الاثنين، سبتمبر 20، 2010

لقد نفد رصيدكم


رئيس الحكومة يجري اتصالاً هاتفيّاً بالشعب

- همم.. هو كانت نمرته كام الشعب ؟؟.. هو عنده تليفون أساساً.. همم.. يا وزير.. هات يا بني نمرة تليفون الشعب لو عندك.. عشان عايز أكلمه في حوار الضرايب الجديدة ده

- اتفضل يا فندم: 002.1948.1967.30.000000000

- ماشي ياخويا

- تيــــــــــــــــــت.. لقد نفد رصيدكم، ولن يسمح بإجراء أي مكالمات إلى حين شحن الشعب. شكراً.. تيت تيت تيت!!

- إيه ده.. إيه الهجص!!.. رصيد إيه اللي نفد.. أنا مش فاهم العالم دي بتفكّر إزاي ؟؟!! هاتلي صاحب المخروبة دي.. قال رصيدي خلص قال.. ياخي @#%@#$%#@$%^#$%

- يا فندم حضرتك انجازاً للوقت ممكن تتصل بخدمة العملاء

- أنا أتصل بخدمة العملا.. ليه هو انا عميل عادي.. دانا عميل صوبر!!.. مش كفاية إننا معيّشينهم في البلد دي.. ناس تخاف متختشيش

- يا فندم أعصابك بس وكلم خدمة العملا

- طيب يا خويا

- ألو.. أيوة يا حبيبي.. بقى أنا رصيدي نفد.. إنت اتجنّنت في نفوخك!!

-للأسف لقد استهلكتم كل الباقات التي تعرضها الشركة لسيادتكم ولم يبق أي من الباقات لتمكينكم من اجراء أي مكالمات مع الشعب

- إزاي يا بني آدم

- في السنين الأخيرة، استهلكتم باقة التعليم عن آخرها.. وانتهى ما يسمى بالتعليم النظيف.. ولم تعالج المناهج من الحشّ والتلقين منذ عقود.. ولازال المدرسون يشرحون المناهج الدراسية من باب "اقلب" أو من منظور "كيف تنجح في الامتحان ؟"، وليس من باب "الهدف من وراء الدرس أو كيف نفكّر ؟؟ أو كيف يكون التفكير المنطقيّ السليم الذي يساعد على اتخاذ القرارات السليمة ؟؟".. فيتخرج الشباب لا فكرة لهم بالدنيا ولا هدف أمامهم ينشدونه.. ولا سكّة يرتادونها معلومة التفاصيل تساعدهم على الوصول لمقاصدهم.. بل لا مقاصد لهم أصلاً..

ثم استهلكتم باقة العدالة.. فلا يأخذ حقه في بلدكم هذا إلا من كان له ظهر.. ومواطنكم يأخذ بالبرطوشة بينما يعامل الأجنبيّ ملكاً متوّجاً.. وكله بالباسبور.. المشط لديكم أسنانه مكسّرة.. أهتم.

ثم استهلكتم باقة الحرية الحقيقيّة في الممارسات السياسيّة والتي احتكرتموها.. وووصلتم البلاد إلى فراغ سياسي لا مثيل له من قبل، فمبدأ تداول السلطة محرّمٌ في دولتكم حتى يئس النّاس منكم

ثم استهلكتم باقة المصداقيّة.. فما حدث من حدث إلا وفسّرتموه على غير حقيقته ليتماشى مع صورتكم التي تزداد كذباً يوماً بعد يوم في نفوس الناس.. ظانّين أن النّاس لا يملكون غير مصادركم الإخباريّة فقط.. وأنه لا اطّلاع لهم على العــــالم، وأنه ليس لدى الناس انترنت ولا فيسبوك ولا فضائيّات مثلاُ ؟

أما باقة الكرامة.. فمواطنكم لا كرامة له لا في الداخل ولا في الخارج.. ونفوذ دولتكم يتقلّص ويتقوقع حتى أصبح لا دور لكم في المنطقة.. إلا في الصّور الرّسميّة.

أما باقة الاقتصاد والانتاجيّة.. فالفقراء يفقرون أكثر.. والأغنياء لديكم يتوحّشون أكثر.. حتى وسعت الهوّة وزادت بينهما.. فاختفت الطبقة المتوسّطة.. والفقير لا يجد العيش.. والدولة لا تزرع القمح، كما يملى عليها.. هي التي كانت في يوم من الأيّام مصدر القمح للعـــالم.. أصبحت أكبر مستورد له.. والحكومة تبيع مسئوليّاتها بالرّخيص، لتحرّم على الفقير.. والنّور في هذا البلد هو من يقتنع أن العلوّ فيها من الدّعبسة في الزّبالة والشّحاتة

أما في الاجتماع.. فاختفت كل القيم الجميلة في مواطنيكم.. واختفت أهدافهم القوميّة.. فصاروا "عايشين وخلاص".. همّهم "لقمتهم ونومتهم".. لا شئ غير ذلك.. فتحوّل المجتمع من مجتمع فيه كل القيم الجميلة والأخلاق الزكيّة إلى مجتمع مادّي.. ربما قتل الأخ أخاه من أجل الرّز.. أو العيش

لم يعد لدينا باقات تخدم مستهلك مثل حضراتكم.. رصيدكم نفد لدى الشعب.. إلى حين شحن الشعب بهدف ساميّ يعيش له

- إيه يا عم ده.. أنا حغيّر الشبكة دي.. ولا أقوللك.. أغيّر الشعب أسهل

-------------------------------------

كل هذا - كما هو واضحٌ جليٌّ - في دولة فسادستان، ولا إسقاط على مصرنا الحبيبة إطلاقاً مطلّقاً طالق بالتّلاتة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق