الأحد، مايو 08، 2011

ولا مؤاخذة - حول كاميليا وإمبابة والمنهج الجديد


خــلاص!

أصبح جليٌّ وواضح ومنوّر مثل الشّمس أن أسلوب معالجة الاحتقان الطّائفي بصور الشيخ يقبل القسّ والأحضان.. وعاش الهلال مع الصّليب لا يجدي نفعاً.. وأظنّ أننا أصبحنا على يقين أن مثل هذه المعالجات.. هي أساساً ليست معالجات.. وإنما هي ضحك على الأنفس.. واستهزاء بعقول المصريّين.. وعلينا أن نعترف.. حقّ الاعتراف.. أننـــا نعيش حالة من الجهـــل المطـــبق.. وحالة من غياب العـــدل.. التي أدّت في الأساس لهذا الاحتقان الطّائفيّ.

أجزم أن غياب العدالة في الحكم في مثل هذه القضايا هو ما يزكّي الفتن الطّائفيّة ويشعلها.. فشعور أيّ منتسب لطائفة ما أنه لم يأخذ حقّه في عركة، خناقة، خطف، أو اعتداء.. حتماً سيعبّي لأجل.. فإذا ما غاب الأمن.. وغاب الوعي.. طفح ما كان يعبّيه في وجه الجميع غير مهتم بدولة ولا شعب ولا ناس.. وربما لا يعنيه رأي دينه في الأمر.

وأجزم.. بأنه ترك الدّولة الحبل على الغارب لمثيري الفتن.. يتحدّثوا وقتما وكيفما شاءوا.. على منابر المساجد أو في الكنائس.. هو جرمٌ أصيل في حقّ النّـــاس جميعاً.. وكلنا على دراية ويعلم جيداً أنّه من الطّرفين يوجد من يزكي ويشعلل الفتنة الطّائفيّة ولا يمسّ!!

علينا أن ننتهج منهج "حقّي وحقّك" لنخرج من هذه الحيرة.. ولننحّي العواطف جانباً.. بمعنى.. أنه إذا اعتدي على دار من دور العبادة.. فعلى وليّ الأمر الضّرب على أيدي المعتدي وبكلّ قوّة.. ليعيد للمعتدى عليه حقّه كاملاً.. وفي نفس الوقت.. إذا ما كان ردّ الفعل من المعتدى عليه خارج عن سياق القانون.. يعاقب هو كذلك.. أما التعاطف بداعي "الأقليّة".. أو "المظلومين".. أو غير ذلك.. فصدّقوني هذا ما يزكي الفتن ويشعللها..

الآن وقد خرجت كاميليا شحاتة على شاشة قناة فضائيّة قبطيّة تقول أنها لم تفكّر في الإسلام من قبل.. حسناً سنقبل كلامها.. ولكن إذا كانت كاميليا لم تفكّر في الإسلام طوال حياتها.. وأنها عاشت وستموت مسيحيّة.. هاتولي إذا من قال - وقت انفجار قضيّتها - أن كاميليا حدث لها غسيل مخّ.. وأنها في أحد الأديرة وليس من حقّ أحد معرفة مكانها.

هذا الرّجل إذا كان يتعمّد إشعال الفتنة الطّائفيّة بدون أيّ سبب أو مبرّر.. بمعنى.. أنه إذا كانت كاميليا لم تسلم من البداية.. بل ولم يطرأ على ذهنها فكرة أن تكون مسلمة كما ظهر على القناة.. فما الذي دفع الكاتدرائيّة وقتها أن تقول أنه غسل لكاميليا مخّها وأنها في طور غسيل غسيل المخّ.. لماذا لم تظهر من البداية.. وإذا كان الأمر كذلك.. لماذا لم تذهب كاميليا للنيابة للإدلاء بأقوالها حول القضيّة.. وترفض الكنسية استلام أمر النيابة..

إن معالجة القضايا بمثل هذا الأسلوب هو أمرٌ شائنٌ.. ويزكي الفتنة..

إنها معادلة بين احترام عقول الناس.. وفي نفس الوقت معالجة نفوسهم وعقولهم في شأن هذه القضايا من الدّين.. إننا نفتقد الدّعاة المعتدلين من الطّرفين الذين يتحدّثون في هذه الأمور بكل صدق وشفافيّة.. ويقبلهم النّاس..

قبل ذلك كان الحل عند الحكومة أن يصوّر المفتي وهو يقبّل البابا وأن يتبادل الإثنان الزّيارات في الأعياد.. وخلاص على كده.. والكل يعلم أن هذا بهدف "الشّو الإعلامي".. والكل يعلم أنه كذب.. والحكومة كانت تعلم أننا نعلم أنه كذب!!

ولا تقولوا أن الشّعب المصري مغفّل إذ أنه يصدّق الشّائعات والتي في الغالب تكون شرارة الفتن الطّائفيّة.. طبيعيّ جداً أن جسداً لم يتعافى من الجهل والفقر والأميّة أن يصدّق أيّ كذب في هذا الصّدد.. خاصّة أن العـــدل لا يطبّق..

والعدل يجب أن يطبّق على مرتكبي الاعتداءات الطّائفيّة.. وقبل ذلك.. يطبّق على من حرّضهم عليها..

الحديث عن سماحة الإسلام والمسيحيّة لن يلقى قبولاً عند أتباع الإسلام والمسيحيّة إلا إذا ارتبط ذلك بتحسّن في اقتصادهم.. ورأوا ذلك رأي العين في أئمّتهم.. شيوخهم وقساوستهم.

أناشد وليّ الأمر.. ألا يتهاون في عقاب من أشعل الفتنة الطّائفيّة.. وألا يقتصر دوره على معالجة حادثة بعينها.. وأن يتحلّى بالعدل غير ناظر لأي من الاعتبارات سوى تحقيق العدالة والعدالة فقط!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق