الاثنين، سبتمبر 14، 2009

من يكتب التاريخ


من الذي يكتب التاريخ


**


حكمة اليوم: أنت تقرأ كتب التاريخ كما يحب أن تقرأها من ألفها تأليفا


**


هل تخيلت وأنت تقرأ أحد كتب التاريخ أن ما تقرأه هو هراء مع أن الأحداث المجردة التي يذكرها المؤرخ حدثت فعلا


يعني كل كاتب يضع القليل من البهارات والتوابل على الرواية التاريخية فتقرأها مرة تلعن سلسفين أحد أطراف الحدث التاريخي بينما تقرأ نفس الكلام في كتاب آخر فتلعن سلسفين طرف آخر - ربما يكون الضد - في نفس الحدث التاريخي


مثال، أقوللك مثال


نكسة يونيو، ممكن تقرأها على أن جمال عبد الناصر كان ضحية الثقة العمياء في شخص غير جدير بالثقة وهو عبد الحكيم عامر وبالتالي نفخ عامر الجيش بأن أمرهم بالانسحاب وضربت القواعد الجوية وهي على الأرض وكانت أشر هزيمة مني بها الجيش المصري الذي كان بعبعاً في المنطقة وكان الناس مطمئنين لوجوده، وكنا نهدد بأن نلقي إسرائيل في البحر ولكن الخيانة التي تعرض لها ناصر هي التي أودت بالجيش وهزمنا ونكسنا، وأن عبد الناصر كان يبني جيشا قويا عتيدا كان سيلقي في إسرائيل في البحر لولا الخيانة اللعينة


وممكن تجد في كتاب آخر كلاماً مغايراً بأن عبد الناصر هو من ضحى بالشعب بأكمله أساسا ليوقع بمصر في هذه الحرب النكراء ليجد ذريعة مناسبة للتخلص من عبد الحكيم عامر بعدما زاد نفوذه وفاحت رائحته وصار مشاركا في الحكم غصبا، فصعّد عبد الناصر الموقف وقال سنرمي بإسرائيل في البحر وأهلا بالمعارك وتبا لكل شئ، فاستفزت إسرائيل وما كان هذا إلا ما تمنته لتضرب القوات المصرية في مقتل وليتخلص عبد الناصر من عامر بمنتهى المهارة لينتهي نفوذه ولتهدأ الرائحة النفاذة وليستحوذ عبد الناصر على الحكم استحواذا فلا يبقى معه شريك


وقد تجد من يقول أن عبد الناصر ما كان يريد حربا ولا قتالا في الوقت الراهن إلا بعدما يعد العدة ويجهز جيشه ليحارب العدو، ولكن كان عليه الرد على استفزازات إسرائيل المتتالية وأراد أن يثبت أننا نستطيع الرد ولكنه في أخطأ في المغامرة فلم تكن محسوبة وكان الهجوم الإسرائيلي مبيت النية من قبل ولا فارق معهم إذا ما استفزهم عبد الناصر أو لا فلما أظهر عبد الناصر القليل من الزجر تلكأت إسرائيل وضربت ضربتها


في الثلاثة سيناريوهات إسرائيل ضربت مصر وعامر قال للجيش انسحبوا وعبد الناصر صعّد الموقف، ولكن ما بين ضحية وماكرٌ أفّاك ووطني


والأمر كله متعلق بمن يكتب التاريخ، فربما كتب الواقعة من أحب عبد الناصر فيقول هو الوطني وكان ضحية الخيانة والعمالة - ولعل هذا هو الحق - وربما يكتب آخر ليظهر عبد الناصر هو العميل على الشعب وهو الذي جاب لمصر الخسائر - وربما رأى أحدهم أن هذا هو الحق - فبما أن الحقيقة عنا مغيبة فالكل يتلاعب بنا في كتبه على حسب هواه، وبالتالي فحذار حينما تقرأ كتب التاريخ فلا تنساق وراء ما يتبه المؤرخ إلا في الحقائق الثابتة التي لا كذب فيها والعالم كله يراها، وحينما تقرأ رأيه فاعلم أنه رأيه واطرح الاحتمالات الباقية والدوافع التي ربما تكون دفعت هؤلاء لفعل هذا ما تراه مشينا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق