السبت، مارس 24، 2012

في الثورة والرئاسة والألتراس والوقود والمخمضة اللي احنا فيها..


هذه الخاطرة هي فضفضة مع الذات وبالتالي من يقرأها عليه أن يتحمل عواقب ذلك..

هل نحن على اقتناع تام بأن الثورة المصرية.. ثورة فعلا؟

هل طبيعي أن تقوم ثورة، ثم تطالب من قامت ضدهم الثورة بتحقيق أهداف الثورة؟

الحقيقة قامت الثورة ضد جهاز الداخلية - في الأساس - لأنه كان ذراع حسني مبارك الأمنية في القهر وتزوير الانتخابات وكانوا يشكلون السبب الرئيسي في الضغط على الشعب المصري في حياتهم اليومية.. وبقيام المظاهرات تعاملت الشرطة بعنف مع المتظاهرين في مواضع عديدة إلى حد التصفية المباشرة.. والمتعمدة.. إذاً هي ثورة قامت.. ضد جهاز يجب أن يقتلع من جذوره.. إذاً فالثورة كانت تستعدي هذا النظام إذ واجهته وقبلت أن يستشهد منها أبناء أمام هذا العدو.. كيف إذا نطالب هذا العدو.. الذي قامت ضده الثورة.. هو نفسه.. أن يحاسب المتورطين في قتل المتظاهرين؟!! إذا كانت ثورة فعلاً.. فقياساً يمكن أن نقيس الأمر بشهداء المعركة الحربية.. هل سمعتم من قبل أن دولة ما طالبت دولة أخرى بعد أن حاربتها أن تحاسب جنودها الذين قتلوا أبنائها في الحرب؟!! الأمر لا يستقيم أبداً..

طب يعني نولع في الدنيا ونخربها؟!

الحقيقة.. أن الشعب لم يستجب لدوام الثورة طويلا.. وأراد أن ينهي الفكرة بدري بدري.. يعني ليس النظام وحده من قتل أو التف الثورة.. بل فعل ذلك لما رأى من الناس أن أرادوا أن تسير عجلة الحياة من جديد..

الغريب أنه كيف ننتظر من نفس النظام الذي قامت ضده الثورة أن يستجيب لطلباتنا بمحاسبة "نفسه"..

وكيف نتوقع من وزير خدم مع مبارك - الذي قامت ضده الثورة - طوال عشرين عاماً أن بكل سهولة يبيعه.. يحاسبه على ما فعل في حق شعبه طوال ثلاثين عاماً من القهر.. يعني هو كان فين..

هذه دولة يحكمها الجيش سياسة ويتحكم في نسبة كبيرة جداً من الاقتصاد المصري.. فإذا كان ثمة ثورة قامت.. فهي قامت ضد هذا النظام؟

طب والعمل.. الناس ركنت إلى الدولة.. وأرجوكم لا يأتيني أحدكم يقول أن الأغلبية معانا.. هي مش معانا.. لأن الجو العام لا يروقها.. وفينا يبدو.. أن الشعب المصري لا يطيق الثورات العارمة.. التي تجز كل شئ من جذوره.. لا حمل له على ذلك.. وفيما يبدو كذلك.. أن العصر الحالي.. بفيسبوكّه بتويتره بعولمته.. يسرع من مجريات الأحداث فتصبح في الواقع أسرع منا.. وأكثر سخونة مما نتخيل.. وأكثر تصاعداً.. وبالتالي من يتحكم بمجريات الأمور هو من بيده السلطة على الأغلبية وليس الثورجية.. في الغالب الآن يكون الثورجية في موضع رد الفعل وليس الفعل.. وهذا.. فيما أعرف.. لا يكون نمط الثورات الطبيعي.. فالثائر دوماً هو من معه المبادرة.. وده كان حاصل في البداية.. لما كان زخم البلاد كله معانا.. لكن الآن.. الأمر ليس كذلك..

ولكن في ثورات مثل جورجيا فرمتت الدنيا وجزت النظام؟ نعم، ولكن جورجيا ليست مصر!!!

يا إخوة مصر دولة ثقيلة جداً.. جداً يعني.. وفـ أطحن مكان في العالم.. اللي زي ما هو مكان جامد أوي.. ممكن يبقى مكان همّ أوي لو فضل هذا المكان تحت حكم من ضيّعه لعقود..

يعني الثورة اتأخرت كثيراً..

نعم..

نحن انتظرنا حتى قاربت الدنيا على الظلام المقيت.. يعني كنا منتظرين تولي جمال مبارك الحكم.. اللي هو أسوأ حاجة في التاريخ الإنساني ممكن تحصل تقريباً..

كان علينا القيام بهذه الثورة من عشر سنوات مثلاً..

ساعتها بقى كان النظام في عز جبروته..

ولم يكن الفيسبوك وتويتر موجوديْن..

يعني كان متوقع أن يسقط منا شهداء أكثر وربما لا نعلم عنهم شيئاً..

ولا أدري كيف كان سيُضغط على النظام السابق بالتخلي عن الحكم.. ففي هذا الوقت كان حسني مبارك هو العميل الأول لأمريكا في الشرق الأوسط وبحسب الوثائقيات - الأفلام والجو ده - كانت مصر مرتعاً للتعذيب وكانت تقوم بدور البوليس القذر لأمريكا.. والحرب على الإرهاب والكلام ده..

ولكن بالمناسبة ما حدث من وجهة نظري.. شئ ظريف برضه..

احتجاجات عارمة تجبر رئيس الجمهورية على التنحي وترك منصب الرئاسة وتحل الحزب الوطني الحاكم وتحل الدستور المرقّــع وتحل مجلس الشعب والشورى المزوّريْن وتضمن - إلى الآن - انتخابات بإشراف قضائي كامل يُتوسّم فيها النزاهة..

فعلى الأقل نحن فزنا بانتخابات نزيهة.. وفزنا كذلك بالقضاء على ملف التوريث..

وبالتالي فعلينا نحن أيها الإخوة.. أن نموت دون سلب أي من هذه المكتسبات.. على الأقل يجب أن نضمن انتخابات نزيهة لننتخب من نريده.. ليفعل لنا ما نريده من تطهير للنظم الموجودة..

أما الفرمتة.. فأراها بعيدة المنال الحقيقة..

طب هذا جانب..

هل نحن على قناعة أن الانتخابات الرئاسية القادمة.. انتخابات فعلاً.. عادي يعني؟

هل أنت مقتنع إن لو واحد زي حازم صلاح أبو إسماعيل كسب الانتخابات مثلاً.. وبالأرقام ممكن جداً.. عادي.. حازم صلاح سيكون الرئيس القادم.. مفيش مشاكل يعني.. والمجلس العسكري راضي تماماً زي الفل.. وأمريكا ستحترم رأي الشعب المصري مثلاً؟ الحقيقة هذا الأمر مش داخل دماغي تماماً.. بل أقول ولا حتى لو أبو الفتوح هو من فاز بالرئاسة.. لأنها شخصيات.. نحسبهم.. شخصيات ثورية.. المفترض منها أنها لن ترضى أن تكون "خيال مآتة"..

وفي نفس الوقت قرارات اللجنة الرئاسية لا يُطعن عليها بموجب الإعلان الدستوري..

وكذلك يقدم المجلس شخصية مثل منصور حسن رئيساً لمصر ويبدو أنه ماشي زي السكينة في الحلاوة..

وفي نفس الوقت - فيما يبدو - يلعب المجلس بفزاعة عمر سليمان - وكفى بها فزاعة - للنزول في انتخابات الرئاسة..

وأحمد شفيق يشاهد كل هذا ويقول: إيه؟!

وعمرو موسى موجود برضه مفيش مشاكل..

واللجنة الرئاسية أساسا مشكلة من لفيف من القضاة الشامخين الذين كلهم بالكامل عُيّنوا في عهد حسني مبارك.. وعلى كثير منهم شبهات ياما أعتقد أننا كلنا على علم بها..

فانتخابات الرئاسة القادمة كفيلة تماماً - فيما يبدو - بالنزول للشارع من جديد إن حادت عن الطريق المستقيم.. علماً بأن عوامل حيودها كثيرة جداً..

أو من الممكن أن تسير انتخابات الرئاسة بنزاهة زي الفل.. ويفوز من يفوز حتى لو فاز أبو إسماعيل مثلا.. ولكن يمارس على مصر ما مورس على حماس لما تولت الحكومة وضُغط عليها حتى انقُلب على "شرعيتها"..

والناس في مصر ستفيّص سريعا ولن تقف مع الرئيس المضغوط عليه.. مش مسألة عدم أصالة.. ولكن زمان غير دلوقتي.. فالمواطن المصري خُرّب بما يكفي لعقود جعلته يفضل الماديّة عن أن يكون أبيّــاً والكلام ده..

وبالتالي فسيكون شعار المرحلة وقتئذ: حرام عليكو خربتوا البلد..

هل أحياناً تشعر بأن المجلس يستفز الناس للنزول للشارع؟

الحقيقة الأمر لا يحتاج لإحساس.. لأن المشير بنفسه حثّ الشعب المصري على النزول.. والاشتباك مع العناصر المندسة.. فصباح الفل.. كذلك لا يتحرك ساكن من المجلس في قضية ما إلا إذالا نزل أنصار هذه القضية للشارع.. يعني أول ما نوى الألتراس النزول للشارع قام النائب العام بتحويل المتهمين في أحداث بورسعيد للنيابة والمحاكمة.. وكذلك تعمد إصدار قرارات العقوبات على النادي المصري بنزول دوري المظاليم.. فيولّع جماهير المصري ويقطعوا الطرق.. وهذا النمط في التعامل - في رأيي - الهدف منه الفوضى.. وأن يكره الناس الثورة والثوار ع اللي ثاروا في يوم واحد وأن يتمنوا أيام حسني يا حسني.. أو على الأقل من يضمنوا أنه "بيوجع" كعمر سليمان.. تخيل أما ناس تتمنى أن يأتي عمر سليمان لسدة الحكم.. شوف بقى الثورة كُرهت إزاي؟

طب والوقود؟

إيه؟!

آه..

هو طبعاً الوقود قد يندرج تحت قصة "ولا يوم من أيامك يا مبارك" لكن أعتقد في مسالة الوقود بالذات الأمر قد يتعلق بأمور أعمق شوية..

صحيح أزمات الوقود حصلت بتاع ست سبع مرات من بعد الثورة، لكن يمكن أن نفسر ذلك أن قبضة الداخلية على تهريب الوقود تراخت تماماً.. حتى أن تهريبه أصبح مسألة عادية مفيش مشاكل.. وسوق سودا يستفيد منها أباطرة.. والوزارة مرخّيّة برضه..

لكن في الأزمة الأخيرة بالذات.. تتزامن مع أزمة في الوقود لقطاع غزة.. وتأتي مصر العظيمة لتعلن استئناف ضخ الوقود لقطاع غزة.. واحنا مش لاقيين اللضا.. ليه بقى؟ّ!.. عشان نقول كده.. في حين الوقود المرسل لقطاع غزة ده مدفوع ثمنه أساساً.. وبالسعر العالمي.. في حين إنه في غاز طبيعي زي اللوز بيروح للكيان الصهيوني برخص التراب.. غير أن الملثم يكون له رأي آخر أحياناً.. وهذا ليستمر مسلسل انفصال قطاع غزة عن مصر ولكن بدلاً من أن يكون على المستوى السياسي فقط يكون كذلك على المستوى الشعبي علشان يخلص النظام في مصر من زنّ قطاع غزة بقى والكلام ده! أو حسب الوثيقة الأخيرة التي نشرتها اليوم السابع أن يكون هذا مخطط ليقلب الشارع الغزاوي على حماس في غزة ولإظهار أن نظام الحكم في حماس هو السبب في ضيق عيشة أهل غزة.. الخبر اتشال من ع الموقع تقريباً.. ما علينا..

وهنا دعنا نتخيل نظاماً يستحل أن يحرم أبناءه من الوقود - اللي رايح يتعالج وعربيات الإسعاف واللي وراه امتحان - إما تراخياً أو تآمراً.. عامةً.. حسبنا الله ونعم الوكيل في اللي كان السبب أياً كان..

تجد أن النظام في الفترة السابقة.. من كام شهر كده.. لا.. ده من استفتاء مارس حتى.. يلعب بنا ويطبق فينا كل ما تعلمه من فنون التحكم في الشعوب.. ولا أستبعد استعانته باستشاريين دوليين في هذا الأمر.. فأصبح النظام يتعامل معنا كفئران تجارب.. مش مثلاً حتى فئران تجارب في معمل عليه القيمة.. لا.. في معمل صحّــي.. فـ قلب الكنيف ذاته..


هناك تعليقان (2):

  1. كلام جميل لكن تزور انتخابات الرياسة ليس بالسهوله اللي إنت متخيلها. يمكنهم تزوير في حدود 5-10% لكن أكثر من كده صعب. أما لو جه عبدالمنعم أو حازم، الحقيقة المجلس العسكري وامريكا مش حيديقوا نهائي. لأن لعبتهم مش في شخصية الريس هذه لعبه ساذجة. لعبتهم في الدستور وعدم وجود أي سيطرة لاحد على الجيش. الرئيس مش مهم لأنه سيكون بلا صلاحيات أصلا، ومن يقرأ الوضع في باكستان يتعلم الكثير
    أحمد حلمي

    ردحذف
  2. شكراً على التعليق..

    ولكن شخصية كحازم أو أبو الفتوح لن ترضى بفكرة خيال المآتة هذه.. أعتقد أن هذا سيشكّل أزمة سياسية في البلاد.. لو نوقش الدستور بعد تولي رئيس الجمهورية مهامُه.. سيتدخل الرئيس المنتخب فيه ففي النهاية هو من سيدعو للاستفتاء على الدستور ببساطة لن يدعو الشعب المصري للاستفتاء عليه..

    ما يغيظ هو أننا مضطرين للانتظار الأيام القادمة لمعرفة ما سيجري وهو في حد ذاته أمر مستفز..

    ردحذف