الجمعة، أبريل 23، 2021

تبايُن ‏الدوافع

"أنا عايزك تبقى خارج من هنا كارهني..."

من أكتر من عشر سنين، كنت في زيارة لمهندس استشاري مُخضرم، وكنت دون مستوى توقعاته من حيث الأدوات اللي معايا عشان أشرح له الخدمات اللي في الشركة وبعض الفنيات، فهو متوقفش بس عن فكرة إنه يلومني أو يطلب مني إني آجي له تاني أكون جاهز بالمطلوب، لا ده فضّل إنها تبقى فرصة لمحاضرة ساعة إلا ربع تقريبا عن الكارير والنجاح من وجهة نظره.

فأسهب يحكي عن تاريخه، وإزاي هو عاش عيشة صعبة للغاية وضغط على نفسه بكل عنف أثناء عمله في الخليج، وكان بيشتغل ورديتين ويذاكر في وقت الفراغ عشان ما يسمحش لنفسه إنه يكون أقل من أقرانه.. فخسر متع الحياة وبقى عايش لإثبات الفكرة دي وإنه ما ينامش لحدد ما تتحقق. 

الكلمات اللي كان بيقولها كان ممكن تبقى عادية، لكن أداؤه الدرامي وهو بيتكلم أضفى على الكلام عمق وأجبرني إني أفضل ساكت أتأمل في قسمات وشه وهو بيتكلم بصوت رخيم وبيختار سكتات كلامه بحيث تضفي عمق أعمق من العمق الأولاني ده.. ده غير إني مكنتش عايز أقاطع عشان مقاطعتي معناها إن الساعة إلا ربع ممكن تمد لساعة ونص، وأنا خلاص واصلني المعنى وحسبي الله ونعم الوكيل في اللي خلاني في الموقف ده. 

المهم بعد ما إداني الدش المتين ده، قال مقولته الخالدة: "أنا عايزك تبقى خارج من هنا كارهني..." يقصد إن ده يبقى الدافع بتاعي إني أشتغل على نفسي عشان أثبت له إني بقيت أحسن وعلِّمت عليه وانتصرت قصاده، فيبقى الدافع بتاعي إني أبقى أحسن هو الغل اللي جوايا تجاهه مش إني أطوّر من نفسي وأبقى أحسن بدافع شخصي سالك كده من غير أي شوائب. 

واللقاء ده كان بداية تعارفي به، بعدها أصبح بيننا تليفونات كتير.. المكالمة بتقعد بالميت ساعة إلا ربع، غالبها هو اللي بيتكلم. أنا أعتقد إن الراجل ده كان سبب رئيسي لصبري على عملا كتير بعديه، لأنه كان رهيب ومُرهق جدا ويصعب إرضاؤه، مالوش سكة.. بقول لك هو ذات نفسه بيقول لي اكرهني.

الدوافع اللي بتحرك الإنسان إن مكنتش من نفسه ومالهاش علاقة بإثبات مواقف معينة لناس معينة، وصافية كده مفيهاش غل وسواد.. هتعيّش الإنسان في نكد وغم، وهيخلص من غل يطلع لغلّ تاني عشان يحركه، وهييجي على أعصابه وصحته وعلاقته بالناس، وفي نظري مفيش حاجة أبدا تستاهل العيشة دي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق