الأحد، مارس 02، 2014

رسالاتي لكِ - الرسالة الأولى (ولادتكِ)

كان حَبلُكِ فيما رأيت وشَعُرت من أمِك سهلًا، وأقول سهلًا هذه بالمقارنة، فلا يوجد حملٌ سهلٌ، وإنما بالمقارنة بما قد أسمع من شكوى النسوة من حملهن لأولادهنّ، فلا أذكر أن أمك اشتكَت من حملك إلا في الأيام الأول من الحمل إذ يصحبُ هذه الفترة - وذلك أمر طبيعي - شعور بالغثيان وقلة شهوة الأكل بالمقارنة ببقية أيام الحياة، وأعتذر إليك أن يكون في مقدمة رسالاتي لكِ أن أقول أن أمك تقيأت كثيرًا في الأيام الأوَل من حملِك، ولكن ذلك لم يستمر بعد الأربعة الأشهرِ الأولى من بداية الحمل حتى استقر الأمر وعلمنا أن اللهَ سبحانه وتعالى خلقكِ - بنت - في بطنِ أمِك.

لا أخفي عليكِ، كم أحب ملاطفة الصغار البنت، وكم أتقبل دلعهنّ، ربما لا أتقبل المثل من الأولاد، وإن كنت أصِف نفسي أني غير غليظٍ في التعامل مع الأطفال بصفةٍ عامة، إلا أني في نفس الوقت لست أوصَف أني خير من يتعامل معهم، فلا أجيد ألعاب الأطفال إلا ما اكتسبته بالخِبرة معكِ فيما بعد.. المهم، مرت الأيام والشهور وقلبي وقلب أمِك يخفق في انتظار وصولِك إلى أرض الحياة، لنتأمل تفاصيلك الدقيقة.

أقول لكِ وأظنُكِ ستقدرين ذلك، أني وقت حملِ والدتِك فيكِ كان كل همي أن تكوني بخير وصحة وعافية، وأن تكون أمُك كذلك، أما مسألة الارتباط العاطفي بكِ، فلن أقولَ أنها لم تكن موجودة وقت الحمل، ولكنها كانت صفر مقارنةً بمثلِها عند أمِك.. فالأم ترتبط بولدها - وسبحان الله - وهو في بطنِها، أما أنا فزاد ارتباطي بكِ مع الأيام..

ولدتكِ أمُك قَيْصَريًا في اليوم العاشر من نوفمبر للعام الثاني عشر بعد الألفين من التقويم الميلادي، وقد ولَّدتكِ الدكتورة أُميْمة الشعرواي في عيادتها بجسر السويس قبل أن تفتتح مركزها الطبي بالنزهة الجديدة، وأذكر أن ولادتكِ لم تتجاوز الربع ساعة، وقد وُلدتِ في العاشرة صباحًا أو بعدَ ذلك بقليل..

لما اطمأننت على والدتِك وعليكِ صليت للهِ ركعتيْن شُكر على هذه النعمة الكريمة، وانتظرنا خروجِك مع والدتِك فأطمئن عليها من بعد العملية وأُملِّي عينيّ منكِ.. كنتِ في غاية النوم ولم يجرؤ أحدٌ على إيقاظِك.. حضر الولادة جدتك مشيرة (أمي) وجدتك أإيمان (أم أمِك) وهالة (خالتي) وابتسام (خالة أمِك) ونُهى (ابنة خالة أمِك)، ثم جاء بعد ذلك جدُكِ فاروق (والدي) وجدُكِ أحمد (والد أمِك)، ثم انهالَت بعد ذلك الزيارات من خاليْكِ عمرو وعاصم وخالتِك يُسرا، وكذلك عمِك أحمد وعمتِك نِسرين، وغير ذلك من الأهل والأحِبَّة..

وكان من دواعي فرح أهل أمِك أنكِ أول حفيدة لهم، فقد سبقكِ عند أهلي ندى وعمرو وعليا وحسن، ولكن - سبحان الله - كان لكِ وقعٌ السِحر على الجميع، إذ الكل كان مُسخرًا لخدمة معاليكِ - وهذا سارٍ حتى اللحظة وأنتِ تبلغين من العُمر أربعة أشهر بعد العام - والكل يتفنن في إظهار رقتِه معكِ.

والحمدُ لله، أذَّنت في أُذُنيْك تأسيًا برسولِ الله صلى الله عليه وسلم..

من هذه اللحظة ارتبطت حياتي أنا وأمك بكِ وأصبح لها مُنحنًا جديدًا، فكل جديد نفعله من أجلِك، وذلك قدر الاستطاعة..

وقد أسميْتُكِ لمار تبرُكًا باسم ابنة المناضِل الفلسطيني ثائر حلاحلة الذي أرسل لابنته لمار رسالةً من سجنه كان لها أثرٌ في نفسي.. ولمار يعني ماء الذهب أو بريق الذهب، والحق أنتِ لا تقدرين بالذهب ولا بما هو أجلّ منه..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق