الثلاثاء، سبتمبر 06، 2016

سبحان الله..!

 
قطعة لحمة صغيرة بقدر ما يمضغ الإنسان تنمو ويُشق لها عينان وأذنان وأنف، وينمو لها يدان وقدمان. قلبه ينبض ويضخ الدم لبقية جسده، يولَد فيبكي. من أبكاه؟ من أضحكه؟ من أين أتت له مشاعر الحب والكره؟ ومشاعر الإعجاب وحب اللهو واللعب؟ كيف لقطعة اللحم هذه أن تنمو فتكون بهذا الشكل المقبول للنفس؟ ومن أين للنفس أن تقبل أشكالا وترفض أخرى؟

سماءٌ عظيمة، تنظر إليها بعينك فلا تجد آخرها.. من رفعها هكذا بغير عمد؟ من أين لها بهذا الجمال؟ من جعل النفس تصفو وترتاح حين تنظر إليها صباحا أو مساءً؟ كيف ترتاح النفس لرؤية بخار الماء فيها فتستمتع بملاحقة تحركه مع الريح؟ كيف لهذه الريح أن تتحرك من مكان إلى مكان حاملةً في جعبتها هذا الرزق من المطر والخير للناس؟

بذرة صغيرة إن رأيتها على الأرض الصلبة أهملتها، إن وُضِعت في تربةٍ صارت شجرةً عظيمة، كيف صار هذا الإعجاز؟ بها خشب جامد وبها أوراق خضراء رقيقة؟ تُسقى بالماء على خِلقته هكذا.. فهذه تطرح برتقالا وتلك تطرح موزًا، والماء واحد.

لماذا تأتي الشمس وتذهب؟ من أتى بها ومن ذهب بها؟ لا تخلف ميعادها أبدًا. الصباح نور للخلق، والليل عتمة وسكنٌ لهم. عجيب!

من الذي جعل ظلَّ المرءِ ملازمًا له هكذا؟

سبحانك يا الله، ءامنت بك وحدك خالقًا لهذا كله.

الاثنين، سبتمبر 05، 2016

أسئلة..!

- يا ترى العربي اللي بيتولد على أرض القدس دلوقتي وأبوه وأمه مواليد ستينيات ولا سبعينيات، بيتعامل مع الاحتلال إزاي؟ إزاي ولد من ساعة ما اتولد وهو معتاد يشوف الشرطة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي في الشوارع وفي كل حتة، وبيتعامل مع التجار والبياعين ومقدمي الخدمات اليهود بشكل روتيني وطبيعي جدًا.. إزاي ولد زي ده تفضل لهب المقاومة في قلبه ما تموتش؟ إزاي بيقدروا يزرعوا القضية في قلوب المواليد الجُدد؟ ولا بيألفوا التعامل والتطبيع مع اليهود غصب عنهم؟ يا ترى بيخافوا دولة إسرائيل تقع؟ يا ترى بيخافوا لو دولة إسرائيل أُسقطت نظام حياتهم اللي مشافوش غيره ينهار هو كمان ويلاقوا نفسهم في فوضى؟ يا ترى بيصيبهم من الحب جانب لو اقتصاد إسرائيل بقى قوى؟ يا ترى بيزعلوا لما بتحصل عمليات فدائية في قلب إسرائيل؟ يا ترى فيه منهم بيتمنى لو المقاومة الفلسطينية تموت عشان حياتهم تفضل في استقرار حتى لو في كنف اليهود المعتدين؟ يا ترى كون الفلوس اللي بيتعاملوا بها هي الشيقل الإسرائيلي ده ما بيخليهمش يألفوا العدو وينسوا فكرة القتال؟ أما بيتعامل بالفلوس اللي مرسوم عليها جولدا مائير وليفي إيشكول ما بيخليهمش يتعودوا إنهم يتعاملوا مع المجرمين دول وشوية بشوية تموت جواهم حمية الجهاد والاستقلال؟


- يا ترى أما بيشوفوا قوات الأنظمة العربية بتتعامل إزاي ما المعارضة من شعوبهم بيقولوا ده اليهود علينا أخف وأرحم؟ يا ترى لما بيقارنوا بين الرصاص المطاطي ومدافع المية والغاز المسيل للدموع وبين الرصاص الحي والخرطوش والاعتقالات الجزافية ما بيقولوش ده اليهود علينا أخف وأرحم؟ يا ترى ما بيتمنوش نعمة العيش في استقرار كيان إسرائيل الصهيوني تزول بعد ما بيشوفوا اللي بيحصل لما العرب يتمكنوا من بعض؟! يا ترى اللي بيحصل في بلادنا العربية والإسلامية بيمثلهمش فتنة في دينهم وفي وطنهم؟!


- يا ترى إيه اللي يخلي بلد زي إسرائيل تقع؟ بلد احتلال وكفرة وظلمة وقتلة.. بس أقوى سلاح في الشرق الأوسط وأعلى بحث علمي ووسط بلاد عربية كلها - تقريبا بلا استثناء - بيحكمها أنظمة ما بين خونة وعُملا ولصوص وقليلي الحيلة، ومتدعمة من أقوى بلد في الدنيا - دلوقتي - والدعم المعنوي والسلام اللي هي عايشة متنعمة فيه في كنف الأنظمة العربية أقوى من الدعم المادي اللي بتاخده من أمريكا؟ يا ترى إسرائيل دي عشان تقع لازم تقع من جواها؟ منها فيها؟ يعني النظام اللي عاملينه مبنى على احتلال أرض مش بتاعتهم ده يهوي بهم من نفسه؟ بس إزاي؟ دول قايمين على عقيدة قوية ووطنية شديدة؟ الناس كانت بتهاجر لهم مخصوص عشان يقيموا دولتهم لأنها الحلم بتاعهم.. معاك إن فيه منهم هلاسين، بس ما أنت الأغلبية الكاسحة عندك هلاسين أو قل منفضين أو عايشين وخلاص. على الأقل هم لما بيبنوا كيانهم الاستعماري ده بيبنوه بشغف وحماس ودين! شارون ولا باراك ولا نتنياهو لما كانوا بيضربوا غزة كانوا بيضربوها دين، مش أي حاجة تانية. وكونهم مستأمنين الحرب مع الدول العربية في الوقت الحالي فده خطة، هم مش هبل زينا، هم كل حاجة بتحصل بيخطوا بها مراحل مهمة في حياة دولتهم. الخطط موجودة ومُعدَّة من زمان، ولو حصل تغيير فيها بيبقى تغيير محسوب بحيث ما يحيدش عن الهدف الأساسي لهم. إيه اللي ممكن يرفع ظلم الاحتلال وينهي كيانهم ده تمامًا؟ إيه اللي ممكن نبدأ فيه دلوقتي بحيث كمان كام عشر عشرين خمسين سنة الوضع الحالي يتغير والظلم يترفع؟


- المسلمين العرب وغير العرب اللي بيولدوا على أرض بلاد أوربا ولا أمريكا ولا روسيا دول، وبيكون آبائهم مولودين هم روخرين فيها، والجد بس هو اللي قدم إليها مهاجر من بلده الأصلية، الناس دي بتعيش مواطنين أوربيين وأمريكيين تماما، مفيش فيهم نعرة قضية من قضايا المسلمين والعرب؟ طب اللي بيسافر من إخواتنا وأصحابنا للبلاد دي دلوقتي ونوى إنه يعيش فيها لآخر عمره، عارف تماما إنه أحفاده وأحفاد أحفاده من بعده هيبقوا مواطنين أوربيين وأمريكيين صالحين وبيشتغلوا على البرامج التنموية لبلادهم اللي منها ممكن يكون قايم على خيرات بلادهم الأصلية؟ واللي منها ممكن يكون قائم على حروب أشعلتها أوربا وأمريكا عشان تضمن إن بلادهم الأصلية دي ما يقوملهاش قومة أبدًا.. معقول مفكروش في حاجة زي كده؟ طب ولو فكروا فيها بيبقى إيه استنتاجهم؟ بيقولوا هنعيش في المجتمع العربي أو المسلم اللي هناك ملناش دعوة؟ ملكش دعوة إزاي؟ أنت مش بتدفع ضرايب هناك؟ مش شغال على برامجهم هناك؟ مش مشارك في بطاقتك ومجهودك في الكلام ده ولو بشكل غير مباشر؟ طب اللي عايشين هنا في بلادنا العربية المسلمة الجميلة، وشغالين في شركات أوربا وأمريكا اللي بتدعم الخطط اللي بتحطها الدول دي عشان مستقبل الدول دي يفضل في ازدهار ورخاء وبانيين ده على أحلام وآمال فقراء بلادنا العربية المسلمة الجميلة، ما بيفكروش إنهم لازم يسيبوا أشغالهم دي بأي شكل؟ وإن ما ينفعش يبقوا شغالين فيها كده من غير خطة إنهم يسيبوها ولا حاجة؟ وإلا يبقوا فرقوا إيه عن اللي عايشين في أوربا وأمريكا وشغالين معاهم.. ما كده كأنهم سفراؤهم هنا، عبيدهم هنا.. وإنا لله وإنا إليه راجعون!


- طيب الجماعة اللي عايزين يصلحوا ويحاولوا يعدلوا المايل في بلادنا العربية والمسلمة الجميلة، حاطين في بالهم إن طول ما الحوْجة موجودة للنظام الجائر بتاع العالم ده يبقى اللي بيعملوه ما يعديش كونه مُسكنات/مخدرات/وهم؟ طيب إيه الحاجة اللي تتعمل في بلادنا دي في ظروفنا دي في عصرنا ده اللي تهد الكيان العالمي الظالم ده كله وتحط مبادئ للعيش العادل الكريم للناس كلها؟ ولو الحاجة دي اتعملت وبقى لها أثر فعلا، هتتساب؟ هيسيبها نظام البلد اللي هي طلعت فيه؟ ولو سابها، هتتساب من الظلمة اللي برة؟ إيه اللي يركَّع الناس اللي برة دي ما يخليهمش يقدروا ييجوا علينا؟ طيب اللي شغالين في الجمعيات الخيرية على أكياس الرز واللحمة والفول واللي بيبنوا أسقف للبيوت واللي بيشتروا بهايم عُشر واللي بيوصلوا مية للقرى وغيرهم، شايفين مستقبل اللي بيعملوه ده؟ مقتنعين إن ده الحل وبس؟ طب الفساد ما دبِّش رجله فيهم هم شخصيًا؟ طب عملوا إيه عشان الفساد ده يقف ويتبتر؟ مش قادرين يعملوا حاجة؟ أمال هم بيعملوا إيه؟ وهو إيه الدافع ورا شغلهم ده؟ رضا ربنا؟ ولا رضا المجتمع المدني؟ ولا رضا الإعلام؟ ولا وقت فراغ وبنقضيه في حاجة مفيدة؟ ولا طاقة زيادة؟ ولا إيه؟ ولو رضا ربنا، طب إحنا شوفنا ربنا أمرنا بإيه عشان نعمله فعلا؟ ولا استسهلنا الخيار ده عشان ده اللي بنطلع فيه طاقاتنا الإيجابية والكلام الجميل ده؟!


- ليه ما بنتعلمش من التاريخ؟ بلاش التاريخ، ليه ما بنتعلمش من اللي بيحصل فينا؟ ليه مُصرين نمشي في السكة اللي ثبت إنها مش جايبة همها؟ ليه بنستثقل الطريق الطويل؟ طريق بناء الإنسان؟ ليه بننسى إن الهدف هو الإنسان نفسه مش المعمار ولا البناء ولا الفلوس ولا الطوب؟ هو إحنا بننسى فعلا ولا بنتعمد تجاهُل الحقيقة دي..

إنا لله وإنا إليه راجعون!

الخميس، سبتمبر 01، 2016

حكايات الشغف - مش #تنمية_بشرية :)


"في كل قصة عبرة لمن يعتبر، وعلى المرء أن يأخذ بأحسنِ ما يسمع".

---

اتباع الشغف قصة بتتحكي كتير، وكتير بيحاولوا يشتغلوا الحاجة اللي بيحبوها وكتير ظروف الحياة بتجبرهم على تغيير مسارهم المهني، فإما إنهم بيضطروا يستسلموا للظروف دي أو بيغيروا المسار مهما كلفهم ده عشان يشتغلوا في الحاجة اللي هم بيحبوها. حسين صديقي من أولى ثانوي، كان مثال للشخص المرتبط بالكمبيوتر وعالم الكمبيوتر من وهو صغير، شخصية استثنائية فيما يخص الموضوع ده. طبعًا الموضوع فيه جانب وراثي محترم، والده الدكتور عادل حسين فهمي مقدم برنامج "عالم الكمبيوتر" اللي كان بيتعرض زمان على التليفزيون المصري، وأحد الشخصيات الفريدة اللي تستحق الواحد منا إنه يقرأ عنها، ممكن تقرأ عنه - رحمه الله - في المقال المكتوب عنه في ويكيبديا هنا..

حسين في المدرس كان الـ Geek بتاع الكمبيوتر، وبمصطلحات التسويق كده تقدر تقول إنه كان عامل لنفسه branding بشكلٍ ما في المدرسة إن وجوده مرتبط بشكل كبير بالكمبيوتر والحاسوب والبرمجة والكلام ده.. في حصة معمل الكمبيوتر - اللي كان الطبيعي فيها المدرس يسيب الطلبة تلعب Games على الأجهزة الموجودة ولو طَرَش له كلمتين كده عن الـ DOS وقتها يبقى خير وبركة، الوقت ده كان حسين عنده مقدرة إنه يدي ورش عمل سريعة عن استخدامات الكمبيوتر - وقتها يا إخوانا كان تعاملنا مع الكمبيوتر هو الـ DOS وعشان كنا نكتب CD وبعدها مسافة وبعدين اسم اللعبة اللي عايزين نلعبها :) - الراجل كان عنده اطلاع بالـ Visual Basic وخلافه، مما أهله عن جدارة واستحقاق إنه يبقى إذا ذُكرت الحوسبة والكمبيوترات والكلام ده ذُكر حسين عادل فهمي :).

وعلى الصعيد الشخصي بالنسبة لي أنا وصديق لنا آخر - مصطفى - حسين كان ملاذنا الحقيقي لتفريغ شُحنات الرسم، كنا نرسم الرسومات ونديهاله يعمل لها Scan ويشتغل عليها editing ويرفعها لنا على موقع على الانترنت - كان هو اللي عامله ومخططه شافي مشفي - ولفترة من الفترات كان الموقع ده بيمثل لنا إحنا الثلاثة حلم، بالنسبة لي شخصيا كنت بنشكح جدًا لما بشوف الرسومات مرفوعة ع الشبكة النكبوتية، وكنا وصلنا لمرحلة حلوة إننا بنعمل فيديوهات تعريفية بالموقع وشغل عالي. للأمانة 80% من الشغل ده كان حسين، إحنا كنا بس بنرسم على الورقة ونديهاله. كان بيعمل الحاجات دي - أظن يعني - عشان كان بيستمتع بالشغل ده جدًا، والأهم من ده إن ده كان إطار لصداقتنا لفترة طويلة، أسست لصحوبية استمرت لحد دلوقتي وربنا يبارك فيها..

دخلنا بقى ثانوية عامة ودروس ثانوية عامة والهم اللي ما يتلم ده، كنا بناخد درس العربي والفيزيا سوا.. وكنت بروح له كتير جدًا في بيته، وشوف يا مؤمن يعني كان عندي انترنت في البيت وكل حاجة، بس زي ما قلت فوق كده الراجل ده كان مصدر كل ما هو جديد في الانترنت والكمبيوتر بصفة عامة بالنسبة لي.. وكتير أروح له عشان بس نلعب سوا فيفا مالتي بلاير ضد الكمبيوتر، ويخرب بيت الفرحة لما نكسب الكمبيوتر ويخرب بيت الإحساس بالمؤامرة الكونية الكبرى لما نخسر قصاده :)

حسين كان بيعتبرني الأرشيف بتاعه، بيحكيلي القصص اللي بيخش فيها على مختلف الجوانب والنواحي، 

تُوُفي والد حسين وإحنا في ثانوية عامة سنة 2002، وأظن دي كانت مرحلة مهمة جدًا في حياته.. والده كان من أكتر الناس اللي أثرت في شخصيته وخلت عقله ناقد ومحلل لكل حاجة حواليه. حسين مش شخص عايش كده بيعيش الأحداث اللي بتحصل مفيش حاجة، لأ! ده له تحليلات وتوقعات وانعكاسات لكل حاجة بتحصل بشكل عميق جدًا.. أعتقد إن من بصمات والده - الله يرحمه - عليه إنه يخليه يقرأ، يتفلسف في المزيكا.

حسين مكنش سميع مزيكا وخلاص، لا ده كان بيؤلف أغاني ويعزفها على البيانو اللي عنده في البيت - جيرانه كانوا متفهمين الدوشة اللي بيعملها لهم كل ليلة - لا عجب في ده طبعا! والده كان له مقالات في الموسيقى جمعها في كتابه الشيق: جاز، نهاوند وسيكا! وربط الموسيقى بالرياضيات في كتاب سماه: أصل السلالم الموسيقية. أذكر كويس إني اطلعت على الكتابين دول، خاصة الأخير. أظن لو شوفتهم دلوقتي هأكون أكتر اهتمامًا.. حسين وارث ملكة الكتابة دي من والده الله يرحمه، وله كتاب جميل عن مغامراته في أوربا اسمه: عجيب في بلاد العجائب.

خلصنا ثانوية عامة، وجت مرحلة الكلية، دخلنا سوا هندسة عين شمس العظيمة! وهنا مربط الحكاية..

مع شخصية حسين الكمبيوترية الـ Geekية الرياضية دي، إلا إنه كان بيكره الرسم الهندسي كره العمى، وما يطيقش هندسة الانتاج تماما، بعيد تماما عن دماغه.. الحقيقة أنا متفهم تمامًا، أنا كنت بحب الرسم الهندسي جدًا ولكن سكاشن الرسم الهندسي في الكلية عندنا كانت أشبه بعنابر التعذيب والمدرسين اللي كانوا بيشرحوا كان عندهم مشاكل حقيقية في التعامل، فتخيل بقى لو واحد كمان كاره المادة أكيد بالنسبة له الموضوع جحيم!

وطبعا بحكم نظام التنسيق العبقري اللي في الكلية، اللي بيودي كل واحد المكان اللي يناسبه طبعا! حسين يخيش في مادتي الرسم الهندسي والانتاج وبالتالي ما يحققش مجموع الدرجات اللي يدخله قسم كهربا اللي منه يخش على كمبيوتر.

وتنسيقه يوديه فين؟!

ميكانيكا!!

يبقى الراجل ممتاز في الكمبيوتر والبرمجيات، بس عشان هو مش كويس في الميكانيكا والرسم، فهندخله ميكانيكا!

على رأي صاحبنا علي جمال - رحمه الله -: إديني عقلك وامشِ حافي!

إنما الحمد لله رب العالمين، الرجل ربنا نجاه من الهم ده - لأنه بكل السُبُل مكنش هينفع - وانتقل للجامعة الألمانية ودخل هناك المجال اللي هو متميز فيه. وقدر هناك إنه يكون رابطة من محبي البرمجة وعمل Club لمساعدة الطلبة في الموضوع ده، وعلى حد ما كنت معاصر الـ Club ده عمل شغل كويس وكان له أثر إيجابي على دفعته في حينه.

حسين تخرج من الجامعة، وسافر درس برة، وحصل على شهادات عليا في النمسا، وكمِّل مسيرته هناك وحاليا هو ما شاء الله رجل باشا في شركة IBM اللي أول ما عرفت الكمبيوتر عرفته بالاسم ده.. كمبيوتر IBM.. هو فيها حاليا وعايش في النمسا. ومحقق نجاحات ملموسة وشغال على مشروعات لها علاقة بالاتحاد الأوربي - شُغل أجندة بقى وكلام من ده :) - واتكرم في شركته على مجهوداته فيها..

تخيل معايا لو كان حسين قال لك: "معلش ميكانيكا هندسة عين شمس أحسن، وحرام أضيّع سنة من عمري" كان هيبقى عامل إزاي دلوقتي؟ كاره المجال اللي هو فيه، أو بيحاول يحبب نفسه فيه بالعافية.. يادوبك يعدي سنين الكلية بالعافية ولو اشتغل في المجال هيتحول لموظف نمطي روتيني مفقوع، أو هيغير كاريره بقى على كبر ويشتغل في أي حاجة تانية.. طبعا، الحمد لله حسين كان معاه من الإمكانيات اللي خلاه يقدر يحول للجامعة الألمانية، وأنا مقدّر طبعا إن الإمكانية دي مش ضروري تبقى عند كل الناس.. لكن الفكرة نفسها: كتير ممكن يبقى مستخسر إنه يعيد "سنة" في حياته، فيكسل ويقرر إنه يكمل وخلاص. الحقيقة إنه بدل ما يبقى ضيع سنة، ضيع أربع أو خمس سنين كمان! لأنه قضاهم في حاجة مش بتاعته، غيره هيكون له الأولوية فيها. لأنه مهما عمل مش هيقدر يتميز في المحال، آخره يقضي المصلحة وخلاص. أهو "يقضي" أكتر حاجة سيئة ابن آدم ممكن يعملها في نفسه.

واحد زي حسين ده كتير يعتبروه دلوقت خير ممثل لمصر في الخارج - طيور مصر المغردة في الخارج والكلام ده :) - والراجل معلمش حاجة غير اللي بيحبه. أكيد فيه عوائق وبلاوي ياما واجهها في حياته - لا يتسع هذا المقام لذكرها، منها اللي كان هنا ومنها اللي قابله برة وكان أشد وأعسر - بس ده شئ طبيعي ما هي الدنيا مش المفروض تبقى سهلة وسلسة وكل حاجة فيها تشاور لها تيجي، الموضوع تطلب تعب ومجهود وسفر وإرهاق ومشاكل بتحصل ولازم يعديها عشان يكمل وهيصة!

في النهاية، حابب أقول لحسين إنه واحشني - غالبا ده الدافع الرئيسي لكتابة كل الطحن ده -، وإن شاء الله ييجي بالسلامة قريب -  في إجازة يعني مش قصدي حاجة - ونحكي كتير عن الدنيا دلوقتي وعن كل الأشياء :)