويه عليه.. ولكن العفو عن العقوبة بصفة عامة، هذا لا أفهمه.

بخصوص باب المجالس المحلية يتضح أن المجالس المحلية لن تتمتع بالاستقلالية الكاملة، وأنها ستظل تحت قبضة السلطة التنفيذية، مهما مررنا من استحقاقات انتخابية فيها..

انظر الصورة الملتقطة من المسودة:


المادة الستة والتسعون بعد المئة:

وهي ترسّخ لقدسية وحرمانية الاطلاع على ميزانية القوات المسلحة التي تأخذ أموالها من ضرائبنا.. فتُدرج ميزانيتها رقمًا واحدًا دون فتح مجال لنقاش أبواب هذا الرقم ولا استحقاقاته.. فلا تعرف ماذا سيُصرف في التسليح والتدريب مما سيُصرف في حفلات الوفاء وبناء دور الترفيه، وما سيُصرف على مشروعات القوات المسلحة التي تتدخل بها في الحياة المدنية.. وهذا مما كان يطرحه علي السلميّ والذي من أجله نزل الإخوان والتيار الإسلامي كله ميدان التحرير في 29 يوليو 2011، ونزلت معهم - فقط - ضد هذه الوثيقة المجحفة التي جعلت من رئيس الجمهورية القادم خيال مآتة لا قيمة له أمام القوات المسلحة.. ثم حينما أرادوا وضع دستور دائم للبلاد أوردوها فيه.. وهو أمر مخزي الحقيقة.

المادة الثامنة بعد المئتين:

كيف تُشكل المفوضية الوطنية لمكافحة الفساد؟ ومن الذي يشكّلها؟ وما سلطتها؟ وما الداعي لإنشائها ولدينا ما يسمى بجهاز مكافحة الكسب الغير مشروع؟

المادة الاثنا عشر بعد المئتين:

وبكده كمان عشر سنوات حنلغي الإشراف القضائي على الانتخابات..!!!

***

علمًا بأن الخواطر السابقة حول مسودة الدستور قد لا تكون كافية، ففي بعض الفصول يحتاج الأمر للمتخصصين كباب القضاء وكيفية استقلاله، فما كُتب هنا اجتهاد شخصي بصفتي مواطن مصري يجب أن يكون معنيًا بالدستور ومواده التي تمس حياته الشخصية، وعليه أن يهتم كذلك بتحليلات المتخصصين فيما لا يفهمه من مواد الدستور..

اللهَ أسأل أن يوفقنا البلاد لأمر رُشد، يُعز فيه أهل طاعة الله، ويتاب فيه على أهل معصيته.. ويعيش أهله عيشة كريمة.. يحقق من خلالها مراده الذي خلقه الله من أجله..


الأربعاء، أكتوبر 17، 2012

تحت أي مسمى؟!





تحت أيّ مسمّى يأخذ نظام فعل بمدينة في بلاده مثل هذا شرعية؟! 
اتقوا الله في سوريا يا من تساوون بين الجلاد والضحيّة..

اتقوا الله في سوريا يا من تتشدّقون بوحدة سوريا والقومية العربية!!


اتقوا الله في هذا الفأر لا يأبه لوحدة سوريا ولا وحدة عفريت أزرق.. إنما يتشبّث بكرسيِّه فقط ولا يأخذ شرعيّته إلا من كلاب السلطة وأبواق النظام..!ّ

اتقوا الله ولا تساندوا بشار ومن معه بالكلام.. اتقوا الله واعملوا لنصرة الشعب السوري..


والنصر آت بإذن الله ولو بعد حين..
الصورة من حِمص الأبيّة.



الاثنين، أكتوبر 15، 2012

كيف تصف بيتك في الجنــة؟

القلب مشتاقٌ إلى جنة رب العالمين..

طرحت سؤالًا على الفيسبوك/ كيف تصف بيتك في الجنة..

والجميع أبدعوا فيما يأملوا فيه من رب العالمين أن يتنعّموا به في الجنة..

فقال محمد هواش:

There will be no idiots around. A green scenery would be extra nice. Maybe a flower field or two. NO bugs! There should be a castle filled with excitement and adventure nearby. A racing track with ever-changing racing cars would be nice. NO accidents! Ability to Fly is a must. And in the end a cosy house with my wife and children would suffice for me

والبعض اكتفى بالتخيل، ومن عظيم ما تخيل لم يستطِع الوصف أو فضّل أن يحتفظ بالصورة في خياله فقط كـ نهى رِضْوان إذا قالت: يــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاه smile:)

ثم فتحت مجال عقلي لأرى كم سيستوعب من نعيم الله، وأردت أن أسرد بعضًا مما أنشده من رب العالمين أن أراه في الجنة.. فقلت:

أن يكون لي قصْرٌ من زمرّد وصرحٌ ممرّدٌ من قوارير، على الماء بحيث أنظر تحتي فلا أرى إلا الماء الصافي، ولا يكون للقصر عواميد.. بل كله لؤلؤ في لؤلؤ.. وأن يكون للقصرِ قُبّة من زمرّد أرى من خلالها السماء النقيّة وفيها السُحُب.. وأن يكون قصري ملاصق لقصر رسول الله والأنبياء وكل الصّالحين وأن يصحبني في قصري زوجتي وأهلي جميعًا.. وأن يكون جيراني إخواني في إحياء والصدّيق وأهل الخير كلهم.. وأن أرى الصحابة فردًا فردًا فيتحدّث إليّ بما كانوا يفعلون فلا أملّ من الحديث أبدًا..

 وأن أعيش قصصهم في صدر الإسلام، وإن لم أعِش فتح بيت المقدس من جديد في الحياة الدنيا أسأل الله أن أعيش قصة فتحه في الجنة.. smile

وأن يكون برفقتي صَحبي وإخواني الذين عاشرتهم في الدنيا، وأن نتذكّر كلنا ما كان منا في الأيام الخوالي.. ونضحك على ما كان منّا في الحياة الدنيا..

وأن أجالس رسول الله (ص) كل ليلة.. أستمع له وأنصت.. وأقول له أن قد اشتقت لرؤيته كثيرًا وأني كثيرًا كنت أتوارى خجلًا من نفسي لعلمي بتقصيري.. وأني كنت أخشى ألا يستقبلني عند الحوض.. وأني كنت أرتعب حينما أسمع أنه سيقول: سحقًا سحقًا بعدًا بعدًا لقد بدّلتم من بعدي..

وأن يكون لوالديّ ووالدتي قصرًا هو أعظم من قصري وأبهج وأوسع منه.. أذهب إليهما كل يوم لأتناول الغذاء مع إخوتي.. smile

وأن أسافر أنا وزوجتي كل يوم ربوع الجنّــة كلها نقطف من ثمارها ونجري حول أنهارها.. وأن نستمتع بالنظر إلى مساحاتها الخضراء وأشجارها التي أعدّها الله لنا تبارك وتعالى..

وأن ألتقي بهؤلاء الفضلاء الذين علمت قيمتهم بعد أن ماتوا.. لأقول لهم كم كنت أتمنّى أن ألقاكم في الدنيا..

وأن يجمع بيننا وبين الصحابة الكرام نشاطات.. اجتماعيّة ورياضيّة.. ننافسهم على أن يغلبوننا بطبيعة الحال smile..

وأن تُمثَّل لي صورة لأمة محمد كلها مجتمعة في ساحة واحدة يسجدون لله وحده.. وأنا معهم..

وأن يكون ذكرنا كل ما خرجت أنفاسنا.. smile

وأن نلقى الله smile

فيستر علينا ما أذنبنا.. ويرضى عنّـــــــا..


وأراد حسام مجدي أن يردّنا عمّا أطلقنا به العنان، ليذكّرنا أننا مهما تخيّلنا لن نسع جمالَها وصفًا.. فقال:

مينفعش أوصفه عشان الجنة متتوصفش .. بس يعني لو عايز وصف بسيط مش هيديك صورة كاملة برضه ... هلاقي اللي أنا عايزة في اللحظة و الوقت إلي أعوزها فيه .. و هحس بمشاعر مختلفة على مدار الوقت و كل مرة هبقى فرحات أكتر من الأول ..

وأراد إيهاب أحمد أن يبسّط الأمور، فوصف أمنيته في بيته بالجنة أنه: 

أنا نفسيي يبقي ليا بيت مش قصر و يبقي أوداموو رييف أخضر كبييييير و يبقي بيتي علي أعلي هضبة و يكوون في شلال مياة...و نفسيي أوي أوي أوي ألقي ربيي و أتكلم معاه كل يوم....و أساسي الرسوول كمان أول ما هشوفوه هحضونووا أوي و هعيط علي كتفهه كتتتييير...و نفسي ألقي سيدنا عمر ابن الخطاب و أتعلم منه الكثييير....و أقابل كل حبابيي و أقاربي الي ماتووا خصوصا جدتي...و نفسي كمان أنام نوما عمييقا و لما أفتح عيني ألاقيي ال ريييف الأخضر الكبييييير........يا رب اغفرلي و أعتقني من النار.

ثم اختتم حسن سمير بالقول الأجمل، كلام رسول الله (ص) قائلًا:

طب إيه رأيك فى ده ؟ smile

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَيَقُولُونَ لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ وَالْخَ
يْرُ فِي يَدَيْكَ فَيَقُولُ هَلْ رَضِيتُمْ فَيَقُولُونَ وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى يَا رَبِّ وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ فَيَقُولُ أَلَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ فَيَقُولُونَ يَا رَبِّ وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ فَيَقُولُ أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا
رواه البخاري


أيها الإخوة،،

في الجنة نعيم دائم، وحياة جميلة كلنا يتمنى أن يدركها.. وكلنا بلا شك يتمنى مجالسة رسول الله والأنبياء الكرام والصحابة وتابعيهم والصالحين.. وكلنا يسأل الله نظرًة إلى وجهه الكريم.. الشوق لجنة الله التي أعدّها لعباده متأصّل فينا جميعًا.. نسأل الله تعالى ألا يحرمنا منها وأن يقينا من حرّ نار جهنم..

أيها الإخوة، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة..

رضا الله تبارك وتعالى علينا يتطلّب جُهدًا وطلبًا عظيمًا..

المنافسة الحقيقة أيها الإخوة في الوصول لرضا الله تبارك وتعالى.. وأيُنا أعلى مكانًا من الآخر..

الملكان يكتبان عنكما كل كبيرة وصغيرة فيما تفعلون..

فتحروْا رضا الله في كل ما تفعلوا..

واعلموا، أن الله تبارك تعالى إن أنعم علينا بدخول الجنة فإنا ندخلَها برحمته وحده لا بأعمالنا..

إنما نلتمس من الله عز وجل أن يغفر لنا تقصيرنا في كل شئ..

التمسوا رضا الله في العبادات وفي المعاملات وفي عملكم.. 

وليكن طموحكم الفردوس.. ألا تحبون أن تكون سقوف بيوتكم عرش الرحمن، وأن يكون رسول الله (ص) خير خلق الله جارُ لكم..

ومن أجمل ما كتب الأخ شريف خيري في علو الهمة ما كتب في: طموح الفردوس..

اعلُ الهمة.. واعمل خيرًا والتمس رضا الله تبارك وتعالى في كل موضع، وأحسن الظن بالله عز وجل.. 

لعل الله يجمعنا في جنته جميعًا :)

    

  grin