الأحد، فبراير 28، 2010

ذكر الطمع لمن له سمع

مفهوم الطمع الإنساني تغير في الحقبة الأخيرة، فبعد أن كانت فكرتنا عن الطمع هو الرجل الذي يضحك فاشخاً ضبّته على الآخر بأسنانه التي تلمع في الليل حسب أفلام الكارتون أو المسلسلات العربية العقيمة.. الآن أصبح للطمع فكر عالمي اقتصادي لولبي.. صحيح البركة في القديم، والدهن في العتاقي..

على سبيل المثال لا الحصر، زمان كانت الصناعات حينما تنوي انتاج منتج ما.. كانت تهدف أن يكون هذا المنتج قوياً ويستحمل المرمطة والبهدلة على الآخر.. ليعيش ويعيش عقوداً وعقود.. حتى أن كثير من هذه المنتجات ربما لا تحتاج لقطع غيارها تماماص لا في السنة الضمان ولا بعدها بسنين.. ما كان يدفع الشركات للانتاج الوفير من هذا المنتج ويكون شاغلها الأساسي تحصيل الربح من بيع المنتج نفسه بأكبر قدر ممكن إلى أن يظهر المنتج الذي بعده بإمكانيات جديدة وعمر أطول بعد أن يكون الناس تشبّعوا من المنتج القديم ليس أكثر.. وأقرب مثال لأذهاننا نشعر به هو السيارات.. من السيارات القديمة ما يزال الناس إلى الآن يتذكرونه ويتذكرون أصالته.. وكيف أن هذه السيارات كانت حنيّنة عليهم ولم تكلفهم الكثير طوال ما كانت معهم.. والأمثلة كثيرة منها:

البيجو 504، السيارة العنتيل:


والتي اشتهرت لكونها تاكسي ويصعب وجودها في غير حالة التاكسي.. يلجأ إليها أصحاب التاكسي لأنها عنتيل ولا تعطل ويمكن دبّ المشاوير بها من مصر إلى ليبيا مرات ومرات في اليوم ولا تعطل.. واشتهر منها الموديل الاستيشن – السبعة راكب – في سفر المواطنين خاصة للساحل الشمالي (مارينا والذي منه..) أو لليبيا (بلاد الخليج ولكن النسخة الشمال الإفريقية).

جدير بالذكر أن هذه السيارة – كما يحكى – تسببت في خسارة شركة بيجو الفرنسية لقلة طلب مستخدميها لقطع الغيار.. فهي سيارة لا تعطل.. أي عنتيل.

المازدا 323، السيارة التي لا تسخن:


وهذا عن تجربة شخصية فطوال عشرين سنة لم تسخن السيارة المازدا مع والدي ولا مرة.. وسافرنا بها أسفاراً تعجز الكثير من السيارات القيام بها خاصة مع هذه الحمولة.. إلى مرسى مطروح والإسكندرية ولم تشتكي المازدا.. اللهم إلا في الكاوتش والكلام الفاضي.. ولكن ما اندبّ في موتورها مفكّ.. فهي السيارة المثلى ولا شكّ.

اللادا، الدبّ الروسي:


وهي السيارة التي تساهم في بناء العضلات لأصحابها (باي، تراي، وترابيس).. وتعطي ثقة غير طبيعية في النفس لمن يقودها.. فمن يريد أن تثكله أمه فليحاول أن يصدمها.. وهو الجاني على سيارته.. كيف تتوقع أن يشرع صاحب سيارة كهذه أن يشتري لها قطع غيار وهي القاسية التي لا منافس لها.. عن الإيروديناميكس والملفات لا تسل.. ولكن عن القوة والمتانة فحدث ولا حرج.

الفيات 132، مرسيدس الفيات:


نالت اعجاب كافة مريدي السيارات في مصر.. لا تعطل.. وسي سي عالي.. عنتيل.. شكل عفيّ وفي نفس الوقت مقبول.. تشعر من وجهتها أنها قرش متوحش.. والفوانيس الخلفية تأتي متمّمة للمقدمة.. إنها السيارة التي يفخر صاحبها بها..

هذه السيارات كانت مثالاً للمنتجات التي أنتجت لتدوم.. لاحظ أننا هنا لم نتحدث عن المرسيدس الخنزيرة ولا الشبح ولا البي إم السبعينيات.. هذا لخروجهم من المنافسة أساساً.. ولكن على مستوى السيارات التي ذكرناها.. فإنها صنعت لتبقى.. ولئلا تسبب المشاكل لصاحبها فتخرب بيته.. بنيت بمفهوم build to last لتكون علامات في التاريخ لا تنسى.

أما الآن.. فالاتجاه هو أن يصنع لك سيارة.. تبقى معك زي الفل فترة الضمان.. خمس سنوات.. بعد ذلك – إن لم يكن قبل ذلك وهنا الحرفة – تبدأ في الاستهلاك.. وقطع الغيار.. وكعّ يا صاحب العربية.. وبهذا يستمر مكسب المصنع.. بدلاً من أن يكون مكسبه من بيع السيارة ويكون بيع قطع الغيار هو الاستثناء.. يربط بيع قطع الغيار بالسيارة التي تباع.. ليظل المصنع يعمل.. ويستفيد منّا كزبائن.

وبالتالي فتجد أن مستوى الصناعة يتدنّى.. فالجودة ليست في أعلى مستوياتها.. ولكن مطلوب أن تبدأ السيارة في الشكوى بعد فترة لئلا يحدث ما حدث مع شركة بيجو بسبب موديل الـ504، قس على ذلك في كل المنتجات وليس في السيارت فقط.. وبالتالي، فالخوف كل الخوف أن تجد أننا نعود للخلف لا نتقدم للوراء وكل ما يتجدد هو الأفكار والأشكال فقط أما الجودة فتنحدر انحداراً ليحصّل أصحاب المصانع الأموال باستمرارية..و للأي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق