الأحد، يوليو 28، 2013

ولا مؤاخذة - فضفضة



الموضوع فيه حاجات منغصة وهي نفسها بتشيل شوية الغشاوة من على عينين الواحد - أو هكذا أعتقد - فده شئ كويس يعني، يعني الحلو طلع من قلب الكويس. المنغص إننا مع الوقت بنكتشف إننا مش طرف في اللعبة، مصر طلعت تقيلة وكبيرة أوي، رغم إنها فقرانة وضايعة ومسلوب إرادتها.. وده لإنها كبيرة أوي، وقدر ربنا مكانها اللي جنب فلسطين المحتلة، وفي كورنر إفريقيا الفوقاني، يخلي الدنيا كلها متلبشة عليها.. مبحبش أنسجم أوي مع نظرية المؤامرة وجو الماسون الأعظم والكلام ده، لكن لا يمكن أبدًا إنكار إنه فيه - بلاش مؤامرة - إرادة عالمية إن بلدك دي تفضل في حجم معين من حيث الإرادة والقوة.. من بعد كامب ديفيد ولا يمكن قبلها كمان والبلد دي متحجمة إقليميًا وتأثيرها الدولي لازم يكون تبع حد. وأي حد بييجي في السلطة مبيعرفش يخلي إرادة البلد مستقلة حقيقي، لازم يكون ورا قوة عظمى موجودة.. وماقدرش ألوم في كده، لكن في نفس الوقت: طب هو إيه اللي خلى حالنا عامل كده؟! 

وأنا لما بضرب المثال بمصر فده لأنها بلدي، لكن واقع الأمر الدول العربية كلها مسلوب إرادتها، والعالم الإسلامي كله اتنزعت شوكته، حتى الدول المتقدمة اقتصاديًا منه - زي تركيا وماليزيا وغيره - برضو شوكتها منزوعة، وحتلاقيها رامية نفسها في حضن ماما أمريكا.. أيوة، إردوغان حلو وجميل وكل حاجة، لكنه مخرجش برة الدور المرسوم له، وعشان كده هو لسة في السلطة، هو عايز يعمل دور محوري أكبر لتركيا في المنطقة، لكن صدقوني في ضوء اللي مرسوم له برضو، كده كده له حدود، تركيا لا تزال عضو في الناتو، تركيا لا تزال على علاقة كويسة بإسرائيل، تركيا حلوة مفيش كلام :)

فمن ساعة الثورة وأما كان الناس في التحرير بيضغطوا كل ضغطة والتانية، السيناريوهات كلها كانت متضبطة، أصل للأسف أمريكا مش دولة عظمى من فراغ، ومصر مخرجتش برة حجرها تمامًا، ومينفعش تخرج، لا أمريكا هتسيبها ولا اللي في الحكم هيسيبوها.. أمريكا لها رجالتها التُقال في مصر في كل حتة، وبتعرف تتفاوض مع الكل، وبتعرف تتعامل مع الكل، مهما كان ميوله الفكري، لها سكة معاه.. إحنا اللي غلابة ومالناش غير اللي ع الأرض بس.. لكن واقع الأمر بيقول إننا بعد الثورة أهو، وبعد ما كنا متخيلين إننا ماشيين في سكة العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، لفت الدنيا ودارت، وبقينا بندور على الحرية تاني! وفريق مننا - كبير عشان محدش يزعل - بقى شايف إنه مفيش مانع آخد حريتي مبنية على نسف وجود لفريق تاني قرفني قبل كده وعمل مشاكل كتير - والفريق التاني ده، لما كانت الكحكة في إيده، أقصى الباقين، واشتغل في مجالات مش هي الأولويات خالص، واصطدم مع كل مؤسسات الدولة في حين إنه طالما رضي إنه يكون هو الحاكم وأعلى نقطة في الدولة، مكنش ينفع يصطدم معاها.

لكن الإخوان اتزقوا زق إنهم يرشحوا رئيس جمهورية، رغم إن كل المرشد قبل كده بعدم النية في الترشح للرئاسة ميوحيش أبدًا إنه ممكن يتضاف عامل جديد يغير من الموضوع.. الراجل كان بيقول: أدينا شايفين نموذج حماس، ومصر ماينفعش دلوقتي يكون رئيسها إسلامي.. طب إيه اللي جد؟! مين اللي زقك؟! إيه اللي خلاكو تاخدوا التصويت تاني في مجلس شورى الجماعة عشان النتيجة تطلع بتأييد ترشيح رئيس جمهورية منكو؟! هي كان إيه الحلاوة في أم الرئاسة يعني؟! ليه آمنتو لأمريكا وللدولة العميقة؟! مين اللي زن في ودانكو وقال لكو انتو فصيل كبير ولازم يعتمد عليكو في إدارة مصر وفي المرحلة القادمة؟ ليه استعجلتوا؟ ليه ورطتوا البلد كلها معاكو في المرحلة الحساسة دي؟! طالما انت عارف إنه في زفت دولة عميقة، يبقى الإصلاح - حتمًا - لازم يكون من تحت. انت عارف كويس إنك مش هتعرف تصطدم مع مؤسسات الدولة اللي اتربِّت على إيد نظام حسني مبارك، وعارف كويس إنهم يعرفوا يفشِّلوك كويس.. رغم إنك قعدت تتملحَس برضو، للشرطة والجيش - كيان الدولة القمعي بالأساس أيام حسني مبارك - إلا إنه برضو قلبوا الطاولة عليك، وكلهم بلا استثناء اتشفوا فيك. 

كان إيه المشكلة إنك تفضل فصيل سياسي قوي جدًا في البرلمان، مفيش قانون مش عاجبك ميعديش من تحت إيدك، والناس عارفاكو إنتو مش بتوع فساد، ساعتها كنت هتستأصل جذور الفساد، هياخد وقت ماشي بس الناس معاك، ومش هتواجه ثورة مضادة ولا زفت، لكن انتو بالطريقة دي استُخدموا من دون ما تشعروا في حريق المشروع الإسلامي بصفة عامة. والناس بسهولة جدًا بتتأثر بالإعلام وبالباطل بتاعه..

المشكلة، إننا فقدنا الثقة بالمطلق في التصويت، الجيش بقى مؤسسة فوق الحساب، والغلط فيه بقى زيه زي الغلط في المقدسات.. مش مسموح تقول الجيش بيظلم بالمحاكمات العسكرية، مش مسموح تقول الجيش ذبح الناس عند الحرس الجمهوري مش مسموح تقول الجيش عمل وسوى فينا من بعد الثورة.. مش مسموح المساس بالمؤسسة "الوطنية" دي.. أصل المساس بها مساس بالبلد.. عشان أسطورة آخر عامود في الدولة وإلا الدولة هتقع! كأن الجيش لازم يفضل على وساخته وإلا الدولة هتقع!! وإننا لازم نتقبل مبررات الجيش الواهية على كل مصيبة والتانية يعملها عشان ياعيني مالناش سبيل غير كده.. ما هو الجامد اللي مع السلاح الكتير اللي كده كده كلمته بتمشي اللي عمل انقلاب عسكري واضح زي الشمس وعشان هو قال إنه تأييد للإرادة الشعبية مبقاش انقلاب عسكري وبقى فعلًا تأييد للإرادة الشعبية!

وهو بأمارة إيه الجيش ده برة لعبة المؤامرة على البلد وسلب إرادتها، حتى لو توافر في قيادة الجيش ناس وطنيين للأسف لا يملكوا يقولوا لأمريكا لأ. بأمارة إيه؟ إذا كان أمريكا هي الداعم العالمي الأول للجيش المصري وهي اللي مسلحاه! وكل واحد غشيم هييجي يعمل فيها دكر شوية وهيعرف التيتة ويرجع ينخ تاني.. زي مرسي أما جه مسك كده.. راح قابل ويمين وشمال، وسوريا ومش سوريا، لكن أما الأيام مشيت عرف حجمه الحقيقي.. إحنا نسيبك تقول سوريا وإيران وكل حاجة، لكن في النهاية هتلزم حجمك.. وتعرف - ويا للمأساة - إنه قبل كل خطوة تخطوها عشان تبقى ماشي في السليم لازم تستشير ماما أمريكا، وإلا هتقلب الدنيا كلها عليك، وهتقلبها عليك آجلًا أو عاجلًا بس أما دورك يخلص! لازم ساعتها تتحرق..

طلع الناس دي قبِّبهُم ع الوش، وخلِّ كل اللي بيأيدوهم/يتعاطفوا معاهم/ بيتمحلسوا لهم يقبوا معاهم هم كمان، ويبقى الطيور كلهم في العش، واحرق كل النماذج دي مرة واحدة.. وارجع تاني للنموذج القديم المستمر، بس ساعتها قطاع واسع من الشعب هيبقى معاك.. أصل إحنا - فضلًا عن كون الناس دي فشلة - فشِّلناهم كمان، ولعبناهم بالعصا والجزرة..

تخيل دلوقتي القوة اللي بقى فيها وزير الداخلية إنه يقول: إحنا لازم نرجع ضباط أمن الدولة والنشاط الديني تاني، القوة اللي هو فيها دي مش بس قوة نظام ومدرعات أمن مركزي وكده، لأ.. الناس معاه.. 

وده يخليك تسأل نفسك سؤال: يا عمي ما الناس مبسوطة كده؟! إذا كان أغلبية الناس موافقين إنه اللي يتكلم بعد كده بغير اللي يشوفه السيسي يطرقع له.. أغلبية الناس كده.. هتفرض انت عليهم إرادتك بمناسبة إيه؟! الناس بتشوف 200 واحد بيتقتلوا ولا حتى بيترحموا عليهم ولا يستنكروا أسلوب القتل.. ده لو كانوا شوية فراخ كانوا تأثروا لهم عن كده.. بس هتعمل إيه؟!!! مينفعش تحُط قناعتك وضميرك في الرمل.. مينفعش عشان كَثُرَ الخبث تعمل من هولندا وتقول ما هي بلد وسخة.. لأ! اللي له مبدا يفضل ثابت عليه، مش عشان البلد - للأمانة يعني - بس عشان أما يلقى الله يعرف يقول له إيه.. لعل الله يجازيه خيرًا أن كان يقول كلمة الحق في وجه السلطان الجائر.. وهنا السلطان الجائر مبقاش ديكتاتور وبس، بقى ديكتاتور ومعاه الشعب بتاعه.. فيا تعيش بكرامتك وتموت على كده، يا تعيش مذلول وهتموت برضو.. كونك رضيت بالذل مش هيزود في عمرك ثانية واحدة.. والله ما هيزود في عمرك ثانية واحدة..

اللهم أرِنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرِنا الباطلَ باطلًا وارزقنا اجتنابه، اللهم انصر عبادَك المُستضعفين.. إنك ولي ذلك، والقادر عليه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق