الجمعة، سبتمبر 28، 2012

الموقف من "الشريعة"!!!



كونك مسلمًا يسلّم معناه أنك ارتضيت منهج الله تعالى الذي ألزم به المسلمين، وارتضاه لهم.. وأنك على يقين أن في هذا المنهج الصلاح لعباده، وأن في غيره ضلالًا كبيرًا..

وهذا يعني أنه علينا جميعًا السعي لتطبيق شريعة الله في أرضه، وأن الأمر لا يمكن أن يكون حِكْرًا على التيار السلفي ولا الإخوان.. القضية قضية المسلمين كلهم جميعًا..

وبالتالي فإنه على هؤلاء الذين تحمرّ أوداجهم عصبيًّة لمن ينسبهم لغير كتاب الله أن يسعوا هم الآخرون لتطبيق شرع الله..

حسنًا، وما هو شرع الله إذًا..؟

الهدف من هذه الكلمات، ليس تحديد شرع الله الذي علينا جميعًا اتباعه، ولكن الهدف منه تقرير أنه على الجميع أن يسعى لتطبيق المنهج الذي وضعه الله تبارك وتعالى لعباده كي لا يضلوا أبدًا..

والقضية هنا ليست فيمن يحظى بهذه المسئولية، وإنما وجب عليك كائنًا من كنت أن تتفق معي أنه إذا ما تأكّد كلٌ منا أن الله إذا ما أمر في أمر ما أمرًا، أو قضى في قضية ما بحكم ما، أنه لا يجوز لنا الاختيار.. فالالتزام بما قضى الله ورسوله حقٌ لا يمكن النقاش فيه.. إذ أننا سلمنا نحن الاثنان أننا نؤمن بالله، ونؤمن بكتابه، ونؤمن برسله..

أما الوقوف عند الأشخاص فلا مانع تمامًا.. قد نختلف مثلًا في أهلية الإخوان أن يلتزموا بشرع الله، وقد نتفق معهم أحيانًا ثم نختلف من جديد في قضايا أخرى.. هم بشر وأشخاص في النهاية.. زائلون ويتغيرون..

ولكن ما أريد قوله هنا، هو أيًا كان توجهك السياسي.. إذا كنت من أبناء التيار الإسلامي، أو مِلت لليسار أو.. أو.. طالما أيقنت أن اللهَ تبارك وتعالى حَكَم في أمر ما بحكم معيّن ما كان لك الخيَرة في الأمر..

هذا لأنك مؤمن بالله رب كل شئ، والإله الذي هو - فقط - من يستحق العبادة، والالتزام بشرعِه..

يقول الله تبارك وتعالى: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا. ~ سورة الاحزاب.

الأمر في غاية الوضوح..

والشريعة كما قيل مرارًا، هي ليست الحدود وفقط التي طالما أتت في مقدمة الصور التي تظهر في أذهان الناس إذا ما ذُكرت الشريعة.. بل يجب أيضًا إذا ما ذُكرت الشريعة أن تظهر صور جديدة في أذهان الناس من قبيل:

- العدالة الاجتماعية.
- الكرامة الإنسانية.
- العزة.
- المساواة بين الناس، بصرف النظر عن أعراقهم ولا أديانهم ولا أنسابهم.
- مكافحة الفقر.
- تنمية المجتمع.
- احترام الآداب العامة.

وغير ذلك..

وكما ترى هي كلها "مبادئ" وقيم عامة، قد تجدها في ديانات غير سماوية، قد تجدها في تعاليم حكيم من حكماء التاريخ.. وهنا قضية غاية في الخطورة..

هي أن الجميع اتفق على سمو هذه المبادئ والقيم، ولكن لم يتفق الجميع إطلاقًا كيفية تنفيذها..

فمثلًا، الكل على وفاق تام في أن العدالة الاجتماعية مطلب إنساني عظيم، ولكن تختلف الشريعة الإسلامية في سبل الوصول للعدالة الاجتماعية - وقد تتفق في بعض الأحيان - واختلافها في نظرية الاقتصاد مثلًا، وفي فرض الزكاة وفشل فكرة الضرائب من الأساس..

هنا اتفق الاثنان على المبدأ، ولكن أحدهم "رأى" الوصول لها بأسلوب معين وضعه بشر، والآخر التزم بما أنزله الله تعالى من منهج يصل بنا حتمًا للعدالة الاجتماعية إذا ما طُبقت الشريعة بمفاهيمها كلها جُملًة واحدة.. كافــة.

وبالتالي كلمة "مبادئ" هنا - شخصيًا - أرى فيها تملُصًا من الشريعة إذا ما أتت بما لا تهواه الأنفس وتمحُّكًا فيها إذا ما صادف حكمُها هوى الناس..

بالتأكيد، لن تكون كلمة أو أخرى في ورقة مكتوبة هي سبيل الخلاص للحال الذي وصلنا له.. فطالما الناس أنفسهم غير مكترثين بما أنزله الله تعالى من خير لهم فلا فائدة من كل هذه النقاشات السياسية..

ولكن يبقى النقاش في مثل هذه الأمور مفيدًا على كل حال، و"مفلترًا" للناس على كافة المستويات..

على الجميع:

مراجعة نفسه فيما يعتقد، ومراجعة قلبه.. تجديدًا للنية، والإخلاص لله وحده..

وأن يحسن الظنّ في إخوانه إذا تناقش.. :)




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق