الأحد، فبراير 21، 2010

رؤية


ما في هذا المقال هو ما يتضح لي بالقرينة الظاهرة، والله تعالى أعلم بالنوايا..

كما ظهر الدكتور البرادعي على شاشات التليفزيون أمس، وكما ظهر قبلاً.. يتضح لي أن هذا الرجل - فعلاً - من الأمثلة التي طالما تمنيت وجودها في مصر.. وهو كذلك، ما أسعى فيه.. وما أقصده ليس كونه عالما فانونياً كبيراً تقلّد أرفع الأوسمة وترأس منظمة دولية لها كيانها في المجتمع الدولي.. ولكني أقصد منهج الرجل..

الرجل لا يقول أنه أتى ليترشح في الرئاسة لكي ينقذ مصر مما هي فيه، ويكون هو المخلّص من ظلام الفساد والمحسوبية مثلاً.. ولكنه يقول أنه يضيء الطريق للناس ليعرفهم أن السبيل للنجاة ها هو.. ولا سبيل للنجاة إلا بأيدي الشعب نفسه..

منهج الرجل أن يثبت أنه لا منقذ للشعب ولا مخلص إلا نفسه.. والحقّ أن الله تبارك وتعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.. الله تبارك وتعالى يكافئ المجتهد على اجتهاده.. ومن لا يسعى للتغيير بنفسه فسيظل راكداً مجمّداً لا يتقدم ولو شبر واحد.

البرادعي لم يصرح أنه سيسعى لقلب الدنيا رأساً على عقب، ولا يسعى لإحداث فوضى خلاقة تخدم مصالحه الشخصية.. ولا جعجعة فارغة.. ولكنه يتحدث بأرقام واحصاءات لا تكذب.. وبرؤية عامّة واضحة المعالم.. ولمن ينخرط في التفاصيل لكي لا يوحي للبعض أنه يسعى للترشح أو أن الهدف أن نرى البرادعي رئيساً.. الرجل يقول أن السلطة ليست هدفاً له.. والحق أنها لن تضيف له كثيراً.. ولكن إن رغب الشعب في ترشيحه فلن يقف أمام رغبة الناس في هذا الأمر.. ومن حق أي أحد الترشح.

ظهور هذا الصخب مع ظهور الدكتور البرادعي هو ناتج من اختفاء أي بديل حقيقي لمبارك، ظهور البرادعي مثّل للناس الأمل.. الآلاف التي ذهبت لاستقبال البرادعي في مطار القاهرة إنما كانت تستقبل ما تراه الأمل.. ليس شخص الدكتور البرادعي ذاته.. النظام نجح في تدمير أي شخصية قد تكون مناسبة للحكم بعد مبارك أو بديلة له.. حتى في المسرحية الهزلية التي سميت بانتخابات الرئاسة عام 2005 تم القضاء على كل المرشحين الذين كانت لهم بضع نسبة من الأمر إما بالسجن أو الإقصاء من الحزب أساساً.

الدكتور البرادعي ابتعد عن الجعجعة الفارغة والهجوم المسفّ الذي تنتهجه المعارضة في مصر.. وأوحى بأنه إذا ما كوّن هذا الرجل حزباً ما، سيختلف منهجه عن الآخرين.. إذا قام قوامه على الإصلاح والبعد عن المصالح الشخصية.

لم أعهد كتلة سياسية مخلصة تمام الإخلاص للبلد وللأمة، إلا ويجب أن تتدخل المصالح الشخصية في الأمر.. ولم تسلم أي من الكتل السياسية الموجودة من الشوائب والانشقاقات في صفوفها وهو أول ما ينهيها من قبل أن تبصر النّور.

المسئولية على الجميع، ولا مسئولية أكبر من المسئولية التي هي على عاتق الشعب المصري نفسه.. إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.. وهذا هو المطلوب.. وهذا ما كان يؤكده الدكتور البرادعي في البرنامج.

المهم، ألا نفاجأ بقانون.. يمنع ترشح من كان له سابق تعامل مع وكالة الطاقة الذرية.. أو من كان يشتقّ اسمه من اسم البرادعي.. أو لعله يمنع دارسي الحقوق من الترشح للرئاسة.. لحكم الموضوع.. فإن أفلت الرجل من الـ250 توقيع كعب دائر على المجالس المحلية والنيابية.. وتحققت فيه شروط الرئاسة.. فليوقفه القانون.. وكل شئ بالقانون.. وهذه هي الكارثة.. أنه لا ثقة بالقانون..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق