الأربعاء، أبريل 14، 2010

القول الحسن في حسام حسن


بعد أحداث مباراة مصر والجزائر، هبط حماسي لمشاهدة كرة القدم كثيراً وما كنت لأتابع حتى مباريات كأس الأمم لولا تطوّر الأحداث فيها وتقدّم المنتخب المصري فيها بشدّة.. ولكن لا أخفي أنه حتى متابعتي للبطولة لم تكن بذات الحماس الذي عادة ما كنت أتابع به مباريات الفريق الوطني في كأس الأمم.

فأحداث مباراتي مصر والجزائر رسّخت لديّ معتقد أن الأمر كبر زيادة عن اللزوم، وأنه ما ينبغي أن نساهم في زيادة هذه الحميّة الجاهليّة الغوغاء.. خاصة بعد تطوّر الأمر للعنصرية والسبّ بالأصول ونسيان الرابط الذي يجمعنا بالأساس.

وتساءلت ما الهدف من الرياضة إذاً، إذا ما كان ما أراه منها حضّ على الكراهية وغليان لمشاعر الغلّ والحقد ربما تصل إلى الضرب والشروع في إزهاق النفس التي حرّمها الله على العباد.

ففترت نفسي من متابعة كرة القدم، خاصة الدوري الذي صار لا طعم له ولا رائحة.. فلم أكن أتابع المباريات إلا لمماً، ولم أخطط لمتابعة أحدها إلا إذا صادف توفيت المباراة ميعاد "الأنتخة" اليومي لي على الأريكة بالصالة.

عبثاً كنت أسمع عن تدهور فريق الزمالك وانحدار ترتيبه بين الفرق.. وحال لاعبيه الذين بدا عليهم عدم الحمية للفوز وغياب الحماس عنهم.. حتى أن الجماهير استاءت منهم وعزفوا عن حضور المباريات..

واقتنع الناس أنه لا ناقة للزمالك ولا جمل في هذا الموسم.. خاصة بعد أن تتحدر ترتيبه كثيراً حتى قارب منطقة الهبوط لدوري المظاليم..

ذهب البعض أن الإدارة الزملكوية لا شدّة فيها، أو لا إدراة فيها وأنهم لا يحسنون اختيار المدرب الكفء الذي يقود هؤلاء اللاعبين.. وذهب البعض الآخر أن هؤلاء اللاعبين لا يستحقوا اللعب في الزمالك وأنهم لا يستحقوا المرتبات التي يتقاضونها من النادي..

حتى كان قرار الإدارة بتعيين حسام حسن للإدارة الفنيّة للفريق، وهذا ما كان ينتظره حسام كخطوة للإمام لتقدّمه في طابور المدربين الوطنيين، وما يدفعه دفعاً لاستكمال مشواره لعله يفوز بتدريب المنتخب المصري كما كان يأمل منذ أن وضع قدمه في سلك التدريب.

وهنا نحن نتحدث عن تجربة نجاح، بغضّ النّظر عن كون هذه التجربة في كرة قدم - ربما يرى البعض أنه لا فائدة مباشرة منها على تقدّم مصر - ةلكن في النهاية هي تجرية تستحقّ المتابعة والإشادة..

هي تجربة انتشال فريق عمل أجمع الخلق كلهم أنه فاشل ولا أمل فيه وأن أعضاؤه لا نية لديهم للتقدم والفوز.. وأنه وجب تفويره والبدء من جديد.. هي تجربة تحدي لكل المفاهيم المثبّطة التي تواجه طموح كل إنسان يريد النجاح من الصفر.. وربما من تحت الصفر.

استغلّ حسام حسن كاريزمته القويّة في جمع اللاعبين تحت لواءه، وبثّ فيهم روح الحماس.. وزيادة طموحهم لما هو أكبر من التمثيل المشرّف، ولما هو أعلى مما ينتظره الناس من الزمالك في حالته هذه..

وهذا ليس معناه أن حسام حسن خاو فنيّاً، بل هو فهمان في تخصصه ويجيد التكتيك والتخطيط قبل مواجهة خصومه، ثم إنه إذا ما نزل الملعب وانطلق اللقاء يقرأ المباراة ويضع لها الاستراتيجية المناسبة لها كلٌ حسب قوته. ولكن، بما أن الفريق كان في حالة وهن وضعف فلزم زيادة جرعة الحماس لديهم.. حسام حسن أثّر في لاعبي الزمالك حتى أنك تحسب أن الواحد منهم نزل ليأكل النجيلة.. وصنع فارقاً في الروح التي كان يلعب بها في الفريق من صفر إلى أقصى درجة.. فشيكابالا الذي كان لا يعنيه فاز الزمالك أم خسر زاد حماسه وزادت إرادته ليفوز فريقه.. وياسر المحمدي الذي كاد ينسى كرة القدم من الجلوس على الدكّة تحوّل إلى طاقة حيوية يعتمد عليها الفريق في معظم المباريات.. وعبد الواحد السيد الذي كان يبتسم حينما يصاب مرماه بهدف أصبح أفضل حارس مرمى في الدوري المصري على الإطلاق بعد غياب الحضري.. كل هذا أتى مع تولي حسام حسن إدارة الفريق الفنية وما أتى معه من التزام خلقه في نفوس اللاعبين وحبّ للفريق.

كما أنه يختلف كثيراً عن قرناءه من المدربين أصحاب الخبرات أن جعل الفريق كله يلتف حوله.. فاللاعب الذي لا يأبه للفانلة البيضاء سيقتل نفسه في الملعب من أجل حسام حسن.

يمكن تطبيق هذا المثال في النجاح على أي من مجالات الحياة.. في العمل.. في السياسة.. وفي فعل الخير..

بالتأكيد لا يخلو حسام حسن من العيوب، وأبرز هذه العيوب أنك لا تضمن بعد غيابه ماذا سيحدث للفريق لأنك ترى فرداً واحداً هو السبب في كل شئ وهذه كارثة مصر في شتى الأمور.. ولكن تبقى تجربته ناجحة مميزة علينا الالتفات لها نستفيد مما هو خير فيها ونستفيد كذلك مما هو شرٌ فيها..

في النهاية الفكرة ليست في كرة القدم أو مجال بعينه.. ولكن الفكرة في حقيقة إرادة النجاح.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق