الأحد، أبريل 17، 2011

مدوّنة رئيس سابق - مدوّنة م اللي بيتكبتوا دول


هذا كتابي أكتبه وقد أمضيت من عمري عقوداً على كرسيّ الحكم، أنغنغ شعبي وأدغدغه.. وأضحك معه وأفرفشه.. وأهوّن عليه آلامه وجراحه.. أنحاز إلى فقيره.. فأفعل ما في وسعي ليزداد فقراً.. حتى إذا عاد إلى فقره القديم حمد الله ومدح في حكمي وسلطاني.. وأكافئ الذكيّ المهاريّ اللولبيّ.. الذي علم من أين تؤكل الكتف.. والفخذة كذلك.. فأجلسه على حجري.. أهنّنه.. ألاعبه.. أشخشخه.. ليسرق من تحت عيني.. بدلاً أن كان يسرق من وراي.. ويتفحّش في السّرقة.. فالآن يسرق من أمامي.. وأعلم كل جنيه يدخل جيبه..

كنت أعاملهم كأولادي.. أنا أحبّ الصّراحة.. إبنك حيدخّن حيدخّن.. فيدخّن أدّامك بدل ما يدخّن في الحمّام.. وهكذا كان منهجي في التعامل.. السّرقة في حكومتي حقّ.. والحقيقة أنه من كانت يده نظيفة.. كان لا يعمّر في الوزارة.. وهذا لا يعيبني في شئ.. طبيعي جدّاً.. فلكلّ عمل بيئته الخاصّة.. قد يتوائم معها فرد أن ينبذ.. ومسألة التّوائم عندي لها مداخل ومشابك كثيرة..

كل قراراتي كانت نافذة.. سواء على الحكومة.. أو مجلس الشّعب.. أو.. مجلس الشّورى.. لم أجد أيّاً من أولادي الوزراء في الحكومة يعارضني في كلمة.. أو قرار.. والحقّ أني كنت أستمع لهم كثيرا.. نعم.. فأنا مؤمن أنه خلقت لنا أذنان وفم واحد.. كي نستمع أكثر مما نتكلّم.. يا سلااااام.. لا أزال أقول الحكم.. ولكن الجهلاء لا يفقهون.

وعلى الرغم من إخلاصي في العمل.. وعلى الرغم من تاريخي المشرّف.. خانني أتباعي وأولادي ممن ربّيتهم في بيت السّلطان ولم أضنّ عليهم بشئ.. لا بمال ولا بسلطة ولا بجاه.. خانوني وكنت أوّل من باعوا.. على الرّغم من أني كنت أترك لهم الحبل على الغارب.. وتركت لهم السّاحة يعيثون فيها فسادا كيفما ووقتما أرادوا.. لكن حقّاً صدق من قال.. قولوا للي أكل الحرام يخاف.. قبل اللي أكله ما ينفخه.. وقد نفخت بهم قبل أن أنفخهم.. صحيح أنهم كلهم جميعاً مشرّفين معي هنا بالسّجن.. إلا أني أشعر تجاههم بالتّخوين.. ياخي شيلوا عنّي ولا اعملوا اعتبار لكوني أبوكم.. وإن لم أكن أبوكم فأنا أحسن م اللي خلفوكم!

إلى حين نفاذ الحكم فيّ.. وفي ولديّ.. وفيكم.. سأكتب بين الفينة والفينة.. لئلا تستوحشوني.. يا شعبي الحبيب!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق