الاثنين، سبتمبر 02، 2013

وبكرة تشوفوا مصر..

ها هو قد شارف أواخر السبعينيات من عمرِه، هذا الذي كان في العشرينيات وقت ثورات الربيع العربي والأحداث الجِسام، يجلس مستقبلًا البحرَ وقت المصيف، بجانبه التِرمس واللب والسوداني وتشكيلة من مختلف المسليات، بالإضافة إلى زجاجة سفن أب.

يرن جهاز Smart CC الخاص به "بوري بوري، بوري بوري"..

يقول في نفسه: "يــاه، ده الواد حسين، الـ*** ده مش ناوي ييجي بقى"، ويرد على الهاتف:

- إزيك يلا!
- إيزيك يابني.
- إيه يابا، إنجلترا خلاص بالحلاوة دي؟
- يابني مانشستر يابني..
- طب تعالى تِف ع البلد وارجع طيب.
- مانا جاي أنا جاي.. أنا.
- يا إبني انت ليه مش عايز تعترف بقى؟!
- مصر يابني..
- آه..
*ضحك هستيري*
- إزي عيالك وأحفادك يا عم انت؟
- أهو، بصيف مع الواد زياد..
- إزاي العياللللللللل؟
- والله العظيم تسافر ولا تتنيل زي مانتا!
- قشطة، أنا هبقى أنزل مصر كده على 27 سبتمبر..
- طب ابقى لاغيني بقى..
- قشطة، هانزلك أنا والمدام بقى..
- حابيب قلبي!

"تريك"..

يقول في نفسه: "سبحان الله يا أخي، الواد ده.. هممم، ماشي".

يأتيه ابنه زياد ليجلس معه ساعة على البحر، فيرحب به:

- يا هلا يا هلا،
- أبابا :)
- صحيح الواد اسمه إيه ده فين دلوقت؟
- مالك يابابا وبيمتحن :)
- بيمتحن؟ وسايبه جاي هنا..؟ مش كنتو تيجو أما يخلص امتحانات؟
- ما قشطة يخلص هو ويبقى ييجي مع نفسه وأنا أضيع أجازتي ليه؟!
- آه صحيح.. (صمت).. وهو بيمتحن إيه النهاردة؟
- تاريخ.
- هوبا!
- إيه؟
- لا أبدًا، أصل التاريخ ده حكاية تملي لما بتبقى في مناهج الحكومة بتبقى ماسخة ومالهاش علاقة بالواقع.
- مناهج إيه يا حاج؟! دلوقتي بيطلبوا من الولد يعمل Thesis عن الحقبة التاريخية اللي المفروض يدرسها وبيناقشوها معاه، ولو عرف يقنعهم باللي عمله ينجح معرفش مياخدش الدرجة.
- لا يا راجل؟
- زي ما بقول لك كده..
- يعني مفيش مناهج؟ ده إيه السبهللة دي!
- أصلهم لقوا إنه كده كده مناهج التاريخ بيتحلق لها فقالوا الولاد نفسهم كأنهم هم اللي بيكتبوا التاريخ..
- طب والعيال بقى بيجيبوا التاريخ منين؟
- سيرش..
- سيرش آه، جوجل برضو؟
- لأ جوجل مبقاش إنجِن للبحوث العلمية عشان بقى ملهلط وبيعرض أي هبل في الجبل، دلوقتي بقى فيه حاجات موسوعية متخصصة ولها اشتراكات بالدولار.
- وهو مشترك فيها بالدولار؟
- آه.
- إيه؟!
- وفيها إيه؟
- لأ مفيهاش حاجة بس أصلك مش حرامي يعني..
- بالدولار يا حاج بس أسعار رمزية يعني..
- همممم.. ماشي..
(صمت)
"تليفون زياد يرن، روك روك.. روك روك"
زياد يقول متوجسًا:
- أهو خلص أهو؟
- هو إيه بالضبط؟
- مالط خلص الامتحان، ما الأبليكيشن ع الـCC اللي معايا باعتلي ريبورت بيقول لي إنه خلص، أما أخش أشوف عمل إيه؟
- فعلًا؟
- الحمد لله الواد نجح أهو :)
- عرفت منين؟ هو انت عندك الرسالة اللي كتبها واتناقش فيها؟
- لو ع الرسالة ممكن أجيبها، بس أنا عرفت إنه نجح من الـ report اللي بعتهولي الـ app، بس أخش لحضرتك أشوف..
- يقول في نفسه: "تخش فين يا عم انت؟"
- أهو، دي الـ Thesis اللي قدمها، وتعليقهم عليها إنه بحث متميز، ولكن لم فيه قصور بخصوص حُقب زمنية معينة من تاريخ مصر.
- تقدر تعرف أنهي حُقب اللي خفق فيها؟
- آه، ما هم كاتبين: مكنش بحثه كويس بخصوص: فترة ثورات الشعب المصري ضد الاستبداد..
- ما لازم ميعرفش يتنيل يكتب كويس عنهم دي كانت فترة بنت ستين كلب!
- ليه يا بابا؟! ده دي اللي شكلت تاريخ مصر.. يعني مصر قبل 25 يناير، غير مصر بعد 25 يناير..
- وحياتومك انت كمان؟!!! بقول لك إيه؟؟؟!!!! بقول لك إيه؟!!!! أنا مش ناقصك استظراف انت كمان!!!
- فيه إيه بس؟! هي مش مصر قبل ثورة 25 يناير كان يحكمها محمد حسني مبارك اللي عصره اتسم في أواخره بالفساد المالي والإداري، فالشعب المصري طلع عليه في 25 يناير 2011، فانشال في فبراير 2011 بعد ما الجيش اتدخل وحمى الثورة؟
- آه يا قلبي!
- سلامة قلبك يابابا، وبعدين اتعملت انتخابات برلمان ورئاسة، وفاز في الرئاسة مرشح الإخوان اللي قعد يأخون في الدولة فثار عليه الشعب في 30 يونيو فاتشال بعد تدخل الجيش اللي حمى البلد من تآمراته الخارجية ومن جماعته الإرهابية..
- في نفسِه: "ابني أنا اللي بيقول الكلام ده؟!!!"، ثم يهِب فيه:
- بقول لك إيه؟! ممكن تجيبلي هو قال إيه في الرسالة بتاعته بخصوص الكلام ده؟
- حاضر، ثواني وأشوف لحضرتك.. هممم.. ثورة عرابي، ثورة يوليو، همممم.. ثورة 25 يناير.. بيقوللك بقى..
- هات أقرأ أنا،
"ولما كان الحال في غاية البؤس على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ولما كانت كرامة الإنسان المصري لا قيمة لها كما ذكرنا سالفًا، ظهرت دعوات للخروج على الرئيس المصري محمد حسني مبارك، واختير ميعاد 25 يناير لأنه يوم عيد الشرطة التي كانت أداة البطش للرئيس السابق، وبالفعل خرجت أعداد مهولة، ولم يكن لها قائد - حينئذ - ثم تبع ذلك خروجٌ أكبر يوم 28 يناير فيما سُميَ وقتها بجمعة الغضب، فلم يكن أمام الشرطة وقتها غير الضرب في مقتل وبالفعل استُشهِدَ المئات من الشعب المصري العظيم إلا أنه تبع ذلك أعمال حرائق لأقسام الشرطة وكثُرَ السلب والنهب وغابت الشرطة في مشهدٍ غريب لم يألفه الشعب المصري. بعدها تدخل الجيش فأزاح مبارك عُنوةً من منصب الرئاسة وحل البرلمان المُزَوَّر وعطَّل العمل بدستور 71 وكل تعديلاتِه. 
...
...
فكان الاستفتاء الذي فتأ الشعب المصري نصفيْن، وشحذ كل طرف هممه لشيْطنة الطرف الآخر بما فيه وما ليس فيه وذلك بحسب ما اطلعت على وثائق القنوات الفضائية وقتها ومانشيتات جرائد الأحزاب،
...
...
...
ففاز محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين على نظيرِه الدكتور أحمد شفيق المحسوب على نظام حسني مبارك، ومنذ ذلك الوقت وعاش الشعب المصري فترةً عصيبةً ما بين ضيقِ العيش الاقتصادي وتردي الخطاب الديني وحصرِه في أمور حماسية، وما بين خطاب إعلامي في غاية الرُخص ما بين الطرفين،
...
...
...
... واستجابةً للوضعِ في الشارع، قام الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع بانقلابٍ عسكريٍ أزاح فيه الرئيس المنتخب محمد مرسي وعطَّل الدستور المُستفتى عليه..
...
...
يختلط هنا الأمر كثيرًا بين جهات الدولة الرسمية التي أكدت وجود السلاح المكثف باعتصامات رابعة العدوية والنهضة، وبين أنه بعد الفض لم يتم اكتشاف هذه الأسلحة الغزارة التي كانوا يسوقون لها قبل عملية الفض التي قُتِلَ فيها أكثر من ألف مصري على أقل تقدير، وكما وصفت منظمات حقوق الإنسان العالمية وقتها أنه استُخدمت قوة مُفرِطة قاتلة Excessive Lethal Force في الفضّ.
...
...
...
بالاطلاع على مصادر المعلومات المتاحة، يتبين لنا أن أهداف الثورة التي قامت في25 يناير 2011 قُضيَ عليها بالكامل في 3 يوليو 2013 ببيان عبد الفتاح السيسي الذي أزاح فيه مرسي عن السلطة، ليس لأن مرسي كان رمزًا للثورة، ولكن لأنه بإزاحة مرسي عن الحكم تم إجهاض إرادة الشعب المصري في كل الاستحقاقات التي أدلى فيها بصوتِه. ومن هنا، انتكست إرادة الشعب المصري وتيقَّن أن البلاد ليست له.

وقد شهدت مصر تبايُنًا في مواقفها الخارجية تجاه قضايا سوريا و..
.."

هناك تعليقان (2):

  1. مقال جميل

    ردحذف
  2. ممكن باختصار - غير مُخلّ على فكرة - يكتب : كانت الأحداث بين الخامس و العشرين من يناير إلى الثلاثين من أغسطس حافلةً بالمساخر التي لا يمكن أن تُذكر في كُتب التاريخ ، و إلا ظنّ القارئ بكابتها ذهاب العقل، فعلى سبيل المثال لا الحصر:
    قامت السلطات المصرية بالتحقيق مع حمامة ،و بطة ، و سمكة قرش.
    كيلو البطاطس في عهد السيسي كان سعره دولاراً كاملاً ، بينما كان سعر المانجو في عهد مرسي نصف دولار، علماً بأن أهم أسباب الخروج على مرسي كانت الوضع الاقتصادي الذي وُصف آنذاك بالمتردي.
    قامت الثورة على مرسي بسبب مشكلات الوقود و الكهرباء و الأمن ، و كان الوزراء الثلاثة القائمون على هذه المهام هم وحدهم الباقون في التشكيل الحكومي بعد الثورة!
    لجنة الدستور الذي كُتب في عهد الرئيس مرسي المنتخبة من الشعب على مرحلتين وُصفت بأنها لا تمثل طوائف الشعب ! ،بينما لجنة العشرة المسؤولة عن كتابة دستور ثورة 30 يونيو لا يعلم أحدٌ (حتى جوجل نفسه) عنها شيئاً.
    الفتاة صاحبة قضية كشف العذرية (سميرة إبراهيم) التي اتهمت اللواء (آنذاك) عبد الفتاح السيسي بالمسؤولية المباشرة عن جريمة هتك عرضها، و اعترف هو نفسه بالجريمة، كانت من أشد المؤيدين له و لقيادته للبلاد!
    تمت محاكمة الرئيس مرسي بالمسؤولية عن مقتل مجموعة من الشباب حول القصر ، علماً بأن عددهم عشرة ، تسعة منهم إخوان!
    البلتاجي متهم بقتل متظاهرين ، كان هو نفسه منهم.
    صفحة كلنا خالد سعيد التي كانت وسيلة الحشد الرئيسية لثورة 25 يناير تم ضرب مسؤوليها في ثورة 30 يونيو ، و مع ذلك بقوا مؤيدين لها حتى الثالث من يوليو ، ثم اختفوا تماماً، و اختفت معهم ثوريتهم ، بل اختفت كذلك قضية خالد سعيد ، و أصبحت أمه تُضرب في المحكمة !
    أحد التُهم الإعلامية الموجهة للإخوان هي التسبب في إسقاط الأندلس. لعل المقصود هنا كان هو كباريه الأندلس ، الكائن بشارع الهرم ، بجوار "مسرح الزعيم".
    كل الشباب الذين اتهموا الإخوان بخيانتهم في مواجهة العسكر في "محمد محمود" علماً بأن خيانة الإخوان اقتصرت على الامتناع عن المشاركة، قاموا هم أنفسهم بالتواطؤ مع العسكر!

    و عند هذا الحد ، انفعل كاتب التاريخ على من يقوم بإملائه قائلاً : يلا من هنا يا بن العبيطة!

    ردحذف