السبت، سبتمبر 08، 2012

في الألتراس.. والقصاص



شباب وجدوا أنفسهم وسط مجتمع ماديّ مفكّك، انتمائهم للبلد يتدهور يوم بعد يوم، في وقت كان إعلان حب الوطن أمر غريب ومُدهش!

نظروا لناديهم فوجدوا فيه أملًا لرمز ليلتفوا حوله، وأرادوا أن يطبقوا فيما بينهم مبادئ الأخوة والاتحاد..

الحماس سمتُهُم، والصيحات القوية الصاخبة ملمح أساسي لهم..

لا يأخذون الأمور على اللون الرمادي، إما أبيض أو أسود..

أعترف أني لم أكن على إحساس متصل مع هؤلاء الشباب، فما كنت أرى فيهم إلا شباب بحثوا عن أسلوب جديد لتضييع الوقت فوجدوا ضالَتهم في توجيه طاقاتهم السلبية المكبوتة كلها تجاه التشجيع ورجّ الاستادات.. لم أرَ فيهم نبلهم ولم أعرف فكرَهم ولا معنى أغانيهم التي ينشدونها إلا مع أحداث الثورة..

ولم أعرف صدقَ شجاعتهم إلا بعد أن توالت الأيام تلو الأيام، وظهروا رجالًا في المواقف العصيبة التي عصفت البلاد في الآونة الأخيرة..

وإن كنت لا أزال أختلف مع كثير من أساليب حلولهم للأمور، وكثير من معتقداتهم - وإن كان هذا لا يعنيهم في شئ - ولكني في هذا الوقت، أجد نفسي متعاطفًا مع مشاعرهم.. وأتخيل نفسي لو أني كنت بينهم وقت أن مات من مات من اخوانهم وأصدقائهم بمجزرة بورسعيد.. وكيف بعد أن أمضيْنا أيامًا وأيامًا في استادات البلاد كلها، وفي الميادين.. نشحن بعضنا بعضًا بهتافاتنا الحماسيًة.. كيف يتركون حق إخواني يذهب سدى هكذا؟

وإن تفكّرت قليلًا لوجدت أن ضحايايْ ليسوا الوحيدين الذين لم يُقتص لهم.. قد مات من قبل سدى من كانوا في محمد محمود وماسبيرو، ومن قبل في بدايات الثورة..

ثم أجد من ناديّ الذي هتفت له في استادات مصر كلها حتى جُرحت حنجرتي أن يبيعَ القصاص، ويقرر البدء في الدوري وكأن شيئًا لم يكن..

سحقًا للبيزنس من وراء الكرة..

وسُحقًا للأموال التي تجترّونها من مباريات الكرة، والتي أضفنا لها نحن طعْمًا وحسًا..

أنتم لا تدرون معنى أن يُفقَد لكم عزيزًا شريكًا للعمر.. كسحت الرأسماليةُ مشاعرَكم كلها فلم يتبق إلا المادية القبيحة التي أنْسَتكم القصاصَ والعدلَ وأصبح جُل ما تفكرون فيه هو متى سيأتي المليون القادم..

فهمتمونا خطأ إذًا إذ ظننتم أن غاية ما نبغي كرة القدم وفوز فريقٍ بدوري أو كأس..

واقع الأمر أن النادي كان رمزًا للوحدة وللإرادة..

وكنا نتشدّق بانتصارات النادي وننسبها لنا.. إذا انتصر النادي انتصرْنا وإذا خسر لم تمنعنا خسارته من الهتاف والصراخ..

حتى جاءت الثورة، وعشنا معنًا جديدًا للانتصار..

وعشنا معنًا جديدًا للهتاف من أجل الحق والعدالة والحرية..

لم يفهم النظام ما صرخْنا من أجله.. صرخْنا من أجل الحرية..

ولا يفهم الآن اتحاد الكرة أو أعضاء مجلس إدارة النادي ما صرخْنا به من قبل.. وهو..

القصاص..

هناك 3 تعليقات:

  1. الله عليك يا سيطرة .. رائع

    ردحذف
  2. الالتراس فعلا مخلص لقضية الشهداء والقصاص بدون تسييس ولا متاجرة بيها.. تخيل لما الألتراس -اللي هما اكتر ناس بيهتموا بالمتشات - عايزين يلغوا الماتش ..بجد لازم الحكومه تحس بالشباب دول شويه و كفانا تهميش ..!!

    و بعدين بصراحة يعني،طول ماإحنا عايشين في مهرجان "البراءة للجميع" ما نبقاش ترجع نزعل من الناس لما تأخد حقها بإيديها!

    و بعدين بصراحة يعني، لما الداخليه كانت رافضه تأمن مؤتمر التيار الشعبي، افهم بس هتقدر تأمن الماتش ازاي .. سؤال يطرح نفسه علي الساحة !!

    ردحذف