الخميس، يناير 17، 2013

السرُ الكبير لرحْرحة النفس ومكافحة الإحباط !

في هذه التدوينة يسعى كاتبها أن يجد حلًا للمعضلة الأزلية للإنسان، والتي تتمثل في "السعــادة"، والحقيقة أن التدوينة لن تحوي على جُمل من عينة: "ليست السعــــــــادة في المــــال" أو "القنــــاعة كنزٌ لا يفنى"، وإن كانتا حقيقيتان لكن أعتقد أن الجميع شاهد ما يكفيه من أفلام الأبيض والأسود التي أشربته مثل هذه القيم ع الآخر..

***

بشكل عام، أعتقد أن الإحباط يتمكّن من الإنسان إذا ما فشل أو فُشِّلَ في محاولاته لبلوغ هدفه، والحقيقة أنه سواء كانت هذه الأهداف نبيلة أو بكيزة، ففي النهاية هي أهداف.. وبما إننا نتحدث عن السعادة وراحة البال - وركز على راحة البال - فإنه لا يعنينا في هذا المقال ما يُنسب للأهداف البكيزة - بكيزة اللي هي غير نبيلة، مع كامل الاحترام لمسلسل بكيزة وزغلول - فسنتعرض هنا لمن كانت أهدافه نبيلة وفشل في تحقيقها أو فُشل في ذلك، أو أُحبطَ من قبل أن يبدأ، أو تكالبت عليه الأمور كلها لتعطيله عن مسيرته لبلوغ أهدافه.

ونحن أيها الإخوة، ندّعي فيما ندّعيه من آمال وتمنيات.. ندّعي أننا نسعى إلى عمارة الأرض كأحد الوسائل التي تقربنا إلى الله تبارك وتعالى، وتمكّن لنا من عبادته حق العبادة، وهو الهدف من خلق الله تعالى لنا.

وإذا ما تعثّرنا في بلوغ ذلك، وقد تعددت الأسباب المُعثرة هذه.. من بين تضافر جهود الأشرار لوقف مشاريع إعمار الأرض، أو تضافر جهود المُثبِّطين لإفشال أي نجاح بصفة عامة، أو يتأخر النجاح لأسباب لا يعملها إلا الله وحده.. هنا قد يحدث الاكتئاب، وقد تنجح المخططات في تثبيط الهمم، لأننا ربطنا الأمر بالنتائج، ولأننا نربط نتيجة ما عملنا بالظروف الكُبرى حولنا.. تلك الظروف التي لا شأن لنا بها، ولم نتسبب من قريب أو من بعيد في حدوثها، كأننا وُلدنا لنجد بلادًا فقرًا، وجهلًا متفشيًا وأرضًا محتلة، وذلًا وانكسارًا اكتسح الجميع.. فنربط ذلك بعملنا ونعتقد تمام الاعتقاد أن كون مثل هذه المعطيات لا تزال كما هي لا تتغير فإن ذلك لا لشئ إلا لأننا فشلة لم نغيّر من الوضع، وبالتالي فالنتيجة صفر.

وهنا دعونا نؤصّل لأمريْن هامَّيْن:

- إن الله تبارك وتعالى أمرنا بعمارة الأرض، وبالإصلاح ما استطعنا، وأن نأخذ بالأسباب كلها، وأن نتوكل على الله حق توكله، ثم نعلق الأمرَ كله لله ولا نعلقه على ما اتخذنا من أسباب، فندعوه جل وعلا أن يحقق لنا المرادَ أملًا أن يرضى عنا. وأن الهدف من ذلك كله، هو نيْل رضا الله تبارك وتعالى.. فإذا لم يشأ الله عز وجل للأمر أن يتمَ، ولكنه جل وعلا رضيَ عنا، فقد تحقق المُراد.

- إن الدنيا كلها لا تسوى شيئًا، لا تساوي عند الله جناح بعوضة، وأنها بكل أحداثها وفتنها وبهرجتها وزخرفتها وصخبها، بكل جبروت طواغيتها واستبداد مستبدّيها، ستُنسَفُ نسفًا.. ولن يبقى غير وجه الله ذي الجلال والإكرام، فلا تستكثر يا من تدّعي سوء الحظ فيها أن تعيش في زمان ذل ومهانة، فالأمر لا علاقة له بالمُحيط، وإنما بتصرفِك أنت حيال المُحيط.

خلقك الله وهو يعلم بالحال الذي وجدت نفسك فيه، وتكون العبرة بما ستفعله أنت، بمَ ستختار؟!

قد هُديت النجديْن فلا تأثير على اختيارك، ولن تُحاسَب أنت على احتلال العراق ولا احتلال فلسطين، ولكنك ستُحاسب على ما كان في يدِك فعله حيال العراق وفلسطين والشيشان وتركستان ولم تفعله.

ستُحاسب على ما كان في يدك أن تفعله حيال الفقر والجهل واضمحلال الفكر وقبح الثقافة في بلدِك ولم تفعل.. إن اللهَ تعالى خلقك في ظروف هو أعلم بها منك، وسيُحاسبك على ما كان منك في هذه الظروف، أنت ليس مطلوبًا منك أن تحرِّرَ العالم وحدك من الطواغيت والشرور، ولكنك مطالَبٌ أن تسيرَ في هذا الاتجاه، وأن تعمل ما في وسعك لتوصيل الرسالة، ثم تتوكل على الله وتدعوه أن يتمَ نعمته.

لا يفرق معك وضعك أو ظروفك التي وُضعت فيها، هي في النهاية دُنيا، كانت أمتك عزيزة أو ذليلة، هذه مجرد معطيات عليك التعامل معها، لا التضجر منها والاكتئاب منها.

أعتبر ذلك كبسولة تجديد نية، لم نحن هنا؟ وما هي غايتنا؟ ومن ذلك ترتاح أنفُسُنا، فإنا راحلون راحلون، لا محالة في هذا الأمر.. إنه أمرٌ يقينيٌّ، يؤمن به المؤمن والكافر، ولكن المؤمن يعلم لماذا أتى إلى هنا.. ومن هنا يرتاح باله، ويطمئن قلبه، وتعمل سواعده وجوارحه على تحقيق الهدف من وجوده، ويؤمن قلبه بالله ويتطلع إلى الجنة التي وعده إياها..

هناك تعليقان (2):