الأحد، يوليو 25، 2010

يا تليفزيون يا.. خمسون عاماً


احتفل التليفزيون المصري - ولا يزال يحتفل - بمرور خمسين عاماً على انطلاق الإذاعة والتليفزيون، وأطلق قناة التليفزيون العربي ليذكّر العرب بأمجاد وبطولات مصر الإعلاميّة وفضلها على الأمّة العربيّة منذ انطلاق الثّورة.. التي يتزامن الاحتفال بالتليفزيون بالاحتفال بها حتى أنني فجأة شعرت أنني عدت لعصر الاشتراكيّة.. والإخوة المواطنون.. ومع توالي عرض أفلام الثّورة - الانقلاب العسكريّ الذي أيّده الشعب بكيفه أو مش بكيفه بعد ذلك - من عيّنة ردّ قلبي وفي بيتنا رجل، إلى ناصر 56 وغير ذلك!.

وكأن الشعب المصري لم يشبع سماع الكذب في عهد الثّورة.. وأننا أسقطنا 100 طيّارة للعدو، مروراً بـ*** *** لا تتنحّى.. فيأتي التليفزيون المصري هذه الأيّام ليؤكّد الكذبة الكبرى وهي ريادة الإعلام المصري في كل شئ!.

والحقّ أن التليفزيون المصري كله ثقافة وعلوم وفنون.. محدّش أنكر كده.. ولكن الملاحظ أن المستوى الإعلامي ينحدر وبسرعة رهيبة للأسفل بلا عوائق ولا روابط.. يعني التليفزيون المصري واحدة واحدة يتخلى عن أساسيّاته الثلاثة الأساسيّة التى تأسّس عليها.. اللي هي كله ثقافة وعلوم وفنون!.

فلم يعد التليفزيون المصري منارة للثقافة المتحضّرة.. والرقيّ.. بعد اهتمامه بثقافات دخيلة لا لشئ إلا لموائمة الفكر المنحدر لئلا نكون منعزلين على العالم وهو الأمر المرفوض شكلاً وموضوعاً..

فإن لم يرتفع المعني بثفافته إليّ، غير مسموح أن أنزل بثقافتي إليه بدعوى التّقارب.. بل الاستمرار في السعي للارتفاع بثقافته.. ولكن هذا لا يحدث.. وانجرف التليفزيون ونزل لمستوى أحياناً أدنى من المقبول وبكثير.. واختفت الرقابة التي هدفها مراعاة القيم الأسريّة في البيوت المصريّة.. فما كان من المستحيل عرضه على التليفزيون أصبح يعرض وعلى المفتشي.. ليست الفجاجة العينيّة فحسب، وإنما كذلك هبوط الذوق العام وانحدار اللغة.. مستوى الحوار تدنّى!

ولم يعد التليفزيون المصري يهتمّ بالعلوم ولا تطوّر العلوم ولا حال العلوم في مصر.. ولا يهتم بهؤلاء الذي يهجّون من مصر كل عام لأنهم لا يجدون في مصر بيئة صالحة لنموّ العلوم والبحوث.. ولا يرون اهتماماً إعلاميّاً بالغاً غير بصفقة جدّو وركب حسني عبد ربّه!

ويدّعي التليفزيون اهتمامه بالفنون المحترمة، والحقيقة أن الوضيع هو من يأخذ حقّه تالت ومتلّت في الفنّ المصري، وأنه يأخذ نصيب الأسد من الاهتمام الإعلامي.. إما بالمتابعة والنّفخ أو حتى الذمّ.. فالذّم أصبح وسيلة للشهرة والدعاية.

فطن الرقّاصون اليوم أنه لا مشكلة أن يذمّ ويسبّ ويلعن إذا كان ذلك سيشهره.. ويذكر اسمه في كل بيت.. وفي كل حوار.. ثم بعد ذلك عليه أن يثبت العكس ولو واحدة واحدة..

نحن من يصنع التفاهات!

الخلاصة.. أن التليفزيون المصري تماشى مع ثقافة وذوقيات وعلم الناس بدلاً من المساهمة في العلوّ بها.. ليجني الأموال من الإعلانات.. ولا أجد تصريحاً أبلغ قولاً من التصريح الذي صدر عن أحد المحتفلين بالإذاعة المصريّة: مفيش إعلام لوجه الله!.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق