الأربعاء، أكتوبر 10، 2012

مرسي والبرنامج والثورة..



منذ تولي مرسي الحكم وخاصًة بعدما تشكّلت الحكومة وعلى الرغم أن هذه الحكومة ليست هي الأفضل على الإطلاق، وعلى الرغم أن المنهج الذي تمضي به الحكومة غير واضح المعالم نوعًا ما.. إلا أن السمة الأساسية أنهم "جايْبين آخرهم" شُغل.

أعني بذلك أنه لا يمكن اتهام مرسي أو قنديل بالأنتخة في العمل، ولكن يمكن اللوم على كثير من النواحي الأخرى وهي على سبيل المثال لا الحصر:

- أن العمل فيما يبدو لا يسير على نقاط مخطط لها وإنما كلما سنحت فرصة للإصلاح قاموا بها.

- أن الرئيس والحكومة المنتخبة لم تتخذ من تطهير المؤسسات بشكل ثوري منهجًا لها، خاصًة تلك المؤسسات الحساسة كالقوات المسلحة والشرطة.. نعم، ليس من الطبيعي أن تجد مؤسسة ملائكية، ولكن في نفس الوقت من غير المنطقي أن تُترك مؤسسات على نفس هيئتها وهيكلتها هكذا دون تقويم بعد أن خدمت نظامًا قمعيًا لمدة ثلاثين عامًا وأكثر، ما كانت إلا أداة للحفاظ على شكل جمهورية مبارك.. كيف يتضجر البعض من ضغط الناس على الرئيس مرسي أن يبدأ فعليًا في التطهير الحقيقي لهذه المؤسسات.. حل المجلس العسكري أمر محمود ولكنه في النهاية لا يضمن عدم تكرار المشهد.. وعلى الرئيس مرسي ومن يؤيده أن يعذر الشعب الذي عانى الفقر والاضطهاد والظلم وعاش مشروعات التوريث المتتالية عقودًا وراء عقود في أن يعلن هذا الشعب ضجره وخنقته أنه لا يرى شيئًا حقيقيًا في الجذور يتغير.. انتخب الناس مرسي - بأغلبية طفيفة - على مرشح منسوب للنظام القديم خوفًا من العودة لغياهب النظام القديم ثانية وخوفًا من أن يمضي الحال كما هو عليه دون تغيير.. وبالتالي يجب على القيادة الحالية أن تعمل لتحقيق أهداف التغيير الحقيقية التي يشعر بها الناس.

- تعلية سقف طموحات الشعب المصري من خلال خطة المئة يوم التي لم يجبر أحدٌ الرئيس مرسي عليها.. ووعود بتنظيم المرور وضبط الخبز والنظافة و.. و.. ومجالات تحتاج لفترة رئاسية كاملة إن لم يكن أكثر كي تتحقق.. وليّ الحقائق أن الرجل لم يقصد الحل التام لهذه المشاكل وبالتالي علينا ألا نستهلكه وأن نتركه يعمل أنى شاء وعلينا أن ننتظر النتيجة بعد الأربع سنوات هذا خطأ كبير.. إذا كان الرئيس مرسي أخطأ في الحساب فعليه الاعتراف بذلك، لا أن يدّعي أرقامًا غريبة لا يشعر بها المواطن المصري تمامًا.. كنسبة تحسن المرور مثلًا، الحقيقة أن المرور يتكدّس يومًا بعد يوم وهذا لأن القضية ليست قضية ضباط وعساكر وأمناء شرطة.. تنظيم المرور في البلاد يحتاج إعادة هندسة للطرق من جديد ونظرة غير تقليدية تمامًا للقاهرة.. كان أحرى بالرئيس مرسي ألا يعِد بما هو غير مستطاع، وأحرى به كذلك الاعتراف بهذا الخطأ، لا بأس تمامًا..

- خطاب الاستاد أحد أخطاء مرسي بعد تولي الحكم، الحقيقة أن الخطاب مساوئه أكبر من محاسنه بكثير.. حشد الاستاد بأنصار الرئيس مرسي جعله يشعر أنه يلقي حديث الثلاثاء في إحدى أيام الإخوان الخوالي، مما يفتح مواضيع لا داعي لها تمامًا واتهامات لا معنى لها تمامًا كسخريته المتمثلة في: لا دول ميعرفوش صلاة فجر دول!

الحقيقة أني أرى هذه الكلمة مصيبة كبيرة، فما أدراك بالرجل إن كان يصلي الفجر أم لا، وما الذي فعله الرجل إذ أشار أن صلاة جمعتك تكلف الدولة الملايين، إن كان مخطئًا في التقدير فعرّفه هذا الخطأ دون الإشارة لصفة صلاته أو إذا كان يعرف صلاة الفجر أم لا.. خاصًة أنك بنفسك أكدت في خطابك أنه بالنسبة لك إذا كان المواطن يدفع الضرائب إذًا هو مواطن صالح، لم تشِر وقتها لدينه أو لصلاته.. لعل التعبير خان الرجل ولكن أحرى برئيس الجمهورية ألا يكون عفويًا لهذه الدرجة وأنه إذا كان حشد الإخوان له تهليلًا وتكبيرًا سيصيبه بتلك العفوية البالغة فلمصلحة مرسي أرى ألا يُحشد له بهذه الطريقة مرًة ثانية.

أما بخصوص أحكام القضاء والتي صُعقنا بها اليوم من تبرئة تامة لكل المتهمين بأحداث موقعة الجمل فالحقيقة - ولا أقول ذلك ناسبًا لي حكمة عقلية عبقرية مثلًا لا سمح الله - ولكن ألم تتوقعوا ذلك؟ حتمًا كنتم تعلمون أن قضية موقعة الجمل هذه ستصير فشنكًا، ولكم العبرة في ما قبلها من قضايا قتل المتظاهرين.

المشكلة أننا نحتكم لنفس النظام الذي ثار عليه الشعب ونطلب منه أن يحكم لنا بـ "ثورية".. كيف هذا؟! هل سقطت كل قوانين مبارك التي كانت تُفصّل على مقاسه لنتحاكم إلى قوانين عادلة تؤتي لنا أحد ثمار الثورة وهو العدل!

كل شئ كما هو، وأول ما ثبت ولم يتغير - مع احترامي - هو الشعب نفسه - وأنا منه بالتأكيد - الذي قتلت فيه المادية كل ما كان جميلًا وصار كل فرد فيه يفكر في نفسه وفقط، إلا من رحم ربّي..

الأمر يحتاج المزيد من الكفاح والصبر.. وعدم استعجال النتائج.. فإنما النصر صبر ساعة..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق