الثلاثاء، أغسطس 18، 2009

يد مصر

كرة اليد هي اللعبة الجماعية الوحيدة التي يمكن أن تقول أن فيها الرمق أو أن منها الأمل، فاعتدنا نحن أننا في اللعبات الجماعية كلها نخرج من كل البطولات لا ناقة لنا ولا جمل، كرة القدم نغيب عن كأس العالم بالعقود، وكرة السلة نخسر من الأرذلين فيها، والكرة الطائرة لا نملك ريادة إلا على إفريقيا أما على مستوى العالم فنحن الأخير أو قبل الأخير دوما। ولكن في كرة اليد الطبيعي أننا موجودون في كأس العالم والطبيعي أن أداء الفريق يكون مشرفا ومن الوارد بشدة أن نحرز مراكز متقدمة في بطولات العالم। فريق الشباب عام ثلاثة وتسعين أحرز بطولة العالم، والفريق الأول أحرز المركز الرابع على مستوى العالم بقرنسا بعد أداء بطولي من عواض وبلال وجوهر نبيل وحمادة النقيب والروبي وكل هؤلاء الرموز الذين صنعوا مجد مصر في كرة اليد। كما أن مصر لها رنين دولي هام وهو الكابتن حسن مصطفى رئيس الاتحاد الدولي لليد لسنوات متتالية وينسب له الكثير في تطوير اللعبة إلى غير ذلك।
بالإضافة إلى أن النظام في كرة اليد حاسم ولا مجاملة فيه للكبير والصغير، فالاتحاد المصري يطبق نظاما لدعم الشباب والحيوية في الفريق الأول أن يعتزل كل من يصل إلى سن معينة إجباريا للحفاظ على شبوبية اللعبة ولطمس أي فكرة لمجاملة الكبار على حساب الجيل الصاعد، ولولا ذلك ما ظهر أحمد الأحمر ولا هاني الفخراني وغيرهم।
ذهبت للاستاد لأول مرة في حياتي لأشاهد مباراة نصف النهائي لكأس العالم للشباب والتي تقام في مصر، ولم أكن أتصور أن المشهد في الاستاد سيكون في مثل هذه الروعة والضخامة والهيبة، فالاستاد ممتلئ عن آخره والصوت يضج بالاستاد كله بقوة وعنف، والمشهد واسع ويحتوي كل العناصر الموجودة، كأنها تصور وايد كاميرا، كان مشهداً رائعا ومفائجا بالنسبة لي فلم أكن أتصور أن الأمر سيروقني إذ كنت أعتقد أن الزحام وعدم وضوح الرؤية سيغلبان على الحدث فلن استمتع بالمشاهدة، ولكن النقيض ما حدث، فالرؤية كانت ممتازة والاستاد كان فخما حتى أني أخذت الكثير من الصور بكاميرا تليفوني المحمول الـ २ ميجابيكسل والحقيقة أن الأمر يستحق كاميرا تصوير حقيقيةن وتساءلت إذا كان الأمر بهذه الهيبة في استاد كرة اليد فما الحال في استاد كرة القدم الذي يسع سبعين ألفا وعمليا يدخله مئة ألف وهو من أكبر استادات العالم والحديث عن ستاد القاهرة بالطبع। أكبر ما استفدت منه هذا اليوم هو الصور التي أخذتها داخل الصالة لي ولأصحابي وللجماهير الغفيرة। صوت الجماهير عالي وصاخب ومنظم والتصفيق أحادي، على كل هدف لمصر أو صدة لكريم مصطفى حارس المرمى المصري تتعالى الصيحات، والحقيقة يحسب للفريق المصري الحفاظ على أعصابه وسط هذا الضجيج لو كنت مكانهم لانفلتت أعصابي ولفقدت تركيزي وأحسب أن هذا ما حدث مع الفريق المصري فلم يحسن التعامل مع الضغط الجماهيري ولم يستغله الاستغلال الأمثل। لم يكن الفريق المصري أفضل فرق البطولة، ولا أعلاها لياقة وخفة। فواجه الفريق الدنماركي وكانت الهزيمة من نصيبه ليصعد الدنمارك للنهائي في مواجهة ألمانيا الاتحادية، وليقابل الفريق المصري نظيره السلوفيني لتحديد المركز الثالث، إلا أني كنت فخورا بهم فهم لعبوا بقوة قدر استطاعتهم.
الحقيقة أني لم أحزن لخسارة الفريق المصري وإن كان فاز لكنت فرحت فرحا شديدا إذ كنت أتمنى لهذه المجموعة أن تكمل المسيرة ولتحقق ما حققه جيل ثلاثة وتسعين، ولكن الحق يقال الفريق الدنماركي تسيد المباراة من البداية ويستحق الفوز ولم يكن هناك أي ظلم تحكيمي، وفي النهاية جميل أن يكون النهائي بين الفريقين الوحيدين اللذين نجحا في الفوز علينا وهما الألماني والدنماركي।
فلما انتهت المباراة تعمدت الوقوف للتصفيق لفريقي للدلالة على الروح الرياضية وعلى أننا راضون عن الأداء، وشاركني في ذلك عدد لا بأس به من الجماهير، إلا أن الفريق المصري لم يلتفت للتصفيق لحزنهم على الخسارة والتفت لها الفريق الدنماركي فبادلنا التحية।
خرجت من الاستاد لأواجه المشكلة الكبرى، وهي البحث عن السيارة، وساعدني أولاد الحلال حسين وسالم وعمرو في البحث في كل المناطق المحتملة حتى اكتشفت أنها في بوابة أخرى تماما، وأن الطريق طويل للسيارة। فخرج معي الأخ حسين لنجد السيارة وحيدة شريدة في الجراج وذهبنا للعشاء عند الشبراوي في الكوربة، فأتغابى أنا وأطلب طبق فول بالبيض شكشوكة عانيت من حموضته وثقله حتى استيقظت في اليوم التالي للعمل وأنا أرغب في النوم بشدة। إلى أن أتحفني الأخ فتوح - الأوفيس بوي - بشراب لا أدري ماهيته ولا كنيته ورفض أن يعرفني به ولكن بفضل الله كان سببا في شفائي من الحموضة الشكشوكية المفترسة।

الفائدة: لا تأكل من عند شبراوي فول شكشوكة خاصة إذا ما كان بعد مباراة هامة خسرها فريقك.

هناك تعليق واحد:

  1. يا بختك, أنا معرفتش أروح ولا ماتش في البطولة دي :(
    بس أفهم من كده أن ديه أول مرة تروح فيها أي أستاد ؟؟!!!

    ردحذف