الثلاثاء، يونيو 07، 2011

صـــوت الأزهــــر


في رأيي أن المؤسسة الدينية عليها عبء ثقيل في المرحلة القادمة.. ما بين دعوة، وإصلاح، وربط الدّين بالدنيا في محلها الصحيح.. وتصحيح المفاهيم التي عبث بها العابثون على مذار عقود وعقود من عمر هذه الأمّة.

والأزهر الشريف هو مؤسسة عالمية.. على أرض مصرية.. نعم شئنا أم أبينا هو - لازال - أكبر مؤسسة دينية في العالم الإسلامي وعلى ذلك فإن المسئوليات عليها تتضخم وتكبر بكبر هذه المسئولية العظيمة.

والحقّ أن الأزهر الشريف كان منارة للعلم - ولازال - وكان منارة لقول الحقّ في وجه الطّغاة.. ومنبراً للشيوخ الذين لا يخافون في الله لومة لائم.. ولكن للأسف لم يعُد كذلك.

نعم في الأزهر مخلصون كُثر ولكن الخلل أصبح في المؤسسة نفسها.. ففي المقام الأول.. الأزهر ليس مستقلا.. وعدم استقلاليته يطعن في عالميّته.

الأزهر إلى اللحظة يتم تعيينه من قبل رئيس الجمهوريّة وهو ما يضمن ضمنيّاً ولاءه لرئيس الجمهوريّة.. فلا يمكن أن نرى في وقت من الأوقات تقمّص شيخ الأزهر لدور العزّ بن عبد السّلام مثلاً في قول الحقّ للحكّام.

يجب أن تأخذ الحكومة الحاليّة في اعتبارها طرح قانون إصلاح الأزهر للحوار المجتمعيّ.. الآن.. وليس بعد انتخاب رئيس جمهوريّة جديد قد يقف عقبةً في إصلاح.. بل يجب صياغة قانون إصلاح الأزهر من جديد بحيث لا يكون لرئيس الجمهوريّة تدخّل في أي شأن بالأزهر.. وأن يكون شيخ الأزهر لا يمكن عزله من قبل رئيس الجمهوريّة.

والحقّ أن مسألة اختيار شيخ الأزهر لا يجب أن تخضع لاختيار العوام من الشّعب.. إذ أنه ليس منصب يقوم فيه المنتَخَب بتنفيذ إرادة ناخبيه.. بل يفعل ما يأمره الشّرع غير آبه بأهواء النّخبة والعامّة.. لذا فلابد أن يكون اختيار شيخ الأزهر عن طريق هيئة لكبار العلماء فيه.. كـ"مجمّع البحوث الإسلاميّة" مثلاً.. على ألا يكون هذا الاختيار على أساس الأقدميّة السّنيّة التي لا شأن لها بالكفاءة. وتكون هذه الهيئة مكوّنة من كبار العلماء الأزهريين كلٌ على حسب تدرّجه العلميّ.

وإذا كنا نريد أزهراً عالمياً بحقّ، فإن قصر تولي منصب شيخ الأزهر على المصريين هو ضدّ ذلك.. الأزهر منارة عالميّة للعالم أجمع لا تخصّ مصر وحدها وإنما هو منبراً للإسلام الحقيقيّ الذي نريده للعالم أجمع. وإذا كان الأزهر يحظى بشرف تعليم أبناء المسلمين من كل بلاد العالم.. فعلينا ألا نقصر تولي مشيخة الأزهر على المصريين.. لنؤكّد بذلك رسالة أن المسلمين كلهم إخوة.. وأنه لا فرق بين مسلم مصري ومسلم من بلاد ما وراء النّهر ومسلم إفريقيّ..

كذلك فإن استقلال الأزهر لن يتحقّق على الأرض إلا باستقلاله مادّيّاً.. وهذا كان موجوداً من قبل إذ كانت الأوقاف تابعة للأزهر وبذلك كان الأزهر يصرف على نفسه.. أما الآن فهو يتقاضى ميزانيّة شأنه شأن أي مؤسّسة حكوميّة مصريّة وهذا ينسف قضيّة استقلاله التّام.

كذلك وجب النّظر في آليّة التعليم الأزهريّ - التجارة الأزهريّة والهندسة الأزهريّة وغير ذلك - فالهدف منها كان تكوين المسلم الكامل وهو هدف سامي ولكنها فيما يبدو تحولت عبئاً على الأزهر الشريف.. فكوّنت الإنسان العادي.. وربما تجد في أروقة الأزهر الشريف غشّاً للنجاة من الرسوب في الامتحانات وهو ما يعني خروج فكرة الأزهر عن نطاقها.. أو انحراف نيّة من يدخل التعليم الأزهري بدلاً من خدمة الإسلام إلى أن يكون وسيلة كسائر الوسائل.

هذه كلها اجتهادات تفكرنا فيها سوياً، لعل من يقرأ المقال يكون لديه تعليق هنا أو هناك.. أو إضافة.. فأرجو ألا يبخل بها ولعل الله يجعل من إصلاح الأزهر خيراً لمصر ولأهلها ولسائر بلاد المسلمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق