الأربعاء، مايو 15، 2013

في ذكرى النكبة..



هل - فعلًا - لا تزال فلسطين في القلب أم أنها في القلب على حوائط الفيسبوك وتويتات التويتر وفقط؟

هل هي في قلوبنا حقًا أم صار الإحساس بها لا يتعدى بكاءً على التاريخ المجيد الذي لا نفعل شيئًا حياله سوى أننا نتغنى به ونسعى بكل ما أويتنا من قوة أن نُذكِّر العالم بأفضالنا عليهم وكيف أن أوربا قامت على العلوم في العصر الإسلامي؟

هل تبْكون الأندلس؟

حسنًا، قضيتي ليست أن الأندلس الآن أصبحت أسبانيا والبرتغال، ولا أن من يحكمها الآن أهل أوربا.. ولكن قضيتي هي تفاصيل الحدث؟ كيف أصبحت فترة الحكم الإسلامي للأندلس احتلالًا في التاريخ الأسباني والبرتغالي اليوم؟ وكيف أننا الآن نتعامل مع أسبانيا على أنها برشلونة ومدريد؟ وكيف ينادي منادٍ الآن بعودة الأندلس لحضن الإسلام إذا كان الإسلام غريبًا في بلادنا؟

إننا نتعامل مع الفلسطينيين الآن على أنهم أقلية تعيش على أرض يحكمها الإسرائيليون ويسعون لنيْلِ حقوقهم منهم، وشفقًة نفرح بحُكم تصدره محكمة إسرائيلية بإطلاق سراح فلسطيني لينال حريتَه؟!

نفرح بحكم تصدره محكمة إسرائيلية لم تُجبَر على ذلك من قريب أو من بعيد أنها أطلقت سراح مجاهد فلسطيني..!

طبعًا، الأزمة هنا ليست أزمة المجاهد الفلسطيني، فهو مجاهد.. ونحسب أجرَه عند اللهِ عظيمًا، ولكن الأزمة الحقيقية لدينا نحن! عندنا نحن.. ننتظر حكم المحكمة الإسرائيلية الغير شرعية لتبرئ أسيرَنا الفلسطيني من تهمة جهادِها لينال حريته؟!

ما هذا الوهن؟!

اليوم ذكرى النكبة، وأقصى رد فعلٍ لنا أن نسمع أنين غارة الحرب مع الفلسطينيين، فقط لنتذكر أنها محتلة!

تُرى لو كان سكان أمريكا الأصليين على تجمُّع عِرقي الآن، ما أقصى ما يمكن أن يفعلوه إحياءً لذكرى إبادتهم؟!

فلسطين الآن غريبة، والفلسطينيون غُرباء في هذه الدنيا.. وحتى من لجأ لبعض الدول العربية فسلك فيها معيشًة لا يزال غريبًا.. بل إننا نستسهِل اتهامهم بخرق أمنِنا وسيادتنا لأنهم يحفرون أنفاقـًـا يعيشون بها على الكفاف!

وكأن سيادتنا مبسوطة على أراضينا كلها ابتداءً!

وكأن لنا السيادة الحقيقة على قناة السويس فنقرر من يعبر ومن لا يعبر،

إننا نُحيل كل عجزِنا على الاتفاقيات الدولية والالتزامات البروتوكولية.. في حين أننا نرى أمام أعيِنا سيادة الأمم على أراضيها، وكيف أن التزامات هذه الأمم لا يمكن أن تتعارض مع سيادتها وقوة وبأسها!

كم عبرت حاملات الطائرات من قناة سويس المحروسة لتدُك بها بلدانًا عربية وإسلامية، ونحن نتحجج بالالتزامات الدولية المحنَّطة، وبها نبرر عجزنا وهواننا على العالم؟!

ولكننا ننتشي وننتفخ أمام عُزَّل، لا يجدون قوت يومهم فيحفرون أنفاقًا لتهريب حاجاتهم الأساسية من غذاء ودواء ومواد بناء..!

سلامُ العَجَزةِ ليس سلامًا، هو هزيمة!

سلامُ المستسلم ليس سلامًا، هو انبِطاح!

لتبقى عبارت: خيار استراتيجي، والسلام العام الشامل، نزع السلاح، والاتفاقيات الدولية، والأمم المتحدة، والأمم الغير منحازة، والشرق الأوسط الكبير، وحدود 67، والقدس الشرقية، وقطاع غزة، والضفة الغربية، ومعبر كرم أبو سالم، ومعبر رفح، وغيرها لديكم أيها الساسة وفقط..

أما نحن، فعلينا ألا ننسى.. أن مرادف كل هذه الاصطلاحات هو الهزيمة، أو الانتكاس، والذل، قل ما شئت!

ومفهوم، أنك لن تغيِّرَ الواقع ما بين عشيِّة وضحاها، ولكني أخشى من كثرة ابتذال المصطلحات واستسهال النطق بها، أن نَتَدَيَّث.. ثم نقِنن كوننا ديوث المنطقة الأكبر..

فالديوثُ يا إخوة لا يقول على الملأ أنه ديوث، عليه أن يجدد المبرر، عليه أن يجد من الكلام المعسول ما يبرر به تديثَه.. 

قد تكون ضعيفًا على الورق، وإيمانك وبأسُك يقوِّيك..

وقد تكون معتدلًا على مائدة المفاوضات، وواقع حالك: ذليل!

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق