الأحد، سبتمبر 05، 2010

عن الشحاتة والشحاتين


كثر وتضخّم وتعملق عدد الشحاتين في القاهرة بشكل يصيبني بالإعياء.. لا تخلو إشارة مروريّة ولا ساحة صلاة جمعة بعد صلاة الجمعة ولا شارع - عادي يعني - ولا حارة ولا حيّ - راق أو معدم - ولا عشّة ولا كوخ من الشّحاتين.

وهذا على اختلاف ألوانهم وأنواعهم وأنماط شحاتتهم وأساليبهم في الشّحاتة.

منهم - النّمطي التقليدي القديم والذي اعتاده الشارع المصري - فيركن إليك مظهراً عاهة فيه - الله أعلم إن كان تسبب هو فيها أصلاً أم لسبب آخر - فيقول حاجة لله يا بيه.. وهو بدأ في الانقراض إذ ظهرت نماذج أخرى أكثر ابتكاراً.

فيوجد - شحّاتو البيض المكسور - ظهرت منذ عدة أعوام.. لا يفعل شيئاً غير أنه يلقى كرتونة بيض نيّئ على الأرض فينكسر منها ما ينكسر ثم يقعد مقرفصاً بجانبها يتباكى.. فيعطف عليه أصحاب القلوب الرحيمة - أو دعني أقول الرحيمة بزيادة.. بل دعني أقول: اللي على نيّاتها.

وظهر شحّاتو: أنا ابن ناس أوي بس الزّمان لطّني.. يعني يلبس نظيف.. طريقة شيك في الكلام ولكن أولاد الحرام نشلوه فسرقو لابتوبّه، وقشّطوا جيوبه فلا يبقى معه شئ يعود به لبيته.. غالباً ما يكون في مدينة أخرى كي يطلب بدل انتقال منك.. على أن يكون تذكرة للقطر.. وبما إنه ابن ناس، فلن ترضى له الشّحططة في قطرة درجة تالتة.. مع إنه عادي يعني!!.. ولكن أصحاب القلوب اللي على نيّاتها تنهال عليه بالمال الوفير. والله يسهّلّه يابا.

وشحّاتو: أنا أمّي عيّانة ومحتاجة الدّوا ده - ويظهر لك روشتّة وهميّة - ولازم أجيبلها الدّوا ده قبل يوم الجمعة ألا الطّحال حيجراله وإيه.. فإذا ما نويت مساعدته فتقول له أعطني الروشتّة أصرف لك الدواء بمعرفتي.. نكص على عقبيه وتحجّج بحجج واهية.. فقال ما أهو أصل أنا محتاج الفلوس دلوقتي حالاً.. الفلوس.. وما رأيت منه دليل.. وهذا حدث معي شخصيّاً.

ومنهم من يشحت على روحه.. يعني قد يكون متّجهاً في طريقه فيلمحك.. فيقول أماة نشوف كده.. "حاجة لله يا بيه - ولا إيه ؟"، تسمع ولا إيه هذه من عقله لا من فمه.. فإذا ما لم تعره اهتماماً التفت عنك وربما ذكرك بما تكره..

ياخوانّا.. تحرّوا أين تضعوا صدقاتكم.. تحرّوا من يستحقّها، ولا تتساهلوا.. فإن تساهلنا هذا هو ما كثّر من هؤلاء.. وهذا ليس من الدّين في شئ!!

خذ نيّة حسنة وأنت ترفض إعطاء الشحّات الذي تراه يمكنه العمل والكدّ والكفاح ولكنه استسهل الشحاتة أو لعله وجدها أكسب له وأربح!

كيف يقبل على نفسه أن يهين يده فيسأل وهو قادر على العمل.

ربّ لا تحوجنا إلا إليك..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق