الأحد، أغسطس 16، 2009

الأحكام المطلقة - 2


كذلك من سبل الأحكام المطلقة أن تحكم على طائفة أو جماعة أو شعب بأكمله من خلال رؤيتك لسلوك بعض أفراده، فليس من المفترض أن يسلك كل أفراد قوم ما نفس القيم والمبادئ لمجرد نفس المعتقدات أو بسبب البيئة المشتركة।

ونحن أساتذة في الأحكام المطلقة، فعندنا: الفرنسيون فرافير، والطليان حلنجية، والأسبان شضلية، والألمان مميكنون، والإنجليز بارودون، وأهل الخليج متخمون مفطّسون كسالى منفّضون، والمصريون على الفاضي يجعجعون وما هم إلا بق كبير، والمصريون في الخارج كلهم خداعون نصابون مخزوقون، والسودانيون طيبون، والسوادنيون الجنوبيون حاقدون وصوليون لنا كارهون، والأمريكان رعاة بقر مكوّشون، والترك مغرورون عنطوزيون عصبيون إنفون عثمانيون، والفلسطينيون باعوا أرضهم وهم لا أمان لهم بعضهم بعضا يكرهون - تقديم ما وجب تأخيره مهاري جداً -، والشوام تنحون باردون تجار صيّع ماهرون، والعراقيون دمويون سفاكون مجرمون لمن يحكمهم في العادة ساحلون إلا إذا كان حديدي فاشي مسيطري على أطياف الشعب كلها غير آبه لهم جميعا فيسحقهم سحقا كل يوم، والإيرانيون منافقون يظهرون ما لا يكتمون।

بينما في الواقع حينما تفنّد الأمر تفنيدا تجد أن ما سبق غير عادل وظلم جائر، فليس كل المصريين فنجرية بق وبتوع طقّ حنك، فكثير منهم يلتزم بما يقول، ولم يبع كل الفلسطينيين أراضيهم ولو باعوها فقد باعوها بعد اكراه وبعدما ألقى الخنازير عندهم جثث لأطفالهم وأطفال ذويهم رهبا ورعبا، فليسوا كلهم خونة، ولا ما يحدث اليوم من قتل الفلسطيني الحمساوي لأخيه الفلسطيني الفتحاوي والعكس يدفعنا للحكم عليهم على المطلق أنهم لا أمان لهم، ولا اقتحامهم رفح المصرية والمواجهات بينهم وبين الشرطة المصرية على الحدود يدفعنا للحكم المطلق عليهم أنهم لا أمان لهم। بل هي أحداث فردية

ليس ما نشاهده في التليفزيون عن الشعوب هو يشرح حقيقتها، وإلا كنا نحن خطر الإرهاب الحقيقي على العالم كما يرانا الغرب في التليفزيون، وأننا خطر داهم على الحضارة الغربية وعلى الحرية الأمريكية। أما كوننا منارة للفكر المعاصر فهذا لا يراه المشاهد الغربي। فلا يصح أن يطلق علينا المشاهد الغربي أحكاما مطلقة فقط لأن تلفازه يوحي إليه بذلك كذبا।

فلا يشعرنّ قلبك إزاء طائفة ما باحساس ما لمجرد أنك رأيت واحدا منهم على شاكلة ما।

ولا تطلقنّ الأحكام سفاهة على أناس لا ذنب لهم أن عقلك وأفقك غير متسع।

ولا تصفنّ أناسا بأوصاف ما لأنك رأيت غيرهم في التلفاز على هذه الأوصاف।

ولتقبل الآخر قبولا।

هناك تعليق واحد:

  1. استفدت كتير بآراءك و مقتنعة بكل كلمة قيلت فتح الله عليك

    ردحذف