الثلاثاء، سبتمبر 14، 2010

كلمات لأخيرة.. لابن الألفين وأربعين


الأبّ يحتضر، أرسل لابنه ليلقي إليه كلماته الأخيرة.. وليقذف فيه خلاصة خبراته الحياتيّة.. التي عاشها منذ أن ولد في الثمانينيّات وحتى حان أجله الآن في العام الستّين بعد الألفين.

وصل الابن المتغندر إلى غرفة أبيه.. دخل عليه، فاسـتأذن الأب زوجته أن تنصرف ليلقي لابنه كلماته وعظاته الأخيرة.

والابن لا يأبه للأمر، ويريد سرعة مرور هذا الموقف.. ليس لأنه لا يتحمّل رؤية أبيه في هذه اللحظات وإنما.. عشان عنده بطولة وينينج إليفن سوبريم والجائزة سيارة باسات فارهة.. والابن يعي أن الحيّ أبقى من الميّت..

لازال الأب يتمسّك بالأصول، ولازال يريد أن يلقي لابنه كلمات يتّعظ بها في حياته.. ويلقي إليه وصيّته.. ويعلمه ما ترك له..

- ابني..

- دادي..

- معلش يا هارلي يابني.. أنا بعتّلك وعارف إنّك مشغول.. ومش حابب إنك تتأخّر على الدّورة.. خصوصاً إن جوايزها مجزية.. بس معلش استحملني الكابل أوف مينيتس دول.. كلمتين وردّ غطاهم.. أنا يابني لمّا خلّفتك سنة ألفين وأربعين.. كنت حاططلك في دماغي حاجات كتير.. كان نفسي أستثمر فيك صحيح.. في تعليمك.. في أخلاقك.. في لبسك.. في سلاطاتك.. وأنا أحسب إنّي نجحت في كده لحدّ كبير.. أديك أهه ما شاء الله ما شاء الله.. واد فرع - بكسر الفاء والراء - بتلعب في وورلد جيم وبتضرب أمينو لمّا اتنفخت.. وفزت بمستر إيجيبت لتلات مرات متتالية.. وتعليمك أحسن تعليم.. دخلتك أغلى جامعة فيكي يا مصر.. جامعة أبوك ماكانش يحلم بها.. ذا إثيوبيان يونيفرستي إن كايرو.. وطلعت أهه.. صايع أد الدنيا.. وعلى أخلاقك.. الحمد لله مفيش أحسن من كده.. بتسأل عليّ مرّتين بحالهم في الخمس سنين.. مرّة أول السنة عشان فلوس ليلة رأس السنة.. والتانية عشان وقفة العيد.. أنا ماكنتش أحلم بكده..

- انجز!.

- وفوق الاستثمار اللي استثمرته فيك ده.. أنا ما بخلتش عليك يابني.. وأمّنتلك مستقبلك.. أيوة.. فتحتلك شركة رينج تونز أدّ الدنيا.. بتعمل مبيعات أدّ مليارات في السّنة.. ماهو داللي ماشي يابني.. أمال كنت أفتح لك مصنع حديد وصلب مثلاً.. ولا أسانسيرات لا سمح الله.. هو ده اللي يمشي يابني في البلد دي.. لحد كده وما اكتفتش..

- أمال عملت إيه تاني.. لخّص!

- اشتريت لك المفاعل النووي بتاع الضبعة.. واهو جنب الفيلا في يوتوبيا - الساحل الشمالي - عشان يبقى كهربتك وميّتك وحريمك جنبك يا حبيبي ومتحتجش لأيّ حاجة..

- حلو الكلام ده..

- أمال يابني.. هو أنا لي مين غيرك يا هارلي.. دانا مسمّيك ع الغالي..

- مفيش حاجة كمان..

- ربّيتك ع الطّمع.. وانك تحلق للفقير، وتنفّض للمسكين.. وتخليك في حالك.. تعرف مسالك.. وغير ده كله.. ربّيتلك أهمّ حاجة ممكن ترتبط بها في حياتك..

- لا بص جو الفكسان والجواز والهجص ده ماليش فيه.. أنا مقدرش أسيب بيري.. وقدرش أتجوّزها برضه.. أنا كده مقضّيها تمام أوي..

- يابني هو انا بتاع الكلام ده.. الجواز ده موضة قديمة وبطلت.. آخر واحدة اتجوّزت كانت أمّك.. وبعدين الجواز بقى شئ صعب أوي.. أوفر يعني..

- سيبت إيه كمان يا لطيف ؟!

استدار.. وأخرج من تحت المخدّة لابتوبّ.. فتحه..

- سيبتلك ده يابني..

- أوف!!!!!.. فيسبوك بوك أكّاونت من سنة 2040.. إنكريديبل.. أوسام.. بيوتيفول.. أو إم جي!!

- أنا عملتلك الأكاونت ده يا إبني.. وكبّرتهولك.. وبقيت أ-أبديتو كل شويّة.. وأضيف كل صحابك.. وصحابي.. إنت دلوقتي إن ريليشن شيب ويذ بيري.. خد يابني كمّل المسيرة انت بقى..

- دادي أنا مش عارف أقوللك إيه.. أد إيه انت إنسان.. سوري لو كنت بحلقلك كتير لما بتكلمني.

- يابني.. الفيسبوك أكاونت ده.. أمانة في رقبتك.. متستخدموش في العطّ واللطّ.. أو أت ليست - least - متكتّرش يعني.. عشان يفضل طاهر ونظيف.. اعمل لايك لكل البيدجز.. العب واكا واكا.. ولا تنسى الفارم فيل.. ابني.. متضيّعش الفيسبوك في الحرام.. دي أمانة في رقبتك ليوم الدّين. سلام!

- بابييييييييي.. أد إيه كان حدّ لذّوذ.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق