الأحد، يوليو 31، 2011

خـواطـــر حــول جُمُعـــة 29 يوليـــو


نزلت للتحرير في جمعة "الإرادة الشّعبيّة" والتي أصبح اسمها جمعة الإرادة الشعبية ولم الشمل ووحدة الصّف وخذ من عندي رأب الصّدع وبالمرّة المحاكمة والحساب والقصاص وإلى غير ذلك وكلُ على حسب هواه..

إلا أنه وكما اتضح.. فهي كانت من الآخر.. جمعة التيار الإسلامي وبمختلف أفكاره..

نزلت للتحرير وكان هدفي الأساس هو رفض الوثيقة التي فرّق بها المجلس العسكريّ أطياف الشّعب ثانية في مهارة يحسد عليها بعد أن نجح في تفريقه فكريّاً في فتنة استفتاء "نعم" و"لا".. والتي تبيّن لنا هذه الأيّام أن كل هذا لم يكن له أيّ لازمة..

أكاد أُجزم أن المجلس نفسه لا يؤيّد هذه الوثيقة الفوق بتنجانيّة، والتي بثّها لتفريق الشعب بعد أن اتّحد وأصبح مطلبه الأساس استكمال مطالب الثّورة.. إلا أنه رزع هذا الـ"مهموز" في بيان الفنجريّ ليعود الشعب فينفصل كما كان.

ولا أجد حرجاً أنه رغم كشف حيلة المجلس العسكريّ لتفريق الشعب، أن يتمسّك الناس برفض هذه الوثيقة وإعلان ذلك على الملأ.. والحقيقة في رأيي الشخصي أعتبر هذا أمراً توافقيّاً.. فإذا اخترنا كلنا أن ينتخب مجلس شعب أولاً ثم تكوّن من خلاله هيئة تأسيسيّة لوضع دستور فلا يصحّ الالتفاف على هذا القرار والإتيان بوثيقة هي فوق دستوريّة لا تعدّل ولا تلغى.. وهي حاكمة لمبادئ الدستور وسيضعها "نخبة" ليست أدرى بمصلحة الناس من الناس أنفسهم.. ولا هي وصيّة على قراره..

وكنت أتصوّر أنه سيتوحّد هذا المطلب في الميدان.. لأن هذا مطلب "شعبي" ومن هنا كان تسمية الجمعة بالإرادة الشعبيّة.

إلا أنني لاحظت عدداً من السلبيات، جعلني أغادر الميدان - ليس هذا نتيجة السلبيات فكنت حتماً سأغادره - وأنا حزين - وهذا نتيجة هذه السلبيات..

لاحظت رفع علم المملكة السعودية مرتين، مرة في يد أحد المتظاهرين.. وحينها أسِفت ولكني عزوت ذلك لجهل الرجل، فكدتَُ أجزم أنه ما رفعه إلا لـ "لا إله إلا الله - محمّد رسول الله"، فكان يمسك العلم متباهياًَ بها.. أما المرة الثانية فرأيت العلم مثبتاً على المنصّة الرئيسيّة للميدان.. وقتها حزنت كثيراً.. لإنه حتى وإن علقها جاهلٌ بالأمر فكان على قادة الميدان إزالتها.. لأن في تعليقها أذى كبيراً للتيار الإسلامي، وشبهات جمّة.. بالإضافة أن المقام لا يسع تعليق علم السّعوديّة.. كما أن النظام السعودي ليس هو مثال الحكم الإسلامي الرشيد المبتغى.. بل لا علاقة له به أساساً.. لا أتلمّس في السعوديّة خيراً إلا من أرضها وأهلها.. أما كنظام حكم.. فشأنه شأن كل دول الخليج..

غياب القادة عن الميدان كان سمةً أساسيّة أثّرت على الأحداث، فالمنصّات كثيرة.. وكلها يصيح نفس الصيحات.. كان من الأفضل توحيد المنصّات كلها في منصّة واحدة.. والتركيز على رفض الوثيقة المزعومة.. إلا أن الصيحات كلها كانت بين الهتاف الشهير للجماعة الإسلامية: إسلامية إسلامية لا شرقية ولا غربية.. وهتاف: الشعب يريد تطبيق شرع الله.

والحقّ أنه لا حساسيّة لديّ من هذه الشعارات ولكن ظننت أن الوقت ليس وقتها، كان على الجميع التركيز على مطالب الثورة، ورفض الوثيقة المزعومة.

بسبب عدم التركيز على هذه المطالب إلا على اللافتات، حوّل المجلس العسكري هذه الجمعة إلى جمعة تأييد له، فخرجت علينا أخبار اليوم بمانشيت: "ألف تحية للمشير من التحرير" وهو كذب وافتراء ولكن في نفس الوقت لم ينتقد الجمع المجلس العسكري نفسه في أيّ من تصرفاته بوضوح.. وهذا ما شجّع المجلس لتحويل الجمعة وكأنها مساندة له.

انقلبت الجمعة من جمعة مطلب موحّد إلى جمعة استعراض قوّة ظهر فيها وزن التيار الإسلامي على المستوى الشعبي، رأيت وفوداً يبدو عليهم الإرهاق من أثر السّفر.. كانت جمعة حاشدة فعلاً.. الحقّ أن هذا الحشد سيكون في منتهى الروعة إذا ما توحدت هذه الصفوف حول مطلب رفض الوثيقة واستكمال مطالب الثورة.

نسأل الله الخير والصّلاح للأمّة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق