الأربعاء، أكتوبر 03، 2012

جنود الإنسانيــة



كيف لجنود الإنسانية أن يجرّدوا أنفسهم من كل المشاعر الإنسانية، ليضْربوا عن العمل، وبدم بارد يشاهدون من يأتي إليهم شاكيًا وجعًا في بطنه وهو يمشي حزينًا بعد أن رفض الأطباء بالمستشفى الكشف عليه..!

حسنًا،

وكيف يستطيع الأطباء توصيل معلومة غاية في الأهمية للسادة المسئولين أن قطاعَ الطب في مصر..

زبالة!

كيف يستطيع الأطباء توصيل معلومة أن المريض يدخل المستشفى في مصر بمرض واحد يخرج منها بأمراض الدنيا كلها..

كيف يستطيع الأطباء توصيل معلومة أن المريض الذي يعاني من مرض بسيط قد يموت في مستشفيات الحكومة لأن مستشفيات الحكومة ليس بها ما يمُت للنظافة بصلة أصلًا..!

بل ليس بها ما يمُت للإنسانية أصلًا..!

ولهذا انعكاس على الواقع الذي نعيشه في المجتمع، فمصر -ولا فخر- أعلى نسبة إصابة بفيروس سي في العالم!!!

أقل ما يُصرف له الانتباه في مجتمعنا الجميل هو صحة وكرامة الإنسان..

ولكننا نهتم بالاستثمارات الهائلة وضخّ الفلوس.. وفقط!

أما إنسانية الإنسان وحقه في الحياة الكريمة - والتي من ضمنها حياة صحية آمنة - فلعله يأتي مع الوقت لا داعي للاستعجال!

وأما إذا كان سبب الإضراب أن الطبيب منهم لا يجد ما يعينه على الحياة كمواطن عادي - مش حنقول كدكتور مع إنه حقه يعني - وذلك بعد دراسة ست سنوات طلعت على صحّته ونفسيّته وبذل فيها من الجهد ما يعجز عنه أجْعَص جعيص ممن يزايدون على الأطباء الشرفاء، فالحقيقة.. ففي نظر التليفزيون والإعلام، مش محقّين برضُه..!

نعم، فجهد الطبيب وتعبه وشقاه في الدراسة وشغله 18 ساعة يوميًا إن لم يكن أكثر ل يعفيه تمامًا من مسئوليته كملاك رحمة يتنفخ مهما أثّر ذلك على مقتضيات عمله كذلك مش مهم برضه المهم هو نشوة التعذيب وخلاص!

ثم تتعجبون من تفشّي العُقد النفسية في قطاع الأطباء..!

ثم الرد الغير المقنع: ماهو مفيش فلوس في البلد!

يبدو أن الفلوس لها خط لا تتعداه من ناحية الزيادة، ويبدو أن هذا الخط همايوني يعلو ويهبط على حسب الجهات المعنيّة (قضاء/ضباط جيش/ضباط شرطة/...).

منتظر من الطبيب "المفحوت" ألا يتذمّـر ولا يتضجّـر وهو يرى زيادات في مرتبات النيابات والقضاة وضباط الجيش والشرطة ولما نيجي عنده هوّ بقى، اصبروا على البلد شويّة.

إذًا فالدولة لا ترى للطبيب أهمية حقيقية في المجتمع المصري ويقبع في منزلة متأخرة من أولوياتها، والمهم بالنسبة للدولة هم القضاة والضباط، ولا أرى تفسيرًا لذلك إلا لكسب الولاء كما كان الحال أيام السادات.. لما زوّد السادات مرتبات القضاة فُسّر ذلك أنه فعل هذا الأمر لكسب ولاء القضاة..

مفيش حتى بوادر اهتمام بمطالب هؤلاء السادة..

نصبر نعم، ولكن حينما نرى ما يدفعنا للصبر.. حينما نعي أن الصبر سيؤدي للنتائج المطلوبة..

ولكن نصبر ونحن نرى الدولة تسير في اتجاهات غريبة لا علاقة لها بمطالبنا..

فلمَ الصبْر..؟

إذا لم تسمع الدولة مطالب الأطباء بالحُسنى، وجب عليهم الإضراب حتى يسمعوها بالعافية!

طالما هي بقت عافية..!

------------------

(*) الطبيب المضرب لا يضرب عن علاج الحالات الطارئة، فعلى الرغم من أن الدولة لا تعامله كإنسان، هو لا يزال يحتفظ بإنسانيته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق