الأحد، أبريل 18، 2010

رؤية في كتاب - يوتوبيا


رواية يوتوبيا لأحمد خالد توفيق، الناشر ميريت.. تتحدث عن المستقبل المظلم الذي ينتظر البلاد ربما قريباً إذا ما سرنا على نفس الدرب وإذا ما سارت الحكومة على نفس الدرب من بيع للشعب حتى تصل للمرحلة التي تتخلى فيها تماماً عن الفقراء وتختفي الطبقة الوسطى من الشعب تماماً.


يتخيل الكاتب أن الوضع في مصر سيتحول إلى انعزال تام للأغنياء في مستعمرة يوتوبيا – في الساحل الشمالي – بحراسة المارينز الأمريكي وفي ظل انسجام مصري إسرائيلي على أعلى مستوى شعباً قبل الحكومة.. إذ يتبين على كلام أحد مواطنيها أنه لم يعد يتذكر لماذا حارب المصريون الإسرائيليين يوماً ما.. وتنتشر في يوتوبيا كل أنواع الملذات بشتى صورها وبمنتهى السهولة.. من المخدرات للزنا والهوى والرقص والمجون.. وتختفي الأخلاقيات فيها تماماً.. إلا أن أهلها من حين لآخر يذهبون للعمرة في الأراضي الحجازية لعلهم لا يفقدوا كل القيم التي كانت فيما مضى لديهم.


بينما بقية الشعب يعيش حالة مزرية من الفقر والجوع حتى أنهم يأكلون الكلاب.. ويموتون بالدرن والأمراض القذرة التي لا تجد لها علاجاً غير عند محتكري الدواء من أهل يوتوبيا.. ويذكر الكاتب الأحياء المعروفة حالياً شبرا وباب الشعرية وغيرها على أنها الآن هي مآوي الفقر والقذارة للأغيار.. أي الفقراء والمعدومين من غير أهل يوتوبيا..


ووصل الترف بأهل يوتوبيا ومللهم من الحياة المرفهة أن منهم من يريد اقتحام أراضي الأغيار ليصطاد واحداً منهم لعله يظفر بذراعاً له يعود بها مفاخراً لأهله في يوتوبيا.. فكل الملذات ذاقها لم يعد يتبقى سوى المخاطرة والاقتراب من الموت.. وعلى هذه الفكرة تقوم أحداث الرواية.. وهي تروى من منظورين.. منظور شاب يوتوبيا المرفّه "راسم" ومنظور "جابر" المثقف الفقير الذي أدى به الحال للعيش كما الكلاب كما تعيش هذه الطبقة المسحوقة.


الرواية تنذر بالمستقبل الوخيم الذي ينتظر البلاد إذا ما استمر اختفاء الطبقة الوسطى واستمرار بيع الحكومة للشعب وتخليها عنه.. حتى انعزل الأغنياء في مستعمراتهم خوفاً من الرعاع وهم على أتم استعداد للهرب في حال وقوع ثورة جياع كبرى وهو ما ليس بمتوقع.


الرواية كئيبة في مجملها خاصة بعدما تشعر أن كل القيم والأخلاق ستختفي بتدمير الاقتصاد واحتكار لوازم الحياة للأغنياء فقط.. وستحل الأخلاق الذميمة والسفالة في قلوب الطبقتين اللذين زاد التساع بينهما وبعد بسبب اختفاء الطبقة الوسطى من البلاد.


أرشّح لك قراءة الرواية ولكن أنصحك ألا تقرؤها وأنت في حالة نفسية منخفضة إذ أنها كفيلة أن تردي بك إلى الاكتئاب خاصة في أواخر فصولها.


أحمد خالد توفيق من الكتاب الذين صيتهم أقوى عند الشباب منه عند الكبار.. وله سلسلة ما وراء الطبيعة الناجحة التي طالما تابعها بشغف معجبوه.. ولكن يؤخذ عليه في هذه الرواية غلبة خلفيته الطبية في أحيان كثيرة منها في وصف المشاعر فيذكر أدق التفاصيل الطبية مثلاً كان يصف سيطرة فوقية يوتوبيا على "جابر" الفقير فيقول على لسان جابر: "هل سيطرت يوتوبيا على هرموناتك وغدتك النخامية وغدتك الكظرية ونسيجك الكهفي وجهازك السمبثاوي ؟؟!" فأرى أن هذا التفصيل مبالغٌ فيه جداً خاصة أن هذا وصف للمشاعر لا شأن له بهذه التفاصيل الطبية التي أراها عميقة.


وكذلك فإن تركيبة شخصية جابر غير مقنعة، نعم هي معقدة ولكن تصرفاته غير مبررة.. لعلك توافقني إذا ما قرأت الرواية..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق