الثلاثاء، يوليو 17، 2012

الإنسـان المصــري أما يتْمِرِع!



استكْمالًا للحلقة الماضية في سرد ما حلّ بالإنسان المصري، نتوقف عند ظاهرة ملموسة ولعلكم تشاركوني فيها - خاصّة من اعتمدوا لفترة طويلة من حياتهم على المنتجات الاستهلاكية المصرية "الأكل" - والحقيقة أود أن أشير إلى حقيقة ثابتة وجب التنويه لها:

أنني حينما أنتقد الإنسان المصري وأتغزّل في ما حلّ به من تشوه لفطرته أو نقص في صفاته الكريمة فإني بذلك لا أعفي نفسي من هذا النُقْصان.. ماهو محسوبكم إنسان مصري برضُه - ولكن شاءت الأقدار أن يلتفت انتباهي لمثل هذه الصفات التي انتكست في طبع المصري كي أكتب فيها فأقوّم نفسي وإياكم.. وأيضًا وهو هام جدًا: أن يتحلى كلٌ منا بقدر من الإيجابية بحيْث إذا رأى أي من هذه التصرفات السلبية في الشارع يسعى بكل ما أوتيَ من قوة أن يغيّرها.. بالكلمة الحسنة طبعًا مش عافية يعني..

ما أود لفت النظر له في هذه الخاطرة هو أمر يشعر به كما أسلفت من في تعامل مباشر مع المنتجات الاستهلاكية المصرية خاصّة تلك التي لا تنتمي لمؤسسات كبيرة.. يعني مثلًا محلات الأطعمة السريعة..

هي سمة عامّة حقيقًة لا أدري لماذا.. حينما يظهر على محل من محلات الأكل بدايات مبشّرة للمستهلك ولأصحابه، ثم يبدأ يُدرّ الدخل والشُهرة على أصحاب المكان.. يتنطّع المحل في جودته وفي أسْعارِه!

المفترض أنه حينما يُعرف عن محل ما أنه اشتهر لجودة طعامه ولأسعاره المناسبة بالمقارنة مع أقرانه يكون كل سعيه أن يؤكد هذه الصورة لدى الزبون.. ويسعى بكل ما أوتيَ من قوة لاستقطابه، ولكن الحقيقة أنه ما يلبث قليلًا - سنة أو سنتين - حتى تجد جودة وكمية الطعام في النازل والسعر في الطالع.. يعتمد على طبع سلبي آخر في المستهلك المصري وهو ما إن تعوّد على مطعم معيّن في مكان معيّن تجده لا يريد تركَه ولو اعترف بسوء جودته مع الوقت.. دائرة ثقة يخلقها لنفسه لا يحب أن يخرج منها ولو بالطبل البلدي.. نحن نحب الاستقرار.. واخد بالك.. الاستقرار.. وأن يركد الحال كما هو خير ألف مرة من أن يتشقلب مرة واحدة ولو للأحسن.. ما علينا!

مثال: مطعم أبي قير للمأكولات البحريّة قرب ميدان تريومف، اشتهر بشوربة السي فوود لديهن كانت تنافس أعتى مطاعم الأسماك على الرغم من أن مطعم أبي قير هذا محل صغير جدًا.. مفيهوش قعدة أصْلًا.. ويمكن القول أن ذاع صيته وانتشر اسمه على مسامع الكثيرين، ويندر أن تمرّ عليه إلا وتجد عليْه زحام شديد..

مع الوقت، الأسعار زادت.. نقول مبرّر، ماهو يعني المطعم مش حيسلم من التضخّم وازدياد أسعار البضاعة عليه ولا عماله.. لكن مع زيادة السعر، يصغر الحجم.. وتقل الجودة بشكل ملحوظ!!!

السؤال هو: ليه؟!

يعني مفترض أن الإنسان: 1- يشكر ربه عز وجل على ما أنعم عليه من النجاح، 2- يفعل كل ما لديه لتأكيد صورة النجاح هذه لدى المستهلك عشان ميْجيش واحد زيّ يكتب فيه مقال مخصوص!!!

طب قُل يا سيدي ده محل صغير، واتمرَع ميجراش حاجة.. محلات تانية مفترض أنها تنتسب للفئة الكبيرة من المحلات تعمل نفس العمْلة.. زي كوك دوور اللي عيشه بقى بيفَروِل - ده الطبيعي - وبيغْلى exponentially بما لا يتناظر مع غلوّ البُضاعة ولمؤخذة.. وده كوك دوور يعني.. ميصحّش.. دا عِلي عشان المقاطعة أساسًا..

والمثال الذي تتجلى فيه هذه السمة هو بالطبع محلات شاورما الريم، اللي مكمّلش سنة وهوب فرقع الفراقيع، ما إن حدث ذلك حتى زادت أسعاره، وساءت جودة شاورمته، وساءت خدمته "الدليفري وكده"..

فالموضوع يتحمّله اثنين:

1- المطعم أو خلّينا نقول صاحب الخدمة اللي اتْمرع عشامّا كَبَر وبقى يلعب بالناس..
2- الناس نفسها اللي مبقاش عندها فرق، فلا تقيّم الغثّ من السمين، ومعندهاش قُدرة على معاقبة اللي يتنطّع عليها..

وبس كده!

هناك تعليقان (2):

  1. وابو شقره كمان بئه كده الناس بتكون عنده بالطوبير و فجأه الاكل بئه عينات يعني ممكن بعد ما تاكل تداور علي مكان تاكل فيه تاني.
    وكأن لسان حال صاحب المطعم ان الناس خلاص عرفت المكان و ده اللي انا عايزوا نقلل تكاليفنا عشان اربحنا تزيد لأن الناس مش هتعترض هتفضل تروح المصرين بيخافوا من التغير حتي لو من الاسوء للأحسن
    بدليل ان حتي الأن في ناس بتقول ايام مبارك أحسن علي الاقل كنا عايشين اللي مش فاهمينوا انهم ماكنوش عايشين والا حاجه (بس ده طبع المصريين راضين دائماً بأقل حاجه و كأنهم مايستهلوش غير كده مع انهم يستهلوا اكتر من كده بكتيييييييييييير)

    ردحذف
  2. الله ينور عليكي هذا ما قصدته..

    ردحذف