السبت، يوليو 07، 2012

اللهم رُحْماك بهم..


بالأمس، كنت عند مسجد رابعة العدوية منتظرًا عند محطة الأتوبيس، في الواقع لم أكن منتظرًا للأتوبيس وإنما استغللت خلوّ أريكة الاستراحة من الناس فقلت أستظلّ بظلّ تندتها.. المهم، وافق ذلك انتظار أم كبيرة في السن مظهرها كمظهر سائر أمهات المصريين.. أعتقد أن عمرَها قد جاوز الستين "مرتاح".. كانت تنتظر معي على نفس الأريكة..

مع مضيّ الوقت، أبدت هذه الأم تعبها وإرهاقها من طول الانتظار.. فلم تستطع كتمان إحساسَها بهذا الإرهاق، فاشتكت لي قائلة: كل اللي كانوا واقفين معايا ركبوا وأنا لسة ماركبتش.. الأتوبيس بتاعي مش راضي يعدّي.. لا 700 عدى ولا 936 عدى ولا... ولا...

كانت الساعة وقتئذ الثانية ظُهْرًا، وكان الجو شديد الحرارة.. أنا اللي اسمه شاب لم أستطع تحمل شدة الشمس ولجأت للتندة لأستظل بها..

لو أنك كنت معي وسمعت شكوى هذه الأم.. فتتسلسل خيوط الأفكار في خيالك عن عيشة هذه الأُم.. ربما تعيش هذه الأم مثل هذا التعب والإرهاق كل يوم منتظرًة أتوبيسها الذي يوصّلها لمسكنها في الموسكي..

لا أولاد لها فيصّلونها لمقصدها من غير عناء، أو لعل أولادها هم أصلًا لا يجدون ما يركبون ليقضوا هم مصالحَهم.. لعلها فقدت زوجها منذ زمن.. وجاءت كل هذه المسافة معتمدًة على مواصلات القاهرة الغير آدميّة لتكشف عند التأمين الصحي بشارع الطيران أو تجد ضالّتها عند مسجد رابعة العدويّة.. لا أدري.. ولكن أحسب أن دفعها للمجئ في هذا القَيْظ وبمواصلات القاهرة - التي لا تأتي أصلًا - دافعٌ عظيم.. لعل حياتَها بين هذا المشوار وبين بيتِها..

احمد ربَّك يا أخي، إذا كانت لك سيارة بتكييف توصلك منتهاك وقتما شئت.. احمد ربّك إن كنت تنعم بالصحّة لتركب المواصلات فتصل مقصدك من غير مذلّة لخلق الله.. احمد ربّك أنك لا تزال تخدم أمَّك وادعوه ألا يكتب عليها أن تكون ظروفها كظروف هذه الأم..

لا أدري كيف تصرّفت هذه الأم لتصل إلى مقصدها بالموسكي بعدما عزفت أتوبيسات الموسكي أن تأتي إليها.. أسأل الله أن تكون بخير الآن..

وإذا بالسيدة تشكو إليّ أمرَها، إذا بامرأة تفرش الأرض ببطّانية لأخرى مُعْدمة.. لا تستطيع الوقوف على رجليْها.. ولعلها لا تجد مسكنًا لها.. افترشت الأرض على هذه البطانية، لا تطيق النظر إلى الشمس وهي في هذه الشدّة.. الظروف كلها قاسية عليها..

وقتها قالت هذه الأم: اللي يشوف بَلْوِة غيره، تهون عليه بَلْوِته..

الحمد لله..

اللهم وفّق مُرسي أن يشكّل حكومًة تضع نُصب أعينها أمثال هؤلاء.. بعيدًا عن صراعات السياسة والاستحواذ على الحكم..

هناك تعليقان (2):

  1. يا رب الناس دي اهم حاجه دلوقتي ادبهدلوا كتير اوي من حقهم يعيشوا زي البني ادمين شوايه

    ردحذف
  2. راقني حديثك رغم شعوري انك ضيعت بعض التفاصيل

    أسأل الله لأهل مصر التوفيق وسعادتي الدنيا والأخرة

    ودي

    "
    "
    "

    الصمت

    ردحذف