الاثنين، فبراير 01، 2010

القول الساحق.. حول ارتفاع مصر الشاهق


- طبعاً بعد الأحداث المؤسفة التي حدثت بعد مباراة مصر والجزائر في أم درمان - الله لا يرجعها أيام - والتي دفعتني لعدم مشاهدة كرة القدم لفترة، جاءت أنغولا 2010 والتي لم أتوقع أن تأخذ اهتماماص مني أم أن أحرص على مشاهدتها.. حتى أن أولى مباريات مصر في البطولة مع منتخب نيجيريا لم أشاهدها وفضّلت النوم عليها..

- ولكن بعد أن علمت بتألق مصر في تلك المباراة، ورأيت الحماسة في قلوب الجميع للمتابعة.. قلت أتابع ولا أتعصّب لهزيمة أو لشئ.. إن فزنا فزنا، وإن خسرنا فلا ضرر..

- تابعت المنتخب في مباراته أمام موزمبيق والتي انتهت بفوز مصر اثنين لصفر، أحد الأهداف من ماركة إديني في الكفتة وأنا أحبك يا لاللو، والآخر هدف عالمي للاعب جدّو - والذي أفخر أنه بلدياتي حوش عيساوي عالمي - ويثبت من خلاله جدارته وحسن اختيار حسن شحاته له على حساب الكثير ممن لهم باع في المنتخب كميدو وعمرو زكي..

- ثم المباراة تلو الأخرى، وجدتني أتابع المباريات بحرص أكثر فأكثر.. وتزامن حرصي مع ارتفاع المستوى للاعبي الفريق المصري إلى أن جاءت مباراة الجزائر..

وقفة.. موسيقى جيمس بوندية في الخلفية..

إيه النظام ؟؟

يعني كيف سيكون التعامل.. من هنا ومن هناك.. كيف سيتعامل الإعلام المصري والجزائري مع المباراة.. كيف سيتعامل الإعلام المفتوح المشلوح الفيسبوكّي مع المباراة..

الجرائد القومية تعلمت من خطئها، وهدّت الموضوع على الآخر.. مما يحسب لها.. والمباراة بين فريقين شقيقين عربيين حبيبين.. والأمور زي الفل..

وهكذا وضعت الأمور في نصابها.. وهدّئ الأمر.. وأجبر الجميع على احترام النظير ولو غصب عنه.. حتى أني لاحظت أنه قبل المباراة لم يكن هناك اشعال تأجّجي فتنوي على مستوى الفيسبوكّ الذي أصبح مقياساً حقيقياً لسلوك الشباب في مصر خاصة والعالم العربي بصفة عامة.. بغض النظر عن السبب قد يكون التخوّف من النتيجة فلا يشعلنّ أحدهم الفتيل ثم تخصر مصر فينقلب حزيناً مكتئباً.. بل ترك الجميع الأمر للمباراة.. وهذا ما أعجبني.. وهدّأ بالي.. وفرحت له كثيراً.. فصورتنا أمام العالم بعد أحداث أم درمان خربت أكثر مما هي خربانة للغاية.. فكان لا بد من الحكمة والهدوء على مستوى القيادة السياسية في الأساس - والتي انجرّت في الشعللة خاصة من الجانب الجزائري وقت أم درمان - وعلى مستوى الشعوب.. بهدوء.. هذه مباراة كرة قدم.. فزنا خسرنا.. أوضاعنا هي هي..

ثم كانت المباراة..

- بصراحة تمنّيت عدة أشياء في هذه المباراة، والحمد لله كلّها تحقّق.. أن يظهر الفريق المصري بشكل يجعل العالم كله يتمنى وجود هذا الفريق في كأس العالم.. وأن يتساءل كيف لم يتأهل هذا الفريق للنهائيات.. وأنه إذا تغاشم أحد لاعبي الجزائر وتسفّل أن ينال عقابه على الملأ.. وأن نظهر للعالم كرة جميلة.. وأن نسيطر على المباراة بالكامل وأن يكون الفوز بجملة من الأهداف..

وكل هذا تحقق.. ولعب الفريق المصري واحدة من أفضل مبارياته على الإطلاق إن لم تكن الأفضل خلال البطولات الثلاث الأخيرة.. وفاز بأربعة أهداف لا شكّ في واحد منها.. إلى أن استفزّ لاعبو الجزائر وأظهروا عصبيّة قبليّة لا تبرير لها وكان الطرد جزائهم.. ولم يهاب الحكم أن يظهر لهم الكروت الصفراء والحمراء عقاباص لهم.. أعتقد أن العالم تابع هذه المباراة لما ارتبطت به من حساسية وتوتّر.. وأظنّ أن العالم تمنى لو أن الفريق المصري هو من تأهل للمونديال..

وفوق هذا كله.. الروق التي كان يلعب بها الفريق المصري.. ولأول مرة في التاريخ عدم وقوعه في الاستفزازات الجزائرية الشمال الإفريقية المعتادة.. بل الفريق الجزائري هو من وقع فيها.. وفاز الفريق المصري وردّ اعتباره لكثير من الأمور..

طبعاً لم تتم السيطرة على المشاعر من قبل الجميع.. ما بين فرح كبير.. وفشّ غلّ كبير..

ويظهر هنا ما كان مخفيّاً.. عدم مسئولية بعض أطراف الإعلام من هنا ومن هناك.. وأولهم المتحدث الإعلامي باسم الاتحاد المصري لكرة القدم الذي وبكل فجاجة ووقاحة قام بإشارة خادشة للحياء على شاشات التليفزيون وأمام كل كبير وطفل وبنت.. لم يلق بالاً لمن يشاهده وفقط رغب في أن يرضي غريزته في الوقاحة.. الحقيقة أني لا أحترم هذا الرجل لما بدر منه..

وهذا من أصيل عيوب الشعب المصري، ما يسمّى بالزياطة.. فرحنا إذاً فتباً لكل المعايير الأخلاقية التي تعلمناها في الدين والحياة.. وسحقاً للحياء.. يا راجل مصر فرحانة.

ثم كان يجب أن يفوز المصريون بالكأس ليكلل الفريق مجهوده بالتتويج.. وليعود إلى دياره وقد رسم بسمة على وجوه ثمانين مليون مواطن..

بسمة مؤقتة تدعمها الحكومة.. وابتسمتها حقيقة.. ولكني أتمنى لمصر ما هو أكبر من بطولة وكأس يحمل على الأعناق.. أتمنى لمصر مجداً عظيماً في معترك الصراع الإقليمي والدولي.. أتمنى لمصر دوراً فعالاً للأمة الإسلامية.. أتمنى لمصر كلمة لا للاستبداد والجبن والاحتلال.. أتمنى لمصر نصراً ضد الجهل والأمية والتخلف والعنصرية.. أتمنى لمصر احتراماً لكلمة إنسان.. احتراماً للخصوصية.. قبولاً للآخر.. قهراً للعدو الحقيقي الذي يهدد مستقبلنا.. تملكاً لزمام الأمور في المنطقة من جديد..

إن مصر دولة، يسجل لها التاريخ أنها إذا قامت.. قامت معها الأمة.. وأنها إذا ما وقعت.. وقعت معها الأمة..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق