الاثنين، نوفمبر 23، 2009

الواقع الحاصل للماتش الفاصل


الآن وبعد أن فرغ الجميع من جمع الأدلة المادية والعينية بخصوص الاعتداء الجزائري على المصريين في أم درمان وفي ساحات الخرطوم كلها.. وبعد أن فنّد الجميع - الزائطون وغير الزائطين - كل ما قيل وقال وسيقال حول الفضيحة التي حدثت..


ما حدث في الأيام الماضية بيّن لنا عدة حقائق كانت خافية، وكان حتماً سيأتي اليوم المناسب لإظهارها، والحقيقة أن الأسباب وراء ما حدث من شغب وترويع ليست مباراة كرة قدم إطلاقاً.. للأسف هذه هي حقيقة المسلمين اليوم.. أو بالأحرى من ينتسبون إلى العروبة كمصطلح..


- أن العروبة كانت وهماً ولا أصل لقومية العروبة ولا دليل عليها.. ولا يكفي تحدثنا باللغة العربية كلغة أم ليكون ما يجمعنا هو اللغة، ولم تكن اللغة يوماً ما ما كان يجمعنا في عزّ الأزمات.. وما كانت فكرة العروبة إلا لخلق زعامة لجمال عبد الناصر - رحمه الله - وبموته انتهى أصل ارتباطنا الزائف بما يسمى بالعروبة.


- جمع العرب تحت مظلة العروبة لم يكن ليحصل لولا المساعدات التي كان يقوم بها عبد الناصر لشتى الدول العربية، فكان طبيعياً منهم أن ينتموا لها ولو باللسان حفاظاً على الدعم المصري سواء كان هذا الدعم لثورة الجزائر أو لليمن أو لغيرهم.


- بوفاة عبد الناصر تبخرت فكرة العروبة ولم تعد موجودة إلا على لسان العرب وليسبوا بعضهم بعضاً بعدم الانتساب لها.


- وما كان اشتراك مصر في تحرير الكويت من أجل العروبة، وإنما الأمر كان أساساً تلبية لطلب أمريكا.. وهذا لا ينفي أننا حاربنا لتحرير الكويت وما يجرؤ أحدهم على إنكار هذا.. وإن تحول هذا الأمر الآن إلى سبّة في تاريخنا.. وظهرت المقولة الخليجية: سنقاتل حتى آخر جندي مصري.


- التوتر الأخير أظهر زيف الانتماء لنسب، أو للغة أم.. وإنما الانتماء الذي ينبغي أن ينمّى فينا هو الانتماء للدين.


- ليس كل أخ عربي أخي، وإنما كل أخ مسلم أخي.


- أنت عربي إذا كان أصلك عربي، وإلا كنت كما كان أصلك.. الأمر نسب ليس أكثر.. ولا فضل لعربي على أعجمي.. وكذلك لا فضل لأعجمي على عربي إلا بالتقوى.. وكم من علامات جاءت في تاريخ أمتنا الإسلامية وهم ليسوا بعرب.. كالبخاري ومسلم وغيرهم.


- وبالتالي فأنا أنتمي أولاً لديني.. وكل مسلم يهمني أمره.. كان مصرياً، عربياً، أعجمياً.. ثم بعد ذلك يأتي إنتمائي لبلدي وهذا لأن الارتباط بالمكان الذي أعيش فيه أمرٌ فطريٌّ لا جدال فيه.. والدليل على ذلك حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمكّة عن سائر البلاد، وكرهه لفراقها.


- أوضح التوتر الأخير جليّاً كيف ينظر شعب كالشعب الجزائري - أو على الأقل لفئة كبيرة منه - لمصر والمصريين.. مما ظهر في الصور من غل وحقد في الضرب.. ومما روي من محاولات لقتل.. ومما رؤي من تدمير وتخريب للممتلكات المصرية في الجزائر.. أنهم ينظرون لنا على أننا مغرورون متكبّرون.. ننظر إليهم نظرة فوقية.. ولعل الذي أثرى هذا الإحساس لديهم هو أننا لطالما نقول لهم: نحن من أطعمكم، نحن من علمكم.. نحن من عرفكم العربية.. دولتكم أعلنت من مصر.. من غيرنا أنتم ولا شئ.. والحقيقة أن هذا هراء.. فإذا كنا بالفعل علمناهم وأطعمناهم فكان هذا فيما مضى.. فعلام الآن العنطزة والغرور.. إن الشعوب لا تبقى على حال.. انظر إلى أهل الخليج الذين طالما قلت أن أفضالنا عليهم لا تعد ولا تحصى.. انظر إليهم أين هم وأين نحن.. انظر إلى جامعاتهم.. هؤلاء الذين ظللنا نقول أن أساتذتنا هم من علموهم الفارق بين الألف وكوز الذرة.. الآن الجامعات الخليجية - بالفلوس - تضاهي جامعاتنا وتفوقها في الإمكانات.. واستبدلوا الأساتذة المصريين بغيرهم من الأوروبيين.. إلا قليلاً.. فلم يعودوا يحتاجون لنا.. صحيحٌ أنهم لا ينبغي ألا ينسوا ماضيهم.. وأننا كنا معهم.. ولكن الأحرى بنا ألا نقبع في ماضينا.


- ردود الفعل حول التوتر الأخير أظهرت ما كان مخفيّاً منذ سنين.. إلى الآن.. لم يعتذر أي مسئول جزائري حول الأحداث بل وأنكروها.. ولا حتى سفير الجزائر في مصر.. مما يشعل الغضب أكثر.. كأنهم يقولون.. نعم إن ما حدث في السودان لا يضيرنا.. وأنتم تستحقون هذا وأكثر.. لم يصدر حتى تصريح لتهدئة الموقف.


- أن ما حدث ليس سببه مباراة كرة قدم وإلا ما كانت هذه الأحداث لتحدث لفوز الجزائر.. لو كان الأمر بسبب عصبية كرة قدم، لكان الحريق والدمار أتى لخسارة الجزائر لا لفوزها.. ولكن الأمر وراءه كراهية مستترة.. وليست على مستوى فئة قليلة من الشعب الجزائري.. أحداث حصار أكثر من 2000 مصري بالجزائر وإجرام أكثر من 10000 جزائري بالسودان ليس عن فئة قليلة.. بل هي أعداد.


- شبهة اشتراك الحكومة في هذه الجريمة أجّج الموقف أكثر.. وسماحهم لأصحاب السنج والمطاوي بالذهاب للمباراة كارثة.. ووصول طائرات تحمل متطرفين بعد انطلاق المباراة غير مبرر.. والأمر كله كان سينتهي لو أن شبهة تدخل الحكومة لم تكن موجودة.. ولكن الشبهة موجودة.. وإلى الآن الحكومة لم تنف.


- أنّه لا سعر لكرامة المصري في الخارج.. لأنه لا سعر لها في الداخل..


- أنّ النّعرة الموجودة حالياً في تصريحات المسئولين كاذبة، وأننا لا نستقوى إلا على اخواننا.. وإلا كنّا رأينا مثل هذه النّعرات على شهدائنا الذين يقتلون - قال إيه بالخطأ - على يد الصهاينة.


- أن الأحداث الماضية كانت فرصة ممتازة لتلميع صورة السيد جمال مبارك تمهيداً لحكمه للبلاد.


- أن صورة مصر الفنية الإعلامية المهلبية أساءت لنا كثيراً.. وأننا مظلومون لأن أمثال هؤلاء من الفنانين والراقصات يتحدثون بلساننا رغم أنوفنا..


وربنا يجعله عامر..

هناك تعليق واحد:

  1. بالرغم من تضارب الأخبار والمعلومات المتعلقة بهذه القضية ، وافتقادها للموضوعية - فى أغلب الأحيان - على أقل تقدير ، تبقى عدة ملاحظات هامة ينبغى أن تطرح..

    http://soraandkelma.blogspot.com/2009/11/blog-post.html

    ردحذف