الأحد، مارس 03، 2013

الشارع اللي ورا بيتي

الشارع خلف بيتي اتجاه واحد، وكان لذلك أثره في ازدياد ضغطي وحرقة دمي كل آخر نهار وأنا عائد لبيتي، لأني بالقطع سأُشاكل القادم بالاتجاه العكسي، خاصًة أن الشارع لا يحتمل سيارتيْن تسيران عكس بعضهما، وخاصًة وأن اللافتة واضحة وضوح الشمس على طرفيْ الشارع، والإشارات على طول الشارع بالاتجاه الإجباري للسير.. ولأنني حتمًا ولابد أمُر من الشارع لأدخل لجراج العمارة فللأسف عليّ أن أواجه استنصاح وفهلوة و"جليطة" الكثير من أبناء الشعب المصري كل يوم!

ومن ذلك أن يكبس القادم عكسيًا عليّ حتى يضعني في الأمر الواقع، وإنه لو أريد أن تسيرَ الأمور عليّ أن أرجع أنا له ليستكمل طريقَه هو، على الرغم من أنه هو المخطئ، وعلى الرغم من أني كل يوم أُصرّ على لفة مالهاش أي معنى فقط لكي أدخل الطريق بالاتجاه الصحيح، ومن هنا، أعند أنا في الحق، وأنتظر حتى يأتي ورائي من يعضدني، فنصبح كلتة في الاتجاه الصحيح versus not against كتلة في الاتجاه الخطأ، ومع تمسكنا بالمضي قُدُمًا، يعند الطرف الآخر معللًا أنه "نساعد بعضينا"، "والناس كلها بتمشي عكسي"، ووقتئذ يكون الرد الطبيعي: "أنا بقى مبمشيش عكسي".

المشكلة أن الأمر يتكرر كل يوم، ويتجلى عند موعد عودتي للبيت الذي يوافق موعد خروج الموظفين بالشركات المجاورة لبيتي من أشغالهم، وهنا يكون الصدام في ذروته، وحرقة الدم وعلو الضغط على آخر المؤشر، بعدها لا يمكن توقع العواقب، سلبًا أو إيجابًا.

ومع تكرار الأمر كل يوم، وتكرار مشاهد Mortal Kombat هذه، لا يتغير الأمر من يوم إلى آخر، خاصًة أن الدولة اكتفت بوضع اللافتات وفقط، تاركة أمر الالتزام بها لولاء وانتماء أبناء الشعب المصري العظيم، وعلى الرغم من أن هذا الشارع ملاصق للحرس الجمهوري، والشرطة العسكري على أول الشارع، إلا أنه هنا وفي هذا الموقف تحديدًا، فضّلت الدولة ألا يُقحم العسكر في حل مشاكلها المدنية، تاركًة الأمر للمدنيين من أبناء الشعب المصري العظيم اللي بيتصور مع العسكري وهو بيديلُه بوسة.

ما علينا..

وبالتالي، من آثار ذلك، أني كل يوم أرجع للبيت محروق دمي، حقيقًَة يتطور الأمر معي إلى أني لا أريد حديثًا لفترة مُعتبرة، 

وما ذنب النباتات إذًا؟!

ما ذنب البُنيّة والبنت أن أبناء من الشعب المصري هم غير مسئولين في تصرفاتهم فيأتون الطريق عكسيًا غير مبالين بنظام وُضع نظريًا؟

ما ذنب البُنيّة والبنت أن يتحملا مسئولية الدولة التي وثقت في شعبها أكثر من اللازم في مواطن عدة منها هذا الموقف؟ ما ذنب النباتات إذا ما قررت أجهزة الدولة المسئولة أن تكون بصفتها في مواقع قيادية، غير مسئولة؟!

وبما أن الأمر تعدى حيز نفسيتي وضغطي لينتقل إلى أهل بيتي، فكان عليّ أن أتسق مع الوضع الحالي قليلًا، وأن أجد حلًا يجعلني أرى مثل هذه التصرفات فلا يعلو ضغطي ولا ينفعل جهازي العصبي.. فقررت: أتنَّح!

والتناحة لا تعني أني سأتساهل لمن يأتي عكسيًا بالطريق، وإنما في كل مرة سأتخيل أن دُشًا باردًا انهمر على رأسي، وأني أسبح في الثلوج في قمة الاستمتاع، فقط في انتظار العودة للبيت الجميل..

ولكن الخوف كل خوف، أن أزداد في حالة الاتساق مع الوضع الحالي فأعتاد الخطأ حيثما كان، كافِ خيري شرّي، غير مبالِ بما يحدث..

والخوف أكبر أن يزداد إحساسي باللامبالاة لتصل للبلادة، فلعلي شخصيًا أقطع الطريق عكسيًا لما اعتدت أن أرى الخطأ غير مُقوم، فزللت فيه..

هي تلك الشعرة التي لا أجد لها حدًا واضحًا..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق