الأربعاء، مارس 09، 2011

عن من سمع.. عن من سمع


بصرف النّظر عن أنّها عادة مقيتة حتى ولو في أكثر بلاد الله استقراراً، يزيد من حتميّة الضّرب على أيدي المشعللين الزّيّاطين من محبّي الحكاوي اللطيفة وجلسات السّمر.. ومن عاشقي بيقوللك وسمعت من غير بيّنة ظروفنا التي نعيشها هذه الأيّام وما بها من حساسيّة وما بها من انفلات أمنيّ.

لو أحصيت الأخبار المؤكّدة من بين الشّائعات وأخبار الزّياطة وأخبار "حبّ الحكاوي"، ما مثّلت إلا عشرة بالمائة منها إن وصلت للعشرة بالمئة.. وبكبّ زيت الطّائفيّة على نار اللبش التي يعيشها المواطن المصري الآن، فإن ذلك يعطيها إثارة أكبر وفرصتها في التّداول أكثر وأكثر.

إن استمرار المظاهرات قد لا يؤثّر على الاستقرار في الحالة الطبيعيّة لأيّ بلد لا تجد فيه من يعشق الشعللة ويحبّ الحكاوي.. ولكنّنا للأسف لا نفهم هنا أن نشر الخبر دون التأكّد من صحّته هو سبب كبير من أسباب تفجّر الأوضاع، والأدهى كذلك أننا لا نعقل أو نميّز بين الأخبار الصّادقة والأخبار الكاذبة.. يختلط لدينا الحابل بالنّابل.. فنسمع ونتناقل الخبر.. وخلاص!

على التويتر.. نعشق أن نجد "تويتاتنا" يعمل لها "ريتويت".. فربما سمع أحدنا خبراً ما أن تنّيناً هاجم قرية حلمبوحة وأسفر هذا الهجوم عن قتل 4 وإصابة 11.. فنكتب ذلك توّاً على التويتر.. ثمّ يـ"ريتويت" الآخرون ذلك من غير التأكّد من صحّة الخبر.. بل وبدون تعقّل له.

بل أقول أننا في هذا الظّرف الراهن.. علينا ألا ننقل خبراً - ولو كان صادقاً - إن رأينا أن في نشره ضرر هو أكبر من النفع منه.. بمعنى.. أنه إذا رأيت - بعيني - مسيحيّاً يعتدي على مسلم مثلاً.. فسأفصل بينهم أو أحكم بينهم إن كان لي العلم في ذلك وإن استطعت إلى ذلك سبيلاً، ولكنّي لن أنشر هذا الخبر لأهلي وأصحابي وجيراني.. ولن أنشره على أكبر مرتع للإشاعات وأكبر تجمّع للحكاوي "تويتر".. ليس لأنه كذب.. ولكن لأن القصّة ستأخذ أكبر من حجمها وسيتحوّل الأمر من كونه عراك بين اثنين مواطنين - أحدهما مخطئ - إلى احتقان طائفيّ.. ثم نتناول بعد ذلك أساليب مهلهلة للدفاع عن الوحدة الوطنيّة بخلق عدوّ يجمع بيننا مجدّداً.. فنقول أمن الدّولة هو المخطّط وهو المدبّر للاحتقان الطّائفيّ.. حسناً إن كان هذا حقيقيّاً حتى.. فلا ينبغي أن يكون اعتمادنا على الالتفاف حول عدوّ واحد يجمع بين المسلمين والأقباط في هذا البلد.. معنى ذلك أننا سنظلّ في احتقان دائم - كما هو الحال عادة - إلى أن يحدث حدثاً جللاً نعيش في آلامه يوماً أو يومين ثم نصحّي فينا روح المواطنة لبضعة أسابيع حتى ما تلبث أن تخمد ثانية.

إن روح المواطنة التي ندعو إليها.. المفروض.. لا ندعو إليها.. لأننا طوال ما نحن ندعو إليها فإننا نعلم أننا نصطنع.. ونحوّر.. ونمثّل.. لأنه عند أول اختبار نرسب جميعاً.

الشّاهد أنه علينا أن نرفس الشّائعات رفساً.. وأن نكفّ عن ترديدها واحداً واحداً.. وأن نحسن استخدام التويتر والفيسبوك لصالح البلاد لا لضدّها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق