الثلاثاء، مارس 01، 2011

قول حيدرة في شأن الدّاخليّة والأباطرة


في الواقع هذا أكبر تحدّي يواجه الأمّة المصريّة الآن، وهو عودة الشرطة المصريّة بمفهومها الآدميّ ونسيان ما حدث.. وتحقيق الاكتفاء الأمنيّ هذه الأيّام.. خاصّة أننا نعيش - على مستوى الجمهوريّة - في غير أمان.. وخاصّة بعد بلاغات تباطؤ الشرطة الموجودة في أداء عملها.. وكأنهم ينتقمون من الناس.. لا أدري لماذا ينتقمون من الناس ولكنهم ينتقمون من الموقف الذي كسر أعينهم بهذا الشّكل.. والحقيقة هي أنّي لا أحبّ هذا المنظر ولا أتمنّى استمرار هذه النّظرة للشرطة المدنيّة.. إذ أن هذا ليس في صالح أيّ أحد.. كما أنه علينا أن نتذكّر أن الجيش والمجلس العسكري والمستشار العسكري شويّة وماشي.. والحقيقة أنه لا يريد أن تطول فترة تواجده في الشارع ولا فترة حكمه.. بالعكس.. الجيش عايز يخلص.

يبدو لي أن الجيش سئم من جو الاعتصامات والاحتجاجات.. ويريد تسليم الحكم لرئيس مدنيّ في أسرع وقت والحقيقة أن هذا ليس في الصالح العام.. لأنه بفرض توفرت النزاهة في الانتخابات.. فالحقيقة أنه ليس لدينا الآن كتل سياسيّة محترمة تدخل الانتخابات اللهم إلا الإخوان المسلمين وهذا ليس من المنطق. كما أنه علينا أن ننظّف أنفسنا أوّلاً من أبواق الإعلام الفاسد المنافق.. الذي يمارس النّفاق لمن يحكم أيّاً كان.. شخص.. هيئة.. أو حتى فكرة.. فبدون إعلام حرّ حقيقيّ لا معنى لانتخابات أو حياة حزبيّة أو حياة سياسيّة من الأساس.

وهذا يلقي بظلاله على وضع الشرطة الآن.. فكيف نضمن سريان عملية انتخابيّة نزيهة.. والشرطة ليست في الخدمة بكامل طاقتها.. هل سنعتمد على اللجان الشّعبيّة لحماية صناديق الاقتراع.. حسناً هي فكرة لطيفة ولكن إلى متى؟.. وإذا طبّقت هذه الفكرة في منطقة هل ستطبّق في مصر كلّها بالكامل.

وغياب الشرطة - بالمنظر الذي نراه - يساهم في ضعف القضاء.. فأحسب أن القضاء تنفّذ أحكامه ولكن لأننا تحت الحكم العسكريّ.. أما بعد أن يعود الجيش لثكناته.. فسنعود للماضي القديم المؤلم.. وهو استقلال إصدار الأحكام القضائيّة.. ولكنّها بلا قيمة لأن الشرطة تتباطأ في التنفيذ أو بها تواطؤ وفساد.

جميل أن الشعب عرف كيف يأخذ حقّه.. ولكن هل من الطبيعي أن يخرج الشعب لميدان التحرير كل يوم لضمان تحقيق مطالبه.. إن ما يحدث الآن من استجابة لمطالب الناس هو بسبب أن المجلس العسكريّ يريد أن تمرّ هذه الفترة في استقرار ثم يرحل هو لثكناته. ويغيب الضّامن الحقيقي لكل شئ بعد انقضاء هذه الفترة..

يجب أن نكون على يقين أنه في النهاية سنكون نحن والشرطة وجهاً لوجه.. فإذا ما لم نحسن المواجهة فإمّا فراغ أمنيّ جديد - كمعظم البلاغات على شاكلة "خلوا الجيش ينفعكوا أو خلو الفيسبوك ينفعكوا.. وروح هات عربيتك المسروقة من ميدان التحرير.." أو أننا نضطر للعيش تحت الحكم العسكريّ لفترة طويـــلة.. ووقتها تنسى حياة ديمقراطيّة أو إصلاح اقتصاديّ قائم على العلم لفترة طويلة لا يعلم نهايتها إلا الله.. ووقتئذ لن تجد غير الجيش خصيماً لك.

ما أودّ أن أقوله.. هو علينا العمل على بناء جهاز الشرطة وليس مواجهته.. بناءه على الاحترام وعلى مبدأ "الشرطة في خدمة الشعب"، وأن الشرطة هدفها الأمن العام وليس الأمن السياسيّ..

أما التشكيك في كل كائن شرطويّ، والسبّ للجهاز بشكل عام.. فلا أظنّ أن هذا في مصلحة أيّ طرف من الأطراف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق