الخميس، يونيو 23، 2016

رسائل - (5)

تخيل لو أنك كنت تعيش في الوقت الذي أُسريَ برسول الله صلى الله عليه وسلم لبيت المقدس، وكنت حديثَ الإسلام حينها.. وقد جاءَ الخبر ممن ءامنت به أنه أُسريَ به لبيت المقدس ثم عرجَ إلى السماء، وأنه لاقى أنبياء الله ورسلهم وصلى بهم إمامًا.. تخيل الموقف نفسه بتفاصيله، بكلام المنافقين وقتها وتشكيكهم في صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ترى في أي فصيلٍ كنت ستكون حينها؟ 

حين عُرض الأمر على سيدنا أبي بكر الصديق، ما كان منه إلا أن قال مقولته المشهورة: إن كان قال، فقد صدق. ترى أن العقل وحده لا يمكنه تصديق هذا الأمر لأنه بحكم العادة لا يُتصوَّر أن يُسرى بأحد من الحجاز لبيت المقدس في ليلة، ثم يُعرج به إلى السماء. ولكنه علَّل تصديقه للأمر بشئٍ أكبر من هذا، فهو يصدقه في خبر السماء يأتيه من بينهم، فانظر رجاحة عقل الصديق رضي الله عنه.

وأنت حين تتأمل في الأمر، ترى أنك مؤمن بالله وحده، وبكتابه الذي نزله على نبيه من فوق سبع سموات، وتؤمن بأن هذه الدنيا فانية وأن القيامة حق وأن الملائكة حق وأن الجنة حق وأن النار حق، ولكن حين تُعرض عليك حادثة مثل حادثة الإسراء والمعراج تتفكر في واقعيتها وتقيسها بميزان العادة الذي اعتدته أنت، وهنا يأتي فساد القياس لديك.

الله سبحانه وتعالى الذي خلق الخلق، وأوجد كل شئ من العدم، فخلق الملائكة والجان والأكوان والأرض والكواكب والشمس والقمر والنجوم، وسخر لنا الدواب في شتى بقاع الأرض ورفع هذه السماء بغير عمدٍ، قادرٌ على أن يسريَ برسوله إلى بيت المقدس في ليلة، وأن يعرج به إلى السماء، وأن يفعل ما هو أكبر من ذلك بكُن فيكون.

فالحمد لله على نعمة الإيمان به ونسأله تعالى أن يتوفانا على التوحيد برحمته إنه وليُ ذلك والقادر عليه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق