الجمعة، أبريل 13، 2012

كلمة في الأستاذ حازم صــلاح..


يجب على جميعنا الإقرار بحقيقة معيّنة وهي أنه من المفترض أن المصلحة المرجوّة من الانتخابات الرئاسية هي مصلحة مصر، وبالتالي فإن من يتقدم لهذا المنصب من المفترض أنه يتقدم له لأنه يرى أن أيَّاً ممّن رشحوا أنفسهم لهذا المنصب الرفيع جديرًا جدارةً كاملة بهذا المنصب.

ونحن نفترض أن كل مرشحي الرئاسة الذين تقدموا بأوراقهم للجنة العليا لانتخابات الرئاسة يرجون مصلحة مصر أولًا وأخيرًا وبالتالي لا يضرُّهُم أن ننتقد أفكارهم أو أساليب إدارتهم للمرحلة أو أساليب إدارتهم لحملتهم الانتخابية..

الشيخ حازم صلاح شيخٌ فاضل معروف من قبل الثورة بدروسه وكان يتطرّق للسياسة كثيرًا وهو من أهل الخبرة في السياسة فوالده رحمة الله عليه رجلٌ برلمانيّ وكان قياديًّا بجماعة الإخوان المسلمين.. وهو شخصيًّا يعتبر تربى في مدرسة الإخوان المسلمين ويعتزّ بذلك تمام الاعتزاز..

شخصيًّا لا أشكك في نوايا الشيخ حازم على الإطلاق بل أعتبره من أصدق المرشحين للرئاسة ومن أخلصهم وأستشعر في خُطَبِه ودروسه ومؤتمراته الصحفيّة أنه "يحمل الخير لمصر".. من غير لويِ لعنق الكلام..

وأرى فيه مهنيًّا ممتازّا في فن القانون والقضاء وغيره..

ولكن بما أن منصب الرئاسة يتطلب الكثير من الخبرات فعلينا أن نتحرّى الموضوعيّة في التحقيق بخبرات الشيخ حازم..

مبدئيّاً لئلا يُخدع القارئ فأنا لست دارسًا في الاقتصاد ولا في العلوم السياسية.. ولكن بما أني مواطن مصري له خبرات معينة في بعض الأمور الحياتية وكذلك فرضٌ عليّ أن أعي بالأمور العامة الآن فعليّ أن أجتهد قدر المستطاع لكي أختار رئيس مصر الجديد.. وعليّ إذا التمحيص والتدقيق في كل شخصيّة.. قدر المستطاع بكل تأكيد..

يؤخـذ على الشيخ حازم أنه يفكّر لوحده..

بمعنى أن أفكاره وأطروحاته الاقتصادية تظهر بوضوح أنها أفكار واجتهادات شخصيّة لعله لم يشارك فيها فريق عمل متخصص في هذا الأمر.. يعني مثلًا الشيخ حازم لديه رؤية حول الاستثمار الأجنبي والسياحة وهي دعوة شركات السياحة والاستثمار الأجنبية للاستثمار في مصر ليكون لهم فيها مصالح فإذا ما فرض العالم علينا حصارًا اقتصاديًّا نتيجة أن مصر قد تتجه اتجاهًا يكرهه العالم، وقتئذ يدافع المستثمر الأجنبي عن مصر دفاعًا مستميتًا فيرفض سحب أموالَه منها.. وهذا - على حد علمي - غير واقعيّ بالمرة..

فإذا ما قرر العالم - ممثلا في أمريكا أو الأمم المتحدة أيًّا يكن - الحصار على مصر، لن يكون بوسع المستثمر الأجنبي الاحتفاظ باستثماراته في مصر ولو كان يعشق تراب مصر عشقًا.. هذا لأن القرار السياسي يجُبّ كل المصالح الشخصيّة للأفراد ورجال الأعمال.. خاصة أن مصر لن تكون آخر دول العالم للاستثمار..

والفكرة هنا ليست في دعوة المستثمرين الأجانب للاستثمار في مصر فهذا أمرٌ محمود في كل الأحوال ولكن رؤية الشيخ في أمر دفاع المستثمرين الأجانب عن أموالهم في مصر أمر مُستَغرب وغير واقعي..

كان لشركة أوتيس للمصاعد - وهي شركة أمريكية - استثمارات في السودان، وعلى حد علمي كانت أوتيس تستفيد من البيع في السودان عن طريق وكلائهم هناك استفادة مُرضِية جدًا بالنسبة لحال عقار السوق السوداني.. ولكن ما إن قُرّر الحصار على السودان، طلبت أوتيس فسخ التعاقد مع وكلائها في السودان لأنه لن يكون باستطاعتها البيع في السودان.

لم تستطع أوتيس إذًا إثناء أمريكا عن حصار السودان على الرغم من أنها كانت تستفيد من البيع هناك عن طريق وكلائها استفادة ملحوظة.. لأن القرار السياسي لا يمكن ردّه.. بالإضافة أن السوق السوداني يمكن تعويضه في دول أخرى عطشى لذات المنتج.. تمامًا مثل مصر.. صحيح أن السوق المصري أوسع وأكبر من السوق السوداني، ولكن كبره لن يشفع له في ردّ القرار السياسي بالحصار الاقتصادي على مصر.

كذلك دولة مثل إيران سوق ضخمة جدًا.. وفي العقار كذلك بالمناسبة.. تفرض الشركات الأوربية على مصانعها شروط تعجيزية جدًا للبيع في السوق الإيرانية.. كأن تبيع للوكلاء هناك في أوقات معينة في السنة وبأسعار غالية جدًّا، رغم أنه إذا فتحت إيران ستدرّ دخلًا مُرضِيًا جدًا لهذه الشركات. ولكن الهدف من الحصار هو إبطـاء التنمية في إيران للضغط عليها لترضخ لما يطلبه المجتمع الدولي منها.. وهكذا..

مثل هذه الرؤية الاقتصادية الغريبة أعتقد أنها أتت من كون أن الشيخ يعمل وحده.. وكذلك أن أنصارَه لا يجدون حرجًا فيما يقول فلا يردّوه عن سوء مقاله - التنموي - لأنهم لا يفكرون معه..

نفس الفكرة أيضًا في حل الشيخ حازم لقضية البطالة.. فالشيخ حازم يرى أن فرض قانون على شركات السيارات العالمية مثلا ألا تبيع في مصر إلا إذا كان لها مصانع في مصر تستوعب الشباب المصري العاطل لن ينتج عنه سوى عزوف هذه الشركات عن البيع في مصر لأنه أولا: ستقيس هذه الشركات تكلفة إنشائها لهذه المصانع في مصر، وتدريب العمالة المصرية - الغير مضمونة لهم - فيها، وإشراف كامل على هذه المصانع يستغرق سنوات مقابل ما تبيعه فيها.. ربما تجد أنه من الأصوب ألا تدخل في السوق المصري خاصّة إذا كانت هذه الشركات من الشركات العالمية ذات الجودة العالية في منتجاتها والتي لن تضحّي بسمعة منتجها في السوق العالمي على حساب البيع لمصر.. وثانيًا: لأن الدولة التي يتدخل في حركة سوقها واقتصادها النظام السياسي بهذا الشكل هي دول غير مستقرة اقتصاديًا بالمرة.. ما الذي يضمن لهذه الشركة ألا يستصدر رئيس الجمهورية قانونًا بفرض زيادة على ضرائب مبيعاتها في السوق إذا ما مرت البلاد بعجز في الاقتصاد.. وبالتالي هذا المناخ الاقتصادي المهزوز يدفع المستثمرين للعزوف عن الاستثمار في البلاد والاتجاه لبلاد أخرى تستوعب استثماراتهم..

كذلك فإنه يبدو أن الشيخ حازم لا يُنكر على أتباعه وأنصاره خاصة من أعضاء الحملة المركزية أخطائهم الفادحة في إدارة الحملة، من أساليب غريبة جداً كقصص لا معنى لها للدعاية لمرشح رئاسي كالقصة - وهذه من على الصفحة الرسمية - التي كتبوها أن بعد أن وكّل أحد المواطنين توكيلا انتخابيا للشيخ حازم صدمته سيارة فمات.. رحمه الله ولكن هذا استهزاء بعقول الناس.. ولا تجد الشيخ حازم يُنكر على أنصاره هذا..

كذلك تصرفات مثل التجمهر أمام المحاكم - لا أجد هدفاً من ذلك إلا الضغط على هيئة المحكمة في شأن قضية صحة ترشحه من عدمه - لم أر من الشيخ حازم حيال هذا الأمر إلا أن قال: قلت لكم لا تذهبوا ومع ذلك ذهبتوا طب جزاكم الله خيرا.. كان على الشيخ حازم أن ينهرهم لذلك.. فيما يعني أنه لا يحب أن يلوم أتباعَه لومًا قد ينفّرهم منه وهذه - في رأيي - كارثة.

لا يجب أن يصل الأمر إلى انتصار للشخص بدلًا من الانتصار للمبدأ.. وبدلًا من الانتصار للحقّ.. وعلى الشيخ حازم أن يكون أكثر وضوحًا في هذه المسألة مع أنصاره..

كما أنه يجب ألا نربط الشيخ حازم بحكم الشريعة في ربوع البلاد فإن الأصل أن يحكمنا شرع الله بصرف النظر عن وجود الشيخ حازم في سُدّة الحكم من عدمه.. شرع الله من تنمية اقتصادية وعدالة اجتماعية وعدالة ناجزة في القضاء وكذلك الشقّ الجنائي وهو الحدود.. المهم السعي وراء الحقّ.. والحقّ وحده..

هذا هو مربط الفرس.. فأهيب بنفسي وإياكم أن يكون هدفنا أولًا وأخيرًا هو الحقّ.. فإن أصاب أبو الفتوح أو الشيخ حازم أو الشاطر أو حمدين.. شددنا على يديْه وشكرناه وشجّعناه على المزيد.. وإن أخطأ أيُّهُم فكان واجبٌ علينا أن نقوّمه ونصحّح له مساره..

أسأل الله أن يوفّق الشعب المصري في اختيار رئيسه.. وأن يُقرّ أعيننا برؤية بلادنا قويّة.. مستقلّة.. تُجبر العالم على احترامها..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق