الجمعة، أغسطس 10، 2012

ع الحدود..



أمكث هنا منذ زمن بعيد..

أحرس الحدود الشرقية للبلاد أو هكذا يقولون،

واقع الأمر أني أجلس ببندقية هزيلة أمام سلك شائك أشاهد من خلاله رفرفة العلم الإسرائيلي على الناحية الأخرى..

أنا هنا منذ وقت بعيد، لا أفعل شيئًا غير أني أقف أمام السلك الشائك، أتابع إذا ما تسلل أحدٌ من جانبنا لإسرائيل لأبلغ القائد فينظر ما العمل، إما ضرب بالرصاص أو "نفض"..

واقع الأمر أني اكتشفت بعد فترة من الزمن أني أحمي الجانب الآخر من الكائنات المتسللة أكثر ما أحمي بلادي من تسللاتهم هم..

ولكن في الحقيقة لا تجد من قبيلهم تسللات.. هم لا يتسللون إلى الحدود ليدخلوا مصر، إن أرادوا دخولًا فقط عبروا من طابا، وبأيْسر التسهيلات..

شهدت طلعات جوية كثيفة من طيرانهم الرهيب، تلك الطلعات كانت تضرب بيوت العرب على الجانب الآخر، وزلزلت البيوت هنا على الجانب الذي أقف فيه حتى صُدّعت بعضُها..

قليلًا ما كنت أرى صواريخ نارية تطلع من جانب بيوت العرب على الأراضي التي احتلتها إسرائيل..

رأيت مشاهد عديدة وأشعر أني عاجز عن المشاركة فيها، بل عاجز عن المتابعة الحقيقة..

لا أملك إلا أن إذا ما لمحت متسللًا من عندنا اتخذت معه موقف بكل حزم، ومسموح لي بالتجاوز في هذه الحالة، أما في العكس فالأمر فيه قَوَلان..

أقف مكان سليْمان خاطر وأتذكر فعلته الوطنية، أذكر سليمان لما قام بأداء الواجب الوطني وقتل المتسللين الإسرائيليين إلى حدودنا بعد أن أنذرهم ثلاث مرات حسب التعليمات.. سليمان لم يكن يتصور بأي حال من الأحوال أن يُسجن..

حتى بعد أن سُجن، كان يظن أنها تمثيلية، وأنه لا يمكن أن تجور عليه مصر فتحبسه 25 عامًا لأدائه الواجب، وطن أنه حتمًا سيخرج.. حتى قتلوه في سجنه..!

أقف مكانه وهو في مخيّلتي.. أحتسبه عند الله من الشهداء، سليمان..

ولكن يا ليته كان حاضرًا في مثل هذا اليوم ليرى ما صارت إليه الأحوال.. بشجاعة سليمان التي عهدناها هذه لعله اقتحم الحدود وفدى بنفسه نساء وأطفال وشيوخ فلسطين..

لعلك غاضب مني يا سليمان، ولكني لا أملك غير تنفيذ الأوامر..

نقف بعتاد هزيل، فالمنطقة التي نخدم عليها لا تعتبرها القاهرة -  فيما يبدو - نقطة حيوية، توفر القاهرة عتادها وذخيرتها الحقيقية لأماكن تجمع الأغنياء ورأس المال وأصحاب المناصب.. أما نحن فلا دية لنا فيما يبدو..

لا أدري إن هجم علينا أحدهم الآن ما العمل؟

لا يمكنني الجري والهروب، لم أتربّى على ذلك..

وحتى لا أملك سبيل الهرب المنجي بحق..

بل في أغلب الأحوال.. سأسقط صريعًا..

أسقط صريعًا لا ضيْر.. ولكني أسأل الله أن تكون شهادة..

هناك تعليق واحد:

  1. هناك طبقة في مصر لطالما بذلت الغالي لكي يتم تجنيد ابنائها في المدينة، ثم تتباكى اليوم على القتلى اللي ما لقيوش واسطة واتحدفوا على الحدود .. هذه الطبقة هي نفسها التي كانت على علم لسنين طويلة ان الكهرباء لا تصل لنصف الصعيد ولم تتباكى الا عندما انقطعت الكهرباء عن بيوتهم ..:((

    ردحذف